قال السيد علي فضل الله"نقدر الانفتاح الذي يقوم به العراق على محيطه العربي والإسلامي، وخطاب مدّ اليد إلى كلّ العالم العربيّ والإسلاميّ، الَّذي تحدث به قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي، خلال الاحتفال في عيد المولد النبوي، وما صدر عن الأزهر الشريف من دعوته إلى الحوار الإسلامي ـ الإسلامي".

ثمن السيد علي فضل الله في خطبة الجمعة "التَّضامن الّذي عبر عنه اللبنانيون جميعاً بكلّ تنوّعاتهم ومواقعهم بعد تفجير جبل محسن، ولاسيما فعاليات طرابلس وجبل محسن، في مواجهة الجريمة، حيث قدموا من خلال ذلك رسالة واضحة برفض الفتنة الَّتي أراد الإرهاب إشعالها مجدّداً في هذه المنطقة، وهم بذلك فوتوا الفرصة على من خطّط لهذه الجريمة، وسعى لاستثمارها، فلم يُخدعوا بالإثارة المذهبيَّة، من خلال الإيحاء بغبنٍ لهذا المذهب من المذهب الآخر، أو بدغدغة مشاعر أهالي الضحايا الذين سقطوا في مسجدي التّقوى والسلام"

وأضاف" في ظل كل المخاوف التي يعيشها اللبنانيون، فإنّنا ندعوهم، نتيجة ما يجري في الداخل، والخوف من انعكاس تداعيات الخارج عليه، إلى الاستمرار في العمل على تثبيت الأرض الّتي يقفون عليها، من خلال تفعيل الحوار الّذي يوصل إلى نتائج إيجابيّة، والمتابعة الجادة للملف الأمنيّ، بما يسمح بمتابعة الخطة الأمنية لتشمل كل المناطق اللبنانيّة، ومعالجة الملفات الكبيرة، وتسيير عجلة الدولة، ومعالجة الأزمات الاقتصادية والمعيشية، وأزمة الفساد في المؤسَّسات كافّة، وتقديم كل الدعم للجيش اللبنانيّ والقوى الأمنية".

كما وثمن فضل الله "الدور الفعال الّذي تقوم به هذه القوى، وآخره ما جرى في سجن رومية، الّذي بقى ملفه عالقاً لفترات طويلة، رغم كل التداعيات السلبية التي ولَّدها على الصّعيدين الإسلاميّ والوطني"، داعياً الجميع إلى أن "يكونوا على مستوى المخاطر التي يعيشها الوطن، فلا يفرطوا في التضامن الحكومي، الذي بات آخر معاقل الحفاظ على الدولة، بل علينا أن نعمل بكلّ جدية، كي لا تهتزّ الحكومة ومعها البلد في أي ملف خلافي، كما حصل أخيراً في ملفّ النفايات، وكما قد يحصل في أيّ ملف آخر"، مشيراً إلى إنّ "هذا التضامن الّذي يعزز وحدة الشعب والوطن، بحاجة إلى رعاية وعناية فائقة من قبل الجميع، ولا سيما في ظلّ استمرار الحريق في الجوار، والذي ما زال يهدد لبنان بالاشتعال".

وأضاف "نصل إلى ما حدث في فرنسا، حيث كنا ننتظر أن يدفع هذا التضامن الإسلامي الرسمي والشعبي العالمي معها، في مواجهة الإرهاب الذي لحق بها، باتجاه إعادة النظر في أسلوب التعامل الحالي مع المسلمين، وسياسة عدم المبالاة بمشاعرهم، والإساءة إلى مقدّساتهم، وخصوصاً النبي محمداً(ص)، وذلك عبر إرساء قانون يحرم كلّ ما يسيء إلى رموزهم، أسوةً بتحريم كل ما يسيء إلى السّامية، لكون ذلك يساهم في تعزيز العلاقة الّتي نريدها بين مكونات المجتمع الفرنسي كافة، وبين الغرب والعالم الإسلاميّ، ويمنع الساعين إلى العبث بهذه العلاقة، من أن يدخلوا على خطّها.. ليكون الحديث هو حوار الأديان والحضارات، بدل الحديث عن صراعها، لكننا وللأسف، لم نشاهد إلا إيغالاً في مسلسل الإساءة والإهانة والاستفزاز لمشاعر المسلمين، والَّذي برز في محتويات العدد الجديد من المجلّة الفرنسية، حيث لم يعد جائزاً التلطي وراء شعار حرية التّعبير، بهدف الإساءة إلى الآخرين ومعتقداتهم".

