بسم الله الرحمن الرحيم‏

 

التأسف لفقدان حملة علوم الأئمة عليهم السلام‏

في المقابل أتقدم لجميع السادة الحاضرين هنا والشعب الإيراني بأسره والمسلمين كافة والمظلومين في أرجاء العالم، بأحر التهاني في هذا العيد الكبير.

ما أجمل هذا الاجتماع الذي يضم في مثل هذا العيد أصحاب الثورة الأساسيين الذين هم من أبناء هذا الوطن من فلاحين وعمال ومجاهدين، الذين حضروا إلى هنا لنستلهم منهم الدروس المعنوية. 

ومما يؤسف له حقاً، هو عدم فسح المجال أمام أمير المؤمنين سلام الله عليه لإقامة حكومة الله في العالم بالشكل الذي أراده عليه السلام ليفهم العالم كله ماذا جلب لهم الإسلام ويتعرف على الشخصيات التي يمتلكها الإسلام. 

ففي السنوات الأولى لم يكن على رأس الحكومة، لعدم إتاحة الفرصة له، كما أنهم لم يعطوه الفرصة حتى عندما آلت إدارة أمور الدولة إليه؛ فأججوا نيران ثلاثة حروب في عهده مما سدّ الباب أمامه لإقامة الحكومة التي كان ينشدها، وهذا الأمر ينبغي أن نتحسر له للأبد. فلو كانت مثل هذه الفرصة أتيحت له، لكانت حكومته حكومة مثالية ونموذجاً يحتذى لكل الذين يتطلعون إلى إقامة العدل وتطبيق إرادة السماء. لكن ذلك لم يحدث للأسف، لكن النزر اليسير الذي تحقق منه مازال نوره يسطع في الأرض. وفي عصرنا الحاضر صار معلوماً لنا من خلال ذلك الأثر القليل المتبقي من امير المؤمنين في مجال الحكم.

 

كيف يجب ان يكون عليه الحاكم. والشي‏ء الثاني الذي يبعث على الأسف هو ان امير المؤمنين عليه السلام لم يجد مجالًا لنقل العلوم والمعارف التي كان يختزنها في صدره" انّ ههنا عِلماً جمّاً" الى اشخاص يحملونه من بعده. ومما لا شك فيه ان العلم الذي لم يجد له اشخاصاً جديرين بحمله، هو علم أسرار الولاية، وأسرار التوحيد.، لابد ان يتأسف العلماء والعارفون لعدم توفر الفرصة والمجال لأمير المؤمنين للبوح بتلك الاسرار التي كان لابد له من الكشف عنها. لكن المجال لم يتح له وهذا الامر هو من الحسرات التي ينبغي على الجميع وبالاخص العارفين والفلاسفة والعلماء والمفكرين ان يقضوا حياتهم بالتأسف عليها.

 

معنى التمسك بولاية أمير المؤمنين عليه السلام‏

ونحن في هذا اليوم المبارك الذي هو من اعياد الإسلام الكبرى، وأكبرها بحسب اعتقادنا، علينا التأكيد على نقطة واحدة وهي ان هذا اليوم يمثل استمرار النبوة، وامتداداً لمعنوية رسول الله، وامتداداً للحكومة الالهية المنشودة ولهذا فهو يعتبر اعظم واكبر من كل اعياد المسلمين. ومن الاذكار الواردة التي يجب علينا تكرارها في هذا اليوم السعيد، تلاوة القول التالي: (الحَمدُ للهِ الذي جَعَلَنا من المُتَمسِّكين بِوَلايةِ امير المؤمنين وأهلِ بَيتِهِ).

