السّلطة القضائيّة؛ معيار سلامة المجتمع

توصيات الإمام الخامنئي للقضاة ومسؤولي السلطة القضائية حول إرساء العدل في المجتمع

يجب أن تكون السلطة القضائية بحيث يطمئنّ كلّ من يتعرّض للظّلم من قبل أيّ منصب في المجتمع هانئ البال ومطمئناً لمتابعة قضيّته؛ كالإبن الذي يملك أباً عاقلاً وعطوفاً وقوياً.

 

بمناسبة الذكرى السنويّة لاستشهاد الرئيس السابق للسلطة القضائية السيّد محمد بهشتي وأسبوع السلطة القضائية في إيران ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي تقريراً يتضمّن مقتطفات من خطابات الإمام الخامنئي حول مهام السلطة القضائية وضرورة البدء بمعالجة الفساد من داخل السلطة وعدم التهاون في ذلك من أجل توفير الاطمئنان لدى جميع أفراد المجتمع في اللجوء إليها.

 

*الأهداف

إرساء عدالة حازمة تبعث الآمال

ما أتوقّعه بصفتي طالب علم حوزوي مسؤول من السّلطة القضائيّة، هو نفس ما نشاهده في الصورة المشرقة والمبهرة لقضاء أمير المؤمنين (سلام الله عليه)، فنرى الملك الحقّ المبين في التاريخ: تلك العدالة الحازمة، العدالة الفارغة من المجاملة، العدالة الشاملة، العدالة التي تبعث الآمال، وتلك العدالة التي يتساوى فيها الضعفاء والأشخاص العاديّون في المجتمع مع الأقوياء والمقتدرون أمام القانون والمعاملة القانونيّة. هكذا هو الإسلام؛ وهكذا هو دستورنا. (١)

 

فلتدرجوا على رأس برامجكم بسط العدل وإحياء الحقوق العامّة والحريّات المشروعة والإشراف على تطبيق القانون التي تقع كلّها ضمن أهداف السلطة القضائيّة في الدستور. فهذا سيُكسب السلطة القضائية ثقة النّاس وانعقاد أملهم بها في الأحداث والنّزاعات.(٢)

 

تحويل السّلطة القضائية إلى ملجأ آمن لإرساء العدل

يجب أن تكون السلطة القضائية ملجأ آمناً للناس. هناك في المجتمع نقص ومشاكل ونزاعات وظلم واعتداء على الأموال والأرواح وشأنية الأفراد؛ لكن يجب أن تكون السلطة القضائية بحيث يطمئنّ كلّ من يتعرّض للظّلم من قبل أيّ منصب في المجتمع هانئ البال ومطمئناً لمتابعة قضيّته؛ كالإبن الذي يملك أباً عاقلاً وعطوفاً وقوياً، يكون قلبه مطمئنّاً وواثقاً، فأينما اعتدى عليه أحد يقول له بأنّني سأخبر والدي وسيأخذ لي حقّي منك. يجب على الجميع في أنحاء البلاد أن يملكوا مثل هذه الروحيّة تجاه السلطة القضائية. فإذا تعرّض أحدهم للظّلم، سوف يعلم بأنّ ذلك الظّلم سيزول فور لجوءه إلى سلطة العدل الإسلامي. (٣)

 

السّلامة والخبرة، ضرورتان للسّلطة القضائيّة

يجب أن يكون للقضاء هدفان رئيسيّان، ويجب أن تكون جميع الأعمال في سبيل تحقيق هذين الهدفين، فإذا ما تحقّق هذان الهدفان فإنّ فائدته ستعمّ المجتمع الإسلامي. وهذان الهدفان هما: سلامة السلطة القضائية والثاني فعاليّة السلطة القضائيّة.

