تأملات في وصّية الإمام الراحل

2009-06-01

في نظام الوجود الذي قائم أساساً على الحق والصدق يكتسب الكلام والتأليف التأمين الصادق الذي يستمدّ من الحق والصدق. ويتناسب مقدار التأثير مع شدّة الارتباط الوجودي لذلك الشيء مع الحق المحض والصدق الصرف الذي هو الله سبحانه وتعالى، ولذا فإن الوحي الإلهي هو الأصدق: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً﴾[1].

ولأن أغلب فقرات الوصية الإلهية السياسية للإمام الخميني، هي بمنزلة شرح آية في القرآن الكريم أو رواية من أحاديث العترة الطاهرة.

ولأن التعرّف على المنابع الدينية له تأثير عميق، لذا فإن هذا الفصل سوف يتعرّض إلى جانب من المنابع القرآنية والروائية ليؤلف ذلك نموذجاً لسائر القضايا وخدمة ذلك في عدة محاور:

الأول: إن الإسلام هو الدين الحق، والدين الوحيد لدى الله سبحانه: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ﴾[2]، وهو الدين الذي ارتضاه الله سبحانه للبشر: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾[3]. وسرّ الثبات والرضا يكمن في كمال وتمام النعمة فيه: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾[4]. فالإسلام هو وصّية الله الخالدة ورسالة جميع الأنبياء: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾[5]. كما إن الانحراف عن الإسلام يعدّ سفاهة في العقل: ﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ﴾[6].

الثاني: ولأن حقيقة الإسلام تتألف من وجوده التشريعي والتكويني، فإنّ النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» وهو يوصي بالإسلام يأمر بالتمسّك بكتاب الله عز وجل والعترة الطاهرة: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي»[7]. كما نرى الإمام علي «عليه السلام» يعتبر في وصيّة النبي في الكتاب والعترة الركنين الأساسيين والمصباحين اللذين يضيئان الطريق: «أقيموا هذين العمودين وأوقدوا هذين المصباحين»[8].

فالعترة من أئمة الهدى هم الذي يفسّرون الوحي، والذي يمثلون القرآن الكريم في سيرتهم وسلوكهم، ولذا قال «صلى الله عليه وآله وسلم» إنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض. كما أن الأخذ بأحدهما يستلزم الأخذ بالآخر: وترك أحدهما يعني ترك الآخر[9].

الثالث: إن القادة الإلهيين هم أولياء الناس، وولايتهم توجب عليهم ألاّ يغفلوا عن التوصية بالحق، وسيكون لازماً على المجتمع الإسلامي العمل بالوصيّة خاصّة عندما تكون الوصية حياتية ومصيرية، بحيث يكون تركها سبباً في الانحراف كما قال رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»: «إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً»[10].

ومن هنا يتضح لماذا صدّر الإمام الراحل وصيّته الهامّة بحديث الثقلين المتواتر، واعتبر حياة الأمّة الإسلامية والتمسّك بهما.. ووصل أحدهما لا يتم إلاّ بوصل الآخر[11]. وإن تسبيح الحق مقرون بالحمد له: ﴿إِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ﴾[12]، ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾[13].

الرابع: وفي الانسجام بين القرآن والعترة، يمكن استنباط معارف عميقة من الوصية:

1ـ فكما أنّ القرآن يشمل على آيات الرحمة، فإن العترة الطاهرة هم من مظاهر جمال الحق عز وجل.

2ـ وكما أنّ القرآن يشتمل على آيات القهر، فهم أيضاً مظاهر للجلال الإلهي.

3ـ وكما أن القرآن الكريم تجلٍّ لكل أسماء الله عز وجل: «فتجلّى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه»[14]، فإن العترة الطاهرة هم تجلّ للأسماء الإلهية، لأن مظاهر الاسم الأعظم لن تخرج عنهم.

4ـ ولأن هذه الذوات الطاهرة قد بلغت كمال الفناء والفناء الكامل، فقد تلاشت كل الحجب الغيرية، فلذا إن الأسرار التي لا يعرفها غير الحق هي مشهودة لهم على أساس: «ما علمت إذ علمت ولكن الله علم».

