ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي نصّ مقال ممثّل حركة الجهاد الإسلامي في إيران الدكتور ناصر أبوشريف حول تداعيات عمليّة «طوفان الأقصى» حيث يقول أنّ إسرائيل وصلت إلى شفا الانهيار في عمليّة «طوفان الأقصى» فهبّت أمريكا وأوروبا لإنقاذها، وأنّ ما تقوم به إسرائيل من مجازر يدعمها الغرب الذي يدّعي الديمقراطيّة سقوطٌ مدوٍّ لكل القيم الأخلاقيّة والإنسانيّة، كما يشدّد على أنّ «طوفان الأقصى» كان عمليّة فلسطينيّة بالكامل على المستوى التخطيطي والتدريبي والتنفيذي والقيادي.

 

الكاتب: الدكتور ناصر أبوشريف

 

فيما يتعلق بعملية طوفان الأقصى، هزمت إسرائيل هزيمة كبيرة ووصلت إلى شفا الانهيار وهذا ما استدعى هذا التعاطف الإستكباري الكبير من أمريكا حتى أوروبا، وحتى بعض الدول مثل أستراليا. الكل هبّ من أجل ألا تنهار إسرائيل. كانت ضربة غير عادية وغير مسبوقة في تاريخ الكيان الصهيوني، فشل في كافة الجوانب والمناحي. ارتدادات هذه العملية وآثارها كانت على كافة الأصعدة ولذلك كان كلام حاييم لفسون الكاتب الصهيوني، صحيح أن إسرائيل هزمت بهذه الضربة الأولية وكل شيء تقوم به هو مجرد مجازر للرد ولمحاولة تركيع هذه الصورة وهذا الوجه الذي تهشم في هذه العملية. 

 

إنّ ما تقوم به إسرائيل الآن مجرد مجازر يدعمها الغرب، وهذا أيضا سقوط مدوًّ لكل القيم الأخلاقية والإنسانية. يتم تدمير شعب بأكمله على مرأى ومسمع من العالم، وارتكاب جرائم ضد البشرية وضد الإنسانية بكافة أنواعها، وكلها مسجلة ومصورة وتجري ببثٍّ حيٍّ على مستوى العالم. سقوط مدوٍّ لكل القيم الأخلاقية، سقوط مدوٍّ لكل هذه الحكومات التي تتغنى بالديمقراطية. كذب مفضوح وبشكل واضح، حيث أن الرئيس الأمريكي يمارس الكذب علنا ويضطرّون في بعض الأحيان في المخابرات وأجهزة البيت الأبيض لأن يلاحقوا بعض أكاذيبه، فقد بنى ادعاءاته على رؤية بعض المشاهد التي سرّبها له أكبر كذّاب موصوف في إسرائيل. نتنياهو، مشهور بالكذب في داخل إسرائيل، والرئيس الأمريكي يبني تصريحات بناء على دعاية من نتانياهو. وهذا إحراج كامل للبيت الأبيض لتغيير رواية الرئيس وادعاءات الرئيس، وطبعا ذلك في محاولة لشيطنة المقاومة. نحن شعب محتل بالظروف الطبيعية، ويجب أن يكون داعمنا الأساسي أمريكا والدول الغربية التي تتغنى بحقوق الإنسان وحقوق البشر وحقوق تقرير المصير وغيرها من هذه المفاهيم. 

 

عندما ينظر المرء إلى الرئيس الأمريكي يخطب في جمعية الأمم المتحدة يعتقد أنه المسيح المنتظر، وإذا نظر إلى أفعاله وتصريحاته فيما يتعلق بقطاع غزة يعرف أنه المسيح الدجال، وهو المسيح الدجال عينا. فهذه هي أفعالهم وهذه هي جرائمهم، وهي شاهدة على قذارتهم وعلى طبيعتهم. لذلك أملنا الآن كبير ويجب أن يكون أملنا كبير في فضح وجوه هؤلاء المجرمين والكشف عنها. هؤلاء مجرد قتلة مجرمين هم من أنشؤوا المسألة اليهودية في فلسطين، هم من أنشؤوا المسألة اليهودية أصلا في أوروبا، هم من قتلوا اليهود وارتكبوا المجازر بحق اليهود وصدروا المشكلة لنا ويحاولون الآن تصويرنا بما قاموا به هم. هذه هزيمة لهذا الكيان وإساءة لوجهه وتهشيم لصورته وهي هزيمة أخرى في تبيين حقيقته وحقيقة الغرب الدائم له. على الأمة أن تستيقظ، المشكلة للأسف الشديد في أمتنا، المشكلة في قادتنا الطغاة والاستبداديين. على الأمة أن تستفيق وترى هذه المجازر وتقف وقفة واحدة في مواجهة هذ الكذب وهذا التضليل وهذا الإجرام الصهيوني-الأمريكي.

 

ولكن، ما بعد هذه العملية لن يكون كما قبله، حتى لو أباد الكيان الصهيوني كل قطاع غزة. هذه صورة الكيان الصهيوني المتغطرس المتكبر كلها تهشمت وتحطمت وارتدادها وصلت إلى كل مفاصل هذا الكيان ووصلت إلى العالم كله ووصلت إلى شعوبنا في النهاية. لن يكون ما بعد هذه العملية كما قبلها. هذه فعلا خطوة كبيرة على طريق فتح فلسطين مرة أخرى وتطيير هذا العلو الصهيوني كما وعد الله سبحانه وتعالى. إذا اقتبسنا من الآية الكريمة «لِـيَسُوءَ وُجُوهَكُمْ» فهي فعلا إساءة لهذا الوجه الصهيوني لم تحدث من قبل وإساءة ولطمة لكل من يدعم هذا الكيان الصهيوني ومحور الشر من أمريكا إلى أوروبا، إلى كل الذين يدعمون هذه الجرائم الصهيونية. هذه الصورة قد تكون المسألة الساخنة وهناك تحريض وضغط من القوى السياسية. لكن بعد ذلك، وبعد أن تهدأ الأمور، سوف تشكل هذه الصورة ضربة كبيرة لصورة الغرب المتغطرس ولصورة هذا الكيان الصهيوني المجرم. 

