هناك دروس عديدة في قضية نهضة عاشوراء بحيث لو بحثها العالم الإسلامي والمفكّرون الإسلاميّون من جوانبها المتعدّدة، وأمعنوا النّظر في الظروف المختلفة لهذه الحادثة فسيصبح بالإمكان تحديد سُبل الحياة الإسلاميّة، ووظائف الأجيال المسلمة في جميع الأزمنة. إحدى هذه الدروس هي أنّ الحسين بن علي (عليه السلام) قد شخّص في وقت حسّاس جدّاً من تاريخ الإسلام المسؤولية الرئيسية من بين مختلف المسؤوليّات والتي لها مراتب متفاوتة من الأهميّة، وأنجزها ولم يُخطئ في معرفة ما كان العالم الإسلامي في ذلك اليوم بحاجة إليه. 

 

١- مكافحة انحراف المجتمع والنّهوض ضدّه من أوجب الأعمال

 لو أردنا تبيين هدف الإمام الحسين (عليه السلام)، فينبغي أن نقول ما يلي: إنّ هدف الحسين (عليه السّلام) كان أداء واجب عظيم من واجبات الدين لم يؤدّه أحد قبله حتّى النّبي (ص) نفسه ...كان واجباً يحتلّ مكانة هامّة في البناء العام للنظام الفكري والقيَمي والعملي للإسلام... كان ينبغي أن يؤدّي الإمام الحسين (عليه السلام) هذا الواجب ليصبح درساً عمليّاً للمسلمين على مرّ التّاريخ... لماذا قام الإمام الحسين (عليه السلام) بهذا الواجب؟ لأنّ أرضيّة هذا العمل مُهّدت في زمن الإمام الحسين (عليه السلام) ... [هذا الواجب] كان عبارة عن إعادة المجتمع الإسلامي إلى المسار الصّحيح. متى؟ عندما تبدّل هذا المسار وأدّى الظّلم والاستبداد وخيانة البعض إلى حرف المسلمين وباتت الأرضيّة والظروف مناسبة للقيام والنّهوض ... هذه القضيّة تشكّل أساس المعارف الحسينيّة. المعارف الحسينيّة تحتلّ جزءاً كبيراً من معارف الشّيعة. هذه ركيزة هامّة وهي واحدة من ركائز الإسلام.

الإمام الخامنئي ١٩٩٥/٦/٩

 

 

٢- علينا أن نشخّص دائماً مسؤوليّتنا الأساسيّة

 هناك نقاط عديدة في قضيّة ثورة عاشوراء بحيث لو بحثها العالم الإسلامي والمفكّرون الإسلاميّون من جوانبها المتعدّدة، وأمعنوا النّظر في ظروفها المختلفة ومقدماتها ولواحقها وما أحاط بهذه الحادثة فسيصبح بالإمكان تحديد سُبل الحياة الإسلاميّة، ووظائف الأجيال المسلمة في جميع الأزمنة.

وإحدى هذه الدروس هي هذه النقطة المهمة وهي أنّ الحسين بن علي (عليه السلام) قد شخّص في وقت حسّاس جدّاً من تاريخ الإسلام المسؤولية الرئيسية من بين مختلف المسؤوليّات والتي لها مراتب متفاوتة من الأهميّة، وأنجزها ولم يُخطئ في معرفة ما كان العالم الإسلامي في ذلك اليوم بحاجة إليه.

لقد كان تشخيص المسؤولية الأساسيّة دائماً أحد نقاط الخلل والضّعف في حياة المسلمين في العصور المختلفة، والخلل في تشخيص المسؤولية الرّئيسيّة يعني أنّ أفراد الأمّة والقيادة والرّجال البارزين في العالم الإسلامي يخطؤون في تشخيص المسؤولية الرّئيسيّة في مقطع من الزّمن، بمعنى أنّهم لا يعلمون ما هي المسؤوليّة الرّئيسيّة وأنّه يجب الشّروع بها، وحتّى إذا لزم الأمر يجب التّضحية بسائر الأمور في سبيلها، ولا يعلمون ما هي المسؤولية الفرعيّة والتي تأتي في الدّرجة الثانية. يجب أن يُعطى كلّ عمل الأهميّة التي يستحقّها ويسعى في سبيل تحقيقها.

 ...لقد أوضح الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) في كلمته للجميع أنّ أهمّ مسؤوليات العالم الإسلامي في تلك الظروف هو الصّراع مع رأس القوّة الطاغوتيّة، والإقدام على إنقاذ النّاس من سلطتها الشيطانيّة.