إذن يجب أن تنصبّ جميع الجهود في سبيل تفعيل وسلامة السلطة القضائيّة بشكل كامل. وإذا ما تحقّق هذا الأمر، فسيجني النّاس ثمارها. وما هي الثمار؟ هو الشعّور بالرضىا، والشعور بالأمان وهذا ببركة حضور السلطة القضائية. وهو أمرٌ لازمٌ لأيّ بلد، ولأيّ مجتمع. (٤)

 

*المسؤوليّات

اجتثاث المفاسد الاقتصاديّة

 المفاسد الاقتصادية تستصحب معها المفاسد الثقافية والأخلاقية. وجود المفاسد الاقتصادية وشياعها من أكبر أخطارها أنها تضعضع العناصر الجيدة في الأجهزة المختلفة وتزلزل الأرض تحت أقدامهم.

... العناصر العاملة هناك أشخاص مؤمنون، لكنه يقذفهم بشيطان الأهواء والطمع وحب المال، ولا يستطيع الجميع الصمود، فينهار بعضهم وتزل أقدامهم؛ هذا من أعظم أخطار المفاسد الاقتصادية.... اعلموا أن نصيب السلطة القضائية في مواجهة المفاسد الاقتصادية كبير ومهم جداً. (٥)

 

جعل العدالة ملموسة في حياة الناس

العدالة من الأمور التي قيل فيها » الحق أوسع الأشياء في التواصف و أضيقها في التناصف «. التكلم به سهل والالتزام به ليس بسهل. بل صعب جداً. يواجه الإنسان عقبات كأداء. وإذا لم يكن ثمة عزيمة راسخة و توكل على الله فسوف يعجز الإنسان عن مواصلة الطريق. هذا ما ينبغي بثّه دوماً في السلطة القضائية.. ينبغي بث هذه الروح وإفشائها في كل مفاصل السلطة القضائية ومواقعها باستمرار.. وهي أن واجبنا هو التناقض و تحقيق العدل.(٦)

لو نظرتم إلى التصوّر العام لدى الناس وإلى التصوّر الإسلاميّ لشاهدتم أن التوقع من السلطة القضائية هو جعل العدالة ملموسة فـي حياة الناس، أنْ يشعر الناس بالعدالة وتتفشى هذه الظاهرة. (٧)

 

الوصول إلى كفاءة العدل القضائي في البلاد

علینا رفع مستوی السلطة القضائیة بشکل دائم.  المتوقع هو ارتقاء السلطة القضائية بمعنی رفع مستوى کفاءة العدل القضائي في البلاد. وهذا لن يکون متاحاً ولن يحصل إلا عندما يلاحظ المرء النتائج والثمار الدالة علی ذلك. (٨)

 

على مسؤولي السلطة أن يرصدوا ويراقبوا ويحدّدوا نقاط الضعف، والمشاكل، والعقد العمياء المستعصية، ويحاولوا تذليلها وحلحلتها بحنكة وإبداع، كما يمكن أيضاً استثمار العقول والكفاءات المتقدّمة لذلك الغرض، وبحمد الله فإنّهم موجودون لدى السلطة، ويمكن استقطاب آخرين من خارج السلطة أيضاً. لا بدّ من تأمين البنى التقنية، والموارد البشرية، الذین يشكلان عنصر القوّة بالنسبة للسلطة القضائية، سلطة قويّة قادرة على الحركة لتحقيق أهدافها. (٩)

 

الإشراف على حُسن تنفيذ القوانين والأمور اليوميّة

لقد تمّ التصريح في الدستور بأنّ الإشراف على حُسن تنفيذ القوانين والإشراف على حُسن تنفيذ الأمور على عاتق السلطة القضائية وأنّ ديوان العدالة الإداريّة ومؤسسة الرقابة العامّة في أنحاء البلاد بصفتهما ذراعي السلطة القضائية الأساسيّين يتحمّلان مسؤوليّة النهوض بهاتين المهمّتين الهامّتين. (١٠)

 

