أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن الإدارة الأميركية أثبتت من جديد أن ما يعنيها في العالم هي مصالحها ومصالح "إسرائيل" ولا مكان للقيم الأخلاقية والإنسانية عندها .
وكشف السيد حسن نصر الله، في كلمة متلفزة في الذكرى السنوية الثانية لغياب القائد في الحزب مصطفى بدر الدين، أنّ "منذ البدايات عندما ذهب مصطفى إلى سوريا، ذهب معه عدد كبير من القادة، ومن واجبي اليوم أن أذكر أحد هؤلاء الكوادر الأساسية الّذين التحقوا بمصطفى بدر الدين، الحاج أبو حسن بيز. بدايات العمل الجهادي أسّسه في الميدانت، وبالفعل عدد من الأخوة بعضهم استشهد وبعضهم على قيد الحياة"، مبيّناً أنّ "الّذين يعملون في المجال العسكري والأمني، يجب أن تبقى أسماؤهم ووجوههم مخفية وهذه من لوازم هذا الالتزام"، مشيراً إلى أنّ "في يوم من الأيام يجب أن تسجّل أسماء هؤلاء بالذهب، ومصطفى بدر الدين كان من هؤلاء الأوائل الذين قضوا عمرهم في هذه الطريق وأبدعوا فيه.
ولفت إلى أنّ "عموماً الإنطباع الشعبي العام عن الشخصية العسكرية تصبح شخصية قاسية. في القادة المؤمنين هذه الصفة تكون موجودة إلى جانب شخصية متناقضة تماماً"، موضحاً أنّ "في مواجهة أعداء الأمة ومواجهة المعتدين، المؤمن الحقيقي يجب أن يكون شديداً وقاسياً، أمّا الّذي ينظر إلى العدو ويتعاطى نفسيّاً بخوف وضعف ووهن، كهؤلاء الّذين يتعاطون بوهن اليوم، هؤلاء لا يمتون إلى القادة المؤمنين بصلة"، منوّهاً إلى أنّ "القادة يكونون أشداء مع الّذين يريدون نهب أمتنا، وهذه الشدة كانت بمصطفى، لكن في المقابل رحماء. بدر الدين كان حنوناً عطوفاً وهذا ليس تناقضاً، لأنّ الشدّة الإيمانية تستطيع أن تجتمع مع الرحمة الإيمانية. مصطفى بدر الدين أنت أمام ذو الفقار حقيقي ولا مكان للضعف ولا للتراجع ولا للخوف".
وأفاد نصر الله بأنّ "في الجانب العملي، مصطفى تحمّل مسؤوليّات أساسية في المجال الجهادي في "حزب الله"، وتحمّل مسؤوليّات مهمّة، فبعد العام 2000 وحتّى استشهاده تحمّل مسؤوليّات كبيرة وخصوصاً بعد استشهاد عماد مغنية، وتحمّل مسؤوليّة ملفات حسّاسة جدّاً، أو جبهات حسّاسة جدّاً، أوّلها الجبهة الأمامية في المعركة مع العدو الإسرائيلي والبعد الأمني دخل بمواجهة حقيقية، ودعم الفصائل الفلسطينية لتستطيع أن تواجه". وأشار إلى أنّ "في ساحة العراق، كان لإخواننا شرف المساهمة الحقيقية في تشكيل الفصائل العراقية المواجهة للأميركيين في العراق"، مؤكّداً أنّ " في كلّ هذه الساحات الّتي تحمّل فيها مصطفى بدر الدين مسؤوليّاته، خرج فيها ومنها منتصراً وشامخاً. نحن لا نقول للانتصار صاحب واحد، بل نقول المجموعة والجماعة كلّها وجهدها الجماعي"،، مبيّناً أنّ "كذلك في الإستحاقاق الانتخابي الّذي حصل، لا يمكن أن نقول إنّنا نجحنا في الانتخابات النيابية 2018 بجهود شخص، بل بجهود جماعية".
وركّز على أنّ "بدر الدين بقيادته للمواجهة مع الشبكات الأمنية الإسرائيلية، خرج منتصرا شامخاً، وفي ملف تحرير الأسرى والمعتقلين والمواجهة الأمنية مع الشبكات الإرهابية التكفيرية، هو عمل على تفكيك الشبكات الّتي ترسل السيارات المفخّخة. كما ساهم في الانتصار العراقي الّذي أدّى إلى خروج الأميركيين من العراق، وصولاً إلى الجبهة الّتي أعطاها في السنوات الأخيرة كلّ عمره وحياته، وهي جبهة سوريا"، مبيّناً أنّ "اليوم يكتشف للعالم بأسره حقيقة ما حلّ في سوريا منذ 7 سنوات وإلى حين كانوا يريدون أخذ سوريا. كان المطلوب كلّه أن تصبح كإدلب اليوم، شريعة غاب وسفك دماء ودمار وهجرة وتشتيت، وهذا ما كنّا نحكي عنه".
