أهمية يوم القدس كما يراها الإمام الخميني

تمهيد

 بعد نحو مائة عام، بددت الثورة الإسلامية في إيران صمت العالم إزاء القضية الفلسطينية. وانطلاقاً من رؤيتها الواقعية، و استلهاماً من العقيدة و التعاليم الإسلامية التي تشكل حجر الزاوية للمدينة الفاضلة التي يطمح إليها كل مسلم حرّ؛ عملت الثورة الإسلامية على تدوين إستراتيجية دقيقة طويلة الأمد، تهدف إلى إحباط مشاريع الصهاينة – التي راحوا يخططون لها على مدى أكثر من قرن – واستعادة الحقوق المغتصبة للشعب الفلسطيني، وإرساء السلام العادل وإعادة ارض الأجداد إلى هؤلاء المناضلين الذين باتوا مضرب المثل في تاريخ العدالة..

ولا شك في أن شعوب دول المنطقة لن تكون بمعزل عن المكاسب المسلمة لهذه الموازنة للقوى، لاسيما تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، والعمل على تحقيق أهداف الثورة الكبرى التي فجرها الإمام الخميني.. أجل، العيش الحر في كنف الحق تعالى بعيداً عن الميول والرغبات التي لا جدوى من ورائها سوى الخنوع لقوى الشرق و الغرب الانتهازية.

إن إعلان اليوم العالمي للقدس من قبل الإمام الخميني (قدس سره)، كان قد حدد موقف الثورة الإسلامية في إطار مشروع استراتيجي للتصدي لمخططات الصهاينة التي تستهدف القضاء على الشعب الفلسطيني وإزالة كافة المظاهر الإسلامية في هذه الأرض المقدسة..

ولا يخفى أن مثل هذه الخطوة تشير إلى حنكة سياسية لقائد فذ، حيث دخلت دعوته لمقارعة الباطل في آخر جمعة من شهر ضيافة الله، تقويم المسلمين واخذوا يحتفلون بها كل عام.. إنه يوم تضامن المسلمين وأحرار العالم في مواجهة كيان يطمح للهيمنة على العالم بأسره، ويهدد الأمن والسلام العالميين.

يكتسب مشروع اتخاذ يوم عالمي للقدس، إحياء للقضية الفلسطينية، أهميته كونه يضع رمزاً دينياً بارزاً في خدمة الأهداف الفلسطينية قبالة الرؤية الوطنية والقومية الضيقة.

وبناءً على ذلك استطاعت مبادرة الإمام الخميني هذه، أن تنقل تسوية الأزمة وإدارتها من المستوى الحكومي والرسمي، إلى أوساط الشعوب والجماهير والاستحواذ على توجهات الرأي العام العالمي.. كما أن انتفاضة الشعب الفلسطيني تشكل هي الأخرى أحد المظاهر الإسلامية في المطالبة بالحق المستلهمة من الثورة الإسلامية، والتي اكتسبت زخماً مضاعفاً من النجاح الباهر الذي حققته المقاومة الإسلامية في لبنان بطردها للصهاينة من أراضيها.

 

انتصار الثورة الإسلامية

 مهد اندلاع الثورة الإسلامية في إيران الأرضية لبروز تحولات عميقة في البنى الثقافية والسياسية على صعيد المنطقة والعالم. ونظراً لما اتسمت به من روحية مناهضة للظلم والتصدي للقوى المتغطرسة، كانت الثورة الإسلامية مختلفة عن الثورات الأخرى التي عرفها التاريخ.

ومن الواضح أن الدفاع عن أهداف الشعب الفلسطيني شكّل أحد أبرز أبعاد الثورة الإيرانية. وقد أكتسب هذا التوجه أهمية أكبر نظراً لتزامن انتصار الثورة مع معاهدة كامب ديفيد. المعاهدة التي تم توقيعها بين الكيان الصهيوني والأنظمة العربية برعاية الولايات المتحدة الأميركية. إذ كان المستعمرون يتصورون بأنهم سرعان ما سيتمكنون من فرض هيمنتهم على الدول الإسلامية، والإيهام شيئاً فشيئاً بانتهاء القضية الفلسطينية من خلال تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

