إلهي! أشكرك على أن نقلتني من صلبٍ إلى صلب ومن قرنٍ إلى قرن، نقلتني من صلبٍ إلى صلب وسمحت لي بالظهور ومنحتني الوجود بحيث أتمكّن من إدراك أحد أبرز أوليائك المقرّبين والمتعلّقين بأوليائك المعصومين، عبدك الصّالح الخميني الكبير، وأن أصبح جنديّاً في ركابه. فإن لم أحظَ بتوفيق صحبة رسولك الأعظم محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله) ولم يكن لي نصيبٌ من فترة مظلوميّة عليّ بن أبي طالب وأبنائه المعصومين والمظلومين (عليهم السلام)، فقد جعلتني في نفس المسار الذي بذلوا لأجله أرواحهم التي هي روح العالم والخلقة.

اللهم إني أشكرك على أن جعلتني بعد عبدك الصالح الخميني العزيز، سائراً في درب عبد صالح آخر من عبادك الصالحين، مظلوميته تفوق صلاحه، رجل هو حكيم الإسلام والتشيّع وإيران وعالم الإسلام السياسي اليوم، الخامنئي العزيز روحي لروحه الفداء. إلهي! لك الشكر على أن جمعتني بأفضل عبادك وتكرّمت عليّ بتقبيل وجوههم الجنائنيّة واستنشاق عطرهم الإلهي، ألا وهم مجاهدو وشهداء هذا الدرب. إلهي! أيّها القادر العزيز والرّحمن الرزّاق، أمرّغ جبهة الشّكر والاستحياء على عتبتك، أن جعلتني أسير على درب فاطمة الزكيّة وأبنائها في مذهب التشيّع - العطر الحقيقي للإسلام - وجعلتني أنال توفيق ذرف الدّموع على أبناء علي ابن أبي طالب وفاطمة الزكيّة (عليهما السلام)؛ أيّ نعمة عظيمة هذه التي هي أرفع نعمك وأثمنها، وهي نعماك للنّور والمعنويّة، وهياج يحمل في طيّاته أرفع درجات السُّكنى والطّمأنينة، وحُزنٌ يختزن الهدأة والرّوحانيّة. إلهي! أشكرك على أن رزقتني والدين فقيرين، إلّا أنّهما كانا متديّنين وعاشقين لأهل البيت وسائرين دائماً في درب الطّهر والنّقاء. أطلب منكَ متضرعاً أن تسكنهما في جنّتك ومع أوليائك وترزقني لقاءهما في عالم الآخرة.  

 

إلهي! كلّي أمل بعفوك  

يا أيّها الرّب العزيز والخالق الحكيم الأحد الذي لا نظير له! أنا خالي الوفاض وحقيبة سفري فارغة، لقد جئتك دون زاد وكلّي أمل بضيافة عفوك وكرمك. لم أتّخذ زاداً لنفسي؛ فما حاجة الفقير للزّاد في حضرة الكريم؟! فمتاعي مليء بالأمل بفضلك وكرمك؛ وقد جئتكَ بعينين مغلقتين، ثروتهما إلى جانب كلّ ما حملتاه من الوزر هي ذلك الذّخر العظيم المتمثّل بجوهرة الدّموع المسكوبة على الحسين ابن فاطمة (عليه السلام)؛ جوهرة ذرف الدّموع على أهل البيت (عليهم السلام)؛ جوهرة ذرف الدّموع عند الدفاع عن المظلوم واليتيم والدّفاع عن المظلوم المحاصر في قبضة الظّالم. إلهي! يداي خاويتان؛ فلا شيء لديهما تقدّماه ولا طاقة لهما على الدّفاع، لكنّني ادّخرت في يداي شيئًا وأملي معقودٌ على هذا الشّيء؛ إنّهما كانتا دائماً ممدودتين إليك، في تلك الأوقات التي كنت أرفعهما إليك، وعندما كنت أضعهما لأجلك على الأرض وعلى ركبتيّ، وعندما حملت السّلاح بيدي لأجل الدّفاع عن دينك؛ هذه هي ثروة يداي وأملي بأن تكون قد تقبّلتها. إلهي! قدماي مترنّحتان، لا رمق فيهما. لا جرأة لهما على عبور الصّراط الذي يمرّ فوق جهنّم. فأنا ترتعش قدماي حتى على الجسر العاديّ، فالويل لي أمام صراطك الذي هو أرفع من الشّعرة وأحدّ من السّيف؛ لكنّ بصيص أملٍ يُبشّرني بإمكانيّة أن لا أتزعزع، وقد أنجو. لقد تجوّلت بهاتين القدمين في حرمكَ وطفتُ حول بيتكَ وركضت حافياً في حرم أوليائك وبين الحرمين، بين حرمي حسينكَ وعبّاسك؛ كما أنّني ثنيتُ هاتين الرجلين في المتاريس لمدّة طويلة وركضت، وقفزت، وزحفتُ، وبكيتُ، وضحكتُ وأضحكتُ وبكيت وأبكيتُ، ووقعت ونهضت لأجل الدّفاع عن دينك. آملُ أن تصفح عنّي لأجل تلك القفزات وذلك الزّحف وبحرمة تلك الحرمات. إلهي! رأسي، وعقلي، وشفاهي، وحاسّة شمّي، وأذني، وقلبي، وكلّ أعضائي وجوارحي غارقة في هذا الأمل؛ يا أرحم الرّاحمين! إقبلني؛ إقبلني طاهراً؛ اقبلني بأن أكون لائقًا للوفود إليك. لا أرغب في شيءٍ سوى لقياك، فجنّتي جوارك، يا الله!  

 

إلهي! لقد تخلّفت عن قافلة رفاقي  

إلهي! أيّها العزيز! لقد تخلّفت لسنوات عن القافلة، وقد كنتُ دوماً أدفع الآخرين إليها، لكنّي بقيت متخلّفًا عنها، وأنت تعلم أنّي لم أستطع أبداً نسيانهم، فذكراهم وأسماؤهم تتجلّى دائماً لا في ذهني بل في قلبي وفي عينيّ المغرورقتين بدموع الحسرة. يا عزيزي! جسمي يوشك على أن يعتلّ ويمرض، كيف يُمكن أن لا تقبل من وقف على بابك أربعين سنة؟ يا خالقي، يا محبوبي، يا معشوقي الذي لطالما طلبتُ منه أن يغمر وجودي بعشقه، أحرقني وأمتني بفراقك. يا عزيزي! لقد تهتُ في الصّحاري نتيجة اضطرابي وفضيحتي وتخلّفي عن هذه القافلة؛ وأنا أتنقّل من هذه المدينة إلى تلك المدينة ومن هذه الصّحراء إلى تلك الصّحراء في الصّيف والشّتاء بدافع أملٍ [يخالج قلبي]. أيّها الحبيب والكريم، لقد عقدتُ الأملَ على كرمك، وأنتَ تعلم أنّي أحبّك. وتعلم جيّدًا أني لا أريد سواكَ، فدعني أتّصل بك. إلهي، الخوف يغمر كلّ وجودي. أنا عاجزٌ على لجم نفسي، فلا تفضحني. أقسم عليك بحرمة أولئك الذين أوجبت حرمتهم على ذاتك، ألحقني بالقافلة التي سارت إليك قبل أن أكسر الحرمة التي تخدش حرمتهم. يا معبودي، ويا عشقي ومعشوقي، أحبّك. لقد رأيتكَ وشعرتُ بك مرّات عديدة، ولا أقدر على البقاء بعيدًا عنك. إذن، اقبلني، لكن بالنّحو الذي أكون فيه لائقًا للاتصال بك.