شخصية الامام الخميني(رضوان الله تعالى عليه)

2007-08-23

حوار تلفزيوني من قناة العالم الفضائية

الضيف : د.صادق طباطبائي ( استاذ جامعي )

موضوع الحلقة: شخصية الامام الخميني(رضوان الله تعالى عليه)

محمود رمك: ثمانية عشر عاما على رحيل مؤسس الجمهورية الاسلامية. شعارات ثورته انبثقت من الاسلام الذي حركته في الوجدان الشعبي. تضحيات والتزام القادة وعلى رأسهم صاحب الذكرى الذي احيا مصطلحات مستضعفون امام المستكبرين، حفاة امام سكنة الابراج العجية. شخصية وان كان الجانب السياسي هو الذي بهر الكثيرين بحساباتهم المادية. ربما كان الجانب الروحي والمعنوي هو الخصوصية الابرز في حياة هذه الشخصية وفي حركتها والتي اعتبرت دوما العبرة ليست بالنتيجة وانما الواجب يحتم قيام رغم الصعبوبات والتحديات. يرافقنا في هذه الحلقة شخصية مقربة جدا من الامام الخميني. العلاقة كانت علاقة عمل او علاقة سياسة فضلا عن ان علاقته كانت علاقة مصاهرة وعلاقة قرابة. ضيفي في الاستوديو هو الدكتور صادق طباطبائي وهو استاذ جامعي وشغل مناصب في الداخل الايراني. من اهم المناصب كان المتحدث الرسمي باسم الحكومة المؤقتة بعد فرار الشاه من ايران وتشكيل اول حكومة مؤقتة في الداخل الايراني. بالطبع هذه الحكومة كانت تأخذ توجيهاتها بشكل او بآخر من الامام الخميني. هو ايضا عاصر شخصيات مهمة وفاعلة على الساحة الاسلامية منها شخصية الشهيد محمد باقر الصدر فضلا عن الامام المغيب موسى الصدر وايضا كان له علاقة مباشرة مع شخصيات كان لها تأثيرها في مسيرة الثورة الاسلامية وايضا في مسيرة الحركة الاسلامية في هذه المنطقة ككل. وعلى رأسها الدكتور مصطفى جمران. دكتور طباطبائي انت كنت قريبا من الامام الخميني كما ذكر في المقدمة وكنت مقربا ايضا من شخصيات لها كان تأثيرها في حركة الواقع الاسلامي، ما هي اهم ما يميز شخصية الامام الخميني اذ قيست بشخصيات القادة السياسيين؟

د.صادق طباطبائي: ان ما يخطر في ذهني ويعتبر اهم ميزة للامام الخميني انه كان بصفته مرجعا دينيا وكان ايضا زعيما سياسيا. اساسا نحن نعرف ان الامام الخميني لم يكن وحده مرجعا دينيا وكانت هناك مراجع اخرى. وبين الزعماء السياسيين ايضا كانت لدينا زعماء سياسيين اخرى.ولكن ماذا حدث وحصل الامام على تفوق في الدور مقارنة مع الشخصيات الدينية والسياسية، باعتقادي ان الامام الخميني كانت له نظرة ومرئيات خاصة حول الدين تختلف تماما عن المرئيات التي كانت رائجة. ان الامام كان لم ينظر الى الدين فقط كزاد للآخرة. كانت نظرته الى الدين هو جاء من اجل الحياة في هذه الدنيا وان الدين هو منهاج للحياة وللعمل. وكان يعتقد اذا كنا نستطيع عبر الدين ان نؤمن حياة فاضلة ونتمتع بالحرية فبالتأكيد سوف تكون لنا عاقبة سعيدة ايضا. وهذه النظرة سببت ان جميع الاشخاص الذين يكافحون ضد الاستبداد انهم التفتوا الى الامام وهو يحمل هذه الفكرة الدينية ويحاول ان يدخل الدين كعنصر هام ومتفاعل في السياسة. ويريد ان يلجأ الى عالم السياسة من بوابة الدين. وهكذا كانت جهود الامام لمكافحة الاستكبار وانقاذ ايران من الاستبداد والهيمنة الخارجية.