5ـ إن كنه الذات واكتناه الصفات لن تتيسر لأي أحد من الأنبياء والأولياء، لأنّه «لا يدركه بُعد الهمم ولا يناله غوص الفطن»[15]، ولأنه «لم يطلع العقول بتحديد صفته ولم يحجُبها من واجب معرفته»[16]، لكن من الممكن بلوغ مظاهر الاسم الأعظم بتمام الظهور الفعلي للحق.

القرآن الكريم من جهة كونه كلام الله فهو فعله، وكل ألوان التجلّي في ذلك لا تخرج عن دائرة الفعل، والفيض الأول الذي هو العترة الطاهرة واقف عليه.

6ـ وكما أن القرآن الكريم مصون من الكثرة والاختلاف والتشتت، فإن العترة الطاهرة معصومة من الكثرة والتشتت أيضاً، ولذا فهما (القرآن والعترة) يردان حوض الكوثر معاً.

7ـ ولأن نهج البلاغة والصحيفة السجادية وسائر الأحاديث الصحيحة عن المعصومين هي التفسير الحق للقرآن الكريم ولا يوجد فيها ما يخرج عن دائرة الوحي، فإن تلك الآثار مدعاة للفخر، والأمّة الإسلامية وهم تدافع عن هذين الثقلين فهي أمّة مجيدة.

وما دام هدف الوحي تزكية الروح الإنسان وأن روح الإنسان أنثى ولا ذكراً[17]، فإن أياً من الكمالات المعنوية لا يتوقف على الذكورة أو الأنوثة، وإن ذروة الكمال هي «الولاية» فإن الجنسين معاً مشمولين بهذا الفيض بالرغم من التفاوت في الإجراء والتنفيذ بحسب خصوصيات كل جنس .

ولأن الإسلام على وضوح كامل في هذا الموضوع، فإن النساء نظائر الرجال في مهمة اعتلاء أهداف القرآن الكريم والعترة الطاهرة.

الخامس: إن برهان النبوّة يعدّ الدين مجموعة من القوانين الفردية والاجتماعية والدولية ويعتبر وجود قوّة تنفيذية وقائد مسؤول ومعصوم أمراً حساساً ولازماً، وهذا هو الدين الممتزج بالسياسة. وإنّ الأصداء المشؤومة لشعار فصل الدين عن السياسة سوف تؤدي إلى إقصاء الكتاب والسنّة عن الساحة السياسية وتوفير الفرصة المناسبة للهجوم على أركان الإسلام. ذلك أن فريقاً من المتحجّرين أقصوا قضايا الدين بعيداً عن القدرة السياسية، ولكن الساسة بألاعيبهم قهروا الدين وأخذوا الفتاوى المناسبة من القائلين بفصل الدين عن السياسة، فجرى على بعض المراكز الدينية ما جرى على الكنيسة فتعطّلت جميع حدود الإسلام في عصر الغيبة.

السادس: وكما انتصر الإسلام في المدينة المنورة وتوارى الإسرائيليون المتغطرسون الحاقدون، وكان ذلك أمراً مستبعداً لم يخطر على بال المسلمين ولا اليهود، ولكن الله: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ﴾[18]، فقد جاء اليوم انتصار الثورة الإسلامية هدية من عالم الغيب ولم يكن ليخطر ذلك على بال أحد[19].

السابع: إن العترة الطاهرة وهي الثقل الأصغر لا تتأخر في نداء الدفاع وحراسة الثقل الأكبر حتى الشهادة في سبيل ذلك[20] وإلاّ: «ما قام للدين عمود ولا أخضرّ للإيمان عود»[21].

الثامن: إن رمز انتصار الثورة الإسلامية هو نفسه سيكون سرّ بقائها[22] واستمرارها. وأهم أركان الظفر ركنان:

1ـ الهدف الإلهي: هو أن تكون: ﴿كَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا﴾[23].

2ـ الاتحاد والتضامن: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾[24]، و﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾[25].

