«يا هشام، قلّة المنطق حكم عظيم، فعليكم بالصمت فإنّه دَعَةٌ حسنةٌ وقلّة وزر وخفّة من الذنوب، فحصّنوا باب الحلم فإنّ بابه الصبر .

يا هشام، إنّ قلّة الكلام فعل الحكيم فعليك بلزوم الصمت».([1])

 

من نفحات الإمام القائد السيد الخامنئي دام ظله:

 

(المراد من الصمت هنا السكوت عندما لا يكون التكلّم لازماً)

بعض الناس دائمو الكلام ويدخلون في كلام كلّ متكلّم. وهذا الأمر من الرذائل الأخلاقية. حتى أنه في بعض الأحيان - لأنّ الإنسان حينما يتكلم يكون لديه هدف وغرض - يريد الإنسان من كلامه أن يظهر فضله ولكن مع ذلك فالمستحسن أن يمتنع عن الكلام في هذا المورد أيضاً.

وبما أنّ كل ما يتفوه به الإنسان من كلام يسجّل ويضبط في صحيفة أعماله وحيث إنّ كثرة الكلام توقع الإنسان بالتناقض والأقوال المتعارضة والمتخالفة، فلذلك تكون قلة الكلام موجبة لتقليل الأوزار والوبال عنه وتخفيف الذنوب والمعاصي.

والصمت بنفسه يسقى من نبع الحلم، والحلم هنا في مقابل الخفّة. فإنّ بعض الناس حينما يعرض لهم الفرح والسرور أو الحوادث المكروهة يخسرون أنفسهم. ولكن الإنسان الحليم يمسك عنان نفسه سواء في الفرح والسرور أم في الحزن والمكروه.

وأساس الحلم وجذره من الصبر، والصبر هنا بمعنى المقاومة واليقظة سواء في مقابل ضغوطات وصعوبات الحياة المعيشية أم في مقابل التكاليف الإلهية.

ويستفاد من هذه الرواية فائدة ظريفة وهي أن الأخلاقيّات الإسلامية دائرة متّصلة معاً نظير الدوائر المتداخلة بعضها يكمل البعض ومجموعها يشكّل منظومة جميلة في الإنسان.

 

     [1] ـ تحف العقول، صفحة: 394.