أكد قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي أن الوحدة الإسلامية تعني العمل المشترك ضد مخططات الاستكبار، والمحافظة على مصالح الأمة الاسلامية.

 

جاء ذلك في كلمة ألقاها سماحته خلال استقباله صباح اليوم الجمعة، رؤساء السلطات الثلاث وكبار المسؤولين والضيوف المشاركين في المؤتمر الدولي الـ 36 للوحدة الإسلامية بمناسبة ذكرى ميلاد الرسول الأكرم (ص) وحفيده الإمام جعفر الصادق (ع).

وأوضح قائد الثورة أن يوم مولد النبي الأعظم (ص) ليس يوما طبيعيا بل انه يوم مهم وكبير للغاية حيث إن تكريم هذا العيد ليس للاحتفال فقط.

وأكد سماحته ، أن شخصية نبي الرحمة (ص) خاصة به في عالم الوجود ولا يدانيه أحد في الخصوصيات التي كان يتميز بها خاتم الأنبياء (ص).

وأشار قائد الثورة إلى الحوادث النادرة التي وقعت عند مولد الرسول الأكرم (ص) وتعتبر من معجزات هذه المناسبة العظيمة بينها سقوط الأوثان التي كانت في داخل الكعبة وانهيار طاق كسرى وغيرها من الأمور التي تعني سقوط طواغيت العصر مهما كان حجمهم.

وشدد سماحته على أن المتاعب التي تعاني منها الأمة الإسلامية في الوقت الحاضر هي نتيجة عدم التضامن بين المسلمين وقال: إن المقصود من الوحدة هي وحدة الحفاظ على مصالح الأمة الإسلامية والعمل المشترك فيما بينها ضد المؤامرات التي يحوكها الاستكبار العالمي.

وأشار قائد الثورة إلى الآية الكريمة «لَقَدْ جَاءَکُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِکُمْ عَزِیزٌ عَلَیْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِیصٌ عَلَیْکُم بِالْمُؤْمِنِینَ رَءُوفٌ رَّحِیمٌ» وأكد على كلمة «عَزِیزٌ عَلَیْهِ مَا عَنِتُّمْ» التي تعني أن النبي الأكرم (ص) يعاني مما يعانيه المسلمون، وقال: ان مما لاشك فيه أن الله تعالى لا يعني المسلمين في عهد الرسول (ص) فقط.

وأضاف قائلا: بل إن المقصود من ذلك هو المؤمنين على مر التاريخ، أي ان ما يعانيه المسلمون اليوم في فلسطين وميانمار و... يعاني منه النبي الأكرم (ص)، وفي المقابل يفرح الأعداء بتلك المعاناة.

واعتبر أهم المشاكل التي يواجهها المسلمون في الوقت الحاضر هي نتيجة الفرقة فيما بينهم، وقال: عندما نبتعد عن بعضنا البعض ونصبح متفرقين من الطبيعي آنذاك أن لا نريد الخير لبعضنا.

وأشار إلى الآية الكريمة «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وقوله تعالى فتفشلوا» مؤكدا أن الخلافات تتسبب في الابتعاد عن بعض وتضرب عليهم الذلة والمسكنة وبالتالي سيصبح المسلمون أذلاء صاغرين والتسبب بتسلط الآخرين عليهم.

وتابع سماحته قائلا: علينا أن نسير نحو الطريق الذي يقودنا إلى تنفيذ أسبوع الوحدة حيث لا تعني هذه الكلمة وحدة المذهب دون شك والخروج من مذهب والدخول في آخر، ولا تعني الوحدة الجغرافية كما حدث في الستينات إذ أعلنت بعض الدول العربية اتحادها، إلا أن ذلك لم يتحقق.