فما هو التمسك بولاية امير المؤمنين؟ هل يعني ان نقرأ هذا الذكر وكفى؟ انه تمسك بولاية امير المؤمنين في اليوم الذي تجلت فيه ولايته بمعناها الحقيقي، وليس التمسك بحب امير المؤمنين فذلك اساساً لا معنى له، بل هو التمسك بمقام ولاية الرجل العظيم الذي لا يمكننا نحن ولا جميع البشر تطبيقه بمعناه التام وبتلك العدالة الاجتماعية والعدالة الحقيقية التي كان امير المؤمنين يمتلك القدرة على تطبيقها، ونفقد نحن وجميع البشر القدرة على إقامتها، لكن بعد تحقق ذلك النموذج علينا التمسك بذلك القدر القليل بكل ما اوتينا من ق- وة. فالتمسك بمقام الولاية معناه، او احد معانيه، ان نكون نحن ظلًا لمقام الولاية الذي يمثل مقام التصدي لامور المسلمين. ومنصب الحاكم عليهم، هو انه اذا تم تشكيل حكومة ينبغي ان تكون حكومة متمسكة بولاية امير المؤمنين وتطبق العدالة التي طبقها امير المؤمنين، وذلك بحسب استطاعتها. فمجرد الادعاء بأننا متمسكون بولاية امير المؤمنين لا يكفي، لان ذلك لا يعد تمسك اصلًا. فعندما تتخذ اي حكومة من امير المؤمنين قدوة ونموذجاً لها في تنفيذ الحكم، يجب عليها ان تطبق كل الاحكام والقوانين التي طبقها بحذافيرها، كي يمكن تسميتها حكومة متمسكة بولاية امير المؤمنين. وفي حالة عدم اتخاذه نموذجاً للحكم، او حصول بعض المخالفات عن ذلك النموذج العظيم، فانه حتى لو ادعى هذا الحاكم ونطق ألف مرة يومياً (جعلنا الله من المتمسكين بولاية امير المؤمنين) فهذا القول لا يعدو الكذب. وان المجلس الذي يضم كبار الشخصيات في البلاد، اذا طبق كل الامور التي ارادها امير المؤمنين، واتخذ من العدالة التي اراد امير المؤمنين‏ تطبيقها خلال الفترة التي اتيح له- والتي كانت قصيرة جداً- نموذجاً لتنفيذ الاحكام والامور المناطة به بنفس الصورة التي كانت على عهد امير المؤمنين، وصادق عليها وراعاها بنفس الدقة، عندها فقط يمكن تسمية مجلسنا من المتمسكين بأمير المؤمنين عليه السلام. واذا لم يتمكن مجلس الشورى من القيام بذلك، او لا يريد، لا سمح الله، ان يفعل ذلك، او لا يسمح البعض بتنفيذ هذه الاعمال، عندها لا يمكننا ان ندعي اننا نمتلك مجلساً متمسكاً بولاية امير المؤمنين. والشي‏ء نفسه يصدق على السلطة القضائية، فاذا لم تحذوالسلطة القضائية حذوامير المؤمنين في القضاء عملًا بالقول المأثور" أقضاكم علي"، ولم تطبق الاحكام القضائية الاسلامية، ولم تكن متمسكة بالقضاء الاسلامي، رغم كل ما تدعيه من انها متمسكة به، فانها ستكون سلطة تظهر خلاف واقعها. فالتمسك الواقعي يكون عندما تمارس السلطة القضائية اعمالًا مستوحاة من النموذج العلوي الذي هو النموذج الإسلامي ذاته. وينبغي لكل من يقرأ هذا الدعاء ان يلتفت الى ان التمسك بولاية امير المؤمنين يعني اتباع اهدافه والعمل على تحقيقها.

 

عدم تحمل الظلم حتى لغير المسلمين‏

إن ما يقال عنا بأننا شيعة علي وأننا من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين عليه السلام، لا يكفي ولا يمكن قبوله. فهذه الامور لا تحصل بمجرد النطق بها ولا يمكن تحققها بالتلفظ بها أو باستخدام عبارات معينة؛ انما هي امور عملية. يجب على الذين يدعون بأنهم من شيعة أمير المؤمنين واتباعه، ان يتبعوه بكل شي‏ء في القول والفعل والكتابة والكلام. فإذا لم يكن هذا الاتباع موجوداً وندعي بأننا من شيعة علي، نكون قد قلنا جزافاً وكلاماً لا طائل منه.