 

إنّها جرائم حرب يندى لها جبين البشرية، تمارس الآن، والرئيس الأمريكي يدافع عن الكيان الصهيوني. هذا الأعور الدجال لن يصمد بعد هذه المعركة، هذا الأعور الدجال سوف يكون هدفا لكل أحرار العالم بعد أن تهدأ هذه المعركة، وحتى بعد أن يهدأ العمل في قطاع غزة، وكما ذكرت سابقا، حتى لو أبادوه، سترتد في النهاية إلى الداخل الإسرائيلي. أي سيكون لصمت أصوات المدافع محاسبة كبرى سوف تطرح على المستوى السياسي والعسكري وسوف تنشغل إسرائيل بنفسها في ظل هذه العملية الكبرى. هذه عملية كبرى وهذا فرقان كبير وما بعده لن يكون كما قبله. شهداؤنا في الجنة وقتلاهم في النار. الله سبحانه وتعالى شاهد وشهيد «قُتِلَ أَصحاَٰبُ ٱلأُخدُودِ ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلوَقُودِ إِذ هم عَلَيهَا قُعُودٞ وَهُم عَلَىٰ مَا يَفعَلُونَ بِٱلمُؤمِنِينَ شُهُودٞ وَمَا نَقَمُواْ مِنهُم إِلَّا أَن يُؤمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلعَزِيزِ ٱلحَمِيدِ». لو فرغ كل قطاع غزة سيذهب إلى الجنة بإذن الله سبحانه وتعالى وسيكون لعنة على كل من شاهد هذه المناظر ولم يقف إلى جانب الحق الفلسطيني.

 

وتجدر الإشارة، إلى أن العملية كانت عمليةً فلسطينية تخطيطا، تدريبا، تنفيذا وقيادةً، كل هذا كان عملا فلسطينيا وهو أيضا من أجل أهداف فلسطينية. نحن بلادنا محتلة، فلسطين هي أرض محتلة وقطاع غزة هو القطاع المحاصر منذ سبع عشرة سنة، سجنٌ كبير يعيش به اثنين من عشرة مليون فلسطيني ومنطقة مكتظة بالسكان وتمارس عليها كل أنواع الجرائم ضد الإنسانية على مرأى العالم. الضفة الغربية محتلة، الاستيطان من الكيان الصهيوني، الاعتقالات اليومية، القتل اليومي، جرائم المستوطنين، بناء المستوطنات، هدم البيوت، تدنيس المسجد الأقصى، محاولة السيطرة التامة عليه، محاولة هدم المسجد الأقصى وبناء المعبد... كل هذه أفعال وجرائم صهيونية.

 

حكومة يمينية، والعالم كله استنفر بسببها ويعرف حقيقتها ويعرف حقيقة أفرادها. حتى الحكومات الغربية لم تستطع أن تدعمها لقباحتها ولإفراطها ولسلوكها حتى فيما يتعلق بالغرب. ثم بعد ذلك يقولون هذه الفعلة من إيران. لا، هذه ليست مسألة إيرانية. هي مسألة فلسطينية، وبالأساس هي تتعلق بالقضية الفلسطينية، وتتعلق بسلوك الاحتلال الإجرامي ونظام الفصل العنصري الذي يطبق على الفلسطينيين. يريدون تصدير المشكلة وكأنها مشكلة إيرانية، لا، المشكلة فلسطينية، ومن قام بهذا الفعل قام بأسباب فلسطينية ذاتية وهي محقة وعادلة جدا. إنّ أي محاولة التغطية على الجرائم الصهيونية تسبب في النهاية المقاومة الفلسطينية ورد الفعل الفلسطيني على كل هذه الجرائم وهو محق في ذلك. ولو كان هناك عدالة بشرية لكان العالم كله سيقف في ظهر الفلسطينيين، ولكن للأسف الشديد في ظل هذا الطغيان المطلق، وفي ظل هذا الجور المطلق الذي تمارسه أمريكا وحلفاء أمريكا، حيث أنهم يحاولون أن يصرفوا الأنظار عما يقوم به الكيان ويحاولون تصدير المشكلة وكأنها مسألة إيرانية. إيران بلد مسلم يرى ويعرف الحق ويعرف أهله ويدعم الحق ويدعم أهله على خلاف كل الحكومات الأخرى.

 

الجمهورية الإسلامية تدعم الشعب الفلسطيني لأن الشعب الفلسطيني محق وقضيته محقة وعادلة، وكل العالم يعرف ذلك ولذلك يقدم له المساعدة. لكن ما يقوم به الفلسطينيون، يقومون به لأسباب ذاتية تتعلق بالمسألة الفلسطينية ولا يقومون بأي فعل من أجل بلد آخر. إيران بلد قوي وبلد مقتدر وعنده مؤسسة سياسة وحكومية كبرى وعنده إمكانيات مادية كبيرة. عنده جيش وهو يدافع عن نفسه ولا يحتاج للفلسطينيين كي يدافعوا عنه. بالعكس، إيران هي من تدافع عن الحق الفلسطيني لأنه حق، وتدافع عن القضية الفلسطينية لأنها قضية إنسانية في الدرجة الأولى وتدافع عن فلسطين لأنها قضية أخلاقية من الدرجة الأولى وتدافع عن المقدسات الإسلامية لأنها تخص كل المسلمين.