*البنية

حفظ الاستقرار المترافق مع نظرة ناقدة لأساليب البيروقراطيّة الخاطئة

ما يفوق قضيّة القوى البشريّة أهميّة هو قضيّة بنية المحاكم في السلطة القضائيّة. يجب العمل دائماً على تحديث البنى ومواكبة السلطة للعصر في بنيتها. لا أقول بأن نسلب السلطة القضائية استقرارها؛ لا، ينبغي أن يكون هناك ثبات واستقرار، وفي الوقت عينه يجب أن تكون هناك رؤية ناقدة لأساليب البيروقراطيّة الخاطئية، التي بعضها موروث من الماضي وبعضها تقليدٌ للبلدان الأوروبيّة، وهو تقليدٌ لأساليبهم المندثرة لديهم.(١١)

 

توجيه البيروقراطيّة نحو خدمة العدالة

إذا كانت البيروقراطية والتشكيلات الإدارية عندنا مما يخل بالعدالة فهذا مضر. ينبغي تنظيم البيروقراطية بشكل يساعد العدالة، ذلك أن العدالة هي الملاك والأصل: تطبيق العدالة وإحقاق الحق وإبطال الباطل(١٢).

 

تنظيم القوانين وفق التعاليم الإسلاميّة

السلطة القضائية واحدة من أكثر الأجهزة خبرة. نحن لا نحتاج إلى أن نقترض من أي حضارة أخرى أو أي نظام وأي بلد أي شيء من أجل المواد القضائية أو القوانين الضرورية لإدارة السلطة القضائية أو لاتخاذ القرار حول كيفيّة تنفيذ العدالة. لقد تمّ توقّع كلّ شيء في الإسلام. فليتمّ تجهيز القوانين وفق التعاليم الإسلاميّة وليتم التصدّي للجريمة بأي شكل من الأشكال. (١٣)

 

سيادة المعايير الإسلامية في القضاء

إحدى جوانب السلطة القضائيّة، هي سيادة الأحكام والقيم والمعايير الإسلامية، وهي أقوى وأتقن وأصلب المعايير من أجل إدارة سلطة قضائيّة. لا ينبغي أن نرتبك أمام ضجيج الأعداء والمعارضين والذين ينتقدون كلّ نقطة إيجابيّة. الثقافة الغربيّة ترفض منهج القضاء الإسلامي؛ ونحن أيضاً نرفض أسلوبهم ومنهجهم في القضاء؛ «ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم»(۱٤). هم ليسوا مستعدّين لإدراك الموازين القضائيّة التي ترتكز على القيم الإسلاميّة. الثقافة الغربيّة ترفض إدراك قيمة البيّنة والقسم والحدّ والتعزير وسائر المعايير الإسلاميّة القضائية. (١٥)

 

الإدارة المنظمة وإرساء التكنولوجيا الحديثة في الأقسام كافّة

يجب تعميم التقنية الجديدة التي جرى ذكرها في کل مكان؛ وينبغي تحديد الأعمال؛ ويجب أن تكون المعلومات في متناول أيدي المسؤولين الكبار في السلطة القضائية دائماًً. ويجب أن تكون هناك مراقبة کالتي أكدّت عليها في اللقاءات الماضية؛ أعني مراقبة أعمال السلطة القضائية وأدائها. وفوق كل هذا، هناك العمل المنظم والمبرمج في السلطة القضائية، ويجب أن تكون الإدارة وفق النظام والبرنامج.(١٦)

 

*الهيكليّة

اعتبار الخدمة في السلطة القضائية مفخرة وحسنة

العمل في هذه السلطة هو مفخرة بالفعل. فكلّ جهدٍ يُبذل في هذه السلطة من أجل دعم هذه السلطة والتعاون معها إنّما هو حسنة وعملٌ قيّم وصالح عند الله عزّ وجل. قضيّة السلطة القضائية ليست قضيّة عابرة؛ الجميع مسؤولون عن مدّ يد العون لكي تتمكّن هذه السلطة المصيريّة من لعب دورها المميّز والاستثنائي. ولو كانت هذه السلطة مشلولة لا سمح الله، فإنّ الأجهزة الأخرى لن تستطيع مهما أجادت عملها من ملئ الفراغات الناجمة عن الاعتداءات والاستغلال والقصور والتقصير في هذه السلطة؛ أي إنّ كمال النظام لن يتحقق إلا بكمال السلطة القضائيّة. (١٧)

