مرت قرابة 5 سنوات على الجريمة الكبرى التي ارتكبها الجيش النيجيري بحق الشيعة في البلاد، ولم يتم اتخاذ أي إجراء لمقاضاة مرتكبي هذه الجريمة في ظل الصمت العالمي. بل وأيضاً بسبب الاعتقال غير القانوني للحكومة النيجيرية للشيخ ابراهيم زكزاكي زعيم الشيعة والحركة الإسلامية النيجيرية وعدم متابعة قضيته في المحاكم، لا يزال يواجه ضغوطاً ضده وضد الطائفة الشيعية.

تزايدت المخاوف بشأن صحة الشيخ زكزاكي وسلامته بين أسرته وأتباعه في الأشهر والأسابيع الأخيرة نتيجة لإهمال الحكومة النيجيرية المتعمد له، وقالت سهيلة زكزاكي، ابنة الشيخ زكزاكي، قبل أيام، في 14 تشرين الأول، إن حالة والديها في السجن تتدهور بسبب الإهمال الطبي، وإن الشيخ زكزاكي أصيب بسكتتين في السجن وتسمُم في الدم بسبب بقاء العديد من الرصاص في جسده، كما أعلنت سهيلة زكزاكي عن حاجة والدتها للخضوع لعملية جراحية بسبب إصابتها بخمس رصاصات ورفض الحكومة النيجيرية علاجها.الشيخ زكزاكي أصيب بسكتتين في السجن وتسمُم في الدم بسبب بقاء العديد من الرصاص في جسده.

وكان الشيخ زكزاكي قد اعتقل في ديسمبر 2015 بعد أن داهمت قوات الجيش والشرطة منزله في ولاية كادونا شمال نيجيريا، وأسفرت المداهمة عن استشهاد وجرح كثيرين، بينهم أبناء الشيخ زكزاكي، كما اعتقلت قوات الأمن والجيش النيجيرية زينت إبراهيم زوجة الشيخ زكزاكي.

وأدانت العديد من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان جريمة القتل هذه، لكن الحكومة النيجيرية حاولت تشويه الحقائق حول جريمة زاريا واتهمت الحركة الإسلامية النيجيرية والشيخ زكزاكي بخلق حالة من انعدام الأمن والاستقرار في البلاد، ومع ذلك، برأت محكمة نيجيرية في عام 2016 الشيخ زكزاكي وأصدرت قرار الإفراج عنه، لكن الحكومة النيجيرية رفضت تنفيذ هذا القرار بضوء أخضر غربي، وقمعت دائماً بعنف الاحتجاجات الشعبية السلمية المُطالِبة بإطلاق سراح الشيخ.

 

الأيادي السعودية ـ الصهيونية خلف قضية الشيخ زكزاكي

من أهم القضايا فيما يتعلق بضغوط الحكومة النيجيرية على الشيعة، وخاصة على الشيخ زكزاكي وزوجته اللذين يقبعان في السجن، هو الدور المؤثر لحكومتي السعودية والكيان الصهيوني، اللتين تخشان بشدة انتشار التشيع وخطاب الثورة الإسلامية في إفريقيا، ويستخدمون أي وسيلة، وخاصة الضغط على الحكومات العربية الإفريقية أو الترويج للجماعات الإرهابية السلفية في المنطقة، لترهيب الشيعة والتضييق عليهم.

وبعد مرور فترة قصيرة على هذا القمع، نشرت وسائل إعلام سعودية بياناً حول المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس النيجيري با بوهاري والملك سلمان، والتي وعد فيها العاهل السعودي بدعم الحرب النيجيرية ضد الجماعات الإرهابية نافياً وجود "أي تدخل خارجي". واعتُبر البيان أنه رسالة دعم سعودية لقمع الشيعة في نيجيريا.

أولاً، الحكومة النيجيرية التي تمزقها الأزمات، بحاجة ماسة إلى الموارد المالية، ومن أجل جذب هذه الموارد، وبالطبع كسب الدعم السياسي من السعودية، وتملقاً للملك السعودي ، قامت بتسريع وتيرة هجمات وقتل الشيعة.

ثانيًا، لعب آل سعود دوراً رئيساً في إنشاء وتمويل الجماعات التكفيرية السلفية في هذا البلد. وفي عام 2016 ، ظهرت جماعة تكفيرية في شمال نيجيريا تسمى "إزالة"، وهي اختصار لعبارة "جماعة إزالة البدعة وإقامة السنة". ووفقًا لوكالة فرانس برس، فإن إحدى الأدوات الرئيسة للسعودية والوهابية في نيجيريا هي هذه الجماعة، التي قدمت، على سبيل المثال، منحاً دراسية لرجال الدين السلفيين للدراسة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

تأسست هذه الجماعة رسمياً عام 1978 على يد إسماعيل إدريس بتمويل من السعودية، وتُعد اليوم هذه الجماعة واحدة من أكبر الجماعات السلفية ليس فقط في شمال نيجيريا، بل أيضاً في الجنوب وحتى في البلدان المجاورة (تشاد والنيجر والكاميرون)، ولدى هذه الجماعة العديد من المؤسسات في جميع أنحاء البلاد ولها تأثير في المستوى المحلي وحتى الفيدرالي.

قال الباحث في شؤون الجماعات السلفية في إفريقيا، ديفيد كومينز، إن هذه الجماعة الإرهابية تشكلت نتيجة أنشطة اتحاد العالم الإسلامي السعودي.