لنتأمل أمير المؤمنين خلال فترة حكمه- التي كانت قصيرة جداً وواجهت مشاكل وعقبات عديدة- سنرى انه عندما كتب عهده الهام إلى مالك الاشتر، ذكر كل هذه القضايا المهمة، سواء السياسية منها والاجتماعية، حيث أورد فيه كل شي‏ء رغم انه كان بمثابة وصايا لشخص واحد. فقد كانت رسالة إلى شخص واحد، ويقال حسبما روي ان امير المؤمنين قال في عهده لو ان خلخالًا سرق وانتزع من قدم ذمية أثناء حكومته، فاذا مات المرء أسفاً لذلك لا لوم عليه. هؤلاء هم الشيعة وهكذا يكونون، ليس مثلنا نحن، فالشيعة هم الذين عندما يقع ظلم وان كان بحق ذمي يعيش في ظل الدولة الاسلامية، وان كان هامشياً ممثلًا بانتزاع خلخال من قدم امرأة ذمية، تقول انه لو مات المرء غصة لذلك لا يجب لومه، فهذا الامر له هذه الدرجة من الاهمية عند الشيعة.

 

واجب إنقاذ المظلومين من أيدي الكفار

اننا نشاهد اليوم تعرض المسلمين في بلدان متعددة إلى أنواع الظلم والممارسات التعسفية. ففي‏ لبنان أشعلوا النيران، اشعلتها أمريكا، وحشدوا كل تلك الجيوش، من قبل أمريكا وفرنسا وبقية أذنابهم في المنطقة ضد عدة من الشيعة المظلومين من المسلمين المظلومين هناك، في وقت بقي سائر المسلمين يتفرجون. وكل ما فعلته حكوماتهم هو الامتناع عن الاحتفال بالعيد. فهل يكفي ذلك؟ انها خطوة لا بأس بها، غير ان هؤلاء لا يظلمون الا انفسهم، فهم يقومون بقتل شبابنا في لبنان وفلسطين. كما يرتكبون الجرائم الفظيعة في افغانستان، وفي العراق اضافة إلى إيران. فمجرد عدم الاحتفال بالعيد كافياً؟ وهل يزيل ذلك العب‏ء الثقيل عن عاتق هذه الحكومات؟ انهم يتقدمون بالحراب والمدفع والدبابة وقد بقي المظلومون لوحدهم، ومع ذلك راحوا يسددون ضربات موجعة للمعتدين، لكن الحكومات جالسة تتفرج، وغاية ما فعلته هو عدم الاحتفال بالعيد. لا تحتفلوا انتم بالعيد، ودعوا امريكا واسرائيل يحتفلان. ما هو افضل من هذا العيد حتى تصل بكم الحال الى درجة انكم لا يمكنكم فعل شي‏ء سوى عدم الاحتفال بالعيد. فما هو تأثير عدم احتفالكم بالعيد في هذه الدنيا؟ ولكن إذا ما تبع هذا الامتناع وقوفكم بقبضات قوية ومحكمة في مقابل امريكا والاتحاد السوفيتي والصهيونية وسائر الجناة واستغلال كل الامكانات المتاحة لكم، حينها سيكون لعدم احتفالكم بالعيد تأثير محسوس، والا فان تقديمكم للنفط بالمجان ودعمكم المعنوي لهم، وفرضكم الحصار على تحرك المسلمين والتضييق عليهم وعدم اتاحة الفرصة لهم لينبسوا ببنت شفة، ثم لا تحتفلون بالعيد عندئذٍ، فما هو تأثير عدم الاحتفال بالعيد؟ فهذه التحركات ما هي الا تحريف وتضليل للواقع، وتكتم وتمويه للحقيقة. حيث تريد هذه الحكومات تضليل الرأي العام والتمويه على شعوبها ومسلمي العالم بطرح ادعاء واهٍ من اننا نقف بوجه اسرائيل. فهل يعد عدم الاحتفال العيد تحركاً كافياً لمواجهة المدفع والدبابة؟ الا تمتلكون القدرات لمقاومة اعداءكم؟! فانكم لوقطعتم نفطكم عن العالم واوقفتم تصديره لعشرة ايام فقط، سترون كيف يخضع العالم كله ويرضخ لكم.