 

أن تكون ثوريّاً وتبقى ثوريّاً

يجب أن تكون السلطة القضائيّة ثوريّة مئة بالمئة وأن تعمل بروحيّة ثوريّة. طبعاً الثوريّة خلافاً لآراء ودعايات البعض، ليست التشدد بل الثوريّة؛ أي انتهاج “العدل، الحكمة، الدقّة، الإنصاف، الحزم وعدم المجاملة في العمل. (١٨) وفي شتّى فصول التحوّل، راعوا الشعبويّة والثوريّة ومناهضة الفساد. (١٩)

 

استقطاب القوى الجديرة والشباب الثوريّين والأفاضل

فلتستفيدوا من الشباب الصالح والثوري والفاضل في مسؤوليات السلطة [القضائية].(٢٠) بالطبع تحتاج القوى البشرية الصالحة داخل السلطة إلى مراقبة من منصب أعلى وإدارة أعمالهم. الإنسان الصالح يتعرّض للزّلل والانحراف. ليس الأمر على هذا النحو بأن يبقى الأشخاص الصالحين صالحين على الدوام؛ لا، الجميع معرّضون للاختبار؛ ويجب أن يتمّ توخّي الحذر من الوقوع في الزّلل في الأحوال كلها. هذا تيّار؛ تيار القوى البشريّة؛ وهو ينطوي على الأهميّة. (٢١)

 

جعل مكافحة الفساد داخل السلطة القضائية ضمن الأولويّات

مكافحة الفساد محطّ نقاش داخل السلطة، وخارج السلطة أيضاً؛ لكنّ الأولويّة هي لداخل السلطة القضائية. حسناً، هذه السلطة فيها آلاف القضاة الشرفاء والذين يتمتّعون بالنزاهة والموظفين الأمناء يعملون في أنحائها ويبذلون الجهود؛ ثمّ يبرز عنصر سيّء في إحدى المحاكم في مدينة معيّنة ويقوم بخطوة معيّنة تؤدّي إلى تشويه سمعة الشرفاء والأنقياء… شدّدوا الخناق على الفساد داخل السلطة القضائية. والسبب هو أنّ هذه السلطة مسؤولة عن القضاء على الفساد؛ فإذا كانت هي نفسها فاسدة سيكون ذنبها ذنباً لا يُغتفر. (٢٢)

يجب أن تتعاطوا مع الفاسدين والمنتهكين للقوانين على مستوى السلطة القضائية في كافة المحافظات والمدن بحزم وجدّ؛ وجب أن يستمرّ هذا المنهج.(٢٣) شدّدوا من الرقابة ما استطعتم وأصلحوا السلطة القضاية من الداخل.(٢٤)

 

تشجيع القضاة العادلين

شجّعوا القضاة العادلين، الحازمين والمنصفين والدؤوبين في العمل الذين يخافون الله بشدّة ويمارسون القضاء بعلم وحكمة ودون أيّ مراعاة أو مجاملات، واجعلوهم من المشهورين وعرّفوا المجتمع عليهم. (٢٥)

 

إطلاع النّاس على الأعمال المنجزة

استفيدوا من أساليب الإعلام والترويج الجديدة والجذّابة لتسليط الضوء على الأعمال الضخمة التي تُنجز في السلطة القضائيّة. (٢٦)

 