وقال الباحث في شؤون الجماعات السلفية في إفريقيا، ديفيد كومينز، إن هذه الجماعة الإرهابية تشكلت نتيجة أنشطة اتحاد العالم الإسلامي السعودي، ويتوافق بيان جماعة "إزالة" تماماً مع آراء محمد بن عبد الوهاب، مؤسس المذهب الوهابي، الذي كان يمثل التفسير الرسمي للمملكة العربية السعودية منذ عقود، وهو أيديولوجية معادية للشيعة.

وهاجم عناصر هذه الجماعة السلفية تجمعا شيعياً في كادونا يوم عاشوراء 2016 ونهبوا جميع مباني الحركة الإسلامية النيجيرية. ويقول بعض الشهود المحليين إن المهاجمين أشعلوا النار في منازل الشيعة وهم يهتفون "لا نريد شيعة بعد الآن". وقال عبد الله بلا، زعيم جماعة "إزالة" التكفيرية، في منتديات رسمية، إن الدستور النيجيري لا يعترف بالشيعة.

كما أن هذه الجماعة معروفة بعلاقاتها الوثيقة مع السعودية والحكومة النيجيرية، فضلاً عن الدعاية المعادية للشيعة عبر قناة فضائية تسمى "المنارة" تحت رعايتها في نيجيريا، ويلعب الأئمة السلفيون في شمال نيجيريا أيضاً دوراً كبيراً في تحريض السلفيين على قتل الشيعة في البلاد بالأموال التي يتلقونها من الحكومة السعودية، ولجماعة بوكو حرام التكفيرية السلفية، التي بايعت تنظيم داعش وتنشط في قتل الشيعة في شمال نيجيريا، علاقات خاصة مع الحكومة السعودية.

ووفق الأنباء، فقد سافر "محمد يوسف" زعيم هذه الجماعة التكفيرية إلى السعودية عدة مرات. وقال المتحدث باسم بوكو حرام لصحيفة الغارديان في عام 2011: "سافر زعيمنا إلى السعودية والتقى بالقاعدة هناك، نحن نتمتع بدعمهم المالي والفني. ونطلب منهم أن يعطونا ما نريد".

أصبحت نيجيريا أكبر شريك تجاري أفريقي للکیان المحتل في السنوات الأخيرة.

ومن ناحية أخرى، للصهاينة ايضا مصالح مشتركة مع السعوديين في قتل الشيعة النيجيريين. وبحسب ما ورد أصبحت نيجيريا أكبر شريك تجاري أفريقي للکیان المحتل في السنوات الأخيرة، لأنهم غاضبون من انتشار التشيع في البلاد، وقلقون للغاية من أن تصبح الحركة الإسلامية النيجيرية، بقيادة الشيخ زكزاكي، حزب الله آخر في هذه الدولة الأفريقية المهمة. وتتمتع نيجيريا منذ فترة طويلة بعلاقات حميمة مع النظام الصهيوني. وفي عام 1993 وبناء على طلب الكيان الصهيوني بدأت العلاقات الثنائية وأعيد فتح سفارة الكيان في نيجيريا والسفارة النيجيرية في تل أبيب.

وتعود بداية التعاون الجاد بين الجانبين إلى الوقت الذي تولى فيه "أوباسانجو" السلطة في نيجيريا عام 2000 وبعد فوز "أوباسانجو" بالانتخابات الرئاسية في نيجيريا، حيث كانت البلاد تعاني من أزمات عديدة في مختلف المجالات، إتجه نحو الدول الغربية وتحديدا الولايات المتحدة والكيان الصهيوني من أجل تجاوز تلك الأزمات.

ومن الجدير بالذكر أيضا فيما يتعلق بإحتمالية مشاركة أيادي غربية في تأسيس الجماعات الإرهابية في شمال إفريقيا هي أن بوكو حرام (بصفتها الفرع الأفريقي لداعش) قد ظهرت ونمت في المناطق الهادئة والنائية نسبيًا في ولاية بورنو ذات الأقلية المسلمة في الطرف الشمالي الشرقي من نيجيريا، ولم ينمو في المناطق ذات الأغلبية المسلمة في جنوب غرب نيجيريا أو حتى في الأجزاء الفقيرة من نيجيريا.

 

إحالة قضية الشيخ زكزاكي إلى محكمة لاهاي

أحالت اللجنة الإسلامية البريطانية لحقوق الإنسان جريمة زاريا إلى محكمة لاهاي باعتبارها جريمة ضد الإنسانية في عام 2016. وفي حين أن محكمة العدل الدولية لم تحكم بعد في قضية مقتل زاريا، قال مسعود شجرة، رئيس اللجنة الإسلامية البريطانية لحقوق الإنسان، لوكالة أنباء أهل البيت، إن المحكمة ستنظر في قضية الشيخ زكزاكي إذا لم يتم متابعة الملف من قبل الحكومة النيجرية.

وقال شجرة "قدمنا شكوى لدى محكمة العدل الدولية ورفعنا دعوى قضائية، كما أمهلت المحكمة، الحكومة النيجيرية سنة واحدة وحذرتها في الواقع بضرورة حل هذا الملف خلال المدة المذكورة وإلا ستتخذ المحكمة الإجراءات بنفسها". وتنتهي مهلة السنة التي حددتها محكمة العدل الدولية للحكومة النيجيرية للنظر في قضية الشيخ زكزاكي وزوجته في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر، ويتبقى الآن شهرين أو ثلاثة أشهر حتى تنتهي هذه السنة، مضيفًا "اذا لم تحدد الحكومة النيجيرية وضع هذه القضية، ستدخل محكمة العدل الدولية لحل القضية".

 

المصدر: الوقت