الإمام الخامنئي ١٩٩٢/٧/٢٩

 

 

٣- الأصل هو أداء التّكليف لا نتيجته

 البعض ظنّوا أنّه لو كان الإمام الحسين (عليه السلام) يعلم بأنّه سيُستشهد لما أقدم على ما أقدم عليه؛ والبعض الآخر قالوا أنّ الإمام الحسين ثار من أجل أن يُستشهد. كلا التفكيرين خطأ. الإمام الحسين ثار من أجل أن يعلّم النّاس درساً هو أنّ الإنسان المسلم عندما يشاهد الظّلم في مجتمعه، وعدم وجود نظام إسلامي، وعدم وجود حاكميّة للقرآن، ووجود التمييز والغطرسة والنّهب والسّرقة، وأيضاً تعاظم السّلطة دون أيّ حدود ومعايير ينبغي عليه أن يثور لكي يصلح الأوضاع رغم كلّ شيء؛ وإن أثمر قيامه أو لم يثمر. لقد كرّرها الإمام الخميني (قده) مرّات عديدة بأنّنا لا نقدم على أمر من أجل النتيجة، نحن نقدم من أجل أداء التّكليف ولكي نكون قد نهضنا بمسؤوليّاتنا. طبعاً فإنّ الله عزّوجل سوف يجعلنا نحصل على نتيجة إذا كان عملنا خالصاً لوجهه. هذه كانت روح العمل لدى الإمام الحسين (عليه السلام).

الإمام الخامنئي ١٩٨٥/٩/٢٤

 

 

 

٤- ينبغي أداء التكليف في اللحظة المناسبة

 لم يُخطئ الإمام الحسين (عليه السّلام) في فهم "الموقعيّة". كانت الإمامة والمسؤولية بيده قبل عشر سنوات من حادثة كربلاء. وكان عليه السلام منشغلاً في المدينة بأعمال أخرى ولم يكن يمارس عملاً كربلائيّاً؛ لكن بمجرّد أن سنحت له الفرصة ليقوم بذلك العمل المهمّ، أدرك الفرصة واغتنمها؛ أدرك الموقعيّة ولم يفوّتها

الإمام الخامنئي ١٩٩٨/١١/٢٣

 

 

 

٥- يقع المجتمع في الهاوية إذا ...

في كلّ مجتمع ومدينة وبلد، من إحدى وجهات النّظر، ينقسم النّاس إلى فئتين: أحد الفئتين هم الذين يعملون بناء على فكرهم، ووفق فهمهم ووعيهم. يعرفون مساراً معيّناً ويخطون في ذلك المسار، ولا شأن لنا بإيجابيّاته وسلبيّاته. هؤلاء هم فئة من الناس الذين نطلق عليهم اسم "الخواص". والفئة الأخرى هم الذين لا يرغبون في معرفة أيّ مسار هو الصّحيح وأيّ حركة هي الصّحيحة. في الحقيقة هم لا يودّون أن يعرفوا، ولا أن يقيسوا، ولا أن يحلّلوا ويدركوا. بتعبير آخر، هم تابعون للأجواء. نطلق على هذه الفئة من النّاس اسم "العوام"... طبعاً فإنّ الخواص يشكّلون جبهتين: خواصّ جبهة الحقّ وخواصّ جبهة الباطل. فالبعض أصحاب فكر وثقافة ومعرفة ويعملون لصالح جبهة الحقّ. فقد أدركوا الجبهة المحقّة ... والبعض الآخر يقفون في النّقطة المقابلة للحقّ ويعادونه... إذا ما كانت في مجتمع ما تلك الفئة المميّزة من الخواصّ المناصرين للحقّ؛ أي لو كان هناك أشخاص قادرون على التخلّي عن المتاع الدنيوي عند الضّرورة، وكانوا يشكّلون الأكثريّة،  فلن يُبتلى المجتمع الإسلامي في أيّ وقت من الأوقات بمصير المجتمع خلال زمن الإمام الحسين (عليه السلام) وسوف يكون مصوناً بكلّ تأكيد. لكن لو انقلبت الأمور وكان هناك نوع آخر من الخواصّ المناصرين للحق -الغارقين في المتاع الدنيوي، أولئك الذين يدركون الحقّ لكنّ أقدامهم تتزلزل أيضاً أمام متاع الدّنيا- وكانوا يشكّلون الأكثريّة، فوامصيبتاه!

~الإمام الخامنئي ١٩٩٦/٦/٩