وتأثير الركن الثاني هو اتجاه جميع القوى صوب هدف واحد وبالتالي انحسار جميع الموانع، ذلك أن الله سبحانه يقول عن المتمزقين: ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾[26].

ومن هنا أيضاً يحذّر الإمام من الاختلافات والنزاعات الداخلية لأنها سوف تجر على الأمّة الدمار والويل: «لا تباغضوا فإنّها الحاقة»[27]، ويقول أيضاً: «وإنّ الله سبحانه لم يعط أحداً برفقٍ خيراً ممن مضى ولا ممن بقي»[28].

كما علّق «عليه السلام» استمرار الأخوة بصفاء القلوب: «وإنما أنتم إخوان على دين الله ما فرّق بينكم إلاّ خبث السرائر وسود الضمائر»[29]. أما إذا انسحب ظاهرة الاختلاف والتباغض إلى العلماء فتكون الطامّة أكبر وأكبر.

فالجنوح إلى الكثرة يعقبه التمزق والاختلاف، كما أن الاتجاه نحو عالم الوحدة سيتبعه الاتحاد؛ وحب ّ الدنيا رأس كل خطيئة[30]، ولم يذمّ الدنيا بكلمات منفّرة تعكس هذا الجنوح المنحط إلى شيء يشمئز منه العاقل كما ذمّها الإمام علي «عليه السلام»، فهو تارة يصفها بـ«عراق خنزير في يد مجذوم»[31]، ومرّة يصفها بـ«عفطة عنز»[32] والمرعى الوبيل[33] و...

التاسع: بالرغم من أن الظفر والنصر لا يتيسر إلاّ بوجود قائد إمام عادل ومصمم، ولكن حضور الأئمة الواعية المصممة شرط ضروري.. كما إن معرفة الحق ستكون لازمة أيضاً، ذلك أن في القضايا الاجتماعية السياسية بوجود القائد يكون الهدف واضحاً ومنصوراً.

الله سبحانه يقول عن المؤمنين بالحق: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ﴾[34].

الأمّة الإسلامية في إيران عملت بهذه الآية ولم تغادر الساحة السياسية أبداً وبذلت النفس والنفيس من أجل الدفاع عن الإسلام المحمدي الأصيل.

الله سبحانه مجّد الأنصار في المدينة المنورة لأنهم: ﴿يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾[35]. ومؤسس الجمهورية الإسلامية شكر الشعب بأسره وبخاصّة أهالي مدينة آمل الشرفاء في «حادثة الغابة» السادس من بهمن 1360ه‍ ش[36] على ثباتهم ومقاومتهم.

العاشر: إن الاكتفاء الذاتي هو جزء من معرفة الذات، ولو أدركت الأمّة الإسلامية أصالتها واتجهت إلى استنباط معارفها العلمية واستثمار مواردها الاقتصادية، فإنها حينئذ لن تهاب التقدم العلمي الذي أحرزته المذاهب الأخرى، ولن تتطلّع إلى ما يلوّح به الغرب والشرق من منتجاتهما. وبحيث تنبري الحوزة العلمية إلى نقد وتحليل ومقارنة المعارف والنظريات الإسلامية مع أفكار مفكّري العصر، وتقدّم أجوبتها لكل مسائل العصر، وعلى الأصعدة الأخلاقية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية وتعتبر نشاطها هذا عملاً عبادياً.

بالرغم من أن الإسلام قسم العلوم الأساسية إلى ثلاثة أقسام: «إنما العلم ثلاثة؛ آية محكمة أو فريضة عادلة أو سنّة قائمة، وما خلاهن فهو فضل»[37].. لكننا عندما نفسر هذه الأقسام من العلوم سوف نجد علوماً تجريبية تنضوي تحتها كما أشار إلى ذلك الإمام الصادق «عليه السلام» في قوله: «لا يستغني أهل كل بلد عن ثلاثة يفزع إليهم في أمر دنياهم وآخرتهم، فإن عدموا ذلك كانوا همجهاً: فقيه عالم ورع، وأمير خيّر مطاع، وطبيب بصير ثقة»[38]. فكلما أن للفقه دوره في الحضارة الإسلامية، فإنّ الطب، والقيادة السياسية الموفقة لهما ودورهما في إنقاذ المجتمع من الحياة الهمجية.