بيد أن انتصار الثورة الإسلامية في إيران أحبط كل مخططات المستعمرين. وبفضل قيادة الإمام الخميني (قدس سره) الواعية والحاسمة، اتخذ الصراع مع إسرائيل شكلاً آخر. إذ استطاع سماحته، بوحي من إدراكه السليم لأبعاد القضية الفلسطينية، واعتماده دوراً محورياً للجماهير، ومواقفه الجريئة والشجاعة في التصدي للمشاريع الصهيونية؛ استطاع أن يخلق ظروفاً صعبة لهذا الكيان.

لقد لفت انتصار الثورة الإيرانية إلى أن الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني وعودة الحق إلى أصحابه، هو السبيل الوحيد لتسوية هذه الأزمة التاريخية.

وبدوره بدأ الشعب الفلسطيني، وبالاستلهام من تجربة الثورة الشعبية في إيران والتأسي بالنضال المدروس في تعبئة فئات المجتمع، بدأ بتنظيم التظاهرات وإقامة المسيرات الضخمة بمشاركة جموع غفيرة من النساء والأطفال وعلماء الدين والمثقفين، وانطلق الجميع بقبضات حديدية وبالعصي والحجارة في صف واحد يواجهون رصاص الإسرائيليين. وقد استطاع الشعب تغيير أشكال النضال إلى حد كبير انطلاقاً من المسجد وصلاة الجمعة.

إن دخول هذا العامل المصيري إلى ساحة النضال، والتواجد الواعي والعملي للجماهير، نقل القضية الفلسطينية إلى وضع مختلف تماماً تشكل الانتفاضة أبرز معالمه.. فكانت الانتفاضة الأولى، التي عرفت بالانتفاضة الكبرى، عام 1987 واستمرت حتى عام 1991. ومن ثم انطلقت الانتفاضة الثانية عام 2000 التي عرفت بـ (انتفاضة الأقصى).

وتشير الانطلاقة الجديدة للشعب الفلسطيني إلى يأس الفلسطينيين من مباحثات التسوية غير المجدية، وفقدانه الأمل بدعم الدول العربية التي تجاهلت القضية الفلسطينية وأبنائها المشردين.

كان هذا التجاهل مشهوداً تماماً في القمة العربية التي عقدت في العاصمة الأردنية عمان في نوفمبر 1987، حيث جاءت القضية الفلسطينية بالدرجة الثانية من حيث الأهمية لأول مرة، فيما أُعطيت الأولوية لدعم العراق في حربه ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

ولا يخفى أن يأس الجماهير وإحباطها من مواقف منظمة التحرير الفلسطينية التي أدارت ظهرها للكفاح المسلح وكرست كل اهتماماتها للمساعي السياسية والدولية غير المجدية أملاً في تسوية الصراع العربي الإسرائيلي، وتوجهها – الجماهير – إلى الإسلام وعقدها الآمال على نتائج هذا الخيار؛ شكل دافعاً قوياً لانطلاقة الانتفاضة الثانية.

ومن البديهي لن تكون هناك ثورة من دون الجماهير، لأن ليس بوسع العناصر الأخرى – مهما كانت فاعلة ومؤثرة – أن تخلق معجزة.

لقد تأثرت فلسطين المحتلة، شأنها شأن البلدان الإسلامية الأخرى، بقيادة الإمام الخميني، وكان تأثير الثورة الإسلامية في فلسطين أكثر من أي مكان آخر، لأن المسلمين الفلسطينيين القابعين تحت هيمنة الصهاينة الوحشيين، هم أكثر عرضة للظلم والاضطهاد من جميع الشعوب الإسلامية.

إن دعم الإمام الخميني ومساندته الفلسطينيين، علّمتهم بأن بوسع الشعب القيام والنهوض إذا ما استلهم تعاليم الإسلام، وتحقيق النصر، رغم أن تحرير القدس من مخالب الكيان الصهيوني بحاجة إلى وقت ليس أكثر.

