قال الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية الشيخ محسن الاراكي في حواره: إن احد انجازات الإمام الخميني (قده سره) المهمة هو انه استطاع من خلال ثورته الإسلامية أن يطرح الإسلام ويجعله محور البحوث والدراسة لكثير من المراكز الأكاديمية بعد أن كانت هذه المراكز تدعو إلى العلمانية والإلحاد ونفي الدين ودوره في حياة الإنسان .

وقال الشيخ الاراكي بمناسبة الذكرى السنوية الثامنة والعشرين لرحيل مفجر الثورة الإسلامية الإمام الخميني (ره) ، إن أهم التحديات التي كانت تواجه العالم الإسلامي قبل انتصار الثورة الإسلامية وأهمها اتساع الفرقة والتشتت بين المسلمين خاصة تشديد الاحتقان الطائفي والمذهبي والتحدي الآخر هو تهميش الدين الإسلامي ودوره في إدارة شؤون الحياة والترويج للعلمانية أي فصل الدين عن السياسة .

وأوضح الشيخ الاراكي أن التاريخ الإسلامي شهد وبعد ارتحال الرسول (ص) محاولات كثيرة لإثارة الاختلاف المذهبي بين المسلمين وتشتيت وحدتهم ولكن المصلحين من العلماء والمفكرين العظماء وعلى رأسهم رواد التقريب بجهادهم ومساعيهم الحثيثة منعوا من تحقيق أهداف الأعداء وعملوا على ترسيخ ثقافة التقريب ووحدة المسلمين .

ولفت سماحته إلى احد ابرز الآثار التي شهدها العالم الإسلامي بعد انتصار ثورة الخميني الإسلامية هو تطهير الإسلام من كثير من الشوائب والبدع وطرح هذا الدين من جديد على المستوى الشعبي والأكاديمي واثبات قدرة هذا الدين على إدارة جميع شؤون حياة الإنسان، مما جعله محور البحث والدراسة في كثير من المراكز العلمية ليس فقط على مستوى العالم الإسلامي بل على مستوى العالم ، حيث أصبح الإسلام عنوانا لكثير من الأحزاب وحركات التحرر وسائر الأنشطة الاجتماعية والثقافية والسياسية في العالم الإسلامي .

وأشار سماحة الأمين العام لمجمع التقريب إلى أن العالم الغربي تفاجئ بظاهرة المد الإسلامي بعد انتصار الثورة الإسلامية وتوجه الشباب الغربي للدين ولهذا ركز جهوده وكثفها على تشديد الاحتقان المذهبي وخلق بؤر التفرقة بين المسلمين لإثارة حرب مذهبية بين الشيعة والسنة .

ولتحقيق هذا الهدف قامت كثر من الجامعات في الكيان الصهيوني وبريطانيا وأمريكا وفرنسا وحتى ألمانيا بتخصيص فروع لدراسة الإسلام والتعرف على مواطن الضعف عند المسلمين الشيعة والسنة وتشديد الاختلاف المذهبي التاريخي بين هاتين الطائفتين لتهيئة الأرضية المناسبة لخلق حرب مذهبية بين المسلمين .

وتابع قائلا إن الاستعمار راح ابعد من ذلك وهو خلق شقاق داخل الطائفة الشيعية من جانب وداخل الطائفة السنية من جانب آخر، ولهذا حاولوا إيجاد محور سني بقيادة السعودية ومصر وقطر وتركيا يقود العالم السني بوجه الدولة الشيعية في إيران فخلقوا من ذلك إيران فوبيا للعرب وشيعية فوبيا للسنة .

وأوضح سماحته أن هذه الأمور وما شابه ذلك كان يعلمه قادة الثورة الإسلامية خاصة الإمام الخميني (ره) وقائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي ولهذا شدد الإمام الخميني فور انتصار الثورة الإسلامية على ضرورة نبذ الخلافات المذهبية وإيجاد التآلف والأخوة بين الشيعة والسنة والأكثر من ذلك فقد حرم رحمة الله عليه الحديث عن الخلاف السني الشيعي وتشديد الاحتقان الطائفي والتأكيد على وحدة العالم الإسلامي .