محمود رمك: دكتور ما هي نوعية المضايقات التي تعرض لها الامام من محيطه ربما الحوزوي الذي كان بشكل او بآخر ليس متفقا معه في رؤيته فيما يتعلق بالقيام واقامة حكومة اسلامية والاهتمام باحوال الناس؟

د.صادق طباطبائي: الحقيقة الامام منذ طفولته وشبابه حاول ان يقضي على الاهواء النفسية والمشاعر الشيطانية وكل ما يلوث الذات الانسانية وعندما وصل الامام الى سن الخامس والعشرين او السادس والعشرين كانت له مؤلفات تبين انه انسان متقي تماما ومتحرر من كل ما هو لايمت بصلة الى الله. عندما يبلغ النسان مثل هذه المرحلة من الطبيعي انه وطوال حياته يسعى الى ان ينقل فكرة الى تلامذته وعندما يرى الظروف مناسبة في الحوزة العلمية وكما تعلمون في زمن الامام كان المرجع المطلق هو آية الله بروجردي في الحوزة وبعد وفاته جاءت مراجع متعددة وتوفرت ظروف سياسية خاصة في البلاد وشعر الامام بالواجب وعلى اساس تلك النظرة التي كان يمتلكها ان يدخل الى الساحة والزم نفسه ان يدفع بالناس الى الحرية لأنه لو لا الحرية لايمكن للكرامة الانسانية ان تحفظ وان الحرية تؤدي الى تحرير طاقات وكفاءات ومواهب الانسان. اذن المؤمنين اذا ارادوا ان يطهروا فطرتهم ويوظفوها نحو الكمال فيجب ان يتمتعوا بالحرية. ان الانسان الذي ينكر الحرية هو الذي لايؤمن بالفطرة الانسانية وان الامام بصفته مرجعا دينيا لجأ الى الساحة السياسية وكما تعلم انه في الحوزة العلمية كان هناك اشخاص الذين من ناحية درجة المرجعية كان لهم تفوق بالنسبة للامام ، لكنه لم يكن يفكر بان يجب ان يصل الى مرتبة المرجعية آنذاك حتى يؤدي دوره. بعد اعتقال الامام ولكي يبقى مصونا من ايذاء النظام جاءت بعض المراجع كتبت رسالة وشهدت على انه مجتهدا ومرجعا لكي يحفظون ويؤمنوا له مصونية. الحقيقة آنذاك الامام لم يكن مرجعا لكنه كان يشعر بالمسؤولية في الحوزة العلمية في قم. حتى في الادوار السابقة كان الكثير يعارضون تدريس الفلسفة وكانوا في الحوزة يقولون ان العلوم العقلية تحرف الانسان وتبعده عن الخالق. ومعروف ان الامام شارك في احدى المجالس، ابنه الصغير السيد مصطفى كان معه وعندما ذهب من هناك جاء احد المدرسين وقال اغسلوا فنجان ابن هذا الشخص لأنه يدرس الفلسفة. ان والدي كان يقول لي ان التفكرات الفلسفية كانت تعتبر آنذاك جريمة في الحوزات العلمية والامام كان يدرس الفلسفة.

