أكد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، إلى العمليات التي نفذها الشعب الفلسطيني منذ بدء شهر رمضان المبارك ضد الاحتلال الصهيوني وقال إن خيار المقاومة هو خيار شعب.

 

وقال إسماعيل هنية في منبر القدس بمناسبة يوم القدس العالمي ان يوم القدس العالمي:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

في هذا اليوم الأغر، يوم القدس العالمي، أخاطب وشعبنا وأمتنا، وأخاطب المرابطين في القدس وفي رحاب المسجد الأقصى المبارك المدافعين عنه بقبضاتهم وبصدورهم العارية، المدافعين عن الأقصى بمعتكفهم، برباطهم، بيثباتهم في وجه المحتلين والغزاة.

هذا اليوم الذي أصبح يوما خالدا ثابتا في ذاكرة الأجيال منذ أن أعلن عنه الإمام الخميني رحمه الله، تذكيرا بالقدس المكان والمكانه، والواجب والمسؤولية، والعقيدة والسياسة.

هذا العام يأتي هذا اليوم على واقع الأحداث الضخمة والكبيرة التي تعيشها القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية، وفي القلب منها المسجد الأقصى المبارك.

وأود هنا أن أسجل تلاتة كلمات تتعلق بهذه الوقائع وهذه الأحداث.

الأولى، موجة العمليات البطولية التي نفذها مجاهدون من أبناء شعبنا الفلسطيني في داخل ضفتنا وفي قلب الكيان الصهيوني مع بداية رمضان وقبيل شهر رمضان المبارك.

هذه العمليات التي سجلت نقاطا مهمة في مقدمتها ان خيار المقاوم هو خيار شعب وليس خيار فصيل أو نخبة، هي عمليات جماعية وعمليات فردية، هي روح تسري في أوساط شعبنا الفلسطيني، هي خيار استراتيجي للتحرير وللعودة وللصلاة في رحاب المسجد الأقصى المبارك، بعيدا عن حراب وبنادق المحتلين. كما أنها سجلت أهمية الضفة الغربية ورجالها الميامين في معادلة الصراع مع العدو الصهيوني، وفي إعادة التوازن الاستراتيجي لهذا الصراع، هذه الضفة التي خرجت الأبطال والقادة، وشكلت الحارس الأمين لقدسنا ولأقصانا بعد سنوات صعبة وتحديات هائلة، ومحاولات لطمس روح المقاومة هناك، انبعثت هذه المقاومة بهذه العمليات البطولية، والتي شكلت تحديا للأمن الصهيوني، بل كشفت هشاشة الكيان أمنيا وسياسيا من خلال هؤلاء الأبطال الذين نفذو هذه العمليات بإرادة وباقتدار بلا تردد وبجرأة ورباطة جاش.

 

هذه المقاومة في موجتها الجديدة هي التأكيد على أن قضية القدس والمسجد الأقصى وحق العودة، وتحرير الأسرى من سجون الاحتلال لا يمكن أن تحسم على طاولة المفاوضات السياسية، كما ظن بعض أبناء شعبنا، أن هذا الصراع يمكن حسمه وإنهاؤه على طاولة المفاوضات، بل أن هذه المقاومة في موجتها الجديدة، وهذا الرباط، وهذا التحدي في رحاب المسجد الأقصى والقدس، هو تأكيد على أن القضية والصراع سيحسم من خلال هذه المواجهة الشاملة مع العدو، وليس عبر هذه المفاوضات العبثية التي أرهقت شعبنا وأضاعت البوصله أمام الكتير من نخب هذه الأمة.

تحية لأولئك الرجال الذين نهضوا مجددا، وسددوا هذه الضربات الموجع لهذا الاحتلال ردا على جرائمه وعدوانيته التي لا تتوقف عند حد معين.

