ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي تقريراً يُلقي الضوء على استغلال الأمريكيّين لمفهوم «الحريّة» و«محاربة الإرهاب» وغيرها من الشعارات الرنانة الأخرى في مختلف الدول، والذي كان ورائه توجيه الضربات السياسيّة والاقتصاديّة إلى العراق، ونهبه على المستوى الثقافي، إضافة إلى قتل المدنيّين في أفغانستان ونهب ثرواتها، حيث أخفقوا في إرساء الاستقرار داخل هذا البلد،ويجري التطرّق أيضاً إلى نهب الثروات في سوريا واليمن وليبيا، طبعاً على الطريقة الأمريكيّة.
«الحرية» هي كلمة لمست أحذية جنود الاحتلال الأمريكي تحت غطائها تراب العراق. إنها الكلمة نفسها التي جرّت موطن العراقيين إلى الخراب والدمار على يد أمريكا. رغم مرور ما يقارب عقدين على الأحداث المريرة في العراق، فإن هذه الأحداث لم تُمحَ أبداً من الذاكرة التاريخية لشعب هذا البلد. قبل 19 عاماً، أي في 2003، أصدر الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج دبليو بوش، أمراً ببدء غزو عسكري للعراق بذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل، وقد أطلق الأمريكيون على هذا العدوان عملية «حرية العراق».
الضربات السياسية والاقتصادية التي وجّهها المحتلون إلى العراق
إضافة إلى «الحرية» استخدم الأمريكيون شعارات أخرى لتبرير احتلال العراق، من جملتها «السعي إلى إرساء الديمقراطية» و«دعم حقوق الإنسان». كان للاحتلال الأمريكي تداعيات كثيرة على هذا البلد. وفي هذا الصدد، كتب موقع «المركز الديموقراطي العربي»: «أمريكا هي التي زرعت الفرقة في العراق، فقد أسست بعد احتلالها له مجلس الحكم الانتقالي على أسس طائفية بقيادة الحاكم المدني للعراق بول بريمر»[1]. في المجال الاقتصادي، وجّه المحتلون ضربات متعددة إلى العراق، الضربات التي دخل دخانها قبل الجميع في عيون شعب هذا البلد. على سبيل المثال: بعد احتلال العراق، انهارت بنيته التحتية الاقتصادية واتخذت صناعة النفط وضعاً ميؤوساً منه، وقد ذكر «المركز الديموقراطي العربي» في هذا السياق: «أدى انهيار قيمة الدينار العراقي إلى وصول معدل التضخم إلى أكثر من 58%، ومعاناة القطاع المصرفي بسبب السلب والنهب، وانهيار القطاع الزراعي والبنية التحتية للعراق وتدهور قطاعات الكهرباء ومياه الشرب والاتصالات والسكن... أيضاً من النتائج الاقتصادية لاحتلال العراق تزايد معدلات البطالة بين 30% و40%، والتضاعف في معدلات سوء التغذية، وهرَب رأس المال الأجنبي، وانتشار الفساد في القطاع النفطي»[2].
النهب الثقافي للعراق
لم يرحم المحتلون الأمريكيون الآثار الثقافية للعراق أيضاً. فبعد احتلال العراق عام 2003، بدأت سرقة الآثار الثقافية والتراثية لهذا البلد أيضاً.[3] نهبَ الغزاة المتاحف التراثية وحمّلوا الوثائق والمخطوطات من المتاحف التاريخية على متن طائراتهم العملاقة. لم تنتهِ الحرب الأمريكية على الثقافة العراقية والآثار الثقافية عند هذا الحد، لأنها استهدفت أيضاً الطبقة المثقفة وأهل الثقافة في العراق. في سياق ذلك، طاردت القوات الأمريكية 3500 شخصية ثقافية عراقية لاستجوابهم بشأن مشاركتهم في مجال السلاح العراقي.[4] يؤكد محمد مظفر الأدهمي وهو باحث وشخصية أكاديمية عراقية: «سمحت القوات الغازية لمرتزقتهم بإحراق الوزارات والمؤسسات الحكومية والمكتبات والمتاحف والجامعات والكليات وتدميرها ونهبها، مثل المتحف الوطني العراقي ودار الكتب والوثائق الوطنية ومكتبات الكليات والجامعات»[5].