محمود رمك: دكتور هناك بعض المصطلحات الامام ادخلها في عالم السياسة والنضال والجهاد على سبيل المثال مصطلح المستكبرين امام المستضعفين يعني انتم بنظرة كلية كيف تنظرون الى هذه المصطلحات في هذا اليوم. هل استطاعت ان تعمل نوع من التعبئة بهذا الاطار اي ان المستضعفين والحفاة امام المستكبرين ونرى يوما بعد يوم في هذه البرهة الزمنة اصبح هناك نوع من الفرز الواضح انت كيف تنظر الى هذا؟

د.صادق طباطبائي: كما قلت ان الامام بصفته عالما دينيا كان كان الدين يحتل كافة ابعاد حياته وان اية حركة يقوم بها كان يستند على اساس عقيدة في الدين وان المصطلحات التي اشرت اليها هذه كلها مصطلحات قرآنية. حتى ان توجهاته السياسية التي اختارها لتحرير البشرية من قيود الاسر كلها كانت نابعة من التعاليم القرآنية ومن الطبيعي عندما يستولي القرآن على الفطرة الانسانية فان جميع الاشخاص الذين يعانون من الاستضعاف والاستثمار ستتحرك مشاعرهم. وعندما يسمع هؤلاء ان لهذا الاستضعاف جذور دينية فانهم سوف يشعرون بالمسؤولية ويقولون اذا سلبونا حريتنا يجب ان لا نجلس ساكتين ولابد من العمل لتحرير انفسنا والآخرين من الاسر. وهذا نابع من التفكير والشعور بالمسؤولية الدينية. عندما يدخل الامام الى الساحة بهذه النظرة فان حتى المنظرين والاكاديميين الدينيين والمستنيرين الدينيين وحتى رجال الدين والشباب وحتى الشخصيات السياسية غير الدينية والمجموعات السياسية غير الدينية، لا اقصد العلمانية او المعارضة او الشيوعية كانوا يلتفون حوله وبهذا الامام استطاع ان يستقطب عددا كبيرا من الانصار. وهذا اليوم اذا اردنا ان نعرف الامام ونقدمه الى الجيل الذي لم يراه ولم يلمس اعماله انا اعتقد اننا يجب ان ننطلق من هذا الاساس اي شمولية الامام ونظرته الى الدين كمنهاج للحياة. ان يكون الانسان في ظله منعما ومتمتعا بالحرية ومتمتعا بالجمال والمواهب الطبيعية ويعمل في سبيل اضاء كافة غرائزه فابالتأكيد ان يستقطب عددا كبيرا من المحبين والامام استطاع ان يستولي عل كل القلوب بفضل نظرته الخاصة.

محمود رمك: دكتور بالنسبة للحالة التي يعيشها المسلمون بشكل عام يعني لو كان الامام بناءا على معرفتك به حاضرا ماذا كان اوصى فيما يتعلق بالوقوف في وجه امريكا والمستكبرين؟