وأما الكلمة التانية، فهي تتعلق بما يجري في المسجد الأقصى وفي القدس، ولا يخفى على أحد أن هناك عاملان مهمان دفعا العدو إلى الإسراع في خطواته أو تنفيذ مشاريعه، على طريق التقسيم الزمني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك، وتغيير الطابع الديني الإسلامي التاريخي للمسجد.

العامل الأول، هو عامل يتعلق بالمنطقة، من خلال التطبيع، ومن خلال العلاقات مع بعض الحكومات العربية، واللقاءات والمؤتمرات، والتحالفات. ربما تحالفات أمنية وتحالفات عسكرية، لا شك أن هذا التطور الخطير شجع الاحتلال على الإسراع أو في محاولة حسم المعركة على المسجد الأقصى المبارك، مستفيدا من هذا الغطاء التطبيعي، ولذلك نحن طالبنا ومازلنا نطالب، ونؤكد على ضرورة التراجع عن هذه الخطوات التي تضر بالمنطقة وبالدول العربية، وتضر بقضية فلسطين وتضر بالقدس والأقصى، يستفيد منه الاحتلال في شرعنة وجوده على أرض فلسطين، وفي شرعنة مشاريعه لتصفية القضية الفلسطينية.

أما العامل الثانى فهو متعلق بالداخل الفلسطيني، بطبيعة الصراع مع الاحتلال، أنه يستغل انشغال العالم في الحرب الروسية الأوكرانية، وتحت هذا الغطاء، يسعى إلى تمرير مشاريعه تجاه القدس والمسجد الأقصى المبارك، ويحاول أن يحسم المعركة على المسجد الأقصى المبارك، وبدا ذلك من خلال القرابين خلال مسيرة الاعلام، من خلال الاقتحامات والعدوان والاعتداء على إخواننا وأهلنا وعلى نسائنا ورجالنا، وعلى شيوخنا وأطفالنا في داخل المسجد الأقصى المبارك، وهو يعتقد بأن الوقت أصبح مناسبا له ليدخل إلى حيز التنفيذ المباشر، لهذا التقسيم الزماني والمكاني وتغيير المعالم، وضرب الكيانية الدينية والسياسية للقدس، وبما تمثله لشعبنا ولأمتنا الإسلامية في كل مكان.

هذان العاملان، ساعدا العدو، وشجعاه على أن يمضي، ومستغلا ما يسمى الأعياد اليهودية لفرض الحقائق وتغيير الواقع في القدس عامة وفي المسجد الأقصى المبارك. ولكن أستطيع أن أقول وبكل اطمئنان، أن شعبنا وأن المرابطين والمرابطات، وأن أهلنا في الداخل المحتل في الـ48، وقوة الإسناد في غزة، والفعالية لشعبنا ولأمتنا في الخارج، أفشلت هذا المخطط في هذه المحطة، وكشفت هذا الوجود القوي والفاعل لأبناء شعبنا من خلال هذه المواجهة، سجلت بكل اقتدار، تلاتة نقاط المهمة، وهذه الكلمة الثالثة التي أريد أن أختم بها.

النقطة الأولى كشفت عن طبيعة وشراسة المعركة بيننا وبين هذا العدو، هذه معركة عقيدية سياسية، هذه معركة على الهوية، هذه معركة على محور الصراع، القدس والمسجد الأقصى المبارك. لذلك، محاولات تغيير طبيعة هذه المعركة من البعض، وإدخالها في عناوين هولامية ليست تمت بصلة إلى حقيقة الصراع، هي محاولة خداع وتزييف في وعي الأجيال، ما جرى في القدس والمسجد الأقصى، ومن قِبل هؤلاء عتاة الصهاينة الذين اقتحموا المسجد في الفترات الصباحية تحت حماية الشرطة وظل سلاح الجيش الإسرائيلي هو تأكيد على أن هذا قرار سياسي للكيان الصهيوني، وليس فقط نزق لبعض المتطرفين أو المنفلتين كما يقال، هذه معركة شرسة لأنها تموت إلى عقيدتنا وإلى هويتنا وإلى وجودنا وحاضرنا، ومستقبلنا في القدس، وأحقيتنا في المسجد الأقصى المبارك.

