بسم الله الرحمن الرحيم‏

اشكر السادة على قدومهم من مناطق بعيدة لتفقدنا وتفقد شعبنا.

قبل أن تكون ثورة شعبنا ثورة إنسانية هي ثورة إسلامية وإنسانية، الإنسانية التي يؤمن بها الإسلام نحن لم نتمكن من التغلب على تلك المشاكل والمصائب التي حلت بنا بقدرتنا الطبيعية، لأن قدرتنا وطبقاً لما تفرضه الطبيعة، قدرة ضئيلة للغاية في مقابل القوى العظمى كأمريكا والشاه المخلوع بما يملكونه من معدات وأسلحة.

لقد انتصرنا عليهم، وانتصر شعبنا في هذه الثورة لأنه توكل على الله. لقد حصل لشعبنا على تحول كبير لا سابقة له، وإلى الحد الذي جعله يعتبر الشهادة فوزا عظيما.

إن بعض الشبان ما زالوا يأتون إلينا ويطالبونني بالدعاء لهم بالفوز بالشهادة! هذا هو سر الانتصار الذي جعل المسلمين في صدر الإسلام ينتصرون. بهذا السر انطلق شعبنا وبهذا السر تستطيع الشعوب التقدم.

 

طريق تحرر الشعوب‏

لا تتوقعوا أن تقوم الحكومات بعمل لصالحكم. لقد نصحت الحكومات العربية لأكثر من 15 عاماً وحثثتهم على الوحدة لإنقاذ القدس، إلا أن ذلك لم يؤثر فيهم مطلقاً، لان مثل هذه الأمور لا تخطر على بالهم أبداً وهم إذا ما تحدثوا حول عن ذلك فحديثهم يشبه إلى حد كبير الأحاديث التي كان يتبجح بها الشاه المخلوع فيما يتعلق بالتقدم والحضارة الكبرى؟!!

فهؤلاء لا يخطر على بالهم التفكير بالشعوب، وعلى الشعوب ذاتها أن تفكر بمصالحها. ولو تقرر أن نقف بانتظار ما تقوم به الحكومات من أجلنا لبقينا على حالنا من التخلف ولبقي الشاه المخلوع يحكمنا. لقد واجهنا نحن بقوة الإيمان التي تحققت لشعبنا، واجهنا تلك القوى وانتصرنا بحمد الله وقضينا عليهم.

إذا أردتم التغلب على مشاكلكم، إذا أردتم إنقاذ القدس وإنقاذ فلسطين وإنقاذ مصر وسائر الدول العربية من أيدي هؤلاء العملاء ومن أيدي الأجانب، فإن على الشعوب أن تنهض، على الشعوب أن تقوم بهذا الأمر وأن لا تبقى بانتظار قيام الحكومات بذلك، فتلك الحكومات لا تتحرك إلا لما يحقق مصالحها.

 

الشهادة سر النصر

على الشعوب أن تثور، على الشعوب أن تدرك أن سرّ النصر يكمن في تمني" الشهادة"، وفي الإعراض عن الحياة المادية والدنيوية والحيوانية. انه السر الذي يمكّن الشعوب من التقدم السر الذي أشار إليه القرآن وجعل العرب، أضعف الناس آنذاك، يبسطون سيطرتهم على بقاع كثيرة.

لقد صاغ القرآن الإنسان، صاغ أنساناً إلهيا يمكنه الانطلاق بقدرة إلهية والتغلب على أقوى الإمبراطوريات في اقل من نصف قرن.

علينا أن نعثر على هذا السر، علينا أن نتبع القرآن، ينبغي إيجاد الإنسان القرآني، وعلى الشعوب أن تستلهم القرآن حتى تتمكن من التقدم.

ولو أن الشعوب أرادت انتظار النتائج من الألاعيب السياسية، والاجتماعات العادية والجلسات التي تعقدها المحافل السياسية، فإنهم لن يحققوا شيئا أبداً.

على الجميع أن يتوحدوا ويصبحوا نموذجاً للإنسان الإلهي المجاهد في سبيل الله، فإذا أصبحوا كذلك سيتقدمون.

إنني أوصي كافة الشعوب والمسلمين والعرب الراغبين في التغلب على مشاكلهم أن يتربوا تربية إسلامية وأن يتحركوا طبقاً لنهج الإسلام وأن يكون القرآن هاديهم وإمامهم. إذا أصبحت الأمور كذلك فإنهم سيتغلبون على كافة العقبات. وفي غير ذلك وإذا أرادوا التحرك طبقا للموازين العادية والمعادلات السياسية فان الحكومات مسلطة عليهم والشعوب لن تحقق شيئا يذكر.

 

الاقتداء بمسلمي صدر الإسلام‏

اسأل الله تبارك وتعالى أن يوقظنا بمشيئته وأن يجعلنا كمسلمي صدر الإسلام، ويجعل الشعوب مثل شعب صدر الإسلام الذي تحلى بالإيمان الصادق وانتهل من القدرة الإيمانية الخالصة وتحلى بالقدرة الإسلامية، فانتصر.

بضعة آلاف تمكنوا من التغلب على إمبراطورية تفوق المسلمين عدة وعدداً. لقد كان لديهم أكثر من ضعف عدد المسلمين ومع ذلك تمكن المسلمون من الانتصار عليهم! ولم يكن ذلك إلا بالإيمان. وفي إيران حصل الشيء نفسه وتقدمت إيران لتتغلب على القوى العظمى.

ادعوا الله تبارك وتعالى أن يمنّ علينا بالتوفيق كي نتمكن من أداء مسؤولياتنا الدينية والإنسانية. أخيراً أشكركم مرة أخرى أن شرفتمونا بالزيارة.

(وفي معرض رده على ما أعرب عنه أحد الضيوف الأجانب من شكر وتهنئة بانتصار الثورة قال الإمام الخميني:).

موفقون أن شاء الله. لا شك أن على المسلمين التكاتف فيما بينهم، عليهم أن يكونوا يداً واحدة وأن يلتزمون بمسؤوليتهم الإسلامية والإنسانية وسيمنّ الله بالتوفيق على الجميع، موفقون إن شاء الله، مسددون إن شاء الله، إن شاء الله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المكان: قم المقدسة

الموضوع: سرّ النصر الفوز بالشهادة

المصدر: صحيفة الإمام، ج‏6، ص: 396

التاريخ 17 فروردين 1358 ﻫ.ش/ 8 جمادى الأولى 1399 ﻫ.ق‏

الحاضرون: جمع من الزعماء الفلسطينيين، جمع من مسلمي ليبيا والعراق ومصر والمجاهدين العرب الإيرانيين‏