د.صادق طباطبائي: اذا كان الامام الخميني حيا وحاضرا هذا اليوم انا اعتقد كان يعمل ما عمله في ايران اي كان يطرح شعار يستند الى حفظ هوية الذات للتحرر من الاستبداد. واذا كان حيا كان يدعو المسلمين الى الوحدة والعمل وفق الهوية الدينية. في تلك الفترة عندما بدأ الامام حركته في ايران كانت الوسائل الاعلامية محدودة جدا. عندما كان الامام يتحدث وكانت الوسيلة الوحيدة هي المنبر وميكروفون واحد حتى في تلك الفترة لم تكون تتوفر اشرطة وكانت اقواله تنقل صدرا عن صدر. ولكن اليوم وسائل الاتصالات قد توسعت كبيرة ويمكنك ان تسمع بالحادث في نفس ساعة وقوعه وفي اي بقعة على الكرة الارضية. الحقيقة ان عالم الاتصالات قد توسع والعالم الاسلامي بامكانه وبالاستفادة من هذه الوسيلة الاعلامية العملاقة ان يروجون للمبادئ الاسلامية ويدعون الى التحرر. ايضا كان يدعو الفلسطينيين الى المقاومة وعدم الاستسلام للظلم وكان يدعو الدول الاخرى التي كانت تتعرض الى الاسر للعمل من اجل التحرر والنضال ضد الاستكبار وتشكيل حكومة شعبية ومنتخبة من قبل الشعب. اذكر عندما كان الامام في باريس كانوا يسألونه انك تقول على النظم البهلوي ان يرحل اذن ما هي الحكومة التي تريدها. في تلك الفترة عندما كانوا يقولون حكومة اسلامية كان الامام يقول نحن ندعوا لحكومة جمهورية اسلامية ونريد جمهورية منتخبة تستند على اماني الشعب والمسؤولون يأتون عبر الطرق الانتخابية الحرة وكما ان الشعب الايراني اليوم ينتخب حتى وليه وكافة المسؤولين. حتى الامام تقدم خطوة اكثر وقال عندما اقول جمهورية اسلامية فان السبب هو لان الاكثرية في الناس يطالبون باستقرار القيم الاسلامية. ولهذا السبب فانه يدعو الى جمهورية اسلامية ففي نظر الامام هنا ارادة الناس تتحكم ولا احد يستطيع ان يفرض نظاما خاصا عليهم. ان الامام وخاصة في السنوات الاخيرة من عمره كان يوصي المسؤولين ان لا تكون سلوكيتهم بشكل الذي تبعد الناس عنهم وكان يطلب من العلماء يقول لهم يجب ان لا تكون لديكم سلوكية تسيء الى الاسلام وتوحون بان الاسلام عاجز عن ادارة المجتمع. لأن اذا الشعب وصل الى هذه النتيجة وشعر ان الاسلام غير قادر على ادارة اموره فربما يعرضون.

محمود رمك: في بعض المناطق مثلا في العراق هناك من يعزف على الوتر ومن ورائهم المحتلون يغذون مثل هذه الافكار. الامام كانت لديه نظرة فيما يتعلق بقوحدة المسلمين الان في هذا الظرف بالذات وربما اشتدت بعض الدعوات الطائفية من بعض الاطراف. ما كان يفعل الامام اذا كان حاضرا؟

د.طباطبائي: بالتأكيد حتى ان الذين يعتبرون انفسهم شخصيات دينية ولكنهم يتحركون خلافا لحركة الشعب ويقومون باعمال ايذائية ويستفيد منها العدو. فاننا في طوال تاريخ الثورة الاسلامية كان لدينا نماذج من هؤلاء الاشخاص. كانوا يعتبرون انفسهم علماء الدين حتى ان السافاك والشاه كانوا يحمونهم لكن الامام ينبه الآخرين بان لاينخدعوا وايضا كان ينصح بعض العلماء ان لا يكونوا ساذجين. هناك جملة معروفة للامام انه توفرت ظروف آنذاك وقال الامام لعدد من رجال الحوزة ان هؤلاء المقدسين شأنهم شأن العدو الذي يهجم علينا ويكبل ايدينا من الخلف. اذن اذا كان الامام موجودا لكان يوصي بالابعاد عن كل الخلافات لاتكون خلافات بين السنة والشيعة وسائر الفرق والطوائف الاسلامية. لأن كل العالم الاسلامي اليوم معرض للخطر اذن ليس من الصحيح ان نحمي او ندعم تيارا اسلاميا واحدا. هناك نقطة اخرى اود ان اشير اليها انه في حياة الامام شاهدنا ان الامام وخلافا للتصور الذي يحمله الكثير حوله كانوا يعتقدون ان الامام كان انسانا عبوسا وانسانا متعصبا وانسانا لايقبل التشاور وانسانا عنيدا. ابدا لم يكون الامام كذلك حتى بعض الصور التي تنشر عن الامام ربما ان هذه الصور كانت تقتضي لحظاتها.

