أكد قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي بأنه يجب أن تكون للاقتصاد أولوية في أعمال الحكومة، مشددا على ضرورة الحفاظ على الروح الثورية والدينية في دبلوماسية الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

جاء ذلك في تصريح لسماحة القائد خلال استقباله رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة، حيث أكد ضرورة العمل الجهادي والجهد الدؤوب لحل المشاكل المعيشية للمواطنين وقال، إن الاقتصاد يجب أن يشكل أولوية لجميع أعضاء الحكومة ومؤسساتها.

وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى أسبوع الحكومة وذكرى استشهاد رجائي (رئيس الجمهورية الأسبق) وباهنر (رئيس الوزراء الأسبق)، اللذين يأتي ذكرهما دوما بالذكر الطيب وبالتكريم لخصالهما الشخصية والإدارية مثل "الروح الثورية والإيمان والصدق"، مؤكدا ضرورة أن تشكل شخصيتهما أسوة لأعضاء الحكومة.

وأشاد سماحته بجهود الحكومة السابقة، معربا عن أمله بان تؤدي الحكومة الثانية عشرة الحالية مسؤولياتها بعد أن تكتمل بتعيين وزير للطاقة التي تعتبر وزارة مهمة وكذلك لوزارة العلوم التي تعتبر وزارة أكثر أهمية بكثير.

واعتبر قائد الثورة تشكيل الحكومة الحالية في الموعد المقرر وانجاز تشكيلها بيسر سواء من حيث إجراء الانتخابات ومراسم التنصيب وأداء القسم ومن ثم التصويت على الثقة، بأنها كانت مهمة جدا وقل نظيرها وأضاف، لقد جاء الدور لرئيس الجمهورية والوزراء للمبادرة والعمل.

وأكد سماحته ضرورة الاستفادة القصوى والصحيحة من الزمن خلال فترة المسؤولية الممتدة 4 أعوام للحكومة وأضاف، أن هذه الفترة ليست قليلة لانجاز أعمال أساسية.

ووجه قائد الثورة الإسلامية توصيات إلى رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة، أولها "امتلاك النية الإلهية لخدمة الناس وحل مشاكلهم".

وفي التوصية الثانية أكد سماحته ضرورة "الروح الجهادية وبذل الجهد المضاعف بلا كلل ومن دون توقع منافع إزاء ذلك" وقال في التوصية الثالثة، أن أعضاء الحكومة فضلا عن مسؤوليتهم المشتركة في قرارات الحكومة يتوجب عليهم التعاون معا والعمل بروح الفريق الواحد.

وفي جانب آخر أوصى الإمام الخامنئي الحكومة بتحمل سماع الصوت المعارض ورفع مستوى الحلم لديهم والترحيب بالنقد والاستفادة منه.

والتوصية الخامسة التي وجهها قائد الثورة كانت "الاتصال الوثيق مع الشعب بهدف إدراك حقائق حياتهم بصورة أفضل" وقال، إن من المفيد والجيد جدا "امتلاك قسم فاعل للعلاقات الشعبية" و"القيام بزيارات للمحافظات".

وفي التوصية السادسة أكد سماحته "ضرورة حفظ وتقوية الروح الشعبية وتجنب الارستقراطية" وقال في توصيته السابعة، ادعموا وساعدوا الأنشطة الشعبية التي تكون غالبا نابعة من الصميم مثل الأنشطة الثقافية والاقتصادية والخدمية التي تقوم بها مجموعات العمل الجهادي في مجال الاعمار والبناء أو الثقافة.

أما التوصية الثامنة التي وجهها قائد الثورة فكانت "الأخذ بالاعتبار الفاعلية والتدين والثورية والعمل الدؤوب والعمل بروح جهادية عند اختيار المساعدين والمدراء".

وأكد الإمام الخامنئي في توصيته اللاحقة على "المتابعة والإشراف على عمل المجموعة" وكذلك أكد عاشرا ضرورة "امتلاك برنامج دقيق وعلمي" داعيا في توصيته الحادية عشرة أعضاء الحكومة للتحلي بروح الشجاعة والإقدام في اتخاذ القرارات والمبادرات آخذا بنظر الاعتبار الوثائق الأساسية العامة ووثيقة الآفاق المستقبلية والقوانين المصادق عليها من قبل البرلمان.

وأكد سماحته في توصيته الثانية عشرة والأخيرة على الأخذ بنظر الاعتبار الأولويات في كل مجال والتركيز على الأولويات الأساسية.

وفي جانب آخر من تصريحه اعتبر قائد الثورة "الاقتصاد" أولوية البلاد الحقيقية وأكد بذل الجهود بلا كلل من قبل المسؤولين لحل مشاكل المواطنين المعيشية ومنها بطالة الشباب وقال، إن الاقتصاد يجب أن يكون أولوية لجميع أعضاء الحكومة ومؤسساتها.

وتابع قائد الثورة الإسلامية، رغم أن وزارات مثل الاقتصاد والصناعة والمناجم والتجارة والجهاد الزراعي مرتبطة مسؤولياتها مباشرة بقضايا مهمة مثل الإنتاج وفرص العمل إلا أن أقساما أخرى من الحكومة مثل وزارة الخارجية والتربية والتعليم والعلوم والإرشاد يمكنها أيضا توفير الأرضية والمساعدة في حل المشاكل الاقتصادية.