وفي كلمة الإمام الصادق تأكيد على المسؤولية الأخلاقية.. يعني قران العلم بالإيمان، الفقيه عالم لكنه يجب أن يكون تقياً، والطبيب عالم وبصير لكنه يجب أن يكون أميناً ويحظى بالثقة، وكذا القيادة السياسية فالجدارة وحدها لا تكفي بل الإنسانية، الطيبة والالتزام الأخلاقي يجب أن يكون كل ذلك في جوهرها وفي صميمها بحيث لا تنفك السياسة عن المبادئ الأخلاقية والإنسانية.

وفي ضوء هذه الشروط ينتقل المجتمع من حالة الهمجية إلى الحالة الإنسانية والحضارية.

الحادي عشر: إن دور المال في الثقافة الإسلامية هو في أهمية العمود الفقري للجسم الاجتماعي، ولذا يجب ألاّ يكون السفهاء أحراراً في التصرّف بالثورة: ﴿وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً﴾[39].

وعندما يتحطم العمود الفقري في الجسم الاجتماعي، لا يمكن للمجتمع حينئذ النهوض. وكما أن المال يجب ألاّ أن يكون في تصرّف السفيه فإنه أيضاً (المال)، يجب ألاّ يكون محصوراً في حركته بين الأغنياء: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ﴾[40]. لأن انحصاره الثروة بين فئة من المجتمع، يفقده القدرة على النهوض فضلاً عن النمو والتقدم، سواء كانت هذه الفئة حقيقية الشخصية كما هو الحال في الرأسماليين في الغرب، أو جهة حقوقية كنظام زعامة الدولة القائم في الشرق. أما في نظام زعامة الدين فالأساس الإسلام، حيث الطرق مفتحة للكسب المشروع، وعندما تتفاوت القابليات والطاقات في العمل، فبطبيعة الحال يكون الدخل الفردي متفاوتاً ولكن في إطار يوفر العدالة الاجتماعية للمجتمع وفي دائرة شرعية، وهي لا تكافح الإسراف والترف إلى جانب مكافحتها البخل وتجميد الأموال وتعطيل حركته (الاكتناز) وكذا الاحتكار فحسب بل وترفض تمركز القدرة الاقتصادية في شخصية حقيقية أو حقوقية حتى لو لم تقرن بالإسراف والترف. مع التأكيد عن أن لازميّة استمرار سهم الإمام أو الزكاة في الإسلام لا يرتبط باستمرار ظاهرة الفقر. فكما أنه في زمان ظهور الإمام الغائب يبقى أصل الزكاة محفوظاً حتى مع اختفاء ظاهرة الفقر، لأن أهم مصارف الزكاة هو في سبيل الله وهكذا سيكون محفوظاً.

فإذن وانطلاقاً من كون الزكاة حكم دائم في الإسلام وأن الفقير أحد مصارفه الثمانية فإن استمرار وجود الفقراء في المجتمع الإسلامي يزعزع من إسلاميته!

وبالرغم من أن مكافحة الحرمان من أبرز وظائف المجتمع الإسلامي وأنه يتوجب التخطيط الاقتصادي من أجل ذلك، لكن توجد موارد تحظى بالأولوية في مسألة الإنفاق:

1ـ تأمين احتياجات بعض الفقراء الذين يفضلون الموت جوعاً على أن يمدّوا يد السؤال ولذا ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ﴾[41].

2ـ المهاجرين والمجاهدين بالحق الذين شرّدوا من ديارهم ظلماً وعدواناً فهاجروا في سبيل الله ونصرة نبيه، فـ ﴿لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾[42].

ومن هنا ندرك سرّ حماية الإمام الخميني للمحرومين بسبب ظروف الحرب.