محمود رمك: دائما كان الامام الخميني يذكر في خطاباته بان الولايات المتحدة الامريكية هي الشيطان الاكبر وكل مصائبنا من امريكا. مقولة شهيرة للامام الخميني وغيرها من المقولات التي كان يوجهها لأبناء الشعب الايراني او الشعوب الاسلامية. الان يبدو بشكل او بآخر قد توضحت واصبحت اكثر وضوحا فيما يتعلق بعدوانية الولايات المتحدة خاصة بعد الذي رأيناه او الذي نشاهده سواءا في العراق او في افغانستان او الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني.

د.صادق طباطبائي: حتى هذا اليوم ان الامريكيين اصبحوا القطب المهيمن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ويسعون لبسط هيمنتهم على العالم كله وبهذا الهدف تدخل امريكا الى ساحة المنطقة وتريد ان تتوصل الى مصادر الطاقة وايضا تدخل امريكا الى ساحة المنطقة وتريد ان تتوصل الى مصادر الطاقة وايضا في هذا اليوم ان كل مصائبنا هي ناتجة من امريكا. حتى لو كان الامام موجودا هذا اليوم ايضا لكان يلفت الانظار الى نفس هذه الحقيقة الى الاعمال الشريرة الامريكية وما تبذله امريكا لحفظ اسرائيل. تصور ان الانفجارات المستمرة في العراق اذا جاءت مجموعة اسلامية واعترفت وتحملت مسؤوليتها لا اشك ان الامام الخميني لكان يستنكر تلك المجموعة.

محمود رمك: دكتور الامام كان لديه نوع من الاستشراف للمستقبل. انت كنت قريبا من بعض الشخصيات التي كانت لها مدخلية مع الامام الخميني كالشهيد محمد باقر الصدر كالدكتور مصطفى جمران الذي كان وزيرا للدفاع في ايران يعني هذه الشخصيات كانت تستمد بشكل او بآخر نوعا من روح واستشراف الامام الخميني. يعني اريد ان تشير الى الجانب الاستشرافي للامام الخميني فيما يتعلق بالمستكبرين والمستضعفين.

د.صادق طباطبائي: الحقيقة ان الامام كان يقول للشعب الايراني يجب ان لاتتصوروا انه بانتصار الثورة الاسلامية قد انتهت مهمتكم وهذه هي بداية الحركة ولاتتصوروا ان العدو سوف يتخلى عنكم كما نلاحظ ان العدو منذ البداية وحتى اليوم لن يتوقف عن ايذائه ومخططاته الشريرة ولم يتمكن عبر هذه المخططات ان يسدد ضربة الى الثورة. ولذلك فرض الحرب عبر صدام. كان الامام يعتقد انه بانتصار الشعب الايراني وهذا النصر يكون نموذجا للعالم الاسلامي والامام في ذلك الوقت ايضا كان يتكهن بانهيار الاتحاد السوفيتي وكان يعلم جيدا ان هذه القوى الاستكبارية لن تتوقف عن ايذائها والحقيقة ان الامام كان يتصور ان القوى الاستكبارية لاتنهار بهذه السهولة مادام المسلمون لم يحسموا امرهم مع اسرائيل ولم تكن هناك حرية في فلسطين ولم يتعايش المسلمون والمسيحيون واليهود بحرية على ارض فلسطين وطالما امريكا تدعم الصهاينة فان المنطقة لم تنعم بنعمة الهدوء. في لبنان تأسست المقاومة بمساعي الامام موسى الصدر وعندما تمكنوا الشيعة ان يتسلحوا بوسائل وعدة المقاومة عن طريق الدكتور جمران. وبعد تجارب الثورة الاسلامية وتجارب الحرب الايرانية العراقية فايران وحدها وباعتماد على قواها استطاعت ان تقف امام كل جيوش العالم وتنتصر فان هذا الشيء قد كان درسا كبيرا وعبرة لسائر المسلمين، حتى يشعروا انه بامكانهم الاتكاء على هويتهم الدينية النابعة عن الاماني الاسلامية.