وأضاف، إن الإحصائيات المعلنة في قطاع الاقتصاد تطرح على أسس علمية إلا أن هذه الإحصائيات لا تؤشر بصورة كاملة وفي كل مكان إلى الوضع الحقيقي للبلاد وأوضاع الناس المعيشية لذا هنالك مشكلة ما في هذا الجانب ينبغي معرفتها وحلها.

وقال سماحته، انه وفقا لهذه الإحصائيات، انخفض التضخم من عدة عشرات بالمائة إلى اقل من 10 بالمائة ولكن هل أن قدرة المواطنين الشرائية وقيمة العملة الوطنية ارتفعت بنفس القدر؟.

وأشار قائد الثورة إلى مثال آخر قائلا، إن الإحصائيات المعلنة حول الركود أيضا صحيحة ولكن هنالك الكثير من الوحدات الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة تعمل بأقل من طاقاتها أو أنها تعطلت وان هذه الحقيقة تشير إلى وجود خلل في مكان ما من العمل حيث ينبغي متابعته ومعالجته.

واعتبر الإمام الخامنئي مسالة المصارف والاستثمار ونمو السيولة النقدية والتهريب، أمورا مهمة في الاقتصاد وأضاف، إن المسؤولين في الحكومة الذين لهم علاقة مباشرة بالاقتصاد ينبغي عليهم كفريق منسق اتخاذ القرار والعمل وان يدعمهم الآخرون أيضا.

كما اعتبر تنفيذ سياسات المادة 44 من الدستور من الفصول المهمة للاقتصاد وانتقد عدم تقدم العمل في هذا المجال وأضاف، إن السياسات والمشاكل واضحة في الكثير من هذه الأمور ويتم اتخاذ قرارات جيدة أيضا إلا أن الأمور لا تمضي إلى الأمام جيدا كما ينبغي وان هذه الحقيقة تشير إلى أن المشكلة الأساسية كامنة في تنفيذ القرارات.

وأكد عدم جدوى تداول المؤسسات والمراكز الاقتصادية من يد إلى أخرى في إطار قطاعات الحكومة المختلفة وأضاف، انه ينبغي في ظل التنفيذ الصحيح لسياسات المادة 44 ، أن تغير الحكومة الوضع من تولي المسؤولية إلى تولي مهمة التنظيم وان تقوم بالإشراف والتنظيم عبر تحديد السبل والسياسات.

واعتبر "التصدي الجاد للفساد الاقتصادي" و"قضية القرى" و"إدارة الواردات والصادرات" و"الإحصاء الأرضي" من القضايا الأخرى التي هي بحاجة إلى اهتمام خاص وأضاف، إن أعمالا أنجزت في مجال الإحصاء الأرضي للمحافظات ولكن ليس لنا لغاية الآن في الإحصاء الأرضي لعموم لبلاد وثيقة ينبغي إعداد برنامج زمني لصياغته وتنفيذه.

وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى أنشطة لجنة قيادة الاقتصاد المقاوم والقرارات الجيدة التي اتخذتها مضيفا، أن هذه القرارات لم تنفذ جميعها، وان المتوقع هو الإشراف والمتابعة لتحقيق الواجبات المحددة للأجهزة.

وأكد الإمام الخامنئي ضرورة تغيير التوجه الاقتصادي في البلاد من "الاقتصاد المعتمد على النفط والامتيازات الخاصة للبعض" إلى "الاقتصاد المنتج والشعبي" وأضاف، انه علينا تخليص الاقتصاد من النفط وان هذا الهدف المهم ممكن تحقيقه في ضوء الإمكانيات والطاقات والكوادر البشرية المتوفرة في البلاد مثلما فعلت بعض الدول ذلك من دون النفط.

وفي جانب آخر من حديثه وصف سماحة القائد "حفظ التوجه والروح الثورية والدينية في الدبلوماسية" بالمهم وأكد قائلا، انه علينا الفخر بثورتنا في القضايا الدبلوماسية وان نشعر بالعزة في العمل بالثوابت الوطنية أي النابعة من الثورة مثل الصمود في مواجهة الاستكبار ومقارعة الظلم ومناهضة نظام الهيمنة.

وأضاف، إن الالتزام بالمواقف والثوابت الثورية يؤدي إلى التميز وكسب احترام الآخرين، علما بان هذا العمل لا يتنافى مع الاستفادة من حالات المرونة وتعقيدات وإيحاءات فن الدبلوماسية.

ومن النقاط الأخرى التي نوه إليها سماحته في مجال السياسة الخارجية "فتح مظلة الدبلوماسية على العالم كله" و"عدم التركيز على العلاقات مع عدد محدود من الدول"، وأضاف، انه ينبغي العمل في المجال الدبلوماسي بصورة قوية وسريعة ويقظة ووفقا لأحدث التطورات، وان تعملوا بفضل الله تعالى في المستقبل أيضا مثلما تقدمتم لغاية الآن ووقفتم بوجه الأعداء.