اجتناب اختراق المال والأغنياء للسلطة القضائية

يجب أن تحذروا بشدّة اختراق المال والأغنياء السلطة القضائية. هذه إحدى الأخطار الكبيرة جدّاً. وقد ثبت في العالم أنّ قوّة المال أكبر من كثير من الأشياء الأخرى. تتحقّق اليوم الكثير من أهداف الصهاينة في العالم بقوّة المال. واحدة من أعظم الأخطار التي تتربّص بالحكومات التي تعتقد بمبنى معيّن، هي أن يتمكّن أصحاب المال من اختراق أركان الحكم. هؤلاء يدمّرون كلّ شيء. إنّ كلّ جزء من النظام سيتدمّر عندما يقع تحت تأثير أصحاب المال والأثرياء. وأسوء حال تكون عندما تتعرّض لذلك السلطة القضائيّة. عليكم توخّي الحذر الشديد لكي لا يحدث ذلك في هذه السلطة لا سمح الله فيستطيع المال وأصحاب الأموال بأساليبهم اختراقها. (٢٧)

 

الالتزام بمراقبة القانون للسلطة القضائية

على السلطة القضائية أن ترحّب بمراقبة القانون. القانون هو أحد أدوات المراقبة. والقانون نفسه هو عنصر من عناصر السلطة القضائية وهو مهمّ فيما يخصّ مراقبتها وله تأثير كبير عليها. فليكن القانون المعيار ولا تُنقض هذه القوانين ويتمّ تخصيصها وتقييدها؛ ولا يُحذف شيء من هذه القوانين لأجل أسباب معيّنة. على كلّ حال، يجب أن ترحّب السلطة القضائية بأيّ نوع من أنواع المراقبة. (٢٨)

 

اجتناب الانشغالات غير القضائيّة

إذا شعرتم في مكانٍ ما بأنّ مسؤوليتكم تؤدّي إلى أن تركد الأعمال، عليكم أن تتخلّوا عنها على الفور. بعض الإخوة كذلك ويجب إن شاء الله أن يفكّر مسؤولو السلطة القضائية بحلّ جذري لهم. قد يكون أحدهم كثير الانشغال. وقد تمّ هنا إيلاء محكمة له. وهو لا يستطيع إنجاز الأعمال وتبقى الأعمال التي يجب عليه إنجازها مكدّسة. فليوكلوا هذه المهمّة لشخص آخر ليأتي ويسرّع إنجازها. لا أن تكون الأولويّة بالنسبة إلينا انشغالاتنا. (٢٩)

 

*المنهجيّة

إحداث شعور كون السلطة القضائية ملجأً للناس

إن ما أوصيکم به وما أتوقعه هو عليكم أن تنظروا إلى نتائج أعمال السلطة. يمكن أن نقوم بأعمال كثيرة، ولکن لا نحصل على نتائج كبيرة. فما معنى هذا؟ معناه هو أن عملنا هذا كبير من حيث الكمية لكنه قليل من حيث الكمية النسبية؛ فينبغي بذل الكثير من الجهد. إذا قال شخص إنني أعمل مائة ساعة في الأسبوع، فهذا كثير بالنسبة لشخص واحد؛ لكن المائة ساعة قليلة بالنسبة لبعض الأعمال والأشخاص. وينبغي أخذ الكمية النسبية بعين الاعتبار. والسبيل إلى ذلك هو الاهتمام بالنتائج. أنظروا هل استطاعت النتائج تأمين الشيء الذي ذکرته أکثر من مرة في السنوات الماضية. وهو أن تصبح السلطة القضائية ملجأً وملاذاً للشعب؛ ولتشهد قلوب الناس على ذلك. أن يحدّث كل من کان مظلوماًً أو أحس بالظلم نفسه والآخرين بأن سأذهب إلى السلطة القضائية لحل مشكلتي؛ يجب تعميم هذه الرؤية المتفائلة بالسلطة القضائية في كل المجتمع. إذا صار الأمر هكذا فقد تمكّنتم من بلوغ أهدافكم؛ وإلّا فيجب عليكم بذل المزيد من الجهود. أنظروا إلى النتائج. إعملوا بشكل تصبح السلطة القضائية ملجأ وملاذاً للجميع؛ الضعيف منهم والقوي. (۳۰)

 

