تستعيد الباحثة التونسية في الشؤون السياسية سهام محمد عزوز في ذكرى رحيل الإمام الخميني (ره) القيم الخالدة التي حملتها شخصيته العظيمة وأثرت في مختلف الشعوب الإسلامية. 

يحيي محبو  مفجر الثورة الإسلامية  الإمام الخميني (ره) في كل أنحاء العالم ذكرى رحيله الثامنة والعشرين، معلنين تمسكهم بمنهجه واستكمال مسيرة الثورة، في هذا الصدد كتبت الباحثة التونسية في الشؤون السياسية سهام محمد عزوز مقالاً لوكالة مهر للأنباء، جاء فيها ما يلي:

في ذكرى رحيل الإمام الخميني قدس سره نستذكر كلمات  قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي "إن شخصية الإمام العظيمة لا يمكن مقارنتها بعد الأنبياء والأولياء المعصومين بأيّة شخصية أخرى فهو وديعة الله بيننا وحجة الله علينا ومظهر من مظاهر عظمته".

حینما رحل الإمام (ره) فقد العالم قائداً دینیاً وثوریاً عظیماً وذو نظرة واسعة، فقد كان الإمام الخمیني (ره) رجلاً مؤمناً ومجتهداً وصانعاً للتاریخ خلال العقود الأخیرة، رجلاً مجاهداً لا مثیل له في المائة سنة الماضیة ، ولقد ترك مخزوناً كبیراً سیظل على ألسنة الجمیع لمئات السنین.

من أهم آثار نهضة الإمام الخمیني (ره) هي أنها حوّلت الحكومة في بلد كبیر وذو أهمیة إسلامیة من ماهیته العلمانیة إلى الماهیة الإسلامیة والدینیة. وبهذا فإن الجمهوریة الإسلامیة الإيرانية أصبحت أنموذجاً للحركات الإسلامیة في العالم. وإننا نرى أن الإمام من ناحیة القدرة الفكریة لم یکن شخصاً أو ظاهرة فردیة بل كان من صنّاع التاریخ.

حتى أننا نجد أنفسنا في حيرة من أمرنا اليوم و نحن نستعرض أثار هذه الشخصية الربانية ونستذكر روحه الطاهرة، نسأل أنفسنا هل نتحدث عن الإمام القائد الثائر المقاوم السياسي المصلح الفقيه العالم أب الحركة الإسلامية المعاصرة كما أطلق عليه قائد الثورة الإسلامية أو هل نتحدث عن الإمام الإنسان، الأب، الزوج، الحبيب، كفيل أيتام الشهداء.

لابد من الإشارة إلى أن هذه الشخصية الاستثنائية ارتبط اسمها بالثورة الإسلامية فكانت الحلم الذي هدف إليه في الوقت الذي كان العالم يشهد هيمنة كبيرة لقوى الاستكبار العالمي. هذا الرجل المتواضع، والحكيم يشكّل في سكونه هدوء البحر، وهو بعيد كل البعد عن الأكاذيب الغربية التي عملت على تشويه صورته وإظهاره بمظهر المتعجرف المتغطرس و المتعصب.

أن شخصیة الإمام الخمیني(ره) مظهر من مظاهر عظمة الله فلقد كانت لها العديد من الصفات الهامة أوّلها أنها شخصیة ربّانية جمعت بین الفقه والكلام والفلسفة والسیاسة والعلوم، هذه الشخصية لها أيضا بعدها العرفاني والسلوكي تحمل أيضا ابعاداً ورؤى صادقة و عميقة . وهي أيضا شخصية لها أبعاد اجتماعية وإنسانية وسياسية.

لقد حقق الشعب الإيراني انتصاراته التاريخية بفضل بركاته، أنه بحق المثال لأعلى الذي إن عرفت الناس قيمته الحقيقية لما تركته يمشي على الأرض أنه بحق وديعة الله بين البشر قاوم وناضل وواجّه وعلّم وبارك وحرّض على اتباع سبل الحق ومكافحة الباطل أنه المدرسة المحمدية الأصيلة وجميع عشاق الحق والعدالة يعتبرونه إمامهم وقائدهم.

في ذكرى رحيله نستذكر تلك الزيارة التي أوصلتنا إلى بيته في جمران وإلى روضته الشريفة حيث ضريحه الطاهر، كان هناك إحساس عميق بوجود طاقة رهيبة تطغى على المكان وكأنناّ ونحن زوّار الإمام نجده في استقبالنا بابتسامة القائد والسيد والعالم و الفقيه والأب والصديق والرفيق والثائر وكأنّ الشعور بوجوده وهو غائب ليس أقلّ قدرا ولا قيمة ولا مقاما من وجوده وهو على قيد الحياة وهذه في اعتقادي صفة لا يمنحها الله سبحانه وتعالى إلا للصالحين من عباده.

أنه بحق حجّة الله علينا فلقد نزع الخوف من قلوب الضعفاء وأرشدهم لسبل مقاومة الظلم والجور وإعلاء كلمة الحق، وعليه يجب الحفاظ على مبادئه التي أنجزها وزرعها في عقول وقلوب العارفين الذين أصبحت بلا شك مهمتهم أصعب بعد رحيله، فكيف لهم أن يحافظوا على آثاره وتراثه الإنساني والفكري والديني الرشيد وفي نفس الوقت يواصلون المسير بتوعية الأجيال وتعليمهم و توجيههم، أنها حقا مهمة صعبة للغاية خاصة في زمن الدجل والفتن والتعصب والتكفير.

في ذلك المكان كانت روحه ترفرف في كل ركن من أركان البيت تشعر كل زائر انه هنا وهناك في الحسينية تسمع أصوات الهتافات وترى سواعد عشاق الإمام تنشد أروع الكلمات عشقا وولاء انه بحق كما قال عنه الكثير من زعماء العالم مفكر بحق فكره أوسع من الزمن ولم يكن يتسع له بعد مكان  أنه بحق اكبر من الزمان وأوسع من المكان لقد استطاع أن يترك أثرا عظيما في التاريخ البشري فهو مظهر من مظاهر عظمة الخالق عز وعلا يصح فيه القول انه من الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله. وهذا سرّ من أسرار عظمته حاضرا و غائبا.