محمود رمك: دكتور مصطلح الحوار في فكر الامام الخميني او قبول من يختلف معك في الرأي. الامام الى اي حد كان يتقبل من كان يختلف معه بالرأي سواءا في مقام الفتوى او في مقام الرؤيا السياسية؟

د.صادق طباطبائي: عندما كان في باريس سؤل من هي المجموعات التي تنعم بحرية التعبير هل المسلمون وحدهم؟ كان يقول لا حتى الفئة الالحادية او حتى الشيوعية وكل الاشخاص سيكونون احرارا في تبيان عقائدهم. هذا الكلام لم ينحصر في دائرة الشعار وبعد انتصار الثورة اعلم الجميع سيد كيانوري واحسان طبري من قادة ومفكري الماركسية كانوا يتحدثون في تلفزيون الجمهورية الاسلامية ويناضلون مع الشهيد بهشتي اي عبر الآية القرأنية "وبشروا عبادي الذين يستمعون القول ويتبعون احسنه" واي ان يسمع الجميع اقوالا مختلفة حتى يختار قولا حسنا. اذا ان الامام كان يفسح المجال لكل الاقوال. انا اعتقد انه على اساس نظرة الامام ان هذا الحوار كان موجودا. ان الامام عندما يؤكد على اجتهاد يقوم على عامل الزمن اي يقصد ان كل اجتهاد يجب ان يواكب ويلائم متطلبات الزمن حتى انك ربما تشاهد المعارضين وتشاهد الفئات الاخرى للامام. عندما كان الامام في مدينة النجف كان الامام في ذلك الوقت يستفيد من التناقضات داخل الادارة الامريكية وبين القوى والمجموعات والحكام الامريكيين كان يستفيد من تلك الظاهرة واليوم ايضا ان العالم بعد ان تحول وتوسعت وسائل الاتصال وانك بامكانك عبر النقال ان تتطلع على اي حادث في اي وقت يقع، في اية بقعة من العالم. قبل سنوات لم يكن هذا الشيء ممكنا. اذا لو كان الامام اليوم حيا لكان يتقدم بنفس هذا التطور وعبر التقدم الموجود ويستفيد من هذا الوضع.

محمود رمك: كان هناك جانب او رؤيا فنية او ذوقية لدى الامام الخميني. انت كيف تصف لنا وانت قريب من هذه الشخصية التي الجميع ينظر اليها على اساس انها مرجع ومؤسس جمهورية اسلامية؟

د.صادق طباطبائي: انت لا تشك اذا لم يكن الامام الخميني فتوى عدم منع الموسيقى ربما لا تصدر ولكن شجاعة الامام الخميني سمح للموسيقى كفن وكمظهر لابراز المشاعر الكاملة في الروح الانسانية ومن مظاهر الجمال في العالم وجمال الالهي. الحقيقة ان نظرة الامام الى الفن الى الموسيقى الى السينما وانواع الفنون التشكيلية والى اي فن يستخدم كوسيلة للبيان وللحيوية وللجمال كان يهتم الامام بذلك ولا اعتقد انه بحظور اي مرجع ديني تأتي السمفونية وتعزف بشكل حي بمناسبة خاصة. انا اذكر ان الامام في بداية الثورة وبعد استشهاد الشهيد مطهري عبثت معزوفة في مدرسة. الامام استحسنها كثيرا وكان يقول دائما ان تلك المعزوفة لها معاني خاصة وكان يستحسنها دائما وبعد مدة لجنة شؤون المهن والحرف لجؤوا الى الامام وتحدثوا بالمهن المختلفة. الحقيقة ان ديوان اشعار الامام اذا تفتحه ويبين بوضوح انه حافل بالذوق الرفيع وجمالية. في الافلام الموجودة للامام اذا دققت فيها تلاحظ انه حتى في ارتداء الملابس وانتخاب الالوان كانت هناك نوع من التناغم.

دكتور صادق طباطبائي شكرا جزيلا لك على مشاركتك والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.