اجتناب توظيف الانحيازات السياسية في القضاء

حقّ الناس جميعاً هو أن يدخلوا الحراكات السياسيّة، ويبدوا آرائهم ويكونوا ضمن المجموعات السياسيّة. وهذه الحالة الخاصّة موجودة في الجهاز القضائي. امتلاك عقيدة سياسيّة أمرٌ قهريّ وطبيعي. قد يكون جزءاً منه أيضاً غير قابل للاجتناب حسب ما تقتضيه الانحيازات السياسيّة في المعاملات؛ لكن يجب على مسؤولي السّلطة القضائية والذين يمسكون بزمام أمور قضايا الناس المستعصية أن يجتنبوا بشدّة الضلوع في الشؤون السياسيّة وإدخال الانحيازات السياسيّة في العمل المهمّ الذي يقع على عاتقهم -أي القضاء-. (٣١)

 

عدم اهتمام القاضي بما يفرضه الأشخاص والوسائل الإعلامية

يجب أن يكون القاضي مستقلّاً وغير خاضع لأحد. لا يمكن اتخاذ القرار القضائي المناسب باتصال هاتفي أو أمر أحدهم؛ يجب أن يحكم بضميره وعلمه والحجّة الشرعيّة. من هو هذا الذي يأمر ويفرض؟ النمط المعتاد القديم كان أن يقول بأن أحكم كذلك وإلا سيحصل كذا وكذا! هذا لم يعد أسلوباً رائجاً. يمكن الضغط على القاضي بأسلوب آخر: عبر عناوين الصحف، وممارسة الضغوط السياسيّة وأنواع وأقسام الضجيج. من جهة أخرى يجب أن لا يرضخ القاضي لهذه الضغوط، يجب أن لا يخضع الجهاز القضائي، إن كان مدرائه رفيعي المستوى أو القضاة الشرفاء والأفاضل، يجب أن لا يخضعوا أبداً لأي خطوة غير منطقية يفرضها أولئك الذين يسعون لتحقيق غاياتهم في السلطة القضائية؛ ومن جهة أخرى يجب على أولئك الأشخاص أيضاً أن يعلموا أنّهم يرتكبون عملاً خاطئاً. (٣٢)

 

إصدار أحكام قضائية خالية من نقاط الضعف

علينا أن لا نخفّض مستوى توقّعاتنا من المحاكم؛ يجب أن تكون المحكمة ذات شأنيّة ومنزلة. لقد قلت مراراً لمسؤولي السلطة القضائيّة الأعزّاء والمحترمين بأنّ الحكم يجب أن يكون محكماً ومصحوباً بالأدلة وقابلاً للدّفاع ضمن كافّة المستويات. طبعاً هذا لا يعني بأنّه سوف يُنقض في الهيئة العليا في البلاد؛ نعم، قد يشوبه بعض الفتور؛ لكن يجب أن يكون القاضي ذا قدرة ومتانة في إنشاء الحكم ومراعاة القانون وإرفاق الأدلّة بحيث يصدّق الحكم كلّ من يراه، ويزداد الإنسان تصديقاً بقدر ارتفاع مستواه العقلي والعلمي. (٣٣)

 

السرعة والإتقان في المتابعات القضائيّة

أمران ينطويان على الأهميّة في الجهاز القضائي ويمكن أن يمثّلا بالفعل هدفاً لعمل أيّ قاضٍ: الأوّل هو السّرعة والثاني هو الإتقان. إذا ما لم ينجز العمل بسرعة يكون عيباً كبيراً وهذا ما كان مشهوداً في الأجهزة القضائية في زمن الطاغوت وقد برزت علاماته وآثاره في بعض الأماكن بعض الثورة الإسلامية. الجهاز الفلاني، كان لديه في القسم القضائي الفلاني عدّة آلاف من الملفات المتراكمة في الأقفاس القديمة. هذا أمرٌ في غاية السوء. يجب اجتناب هذا الأمر. يجب أن يبادر للقيام بكلّ ما يسرّع إنجاز هذه المعاملات بشكل مضمون. (٣٤)