 

ان هذه الحكومات ما هي الا مصائب تحل على البلدان الاسلامية، وتتستر باسم الإسلام وتزعم أنها تتبع أحكام الدين الاسلامي، لكننا لا نرى أي أثر للإسلام على أرض الواقع. فالاسلام الذي يقول قرآنه وبكل صراحة انه لا يجب فسح المجال لطلاب السلطة على العالم والكفرة بفرض تسلطهم على المسلمين واحكام قبضتهم على العالم، هل يرضى ان تكون كل مساعيكم مركزة على السماح لهؤلاء بفرض هيمنتهم على العالم؟ ما هي حقيقة الاوضاع الرهنة في لبنان؟ وكيف هو حال الشيعة وبقية المسلمين في لبنان اليوم؟ فهذه الحكومات تريد المساومة مع امريكا والتبعية لها، والمساومة مع اسرائيل وكذلك مع امين الجميّل «1»، فما معنى هذه المساومات؟ فانتم يا من تملكون القدرة لاسكات هذه القوى وانقاذ المظلومين من شرها، وقد وضع‏ الإسلام على عاتقكم مسؤولية شرعية بانقاذ المظلومين من ايدي الكفرة الظالمين، لماذا لا نرى منكم اي تحرك سوى الامتناع عن الاحتفال بالعيد! وتقومون بترتيب مراسم العيد لاسرائيل وامريكا. فهؤلاء كل ايامهم أعياد، لانهم يرون انفسهم وقد انجزوا عملًا مهماً في المنطقة باحتواء الاسلام ومنع المسلمين من التحرك او التقدم، فكل يوم يمر هو عيد لهؤلاء في حين يمر علينا كمصيبة.

 

تصدير الاسلام يتم بالدعوة لا بالحراب‏

إننا اذ نسعى لنشر الإسلام في كل مكان ونتطلع إلى ان يسود العالم، لا يعني ذلك اننا نعمل على تصديره بالحراب والتهديد؛ انما نريد تصدير الاسلام الى ارجاء العالم بالدعوة.