والنقطة التانية أكدت هذه المواجهات خلال الأيام الماضية في الدفاع عن القدس والأقصى أن كل محاولات احتواء الشعب الفلسطيني قد فشلت، سواء احتوائه سياسيا أو احتواء مشروع المقاومة، أو تهجين الفلسطيني تحديدا في الضفة الغربية، وأيضا محاولات تحييد غزة، هذا العمق الاستراتيجي والقاعدة الصلبة للمقاومة وقوة الإسناد الناري للقدس وللأقصى وللأسرى والمسرى، هي أيضا قد فشلت، لأن غزة جزء لا يتجزأ من فلسطين، وأهلنا هناك جزء لا يتجزأ من شعبنا الفلسطيني، غزة هذا الكيان المقاوم العنيد الذي سجل انتصارا كبيرا وعظيما واستراتيجيا في معركة سيف القدس التي نعيش وذكراها الأولى في هذه الأيام، أكدت بأنه لا يمكن أن تكون بعيدة عن هذا الصراع، خاصة إذا ما تم تجاوز الخطوط والعودة إلى هذا العبث الإسرائيلي الصهيوني في المسجد الأقصى المبارك.

وأما النقطة الثالثة، فلقد لاحظنا بأن قضية القدس وقضية فلسطين، رغم كل الأحداث الكبيرة التي يمر في العالم اليوم، استطاعت أن تعود إلى الصدارة مجددا في وسائل الإعلام في الحركة السياسية، وفي الاتصالات التي جرت من العديد من الدول والأطراف مع قيادة المقاومة، أكدت بأن قضية فلسطين هي محور صراع مهم ومركزي على مستوى المنطقة وعلى مستوى العالم كل العالم.

لا أمن ولا استقرار في هذه المنطقة ما لم ينعم الشعب الفلسطيني بحقه الكامل في أرضه ووطنه، في حقه الكامل في المسجد الأقصى وفي القدس وفي كنيسة القيامة، وفي العودة إلى أرض الوطن وفي تحرير الأسرى، وفي رفع الحصار عن قطاع غزة، هذا تأكيد واضح لا لبس فيه ولا غموض.

نعم. أبناء شعبنا، أبناء أمتنا، إننا في هذا اليوم، الذي تقف فيه جماهير الأمة لتجدد بيعتها، وتجدد ارتباطها بأولى القبلتين وبمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعراجه إلى السماء، نعيد التأكيد بأن أي مساس في المسجد الأقصى المبارك، وأنا أبلغت كل الأطراف بالمناسبة كل الأطراف التي تكلمت معنا، موضوع المسجد الأقصى لا يمكن أن يقبل شعبنا وأمتنا بتغيير طابعه وحقائق التاريخية والدينية، وسنفشل كل المخططات، وسنفشل مخططات التقسيم والتهويد والاستيطان والعزل.

بل أقول أبعد من ذلك، إن محاولات العدو، لتجاوز الخطوط وارتكاب المزيد من الحماقات قد يحول هذا الصراع الثنائي إلى صراع إقليمي، لأن فلسطين والقدس هي في قلب ووجدان كل مسلم وكل غيور وكل حر في العالم، فضلا أنها مسؤولية وواجب ودين وعقيدة وهوية والتزام لشعبنا ولأهلنا في داخل فلسطين وفي خارجها.

سلام على أهلنا في القدس، سلام على المرابطين والمرابطات، الذين يواجهون بصدورهم العارية وبقبضاتهم وبأناشيدهم وبالأهازيج وبالشعارات وبالاعلام وبالريات.

 

سلام عليكم.. وإلى لقاء في ساحات المسجد الأقصى المبارك بإذن الله، وما ذلك على الله بعزيز.