موضوع آخر ونقطة أخرى قضية النشاط والحيوية في البيئة الطلابية. لقد قلت مراراً سواء للطلبة الجامعيين، أو لعموم الشباب في البلاد، أو لتلاميذ المدارس أنّ أجواءهم يجب أن تكون أجواء حيويّة ونشاط وحركة، والكثيرون يفهمون هذا الكلام بشكل خاطئ! يتصوّرون أنّنا عندما نقول النشاط والحيويّة فيجب أن يكون هناك دبك وعزف ورقص. ليس هذا هو النشاط والحيويّة. معنى النشاط أن يكون الطالب متوثّباً حيوياً، لا خاملاً ولا ذابلاً، وذلك عن طريق الرياضة والبرامج الإضافية المفيدة والجذّابة وما إلى ذلك، لا بتلك الأمور التي تسمع عن بعض المدارس، وهذا ما ينبغي أن تراقبوه أنتم أنفسكم وتتابعوه، أي إنّ مسؤوليته المباشرة تقع على عاتق التربية والتعليم نفسها. سمعت أنّ بعض المدارس ليست ذا وضع جيداً من هذه الناحية، وبعنوان النشاط والحيوية تمارس فيها بعض هذه الأعمال. النشاط هو أن تفعلوا ما من شأنه أن يجعل هذا الشاب متوثّباً حيوياً متفائلاً متحفّزاً مستعداً للعمل ممتلئاً بالطاقة ويعمل ويدرس بمثل هذا الاندفاع والحيويّة. الضغوط الدراسية تكون أحياناً على الضدّ من الحيوية والنشاط، في بعض المدارس يضغطون في الدراسة على هذا الحدث أو الشاب إلى درجة نجد أنّه يذبل ويصاب بالكآبة، هذا ما يراه المرء في بعض المدارس. وقد تكون نواياهم حسنة إن شاء الله، لكنّ البعض يقولون إنّهم يقومون بهذا الأمر من أجل أن يذيع صيت مركزهم التعليمي في امتحانات دخول الجامعات. فهم لا يفكرون في الشاب، بل في مركزهم التعليمي ليقولوا: قبل منّا في امتحانات دخول الجامعات العدد الكذائي من الطلاب، أو العدد الكذائي من الذين أحرزوا مرتبة أقل من مائة وما شاكل. يضغطون على الشاب والحدث من أجل الصيت والشهرة. أعتقد أنّه ينبغي التفكير في هذه الأمور، وهذه كلّها أمور تحتاج إلى عمل وتفكير ومتابعة. هذه أيضاً نقطة مهمّة.

طرحتُ قضية امتحانات دخول الجامعات، ويجب أن تفكّروا في هذا الموضوع أيضاً. أنا حتماً لا أدلي بأيّ رأي، فأنا حقّاً لست خبيراً في هذه المسألة، لكن ليجتمع خبراء التربية والتعليم ويفكّروا وينظروا هل ينبغي الإبقاء على هذه الامتحانات أو إلغاؤها، وهل تبقى بهذا النحو أم يجري تغييرها، هذا والحال أنّ الجامعات تقول إنّ لدينا مقاعد شاغرة، ويعلن في كلّ عام عن وجود مقاعد شاغرة في الجامعات وصفوفها الدراسيّة. بالتالي اجتمعوا وفكروا تفكيراً صحيحاً عميقاً وعملياً ثم نفذوا واعملوا تبعاً لذلك وعالجوا هذه القضية.

قضيّة [أخرى]على جانب كبير من الأهمية هي قضية المعاونية التربوية وقد شدّدت على قضية المعاونية التربوية هذه في هذه الجلسة نفسها في الأعوام الماضية. كانت هناك خطّة غير مكتوبة ـ وربّما يكون بعض بنودها مكتوباً ـ تتّجه نحو إلغاء المعاونيّة التربوية. ولم يكن الوضع على هذا النحو في السنوات الأخيرة، والحمد لله أنّه جرى إنجاز بعض الأعمال في هذا المضمار وعادت المعاونية التربوية للوجود والعمل، بيد أنّ هذا المقدار الذي تحقّق إلى الآن غير كاف برأيي. تعاني المعاونية التربوية من نواقص، سواء في البنية الإدارية، أو في الكوادر الإنسانية المتحفّزة الثورية، أو من حيث المصادر المالية، وسوف يتابع الوزير المحترم حضرة السيد بطحائي هذه الأمور إن شاء الله، من أجل تحقّق المعاونية التربوية بالمعنى الحقيقي للكلمة في كلّ جوانب التربية والتعليم.