نحن نريد ان نقدم للعالم نموذجاً للاسلام- ولوكان ناقصاً- كي يدرك عقلاء العالم من غير الجناة، وجميع الشعوب المظلومة، ماذا يعني الاسلام وما هي أهدافه. ماذا يريد الاسلام ان يفعل لهؤلاء المحرومين والمظلومين، والمضطهدين. فهو لا يريد سوى انقاذهم وخلاصهم. وان هذه الدول الخليجية التي تسعى للتصدي للإسلام والحؤول دون مساعي الجمهورية الإسلامية، اؤكد لها ان الاسلام ثبت أقدامه خارج ايران رغماً عنكم وسيصدر الى الخارج ويثبت اقدامه في كل مكان. ولو انصفنا بعض المسلمين وبعض الحكومات الاسلامية لامكننا القول ان الحكومات الاسلامية، باستثناء عدد ضئيل جداً، تتخذ من الاسلام وسيلة لبلوغ المناصب العليا، فالاسلام بالنسبة لهم ليس سوى وسيلة لبلوغ غاياتهم الدنيوية. وهم يتشدقون بالاسلام ويدعون به ولا يطبقونه فعلًا، مثل اسلام رضاخان ومحمد رضاخان حيث كان اسلام هؤلاء منحصراً في طباعة القرآن، وكان رضاخان يقيم مجالس العزاء الحسيني، وكان جيشه يشارك في اقامة هذه المجالس ونظموا مجموعات لتضليل الناس- وقد رأيت ذلك بعيني- وكان ينوي القضاء على أساس وأصل هذه المجالس. وكان محمد رضا اسوأ منه حيث وضع خطة عمل ونفذها بدقة وقام بأعمال غايتها اجتثاث جذور العزاء الحسيني. وفي الوقت الراهن يمارس حزب البعث العفلقي في العراق نفس الاساليب والحيل، فقد أصبح البعثيون عباداً ومسلمين الآن لكن عباداً ومسلمين بنظر عبيد زاكاني «1» فقط. فهم لا يقبلون الإسلام اصلًا. وهم يعتبرون الاسلام منافياً ومضاداً لأهدافهم ومقاصدهم وهو كذلك. واغراضهم منحصرة في القمع والتنكيل وتشديد حلقة الخناق وكبت الشعوب ونهب الخيرات وسلب كل ما يمتلكه الناس وتكديس هذه الاموال في حساباتهم الشخصية في البنوك الاجنبية، مثلما فعل محمد رضا غير ان الاسلام لا يعترف بمثل‏                         هذه الممارسات ولا يفهم مثل هذا الامر. كما ان هؤلاء يعرفون تماماً بأن الاسلام ليس بهذه الصورة، اذن لا بد من القضاء عليه.

 

خدمة المحرومين مظهر ولاية امير المؤمنين عليه السلام‏

اننا إذ نصبو لأن يكون تجسيداً ولو ناقصاً لولاية الامام علي عليه السلام في بلادنا، علينا الالتفات الى امر هام وهو ان لا نكتفي بالتظاهر واطلاق الشعارات، كل ذلك لا يكفي. فالحكومة مطالبة بالحذو حذو الإمام علي عليه السلام الذي كان قلبه يتألم من اجل المحرومين، وان تبذل غابة جهدها لنصرة المحرومين وانقاذهم، كما يفعل الاب عندما يرى اطفاله جوعي، فهو يسعى بكل ما اوتي من قوة لتوفير لقمة العيش لهم واشباع بطونهم، وهكذا يجب ان تكون الحكومة التابعة لامير المؤمنين. وحكومتنا هكذا والحمد لله، رغم انني لا يمكنني الادعاء بان بامكان شخص عادي ان يصبح كأمير المؤمنين عليه السلام. وهو بنفسه قال بانكم لا يمكنكم ذلك، ونحن لا يمكننا بالفعل، لكننا يمكننا اعانته بالورع والتقوى، اعانة بالحد الذي نستطيع. فلدى كل واحد منا قوة معينة الى حد ما، يمكنه استغلالها للحفاظ على حياته وعلى الجمهورية الاسلامية. فاذا اجتمعت هذه القوى الصغيرة وتوحدت، فانها ستتحول الى قوة كبرى ومقتدرة.

والشعب الايراني اليوم، الذي يبلغ تعداده اربعين مليون نسمة، اصبح قوة اسلامية كبرى، واذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن وان شاء الله سيستمر، واحتفظ الشعب بانسجامه وتضامنه مع حكومته، وموالاته لمجلسه وواصل اسناده للجيش كي يتسنى له تحقيق المزيد من الانتصارات في هذه الحرب التي فرضت عليه، فاذا كانوا كذلك، عندها يمكن الادعاء بان جزءا من مقام الولاية قد تحقق في هذا البلد. اسعوا بكل جهدكم، ولتبذل الجمعيات والاجهزة والمؤسسات الاسلامية غاية جهدها للمحافظة على الاقتداء بالامام علي عليه الس- لام والعمل لتحقيق الاهداف التي كان ينشدها. ولا ينبغي لاي احد ان يقتنع او يقبل بما تحقق فعلًا، كلا لا يحق لاحد ابداً ان يقتنع بذلك.