وأوضح نصر الله أنّ "مصطفى بدر الدين كان مقتنعاً بقوّة بصوابية هذه المعركة وليس ببساطة، هذا الحضور الكبير له ولأمثاله أحد الأسباب الحقيقية لها هو هذا اليقين والبصيرة لنتائج هذه المعركة، واليوم الناتج هو نفسه الانتصار"، مشدّداً على أنّ "اليوم الجيش السوري يقود آخر معاركه في القدم والحجر الأسود، وهو يقترب من تطهير كامل دمشق وريف دمشق من كلّ هذه الجماعات الّتي كلّفت ملايين الدولارات، ونستعيد ذكرى شهدائنا القادة، كالشهيد مصطفى بدر الين الّذي كان يقول إنّه لن يعود إلّا شهيداً أو حاملاً لواء النصر. أنا أقول لقد عدت شهيداً وحاملا لواء النصر معاً، وما كنت تحلم به اليوم يتحقّق وأبناؤك لهم مساهمتهم فيها"، مركّزاً على أنّ "الانتصار الحقيق صنعه بالدرجة الأولى الجيش السوري والحلفاء كان لديهم شرف المساهمة في صنع هذا الانتصار".
ورأى أنّ "ما تقوم به الإدارة الأميركية في منطقتنا أوّله الآن افتتاح السفارة الأميركية في القدس، وما يفيدنا كشعب لبنان وفلسطين أن نأخذ العبرة ونعرف في مسيرتنا الإدارة الأميركية كيف تتصرّف"، لافتاً إلى أنّ "اليوم الغدارة الأميركية تثبت من جديد أنّ ما يعني الولايات المتحدة الأميركية في العالم مصالحها ومصالح إسرائيل. وبالنسبة إلى الحكومات الأميركية المتعاقبة، فالقيم الإنسانية لا مكان لها واليوم الفلسطينيون يتظاهرون في غزة والضفة وقد سقط عشرات الشهداء وآلاف الجرحى وهذا لا يؤثّر، و"الفيتو" الأميركي جاهز لأي إدانة في مجلس الأمن"، مؤكّداً أنّ "أعظم قوّة في العالم لا تحترم القوانين الدولية والقرارات الدولية والمجتمع الدولي الّذي يطالبونا به، وهي عندما تريد تقوم باتفاق وعندما تريد تنسحب منه، لذلك لا عهد لهم ولا يمكن لأحد أن يثق بالتزامات وتعهدات الأميركيين".
وبيّن نصر الله أنّ "اليوم يضحكون على الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، ويقولون له إنّه لنسمح للشركات الأميركية بالدخول يجب أن تدمّر السلاح النووي، ومن هنا يبدأ مشوار الابتزاز. هذه القيادة لا يمكن الوثوق بوعودها والتجربة أمامنا شاهدة ونرى بعيوننا ذلك، والإدارة الأميركية لا تحترم حلفاءها ولا مصالحهم، واليوم أميركا لم تسأل عن مصالح أوروبا الاقتصادية في الاتفاق النووي، فكيف ستسأل عن مصالح الأدوات والأتباع؟"، منوّهاً إلى أنّ "عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، قال المفاوض الفلسطيني إنّه لا يريد تفاوضاً فيه وسيط أميركي، وطالب بـ5 زائد واحد، وأنا أقول له "تخبز بالأفراح" كما فعل الأميركي بالاتفاق النووي سيفعل معه، وأي أحد يراهن أنّ هناك حلّاً سيكون الأميركي موجوداً فيه، لن يصل إلى نتيجة وهذا لن يوصل إلى طريق".
وأشار إلى أنّ "المواجهة الأخيرة في سوريا الّتي حصلت مع إسرائيل في الجولان، قبلها بأيام حصلت مواجهة على درجة عالية من الأهمية في سوريا، وما جرى كان بالغ الأهمية والدلالات في سياق الصراع العربي الإسرائيلي، وأخذ الموضوع حجماً معيّناً وشهدنا مسعى إسرائيليّاً لقلب الحقائق والإعلام العربي الّذي حاول تغيير الحقائق بالخداع وتحويل الانتصار إلى فشل"، كاشفاً أنّ "في المواجهة هذه، تبرّع الإعلام الخليجي ليقول إنّ 23 سوريّاً وإيرانيّاً قتلوا ونصفهم إيرانيون، وبعض التلفزيونات اللبنانية واكبوهم وهذا غير صحيح. نتيجة المواجهة 3 شهداء من الجيش السوري فقط". ونوّه إلى أنّه "إذا أضفنا هذا المشهد لإسقاط الطائرة الحربية الإسرائيلية منذ 3 أشهر، في تلك الليلة من تاريخ وقف إطلاق النار تتعرّض مواقع الاحتلال في الجولان المحتل، فللمرّة الأولى تتعرّض مواقع الجيش الإسرائيلي إلى قصف بهذا الحجم كمّاً ونوعاً"، موضحاً أنّ "ما حصل بالضبط، أنّه تمّ إطلاق 55 صاروخاً وبعضها من الحجم الكبير واستهدفت عدداً من المواقع العسكرية ودوّت انفجارات ضخمة، ما أجبر جميع سكان المستعمرات في الجولان إلى التوجه إلى الملاجئ".
