ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي كلمة لقائد النّهضة الإسلاميّة في البحرين سماحة الشيخ عيسى قاسم يتناول فيها سماحته الحديث حول رسائل النداء الذي أطلقه الإمام الخامنئي بمناسبة حلول موسم الحج لعام 1442، ويشير إلى أنّ الحجّ يدفع بالأمة الإسلامية عامة، من حضر موسم الحج ومن لم يحضره، على طريق التوحيد بقوة، ويزيد من قدرتها الإيمانية بدينها وثقتها بقيمتها العليا، حتى لا تصاب بوهن في مواجهة قوى الكفر والطغيان والهيمنة الاستكبارية الظالمة في الأرض، وتكون لها الغلبة على أذناب الشيطان.     

من وحي نداء ولي أمر المسلمين سماحة السيد علي الخامنئي حفظه الله وأمدّ في عمره الشريف، بمناسبة موسم الحج لهذا العام؛ إن لكل عبادة من العبادات الإسلامية موقعها الخاص وتأثيرها التوحيدي، الفكري والروحي والاجتماعي والسياسي والتربوي العام الذي تكتمل به الغاية الكبرى للنظام العبادي المتكامل الذي اعتمده الإسلام للصناعة الإلهية للإنسان، بحيث لا يُستغنى عن أي عبادة من هذه العبادات في هذا النظام المتكامل. وفي الظروف الاستثنائية التي قد تؤثر على حجم العبادة وأجوائها وشرائط كمالها، تقع الخسارة وقد لا يمكن أن يستعاض عنها، ولكن يُطلب التدارك بما يمكن وما انفتح إلى ذلك من سبيل، ولذلك يجب أن تبقى قلوب الأمة منشدة في هذا الموسم من الحج كل الإنشداد، متأدّبة في أيامه في كل شبر من الأرض وُجد الإنسان المسلم بآدابه، غير مفارقة لذكر الله، متمحورة كل التمحور حول توحيده، متبرّئة كل التبرّؤ، متطهّرة كل التطهر من محور الشرك والطاغوتية والفرعونية والاستكبار، جادة كل الجد في مناصرة العدل ومحاربة الظلم، مستشعرة مسؤوليتها الكبرى في حماية الدين والمؤمنين، وإحياء الحق وإماتة الباطل، وتثبيت الحاكمية لله في أوضاع النفس وأوضاع الخالق في كل إطار من أطر النفس، وفي كل إطار من أطر الخالق، والقضاء على حاكمية الشيطان.

 

 تكون المحاولة ونحن في أي مكان، كما ونحن في الحرم ومكة وقرب الكعبة، وفي عرفات والمشهد الحرام، أن يكون قيامنا وقعودنا وحركتنا وسكوننا، كل ذلك عن روح عبادية وتوجه عبادي وانقطاع لله وولاء له، وبراءة من أعدائه، بقلوب شغلها الشاغل رضاه، وفي ذكر من ذكره العظيم. علينا أن نبقى ونحن في أي مكان حجاجاً بقلوبنا، حج الموحدين الحقيقيين العاملين بما يريد الله عز وجل، لا بما يريد أحد من خلقه، وإذا لم توحدنا مناسك الحج الموحدة، التي توحد الحجاج، لتعطي صورة لتوحد الفكر والقلوب على تقوى الله، والائتمار بأمره والالتزام بنهيه، والانتظام تحت راية دينه، فلنجاهد قلوبنا على التوحيد في سبيله باطناً وظاهراً في كل ما نستطيع، ونحارب في أنفسنا كل ما فيه عدول بهذه النفوس إلى الافتراق عن الحق.