وفي إشارته إلى موضوع التقريب وأهميته قال الشيخ الاراكي إلى أن التقريب خرج من بطن الثورة الإسلامية لان احد الأهداف الرئيسية لهذه الثورة هو رص صفوف المسلمين وتحقيق الوحدة الإسلامية ولهذا بدأت الثورة الإسلامية ومنذ الأيام الولى بوضع أسس استراتيجية الوحدة الإسلامية .

وأوضح سماحته أن الحديث عن التقريب والوحدة الإسلامية تحول اليوم إلى ثقافة ومطلب جماهيري على مستوى العالم الإسلامي، مشيرا إلى أوامر قائد الثورة الإسلامية بتأسيس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية لتجميع وتنسيق كافة الآراء والأطروحات حول كيفية تحقق التقارب والوحدة الإسلامية في مؤسسة واحدة .

وأكد الأمين العام لمجمع التقريب أن المجمع استطاع خلال أكثر من عقدين من تأسيسه أن يحقق الكثير في مجال تخفيف الاحتقان الطائفي وإزالة كثير من التصورات الخاطئة بين المذهبين السني والشيعي وإفشال كثير من المخططات الأمريكية والبريطانية لخلق الفرقة بين المسلمين رغم استخدامه قدراته الإعلامية والاقتصادية وحتى العسكرية .

وفي هذا السياق أوضح آية الله الاراكي أن العدو ولمواجهة المشروع التقريب والوحدوي خلق تيارين الأول يسمى بتيار الإسلام الأمريكي والثاني بالتشيع البريطاني الذي أشار إليه قائد الثورة الإسلامية . هدف الأول هو تشويه صورة الإسلام عن طريق تبني فكرة التطرف والتشدد وتكفير المخالفين ، حيث استطاع الأمريكان وداعمي تيار الإسلام الأمريكي أن يجدوا ضالتهم داخل مجموعة من المسلمين السلفيين المتشددين ومن خلال فتاوي التكفير استطاعوا أن يؤسسوا الجماعات المتطرفة الإرهابية لتشويه صورة الإسلام والاقتتال بين المسلمين كما نشاهده اليوم في سوريا والعراق واليمن و...

وأما التشيع البريطاني فهدفه تشديد الاحتقان الطائفي والمذهبي بين السنة والشيعة لاحياء الخلافات المذهبية وإيجاد التنافر والبغضاء بين السنة والشيعة تقوده الفضائيات البريطانية وتعمل على أساس "فرق تسد" .

وأكد الشيخ الاراكي أن قوة العالم الإسلامي واقتداره يكمن بوحدته لأنه يملك أعظم الطاقات والإمكانات البشرية الشابة والثروات الطبيعية ليحوله إلى قوة عظمى يستطيع أن يلعب دور في القرارات العالمية .

ومن ثم تحدث سماحته عن شخصية قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي التقريبية بان اهتمامه لموضوع التقريب ووحدة المسلمين لم يكن وليد الساعة ولم يأتي بعد انتصار الثورة الإسلامية بل قبل ذلك كان سماحته يهتم بترجمة آثار رواد التقريب لأهل السنة كسيد قطب وارتباطه الوثيق بتلك الشخصيات جعلت منه شخصية تقريبية ووحدوية .

وعن التعايش السلمي بين السنة والشيعة في إيران أكد آية الله الاراكي أن الجمهورية الإسلامية استطاعت وبناء على أساس أهدافها الوحدوية أن تحقق أفضل وأجمل التعايش السلمي بين غالبية الشيعة في إيران والأقليات السنية حيث نرى اليوم مشاركة العلماء والشخصيات السياسية السنية في القرار السياسي للجمهورية الإسلامية من خلال تواجدهم في مجلس الشورى الإسلامي ومجلس قيادة الثورة والمجالس المحلية حيث تحولت إيران إلى نموذج يحتذي به .

ومن ثم تطرق سماحته إلى نشاطات مجمع التقريب وكيف أن هذا المجمع ومن خلال نشاطاته المكثفة وتوثيق علاقاته مع علماء العالم الإسلامي، استطاع أن يفشل كثير من الحوادث المؤلمة التي كانت قد تحدث في بعض البلدان الإسلامية مثل باكستان واندونيسيا والهند و...مؤكدا أن الحديث عن الوحدة الإسلامية اليوم أصبح من المواضيع العصرية ومن ضروريات العالم الإسلامي لا مفر منه .