 

انتصار الاسلام بايدي الفقراء والمحرومين‏

الانسان كائن لا حد له ولا نهاية. وبالنسبة للمعنويات لا يوجد اي حد للانسان حتى يسمو في مدارج الكمال المطلق. والشي‏ء نفسه يقال بالنسبة للقدرة، فالقدرة الاسلامية للانسان لا حد لها. وبناء على ذلك ينبغي للجميع الالتفات الى هذه النقطة المهمة وهي انهم اذا تأخروا في التحرك او تباطأوا في العمل فان الذئاب ستفترسهم .. اذا تأخروا في استغلال هذه الطاقات التي حققت الانتصار في الجبهات وتحقق كل يوم النصر للاسلام والحمد لله، اذا تأخرت هذه القدرات وتأخر الشعب، فالذئاب تتربص بهم وتتحين الفرص للانقضاض عليهم وابتلاع ايران بأجمعها، وانتم وحدكم قادرون ومطالبون بالحفاظ على وطنكم والدفاع عنه. وانتم سكان الأكواخ وبيوت الطين الذين يعود الفضل لكم في تحقيق الانتصار للإسلام، يا من ضحيتم بكل شي‏ء من اجل الاسلام- واننا جميعاً مدينون لكم ولتضحياتكم- عليكم الالتفات إلى ضرورة الحفاظ على هذه الوحدة الالهية. ولا تدعوا الشياطين ينسلون بين صفوفكم ويوجدون الوساوس بان شيئاً لم يحدث فعلًا. فهؤلاء الشياطين يريدون اعادتنا للوراء واقامة مجالس الرقص والفساد واللهو التي كانت معهودة في ايام محمد رضا وغير ذلك من الملاهي ودور السينما الفاسدة. وذلك لن يحدث بتاتاً ولا يمكن ان يحدث ابداً. واولئك الذين يدعون ان شيئاً لم يتحقق في بلادنا، وان البلاد مازالت على حالها بل اصبحت اوضاعها اسوأ، انما يقولون ذلك لان الاوضاع صارت بالشكل الذي لا يروق لهم ولذا ينظرون اليها بأنها اصبحت اسوأ من ذي قبل. فهم يريدون ان تكون بلادنا كما في الماضي، حيث المشروبات الكحولية منتشرة في كل مكان وتناولها مشاع كشرب الماء، ويريدون اشاعة الفحشاء في ارجاء البلاد، فهؤلاء ساخطون على ما يجري ايضاً. الا انكم سكان الاكواخ والمناطق المحرومة، والفلاحون والعمال، انتم يا من تشكلون بنية واساس هذا البلد، اوصيكم باليقظة والحذر وان لا تدعوا وساوس الشياطين تدب إلى قلوبكم، والاندساس بينكم لاقعادكم واحباط مساعيكم واعمالكم.

فانتم ترون بأعينكم كل هذه الانجازات العظيمة التي تحققت في ايران خلال هذه المدة القصيرة. فقضية تسرب النفط والصواريخ التي اطلقها حزب البعث علينا، وكل هذه الجرائم التي ارتكبوها بحقنا، والحملات التي راحوا يشنونها ضدنا باننا المسؤولون عن كل هذا الدمار، واطلقوا دعايات مغرضة ضدنا بان على العالم اجمع ان يتحد ويفعل كذا وكذا ضدنا، وانه يجب تأسيس صندوق دولي وان يفعل كذا وكذا، وان على امريكا او بريطانية او غيرها ان تفعل كذا وكذا. لكن شبابنا المتمسكين بالاسلام الذين ادركوا أهمية نصرة المحرومين، بادروا لانجاز هذا العمل المهم. واليوم يجلس اولئك المعادون لشعبنا في الخارج ويطلقون المزاعم الواهية والاراجيف ضدنا. وبما ان شبابنا حققوا هذه المعجزة لبلادنا، فأنتم ايضاً يمكنكم فعل ذلك. فقد بادر هؤلاء الاخوة والاصدقاء، وسكان الاكواخ والعمال بتأسيس المعامل، وانتم أيضاً يمكنكم انجاز مثل هذه الاعمال، لكن عليكم الحذر وعدم التغافل عن الله حتى للحظة واحدة. فالتغافل عن مصدر القوة يوصل الانسان الى الهلاك. ومصدر القوة هو وحده وبيده كل شي‏ء ونحن لا شي‏ء في الوجود. ونشكر الله سبحانه وتعالى على شملونا بعنايته وتلطفه علينا.