 

 إن الحج يأتي كل عام، في مدرسته الكبرى، وعطاءاته العظيمة، ليدفع بالأمة الإسلامية عامة، من حضر موسم الحج ومن لم يحضره، على طريق التوحيد بقوة، ويزيد من قدرتها الإيمانية بدينها وثقتها بقيمتها العليا، حتى لا تصاب بوهن في مواجهة قوى الكفر والطغيان والهيمنة الاستكبارية الظالمة في الأرض، وتكون لها الغلبة على أذناب الشيطان، من مستكبري العالم كبارهم وصغارهم، ومن خارج العالم الإسلامي وداخله، ولإخراس قوى الكفر والشرك والنفاق.

 

والحج في هذا العام الخاص بظروفه، وفي أي عام، لا تخليّ له عن شيء من وظائفه، ولا تسقط مسؤولية المسلم عن أداء وظائف الإسلام في أي ظرف من الظروف ما أمكن، والسعي حثيثاً وراء تحقيق أهدافه. كل القضايا الحساسة المؤثرة على سلامة الإسلام ومصلحة المسلمين والصراع حولها، يحتم علينا الإسلام والحج وكل فريضة من فرائض الله عز وجل ألا تغيب عنا لحظة من اللحظات أو أن تكون من الأمور الثانوية في حياتنا. علينا أن نشعر شعوراً قوياً دائماً غير مفارق، بأن معركتنا المصيرية هي المعركة بين التوحيد والشرك في الأرض، بين العدل والظلم، الحق والباطل، وأننا الجبهة التي عليها ألا تطلب الراحة ولو قليلاً، قبل تحقيق النصر لما أمر الله أن يُنتصر له، ويُهزم الباطل الذي أوجد أن يُهزم.

 

 إن المعركة القائمة اليوم بين قوى المقاومة والاحتلال الصهيوني الإسرائيلي والمحور المتشكل لمساندته، في عدوانه واستهدافه لأمتنا، لَيمثل امتحاناً صعباً للأمة وتحدياً هائلاً لا يواجه إلا بالنفير العام، واجتماع كل الإمكانات حتى تنكسر إرادة العدوان، ويرتدّ خاسئاً مدحوراً. وإذا جئنا لخطاب سماحة السيد علي الخامنئي ولي أمر المسلمين [حفظه الله] بمناسبة موسم الحج لعام 1442 هـ، وجدناه خطاب الإيمان الصلب بالإسلام، والتمسك الشديد بحبله المتين، وبصيرة الدين والدنيا، ووعي واقع الانقسام الذي تعيشه الأمة من ضعف الاستسلام الذي وقع فيه بعض من أنظمتها الرسمية، وقوة المقاومة المستبسلة في سبيل الله الذي تتصف به قوى المعارضة المتنامية في مختلف أبعادها الإيجابية بما يعطي اطمئناناً بنصر الأمة القريب إن شاء الله.

 

 إن معارضة الباطل والمقاومة للظلم التي إذا تحركت لا تتوقف إلا مع الانتصار. إن خطابه حفظه الله، هو خطاب الواجب الثقيل والمسؤولية الضخمة التي تتحملها الأمة في القيام بالتكليف الإلهي تجاه دينها العظيم ورسالتها الإسلامية المقدسة، وخطاب المستقبل المشرق الذي ينتظر هذه الأمة، إذا ما استقامت على طريق الدفاع المقدس والمقاومة الإسلامية الجادة في سبيل الله. نعم، هو خطاب لاهب، وفي نفس الوقت واعٍ وبصير، هو خطاب مؤكد على المقاومة، مقدّس لها مستلهم من الإسلام ربْط الإسلام الأكيد بين توحيد الله عز وجل في عبادته وجهاده من جهة، وبين تطهير الأرض من كل رجس وظلم وعدوانية وطاغوتية واستكبار. وإن هذا الخطاب ومثله في ظل وعي المقاومة، ليجد ملايين القلوب التي تتفاعل معه وتذوب فيه، وليس هو الخطاب الذي يمثل صرخة في واد. خطاب الحق اليوم، خطاب العودة إلى الإسلام، خطاب التحرك من أجل الانتصار، خطاب يجتذب قلوب الملايين من الأمة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.