جديد وهام

 

الإمام القائد حفظه الله تعالى يجيب بشكل واف على أسئلة حول فلسطين

6. لقد مضى على الاحتلال الصهيوني الغاشم للارض الاسلامية في فلسطين اكثر من نصف قرن وما زالت القضية لم تحل بل كلما بدأت  مسيرة سياسية ما لحل القضية نراها تتعثر ثم تتوقف  فما هو الحل الذي ترونه عادلا خاصة وان الدول العربية والاسلامية اما انها لا تريد ان تتحمل الصعوبات او انه لا يسمح لها بمزاولة النشاط المطلوب لحل القضية ؟

 

لا توجد قوة في العالم بوسعها إخماد شعلة الحرية ولهيب عودة فلسطين إلى أصحابها الأصليين في نفس كل العالم وفي صدور الشعوب الإسلامية، ولاسيما في صدر الشعب الفلسطيني، وليس هناك سوى طريق واحد للحل، ونحن نقول لأولئك الذين يعتبرون مشكلة الشرق الأوسط أزمة دولية ويقولون بأنه لابد من السعي للتغلب على أزمة الشرق الأوسط وإنهائها، نقول لهؤلاء جميعاً بأنه لا يوجد سوى طريق واحد وهو استئصال شأفة الأزمة. فما هي جذور هذه الأزمة؟ إنها الكيان الصهيوني المفروض على المنطقة. فما زالت جذور الأزمة لم تقتلع فإن الأزمة ستظل قائمة. إن طريق الحل هو السماح للمشردين الفلسطينيين في لبنان وفي أي مكان آخر بالعودة إلى فلسطين، فليعد الشعب الفلسطيني من مسلمين ومسيحيين ويهود من أصحاب فلسطين الأصليين إلى بلادهم، ويقوموا بإجراء استفتاء وانتخاب نظام للحكم في فلسطين. إن الغالبية العظمى من أبناء الشعب الفلسطيني هم من المسلمين بالإضافة إلى عدة من اليهود والمسيحيين الذين هم من سكان فلسطين الأصليين والذين كان آباؤهم يعيشون هناك، فليقم هؤلاء بتقرير مصير نظام الحكم في بلادهم، ثم يتخذ هذا النظام قراراً بشأن أولئك الذين احتلّوا فلسطين طوال أربعين أو خمسة وأربعين أو خمسين عاماً، فهل يبقي عليهم، أو يعيدهم من حيث جاؤوا، أو يسكنهم في منطقة أخرى، فهذا كلّه يرتبط بالنظام الجديد الذي يحكم في فلسطين، وهذا هو سبيل حل الأزمة. فمادام هذا الحل لم يُنفّذ، فلن يكون هناك حل عملي آخر، ولن يكون باستطاعة الأمريكيين القيام بشيء آخر مع كل ما لديهم من استعراض للعضلات؛ لقد فعل هؤلاء كل ما كان بوسعهم، وهذه هي النتيجة. وبالطبع فإنهم يشعرون بالسخط والاستياء إزاء أحداث الأسابيع الثلاثة الأخيرة في فلسطين المحتلّة، وحيال ثورة الشباب، وشجاعة الرجال والنساء، وتلك الإرادة القوية والعزم الراسخ الذي أظهره ذلك الشعب المظلوم، فراحوا ينحون باللائمة على هذا وذاك!

إن تلك الاتفاقيات التي عُقدت في «شرم الشيخ» وما إلى ذلك بين الأطراف اللاّمسؤولة في القضية لا جدوى لها ولا تأثير، وستكون مدعاة لخجل المشـاركين فيها والموقعـين عليها، ولن تكون لها أدنى فائدة أو تأثير.

من القضايا المهمة في هذه الأيام ـ وقد جرى الاهتمام بها جيداً في بلدنا والحمد لله ـ هي قضية فلسطين، وخلال هذه الأيام سعى الأصدقاء فأقاموا المؤتمر العالمي لفلسطين بمناسبة ذكرى رحيل الإمام العظيم، وفيه جرت أحاديث ضرورية ومفيدة.

إن قضية فلسطين أهم قضايا العالم الإسلامي، وليس هنالك قضية دولية في العالم الإسلامي تفوقها أهمية لأن استحواذ مغتصبي التراب الفلسطيني ومدينة القدس على هذا الجزء من جسد الأمة الإسلامية يمثل مصدراً للكثير من حالات الضعف والمشاكل في العالم الإسلامي.