وأكّد نصر الله أنّ "العدو تكتّم عن خسائره إذا عنده خسائر وعن مواقع سقوط الصواريخ وحاول تقليل أهمية الموضوع وقام بردّة فعل تصدّت لها الدفاعات الجوية السورية ببسالة وبطولة، كما حصل في ليلة العدوان الثلاثي على سوريا، والصواريخ وصلت إلى طبريا وصفد ما اضطر لاستخدام الباترويت لإسقاطها"، مفيداً بأنّ "الرسالة الّتي وصلت إلى العدو كانت مدويّة ونحن نتابع الإعلام الإسرائيلي. الرسالة هي انه إذا كنت تظنّ أنّه يمكنك الاستمرار كذلك وأن تقتل وتقصف كما تريد فأنت مشتبه والعالم سيردّ في الوقت المناسب والمكان المناسب وبالطريقة المناسبة. أنت لا تستطيع أن تستمرّ كعدو في استباحة سوريا والاعتداء عليها ومن فيها، دون أن تواجه ردّاً أو عقاباً، وهذه مرحلة جديدة أسّس لها الهجوم الصاروخي النوعي".
ولفت إلى أنّ "الإسرائيليين قالوا إن ليس من مصلحتهم أن يقوموا بحرب. وبعد إسقاط الطائرة، حركة السلاح الجوي الإسرائيلي أصبح لديها تدابير جديدة، والإصبع على الزناد لم يعد موجوداً، بالدلالات أن هذا الردّ الصاروخي حصل على الرغم من التهويل الإسرائيلي وقالوا إنهم سيردّون على أيّ ردّ، وكانوا يعرفون ذلك، ولم يتجرؤوا أن يمدّوا أيديهم إلى الخطوط الحمراء"، كاشفاً أنّه "تمّ إبلاغ حكومة العدو أنّ الردّ الإسرائيلي على سوريا إذا تجاوز الخطوط الحمراء، فسيكون القصف في قلب فلسطين المحتلة". وشدّد على أنّ "بالرغم من الجهد المعلوماتي الإسرائيلي لمنع إطلاق الصواريخ، إلّا أنّه تمّ إطلاق الصواريخ، كانوا في قمة الاستنفار ولم يمنعوا الصواريخ من الوصول. على الجميع أن يعرف أنّ من أهمّ دلالات هذه الحادثة أنّ الجبهة الداخلية غير جاهزة للحرب، وحاجة الإسرائيلي للتغطية على حجم ما حصل بالأكاذيب"، مبيّناً أنّ "وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان برد قال "إنّنا قضينا ودمّرنا كلّ القواعد الإيرانية في سوريا"، ولكن هذا لم يحصل قط".
وجزم نصر الله أنّ "الموقف الخليجي المخزي المعيب، عندما طلع وزير خارجية البحرين وقال إنّ "من حقّ إسرائيل أن تدافع عن نفسها". لا نعرف توصيف هذا الأمر، وأنا أسميه قبح ولا أبشع من هكذا موقف عربي، أيها الخائن تعترف أنّ الجولان أيضاً أصبحت لإسرائيل؟"، مركّزاً على أنّ "وزير الخارجية هذا لا يمثّل شعب البحرين، وهذا الموقف يدلّ على تزلّف وحماقة وقبح أمام الإسرائيليين. نحن أمام مرحلة جديدة في سوريا، ومحور المقاومة كلّه أمام مرحلة جديدة، وإسقاط الهيبة الإسرائيلية وأولها بإسقاط الطائرة الإسرائيلية"، مشيراً إلى أنّ "اليوم الرسالة الّتي تقدّمت أنّ سوريا وحلفاءها لن يسمحوا أن تبقى سوريا مستباحة ومستعدّون للذهاب إلى أيعد مدى؛ مسؤوليّتنا جميعاً أن نعمل على تثبيت هذه المعادلة الجديدة في الصراع".
تعليقات الزوار