الثاني عشر: إن صحوة الشعب خير حارس لحماية منجزات ومكتسبات الثورة، لأن الغفلة يعقبها هجوم الأجانب والغرباء، وقد قال أمير المؤمنين «عليه السلام»: «من نام لم ينم عنه»[43].

ومستوى صحوة كل أمّة مرهون بمستوى وعيها، ومستوى الوعي بالانتباه لأية حركة مضادة للدين.. والقرآن الكريم يحدد معادلات هامّة في هذا المضمار:

1ـ استمرار روح التآمر: ﴿وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ﴾[44].

2ـ إنّ خيانتهم ومؤامراتهم سوف لن تنحصر في القضايا العسكرية والاقتصادية.. وإن هدفهم المرحلي التشجيع ودعم الحركات المضادة للإسلام لإبعاد المسلمين عن دينهم: ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ﴾[45].

3ـ إنّ الهدف النهائي للإلحاد والشرك العالمي ليس انسلاخ المسلمين عن دينهم بل وأن يعتنق المسلمون أفكارهم: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾[46].

4ـ إنّ تحقق أهدافهم المشؤومة يتوقف على وجود الطابور الخامس: ﴿وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ﴾[47].

ومن هنا نفهم تأكيدات الإمام الخميني على الصحوة والانتباه لحركات العدو ومحاولات الاختراق والنفوذ التي يقوم بها داخل المجتمع، خاصّة في الحوزة والجامعة وضرورة مواجهة الإعلام المعادي، وصيانة النظام الإداري في المجتمع بالإفادة من العاملين المخلصين لا المتعطشين للسلطة والنفوذ.

آمل أن يعتبر الجميع وصّية الإمام الراحل منهاجاً لهم في الحياة على الأصعدة كافّة والعمل بمضامينها الثرّة السامية.. لتنعم روح الإمام في مجاورة الصّديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.

 

----------------------------------

 

 

[1] النساء: الآية 122.

[2] المائدة: الآية 3.

[3] آل عمران: 19.

[4] المائدة: الآية 3.

[5] البقرة: الآية 32.

[6] البقرة: الآية 130.

[7] إثبات الهداة، 1/375.

[8] نهج البلاغة: الخطبة 149.

[9] بحار الأنوار 22/477، ط بيروت.

[10] إثبات الهداة 1/357.

[11] المصدر السابق.

[12] الإسراء : الآية 44.

[13] النصر: الآية 3.

[14] نهج البلاغة: الخطبة 147.

[15] المصدر السابق: الخطبة 1.

[16] المصدر نفسه: الخطبة 49.

[17] زن در آئينه جلال وجمال: 256،66 (المرأة في مرآة الجمال والجلال).

[18] الحشر: الآية 2.

[19] صحيفة نور، ط القديمة، 21/175، 176.

[20] المصدر السابق.

[21] نهج البلاغة: الخطبة 55.

[22] صحيفة نور، ط قديمة، 211/177.

[23] التوبة: الآية 40.

[24] آل عمران: الآية 103.

[25] الشورى: الآية 13.

[26] الحشر: الآية 14.

[27] نهج البلاغة: الخطبة 85.

[28] نهج البلاغة: الخطبة 85.

[29] المصدر السابق: الخطبة 112.

[30] أصول الكافي 2/315.

[31] نهج البلاغة: الحكمة 228.

[32] المصر السابق: الخطبة (3).

[33] المصدر السابق: الحكمة 359.

[34] النور: الآية 62.

[35] الحشر :الآية 9.

[36] 1981م، صحيفة نور، ط القديمة، 21/197.

[37] أصول الكافي / باب صفة العلم وفضله، ج1، ص32.

[38] تحف العقول، كلمات الإمام الصادق «عليه السلام» /321.

[39] النساء: الآية 5.

[40] الحشر: الآية 7.

[41] البقرة: الآية 273.

[42] الحشر: الآية 8.

[43] نهج البلاغة: الرسالة 62.

[44] البقرة: الآية 217.

[45] البقرة: الآية 13.

[46] البقرة: الآية 120.

[47] التوبة: الآية 47.