 

وشدد على أن مثل هذا الاتحاد لن يحصل ولا يمكن أن يتحقق، موضحا أن الوحدة هي الحفاظ على مصالح الأمة الإسلامية وما هي احتياجاتها التي يجب توفيرها، وتتفق فيما بينها على من يجب أن تتخذه صديقا أو عدوا، وكيفية توحيد المواقف في المفاوضات بينها وتحديد كيفية مقارعة الاستكبار العالمي.

وأكد قائد الثورة أن الخارطة السياسية في العالم تشهد يوما بعد آخر المزيد من التغيير، مشيرا إلى يقظة الشعوب في مواجهة العالم احادي القطب الذي بات مرفوضا من قبل هذه الشعوب.

وتابع قائلا: إن الاستكبار العالمي الذي حشد قواه يخطط لكيفية الاستحواذ على الدول والشعوب ومختلف المناطق، فيما يتعين على الأمة الإسلامية تحديد موقعها في الخارطة العالمية الحالية وتوحيد صفوفها كي تصبح أسوة وقدوة يحتذى بها.

ورأى أن الشرط في تبوء العالم الإسلامي مكانته على الصعيد العالمي هو توحيد صفوفه والخلاص من المؤامرات والمكائد الأميركية والصهيونية والشركات العميلة لها التي تعلن عنها بصراحة وصلافة أو تخفيها ولا تشير إليها.

ووصف سماحته، الفرقة بين المسلمين من العناصر التي تجلب لهم الذلة والابتعاد عن العزة، داعيا الشخصيات المؤثرة في العالم الإسلامي إلى التركيز على توفير السبل والمجالات العملية لتوحيد الأمة الإسلامية، وذلك لأن العدو ركز كل جهوده لزرع الغدة السرطانية في المنطقة وفلسطين بالذات ونشر الصهاينة المجرمين في هذه المنطقة وبالتالي زرع بذور الفرقة والنفاق بين المسلمين والدول الإسلامية.

وأكد قائد الثورة أن تحقيق الوحدة الإسلامية يتطلب الحيلولة دون تحويل الخلافات المذهبية إلى نزاع واشتباك وقال: إن الساسة الاميركان والبريطانيين الذين يعارضون أساس الإسلام باتوا يتناولون في محافلهم الخاصة قضية الشيعة والسنة وهو أمر خطير للغاية.

وأشار إلى مفردته السابقة بـ «التشیع البريطاني» و «التسنّن الاميرکي» ومحاولة البعض لتحريف هذه المفردة وقال: إن التشيع البريطاني والتسنن الأميركي يعني بمثابة الذي يخدم العدو كعصابة داعش التي تثير النزاع والخلافات وتكفير الامة.

وأعرب سماحته عن بالغ أسفه للجرائم التي ارتكبتها عصابة داعش في العراق وسوريا وخاصة المجازر التي حصدت ارواح التلاميذ في أفغانستان، وقال: إن أشخاصا متطرفين لدى الجانبين الشيعي والسني لا صلة لهم لا بالتشيع ولا بالتسنن، لذا يجب التصدي لكل من يريد الإساءة إلى مشاعر الآخرين في كلا الطرفين.

واعتبر قائد الثورة تطبيع علاقات بعض الدول الإسلامية مع الكيان الصهيوني أحد أكبر أنواع الخيانة وقال: قد يقول البعض أن تحقيق الوحدة في الظروف الراهنة مستحيل بوجود بعض رؤساء الدول الإسلامية، لكن المثقفين والعلماء والحكماء والنخب في العالم الإسلامي يستطيعون أن يجعلوا الأجواء مختلفة عن إرادة العدو، وفي هذه الحالة يكون من الأسهل تحقيق الوحدة.

وتابع سماحته قائلا: كان العالم في يوم ما، مقسما بين القوتين أميركا والاتحاد السوفيتي السابق وكانتا متفقتان على معاداة الجمهورية الإسلامية وكانتا تتصوران أن بإمكانهما اجتثاث جذور هذه الشجرة التي تحولت اليوم إلى شجرة متينة ويخطئ من يتصور أن بإمكانه اجتثاثها.