 

عدم التمييز بين القوانين القضائية

على الجهاز القضائي أن يبذل جهده من أجل أن تُنجز الأعمال على أكمل وجه في الجهاز والنظام القضائي والهيكليات القضائية مع الأخذ بعين الاعتبار وجود نقص في عمل البشر؛ ولا يتاح القيام بذلك سوى مع مراعاة الضوابط والموازين الإسلامية في مسألة إرساء العدل، ومن أبرزها عدم التمييز في شمول قانون البلاد والقوانين القضائية للأشخاص. لعلّ هذا يمثّل أحد أهمّ الأعمال في الجهاز القضائي. (٣٥)

 

تحويل السجون إلى معاهد لتعليم الفضائل

سياسة إلغاء السجون - وهي من سياسات رئيس السلطة المحترم ومن المشاريع التي اتخذ فيها القرار وتم العمل - مشروع جيد جداً بالطبع؛ لكن وجود السجون حقيقة واقعة على كل حال. يجب أن تكون إدارتنا للسجون بحيث تكون السجون مراكز لتعليم الفضائل بالمعنى الحقيقي للكلمة. ينبغي النظر لهذه الأمور باعتبارها من الأعمال الكبرى والقضايا المهمة. هذه أمور ترتبط بالسلطة القضائية نفسها. وعلى المدراء المعنيين بذل أقصى الجهود في هذا السبيل. (٣٦)

 

الهوامش:

۱) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٧/٦/٢٠٠٠

۲) تعيين حجة الإسلام والمسلمين إبراهيم رئيسي رئيساً للسلطة القضائية ٧/٣/٢٠١٩

۳) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٨/٦/١٩٨٩

٤) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٦/٦/٢٠١٣

٥) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٥/٦/٢٠٠٨

٦) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٨/٦/٢٠٠٩

۷) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٧/٦/٢٠٠٤

۸) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٧/٦/٢٠١٢

۹) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٧/٦/٢٠١١

۱۰) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٣/٧/٢٠١٧

۱۱) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٨/٦/٢٠١٠

۱۲) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٧/٦/٢٠٠٤

۱۳) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٧/٦/٢٠٠٠

۱٤) سورة الكافرون؛ الآيتين ٣و٤

۱٥) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٨/٦/١٩٨٩

۱٦) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٨/٦/٢٠٠٧

۱۷) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٦/٦/٢٠٠٠

۱۸) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٩/٦/٢٠١٦

۱۹) تعيين حجة الإسلام والمسلمين إبراهيم رئيسي رئيساً للسلطة القضائية ٧/٣/٢٠١٩

۲۰) تعيين حجة الإسلام والمسلمين إبراهيم رئيسي رئيساً للسلطة القضائية ٧/٣/٢٠١٩

۲۱) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٨/٦/٢٠٠٩

۲۲) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٦/٦/٢٠١٩

۲۳) كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٩/٦/٢٠١٦

۲٤)  كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية  ٣/٧/٢٠١٧

۲٥)  كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية  ٣/٧/٢٠١٧

۲٦)  كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية  ٢٩/٦/٢٠١٦

۲۷)  كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية  ٢٦/٦/٢٠٠٢

۲۸)  كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية  ٢٨/٦/٢٠٠٥

۲۹)  كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية  ٢٥/٦/١٩٩٠

۳۰)  كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية  ٢٨/٦/٢٠٠٧

۳۱)  كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية ٢٥/٦/١٩٩٠

۳۲)  كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية  ٢٨/٦/٢٠٠١

۳۳)  كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية  ٢٦/٦/٢٠٠٢

۳٤)  كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية  ٢٥/٦/١٩٩٠

۳٥)  كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية  ٢٦/٦/١٩٩١

۳٦)  كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع رؤساء ومسؤولي السلطة القضائية  ٢٥/٦/٢٠٠٨