ودعا إلى "مراجعة جذرية لهذه السياسة، ومواجهة كل دعوات التطرف في الغرب الَّتي تسيء إلى المسلمين، وتهدّد وجودهم في فرنسا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي"، مثمناً "المواقف والمسيرات التي انطلقت من فرنسا ومن ألمانيا وغيرهما، والَّتي أكَّدت احترام الإسلام ورموزه، والفصل بينه وبين الإرهاب، والإصرار على إقامة أحسن العلاقات مع المسلمين في داخل أوروبا وغيرها"ن منوهاً "بكلام البابا فرنسيس في تأكيده أنّ حرية التعبير لا ينبغي أن تؤدي إلى الإساءة إلى الأديان".

كما ودعا المسلمين الّذين هزّهم الظلم اللاحق برسولهم والإساءة إليه، إلى أن "يكونوا بمستوى أخلاق نبيهم وحكمته في مواجهة الذين أساؤوا إليه، حين دعاهم إلى الحوار والتّفكير ملياً فيما قالوه ونسبوه إليه، فحوَّل أعداءه إلى أناس يحترمون الإسلام والمسلمين، ويكرمون رسولهم"، مشيراً إلى إنّ "المطلوب من المسلمين أن لا ينطلقوا في خطواتهم من وحي الانفعال والارتجال وردود الفعل، بل من خلال خطَّة مدروسة، تدرس الأسباب وتعالجها، وتحول ما جرى إلى فرصة لتعريف الناس أكثر برسول الله وبسيرته، وتبيان صورة الإسلام الأصيل البعيد عن التطرّف والإلغاء".

وشدد على "ضرورة العمل لمعالجة كل الأسباب التي أدت وتؤدي إلى التوتر في البحرين"، داعياً إلى "إعادة الحوار بين كل مكوناته، فما نريده لهذا البلد، أن يكون عنواناً من عناوين الوحدة الإسلاميّة والوطنية"، مضيفاً إننا "أحوج ما نكون في هذه المرحلة إلى التضامن العربي والإسلامي، في مواجهة الإرهاب الذي يهددنا، وفي مواجهة كل الذين يسعون إلى إضعافنا وإفقارنا وإدخالنا في الفوضى والفتن".

وثمن فضل الله "أي جهد يبذل في هذا الاتجاه"، مضيفاً "نقدر الانفتاح الذي يقوم به العراق على محيطه العربي والإسلامي، وخطاب مدّ اليد إلى كلّ العالم العربيّ والإسلاميّ، الَّذي تحدث به قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي، خلال الاحتفال في عيد المولد النبوي، وما صدر عن الأزهر الشريف من دعوته إلى الحوار الإسلامي ـ الإسلامي، والإسلاميّ ـ المسيحي، إضافةً إلى دعوات الحوار التي يسعى إليها لحل الأزمات في سوريا وليبيا، وغير ذلك من الخطوات".

ودعا الدولة اللبنانية وكل الجهات القادرة، إلى "تحمل مسؤوليتها في الإسراع في مدّ يد العون إلى المتضررين من العاصفة من هذه العاصفة، ولا سيما المستضعفين، في ظل الحاجة المتزايدة إلى وسائل التدفئة وسبل العيش الكريم، وكذلك إلى الوافدين إلى هذا البلد من النازحين السوريين".

المصدر: وكالة رسا للأنباء