إنّ انتصار الشعب مدين أولاً لمساعي علماء الدين، ثم لمساعي الفئات الأخرى. وقد أنجزتم مهمتكم كما قضت مسؤوليتكم الشرعية باحتلال موقع الريادة في قضايا الأمة. لقد شوّه أعداء الإسلام وأعداء العلماء سمعتكم وسمعة الإسلام.‏

 

* فصل الدين عن السياسة‏

 

إنّ أعداء البشرية يزعمون أنّ جميع الأديان أفيون. ولمّا رأوا أنّ الدين والعلماء فقط يقفون بوجههم، نهضوا ضد هاتين القوتين وخططوا منذ أمد بعيد لضربهما! وزعموا أنّ الأغنياء والجبابرة اختلقوا الأديان لإسكات الناس! ومسألة فصل الدين عن السياسة التي افتعلت بزيف ومكر تامّين جعلت الأمر يلتبس علينا أيضاً، إلى درجة عدنا فيها نحسب «عالم الدين السياسي» سبّة! وإن كان السادة قد رتلوا في أدعيتهم الموثقة عبارة «ساسة العبادة»(1) لكننا رغم ذلك وبفعل ذلك الزخم من الدعاية صدّقنا بفصل الدين عن السياسة، وأنّ «على عالم الدين أن يمضي لمحرابه، وعلى الشاه أن يواصل السلب»!.‏

 

* الإسلام دين السياسة:‏

 

إن الإسلام دين السياسة، الإسلام يتضمن الدولة والإمامة والخلافة. فالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أقام الدولة، وأمير المؤمنين علي (عليه السلام) كانت له دولة ومحافظون وقادة وجيش. فاقرأوا عهد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لمالك الأشتر(2) واعرفوا ما هو؟ فكتابنا غني، وسنّتنا زاخرة، فيهما ما يخص كل شأن، إلاّ أنهم أساؤوا عرضهما.‏

 

* انتصار الدم على الحراب‏

 

وقد شهدتم الائتلاف القائم بين الجناحين، بين علماء الإسلام والفئات الأخرى، كيف أدى هذا الائتلاف إلى نهوض أمة، فقد تأتّى للشعب بوحدة الكلمة أن يدحر جميع القوى العظمى. وكلكم يعرف محمد رضا، فقد كان ذا قدرة، وتسانده السوفيت وأميركا وإنجلترا، والبلدان الإسلامية، والصين وسائر القوى.‏

 

وإنكم نهضتم بوجه قوة بهذا الحجم، وأنتم أبناء الشعب والحفاة الذين صودرت جميع إمكانياتكم، قد نهضتم وبفضل وحدة الكلمة وحطّمتم ذلك بقبضاتكم، فتغلّب الدم على الحراب! لقد أسقطتم الشاه عن عرشه، ففرّ وأخذ معه – هو وأسرته – كل شيء. فكم من مصائب أنزلوها بهذا البلد وبمقدساته! رجل فاسد أباد البلاد بأسرها ولم يُبقِ في أيدي الناس شيئاً. حرموا الناس من الحرية خلال الأعوام الخمسين الماضية، إذ لم يكن لهم نائب يمثلهم، ولا مجلس، ولا حكومة، فلا شيء هناك يمتّ بصلة إلى الأمة، وكل شيء كان يعتمد على خارج البلاد. فعندما فرضوا رجلاً فاسداً على البلاد، بلغ به الأمر أنْ أباد كل شيء فيها وهو يواصل الثناء على نفسه!‏

 

هذه محننا، عالم الدين لا يلهج بهذا الكلام؟! أغاروا على جميع إمكانياتنا، عزلوا عالم الدين عن المثقفين. فلو لم يكن لهذه الثورة ثمرة سوى توثيق العلاقة بين طلاب العلوم الدينية وشريحة الجامعيين، فهي أفضل ثمارها! إن سرّ انتصاركم اجتماع كلمتكم، فلو سلبوا هذه الوحدة منكم لعاد إلى البلاد ما قد سلف من أسر ونهب.‏

 

أرجو لكم من الله التوفيق. فأنا خادمكم، وخادم البلاد. قدمت لأصون شخصيتكم، وأسحق أعداءكم، وأفضح الذين يريدون إعادة المسائل السابقة باسم الوطنية والدستور! أسأل الله تعالى أن يمنّ عليكم جميعاً بالتوفيق! والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏

 

ــــــــــــــــ

 

(1) تعبيراً عن الأئمة (عليهم السلام).‏

 

(2) إشارة إلى ما كتبه الإمام علي (عليه السلام) إلى مالك الأشتر النخعي في عهده إليه حين ولاه مصر وأعمالها.‏