إن أمريكا الآن شريكة إسرائيل في إجرامها، وإن الرئيس الأمريكي الذي يصف نفسه بالوسيط يؤكد بكل صلافة ووقاحة أمام العرب والزعماء العرب والمسلمين انحيازه لإسرائيل الغاصبة لأرض فلسطين.

أيّها الإخوة والأخوات، لقد استقرّ جهاد الشعب الفلسطيني اليوم حول محوره الذي يكمن في التزامه الأملُ بتحقيق الانتصار؛ أي ان الشعب قد نزل إلى الساحة؛ وإن إسرائيل كيان لقيط غير شرعي وغاصب، فهؤلاء قد جاؤوا وسلبوا بلداً من أبنائه متوسلين بالقوة والتآمر. وبناءً على هذا فإن أية مفاوضات تقوم على قاعدة الاعتراف بوجود هذا الكيان لا شرعية ولا دوام لها.

لقد أدرك الشعب الفلسطيني الآن جيداً حقيقة الأمر، وعرف أن لغة القوة هي اللغة الوحيدة التي يفهمها محتلو القدس وأرض فلسطين، والشعب الفلسطيني يعرف أن أية مفاوضات واتفاقيات تبرم ستجلب له الخسران، لذلك فقد اقتحم الميدان. وإن الصراع الذي انطلق به الشعب الفلسطيني الآن ليس صراعاً بين جيش وآخر، كي نتساءل كم يمتلك هذا من الدبابات وكم يمتلك ذاك؟ ومَنِ المتفوق؛ هذا أم ذاك؟ إنه صراع أبدان وأجساد وأرواح أناس لا يرهبهم الموت، وإن كل شاب فدائي يقف أمام الكيان الغاصب فهو يدخل فيهم الرعب بقدر ما يدخله جيش بأكمله، ولم تعد الدبابة والصاروخ ومروحيات الاباتشي تمثل الرد على هذا الإنسان؛ فعندما لا يرهب الموتَ إنسانٌ ـ ولو كان لوحده ـ وتأهّب للتضحية في سبيل الله، وأداءً لواجبه، فهو يمثل أعظم خطر بالنسبة لأهل الدنيا عديمي الإنصاف. ولهذا فإنكم تشاهدون الأمريكيين وعلى أعلى المستويات قد بادروا لاتّخاذ موقفهم في مواجهة هؤلاء الشباب الاستشهاديين.. وإنني أعلنها أن هذه المواقف لا تجدي نفعاً؛ فحب الاستشهاد هذا ليس عاطفياً، بل هو نابع من الإيمان بالإسلام والقيامة والحياة ما بعد الموت، والإسلام أينما قام بمعناه الحقيقي فهنالك خطر يهدد الاستكبار، والاستكبار لا مناص له من دخول الصراع مع الإسلام لفرض هيمنته على فلسطين، والصراع مع الإسلام يعني الصراع مع العالم الإسلامي، وهذا صراع لن يفضي إلى شيء.

إن سبيل الحل للقضية الفلسطينية ليس من شاكلة الحلول القسرية والكاذبة، فالحل الوحيد لقضية فلسطين يتمثل في انتخاب أهل فلسطين الأصليين ـ وليس المهاجرين الغاصبين المحتلين ـ مَنْ كان منهم داخل الأراضي الفلسطينية أو خارجها، للنظام الذي يحكم بلادهم، فإن كان الاعتماد على رأي الشعب صحيحاً كما يراه مدّعو الديمقراطية في العالم فإن الشعب الفلسطيني شعبٌ أيضاً وله اتخاذ القرار؛ وإن الكيان الصهييوني المتسلط الآن على التراب الفلسطيني لا يمتلك حقاً يمارسه على هذه الأرض، فهو كيان لقيط مزّيف وصنيع القوى الظالمة؛ وعليه يجب أن لا يطلب من الشعب الفلسطيني الاعتراف به.

من أخطأ في العالم الإسلامي واعترف بهذا الكيان الجائر، فهو بالإضافة إلى وصمة العار التي يلصقها على جبينه يكون قد بادر لفعلٍ لا طائل منه، لأن هذا الكيان لا دوام له، والصهاينة يتوهمون استحواذهم على فلسطين وأنها لهم إلى الأبد! كلا، فليس الأمر كذلك، وإن مصير فلسطين لابد وأن ينتهي يوماً ما بقيام دولة فلسطينية، وفي هذا الدرب تأتي ثورة الشعب الفلسطيني؛ ومسؤولية الشعوب الإسلامية تتمثل في تقليص هذا الفاصل الزمني والعمل على أن يبلغ الشعب الفلسطيني ذلك اليوم.