سؤال وجواب: هل صلاحيات الولي الفقيه واختياراته تقتصر على ما ذُكر في الدستور الإسلامي أم أن هذه الموارد تعدّ نماذج من صلاحياته؟ سماحة الأستاذ العلاّمة آية الله مصباح اليزدي «دام ظله» يجيب..

سؤال: هل صلاحيات الولي الفقيه واختياراته تقتصر على ما ذُكر في الدستور الإسلامي أم أن هذه الموارد تعدّ نماذج من صلاحياته؟

جوابه: الفائدة من التقنين:

تتمثل الفائدة من التقنين بالاحتكام إلى القانون لفضّ النزاعات إن هي حصلت أحياناً؛ أي أن القانون يمثل مرجعاً تُحلُّ في ضوئه النزاعات؛ وبناءً على ذلك فإن كل ما هو مدوّن في القانون لابد أن يكون مبيّناً إحصائياً؛ كي تتحقق الفائدة المرجوة من عملية التقنين؛ ولكن ينبغي الانتباه إلى أن الحالات الكثيرة الوقوع هي التي توضع في الحسبان أثناء عمليّة التقنين، ولا تشمل هذه العملية الحالات النادرة في وقوعها.

وعلى هذا المنوال وردت صلاحيات ومسؤوليات الولي الفقيه في القانون، أي ثمة أصل في الدستور الإسلامي حُدّدت بموجبه صلاحيات الولي الفقيه ومسؤولياته، غير أن الحالات التي وردت في هذا الأصل عادةً ما تكون موضع حاجته، لا أن صلاحياته منحصرة في الحالات المذكورة، وذلك للتصريح الوارد في أصل آخر من الدستور الإسلامي بالولاية المطلقة للفقيه.

وليس ثمة تعارض بين هذين الأصلين، بل أحدهما يوضّح الآخر، أي أن أحدهما يبين صلاحيات واختيارات الولي الفقيه في أغلب الحالات، أما الآخر القائل بالولاية المطلقة للفقيه؛ فيكشف عن صلاحيات الولي الفقيه في الحالات الطارئة، التي تستدعي قراراً منه خارج إطار الصلاحيات المذكورة في الأصل الأول، ولم يرد التصريح بشأنها.

وإذا ما تمعنّا في سيرة الإمام الراحل(قدس سره) سندرك أن صلاحيات الولي الفقيه هي أبعد مدىً مما صرِّح به في الدستور الإسلامي؛ فقد ورد في الدستور ـ قبل إعادة النظر فيه ـ أن الشعب هو الذي ينتخب رئيس الجمهورية، والقائد هو الذي يُمضي هذا الانتخاب، بيد أن الإمام(قدس سره) صرّح في مراسيم إمضاء حكم رئاسة الجمهورية: إنني أنصبك رئيساً للجمهورية.

فلم يرد في الدستور تصريح بـ «تنصيب» رئيس الجمهورية؛ إلاّ أن الإمام(رضي الله عنه)ونظراً لما يراه من صلاحيات واسعة للولي الفقيه، وأنه يتمتع بولاية إلهية استخدم عبارة «تنصيب» حينما أمضى حكم رؤساء الجمهورية، فعلى سبيل المثال: ورد في مرسوم إمضاء حكم رئاسة الجمهورية للشهيد محمد علي رجائي ما يلي: «... ونظراً إلى أن شرعيته لابد أن تُستمد من تنصيب الولي الفقيه له؛ فإنني اُمضي رأي الشعب، وانصّبه رئيساً للجمهورية الإسلامية في إيران، وسيبقى هذا التنصيب نافذ المفعول مادام سائراً على خطى الإسلام، متبعاً للتعاليم الإسلامية المقدسة، وللدستور الإيراني، عاملا من أجل مصالح البلاد، وهذا الشعب العظيم في حدود صلاحياته القانونية، ولا يتجاوز الأحكام الإلهية ومبادئ الدستور؛ وإلاّ فإنني سأسلب الشرعية منه إذا ما عمل خلافاً لذلك ـ لا سمح الله ـ.(1)

* * * * *

1. صحيفة النور: 15/76.