 

خدمات الحكومة والمجلس للشعب‏

والقدرة التي بيدكم اليوم مستمدة من القدرة الالهية ما دمتم محتفظين بهذه اليقظة والحالة التي انتم عليها الآن، وطالما بقيتم غير متأثرين بالدعايات المثارة ضدنا. فكما تعلمون ان بلادنا تخوض حرباً، وما تبع ذلك من مقاطعة اقتصادية، ومعارضة كل دول العالم لنا، واجتماع القوى العظمى ضدنا وفرضها العزلة على حكومتنا؛ لكن رغم ذلك فان حكومتنا لم تقترض حتى سنتاً واحداً من الخارج وهي تؤدي مهامها على احسن وجه. كما يباشر مجلس الشورى وبكل ما اوتي من قوة اعماله في سن القوانين الاسلامية والمصادقة عليها التي هي لصالح المسلمين ومنفعتهم، فيما انجزت بقية مؤسسات الدولة اعمالًا مهمة لاعادة اعمار البلاد وبناها التحتية، ولو أنها تحدثت عن القليل لكنها فعلت الكثير. وكل ذلك لان بلدنا يتطلع للوقوف على قدميه ومواجهة التحديات، وان هذا الشعور ظهر بين الناس عندما توالي تحقيق كل هذه المعاجز. فقد حاول اعداؤنا الايحاء لنا بأننا عاجزون عن فعل شي‏ء وان علينا استيراد ما نحتاجه من الخارج، وان كل ما نملك يجب ان يكون اجنبياً، وعندما يسيطر علينا مثل هذا الإحساس، فان الافكار تصبح جامدة، وتقتنع باننا عاجزون ولا يمكننا فعل شي‏ء واننا بحاجة لأن يأخذ الآخرون بيدنا. لكن الآخرين لم يأخذوا بأيديكم، بل اخذوا ونهبوا اموالكم وافرغوا خزائن بلادكم. واليوم ولد شعور بأننا قادرون، وجعل كل الأفكار متركزة ومنصبة على نقطة واحدة وهي أن كل شخص أينما كان يمكنه فعل شي‏ء، ويمكنه خدمة شعبه حتى يمكنكم التقدم مادام هذا الإحساس موجوداً فيكم.

وانني آمل ان يتواصل هذا الاحساس وان تتقدم بلادكم، وان يأتي اليوم الذي تتمكنون فيه من انجاز كل ما يحتاجه البلد. جعلكم الله من الموالين الحقيقيين للائمة الأطهار ومن شيعة علي بن أبي طالب (سلام الله عليه) ان شاء الله، وهدى أعداءكم لطريق الرشاد أو محاهم من الوجود إذا لم يكن رشادهم ممكناً إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة الله‏

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صحيفة الإمام، ج‏18، ص: 131

خطاب‏

التاريخ 4 مهر 1362 ش/ 18 ذي الحجة 1403 هـ. ‏

المكان: طهران، حسينية جماران‏

الموضوع: كيفية التمسك بولاية أمير المؤمنين (ع)

المناسبة: عيد الغدير