قتل المدنيين ونهب ثروات أفغانستان
نعود سنتين إلى الوراء، أيْ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2001. لا يزال الشعب الأفغاني يتذكر هذا اليوم جيداً، ففيه غزت القوات العسكرية الأمريكية بلادهم تحت شعار «محاربة الإرهاب»، فيما فقد آلاف المدنيين في أفغانستان أرواحهم إثر تلك العمليات.[6] يقرّ الأمريكيون بأنهم نهبوا ثروات البلاد خلال حضورهم الاحتلالي في أفغانستان. في هذا الصدد، وفي آب/أغسطس 2021، اعترف عضو سابق في القوات الخاصة الأمريكية المتمركزة في أفغانستان أنه ما بين 7/2009 و1/2010، أقدم مع أربعة آخرين على سرقة جزء من الأموال الحكومية المخصصة للمشاريع الإنسانية والبنية التحتية مثل بناء الجسور والمدارس والمستوصفات.[7] بالإضافة إلى الكشف عن المآسي الإنسانية المروعة والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان في أفغانستان على يد القوات العسكرية الأمريكية أثبتت التحقيقات في قضايا الفساد أن الشركات الأمريكية جنت أرباحاً ضخمة من توقيع عقود اقتصادية هناك. وفي السياق، قال جيلن ماكدونالد وهو ضابط احتياطي متقاعد في الجيش الأمريكي: «هذه الحروب [في أفغانستان والعراق] فرصة لأي شخص، حتى لو كان ضابط صف، ليصير ثرياً للغاية بين عشية وضحاها»[8]. بالإضافة إلى ذلك، وحتى بعد الخروج من أفغانستان عام 2021، وجّه الأمريكيون ضربات اقتصادية قاتلة إلى هذا البلد. ففضلاً عن فرض عقوبات اقتصادية على الشعب الأفغاني، جمدوا مليارات الدولارات من أصول البنك المركزي الأفغاني في البنوك الأجنبية، ووضعوا الاقتصاد على شفا الانهيار.[9]
الإخفاق في دعاية «إرساء الاستقرار» في أفغانستان
لقد أخفق الأمريكيون طوال احتلالهم أفغانستان في تنفيذ دعاية «إرساء الاستقرار» في هذا البلد. هذا ما أشار إليه أيضاً رئيس أفغانستان السابق، حامد كرزاي، بقوله: «رغم ادعاء الأمريكيين أنهم حاربوا التطرف في أفغانستان وأرسوا الاستقرار في البلاد، فإنهم أخفقوا في تحقيق كِلا الهدفين»[10].
الثروات المنهوبة في سوريا
بالإضافة إلى ما سبق، تقع سوريا في مقدّم دول المنطقة التي نهب الأمريكيون ثرواتها. تسرق القوات الأمريكية المتمركزة في الحسكة شرقي سوريا نفط البلاد وقمحها وترسلها إلى إقليم كردستان أو مدينة إدلب حيث يقيم إرهابيو «جبهة النصرة». توجد ملفات فيديو وصور لهذه السرقات، ويُشاهَد بوضوح فيها أن ناقلات وسيارات تابعة لأمريكا تسرق النفط والغاز من الحقول على أطراف بلدة اليعربية في أقصى شرقي محافظة الحسكة. والأخيرة الواقعة شمال شرقي سوريا من أهم المحافظات الغنية بآبار النفط.[11] ولهذا تحديداً تتمركز القوات الأمريكية بصورة أساسية في الحسكة.
أيضاً يسرق الأمريكيون وينهبون التراث الثقافي لسوريا. وهنا تشير التقارير إلى أن قوات الجيش الأمريكي توجهت إلى الأماكن التاريخية المهمة في الحسكة بالتعاون مع عدد من الجهات الأجنبية وبادرت إلى سرقة الآثار التاريخية. في هذا الصدد، ذكر موقع «صوت الأمة» المصري: «تعمل القوات الأمريكية منذ سنوات على سرقة الآثار والكنوز التاريخية السورية وتهريبها باتجاه إقليم كردستان العراق ومنه إلى دول أوروبية»[12].