أشير هنا إلى نقطتين، ثمّ إلى فكرة عامّة. إحدى تلكما النقطتين تتعلّق بموضوع معيشة المعلّمين وهو ما سمعناه في كلمة الوزير المحترم. المعلّم محترم، وشريف وله عزّته، وينبغي الحفاظ على عزّة نفسه. ينبغي أن يكون التعامل في خصوص المداخيل المالية للمعلّمين بحيث لا تنخدش معه عزّة نفس المعلّم. هناك أفراد ينتمون لتيّارات وأحزاب سياسيّة مختلفة، ويتحرّكون أحياناً مع الأيادي الغريبة، يفكّرون بهذه الطريقة ويحاولون استغلال نقطة الضعف هذه لأغراضهم الخاصة. تلك قضية، لكن بصرف النظر عنها، ينبغي العمل بطريقة تحفظ كرامة المعلّم وعزّة نفسه. هذه نقطة.

النقطة الثانية تتعلّق بالطلّاب والتلامذة المنكوبين بالسيول، لا تسمحوا بأن يتأخّروا من الناحية الدراسية، فهناك [قضيّة] تعمير المدارس وبناؤها ـ وقد وعد المسؤولون بذلك وينبغي متابعة الأمر بجدّيّة إن شاء الله ضمن السياق الطبيعي، وعلى الخيّرين من بناة المدارس الذين، والحقّ يُقال، يمثلون تياراً جيّداً ومفيداً جداً في البلاد، أن يقدموا مساعداتهم لإنجاز هذه المهمّة، فقد تهدّمت الكثير من المدارس وإعادة بنائها تتطلّب الكثير من الجهد والمساعي وتتطلّب أيضاً الكثير من الأموال. على الحكومة أن تنجز هذا الأمر بمساعدة الناس والخيرين. هذه قضية، وقضيّة أخرى هي أنّه إلى حين إنجاز هذه المهمّة يجب أن لا يتأخر هؤلاء التلاميذ سواء كانوا في أماكن إقامتهم أو مخيّماتهم، أينما كانوا، يجب أن لا يتأخّروا عن دراستهم، فقضية الدراسة مهمّة للغاية.

أمّا الفكرة العامّة التي قلت إنّني أريد الإشارة إليها فهي لتفخر مؤسّسات العلم والتعليم والبحث العلمي في البلاد ـ وهي كثيرة بحمد الله، فلدينا في البلاد حالياً الكثير من المؤسسات البحثية والتحقيقية والعلمية وما شاكل ـ بأنّها استطاعت إبطال الوساوس الكاذبة فيما يتعلّق بالتعارض بين العلم والدين. إنّها وساوس عمل عليها عتاة العالم المادّيون منذ قرنين أو ثلاثة قرون ليثبتوا أن العلم لا ينسجم مع الدين. وراية الدين اليوم مرفوعة مرفرفة في الجمهورية الإسلامية أكثر من أي مكان آخر، ومن الناحية العلمية أيضاً يُعدّ البلد من البلدان المتقدّمة الرائدة. البلدان العلمانية، البلدان الخاضعة لإمرة أمريكا، البلدان التي تتّبع سياساتها السياسات الغربية الأمريكية، هذه البلدان لم تتأخّر عن الدين فحسب بل تأخّرت عن ركب العلم أيضاً. وقد سمعت أنّ أحد الصحفيّين العرب كتب يخاطب حكّامهم: الفرق بينكم وبين إيران أنّ إيران تصنع مفاعلاً نووياً وأنتم تبنون الملاهي الليليّة،هي تخصّب اليورانيوم وأنتم توزّعون الخمور وتروجون للمفاسد الغربية في مجتمعاتكم. هذه مفخرة كبيرة لبلادنا.

 

كامل الخطاب