نهب اليمن وليبيا على الطريقة الأمريكية
أيضاً اليمن وليبيا من بين الدول التي لم تسلم من النهب الأمريكي. إنّ سرقة القوات التابعة للغرب والمدعومة من أمريكا النفط من ليبيا مستمرة منذ 2011. في هذا الصدد، يقول الكاتب اللبناني محمد سعيد الرز: «إن أهم أهداف الولايات المتحدة في غزو العراق كان السيطرة على نفط العراق وسلبه، والآلية نفسها التي اتبعتها واشنطن في العراق وسوريا تكررت في ليبيا»[13].
الوضع في اليمن على هذا المنوال أيضاً، فثروة هذا البلد ينهبها الأمريكيون. على سبيل المثال، يمكن الإشارة إلى التحركات العسكرية الأمريكية في شرق اليمن. ويؤكّـد اللواءُ الركن عبد الله الجفري وهو خبيرٌ ومحلِّلٌ عسكري يمني: «التحَرُّكَ العسكري الأمريكي في محافظة حضرموت يأتي في سياق المؤامَرةِ الأمريكية والبريطانية والفرنسية لنهب الثروات النفطية والغازية في اليمن بهدف سلبه ثرواته الاقتصادية الوطنية»[14].
خاتمة
كل مرة يستخدم الأمريكيون شعاراً رناناً لتوسيع نفوذهم في المنطقة وحتى يمكّنهم من جذب الرأي العام. لقد استخدموا ذات مرة شعار «محاربة الإرهاب» وأخرى «الحرية»، وتحدثوا ذات مرة عن «مكافحة أسلحة الدمار الشامل» وفي أخرى رددوا «دعم حقوق الإنسان». بالنظر إلى ما ورد في هذا التقرير، لم تسفر هذه الشعارات الخادعة سوى عن نهبهم دول غربيّ آسيا وشمالي أفريقيا. من الواضح أن الهدف النهائي لهذا النهب السياسي والاقتصادي والثقافي في مختلف البلدان هو تحويلها إلى خرابة.
[1] المركز الديموقراطي العربي: https://democraticac.de/?p=35606
[2] المصدر السابق.
[3] العربي الجديد:
https://www.alaraby.co.uk/investigations/%D8%A2%D8%AB%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D9%87%D9%88%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D9%84%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D9%8A%D9%85%D8%B1%D8%B9%D8%A8%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA
[4] المركز الديموقراطي العربي: https://democraticac.de/?p=35606
[5] المنتدى العراقي للنخب والكفاءات:
https://iraqi-forum2014.com/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%86/%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85/%D8%BA%D8%B2%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%A7%D9%81%D8%B9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AA%D8%A7%D8%A6%D8%AC/
[6] الأناضول:
https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A-%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85-%D8%B9%D8%B5%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1/2706397
[7] TRT عربي:
https://www.trtarabi.com/issues/%D9%85%D9%86-%D8%A3%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%86%D9%87%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D9%88%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A9-6478426
[8] المصدر السابق.
[9] صحيفة الشعب اليومية أونلاين (شبكة الشعب):
http://arabic.people.com.cn/n3/2022/0419/c31664-10085798.html
[10] ARABIC.NEWS.CN:
http://arabic.news.cn/2021-09/16/c_1310192148.htm
[11] الخنادق: https://www.alkhanadeq.com/post.php?id=148
[12] صوت الأمة:
https://www.soutalomma.com/Article/904051/%D8%A8%D8%AA%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%82-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%B4%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7-%D8%AA%D8%B3%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AB%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9
[13] ليبيا المستقبل:
https://www.libya-al-mostakbal.org/88/44771/%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D9%88%D9%84%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%88%D8%AB%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D9%88%D8%A8.html
[14] المسيرة: http://www.almasirahnews.com/86874/
تعليقات الزوار