ومعلوم أن الانتفاضة لم تقتصر على المدن ومخيمات اللاجئين التي تتسم عادة بوعيها السياسي، وإنما امتدت إلى المناطق النائية أيضاً.. ففي السابق كان النضال الفلسطيني مقتصراً على الإصلاحات الاجتماعية ويفتقر إلى سمات الثورة أصلاً. غير أن جماهير الانتفاضة باتت تؤمن بأن الذين يقفون على رأس السلطة عاجزين عن تلبية طموحات جيل الشباب. ولهذا كان إحباط الشباب الفلسطيني ويأسهم بلغ حداً أخذوا يشعرون بأن ليس لديهم ما يخشون فقدانه، فكانت الانتفاضة نقطة الانطلاقة.

باختصار يمكن التعرف على معالم السياسة التي انتهجها الإمام الخميني (قدس سره) وتأثيرها على انتفاضة الشعب الفلسطيني، من خلال النقاط التالية:(1)

 

 أولاً) التعبئة الثورية العامة لأبناء الشعب وعلماء الدين

 شكلت التعبئة التقليدية وغير الرسمية للتحركات المدنية الموسعة عن طريق المساجد في مختلف أنحاء إيران، قوة كامنة لإحداث تحولات اجتماعية كبرى. إذ أن الإمام الخميني ومن خلال اعتماده على هذه القوة، لم يلجأ إلى أساليب النضال السياسي المتداولة في العالم، من قبيل تأسيس الأحزاب والتنظيمات السياسية والعسكرية و الميليشيات المسلحة.(2) وإنما حاول توعية الجماهير بدوافع نضاله وأهدافه مستعيناً بالأواصر التقليدية والبسيطة للغاية الماثلة في صلب المجتمع.. في الحقيقة أن ارتباط الجماهير بقيادة الثورة في إيران، لم يكن عن طريق التنظيمات المناضلة والتشكيلات المعقدة، بل بوحي من صراحة الإمام وشجاعته ولهجته الخطابية الخاصة به وحده التي كانت قابلة للفهم من قبل كافة فئات المجتمع بما فيها الأميين.

 ومعلوم أن الانتفاضة الفلسطينية كانت قد تبلورت في مرحلة من التاريخ النضالي للفلسطينيين، كان النضال الحزبي والدبلوماسي على مدى عدة عقود لاستيفاء حقوق الشعب الفلسطيني، قد وصل إلى طريق مسدود، وكانت الإيديولوجيات غير الدينية والمستوردة قد عجزت عن تعبئة الطاقات والإمكانات الفلسطينية بما يخدم تطلعات الشعب الفلسطيني ومنيت بالفشل.

 وفي هذه الأثناء كانت الثورة الإسلامية في إيران قد برهنت على مدى الهوة والتعارض بين القوى المتغطرسة وبين الحركات الشعبية الحقيقية، وقد تجلى ذلك بوضوح في الدعم الأميركي لشاه إيران والتصدي لأكثر ثورات القرن العشرين استقلالية وشعبية.

 وان الانتفاضة الشعبية الفلسطينية فعلت الشيء نفسه في لفت الأنظار إلى تناقضات الأنظمة الداعمة لإسرائيل. ولعل خير دليل على تناقض هذه الأنظمة التي تتبجح بالديمقراطية، تأييدها لجرائم الكيان الصهيوني في قتل وقمع واضطهاد شعب يطالب بحقه في تقرير مصيره وحقه في السيادة.

 

ثانياً) أسلوب النضال

 شكلت مرحلة الصحوة الخطوة الأولى في الانتفاضة الفلسطينية مثلما هو الحال في الثورة الإسلامية. ورغم تباين بعض الدوافع بالنسبة للانتفاضة الفلسطينية والثورة الإسلامية، إلا أن الجيل الفلسطيني الصاعد الذي خطى في ساحة النشاط السياسي والاجتماعي، كان يرى أمامه حياة تعيسة وظلم الصهيونية القاهر بدلاً من الهزيمة والخنوع. وللخروج من هذا الطريق المسدود، لم يكن يرى في أساليب النضال السابقة جدوى، بل أن الأساليب والتصورات السابقة كانت سبباً رئيسياً في إيصال النضال الفلسطيني إلى طريق مسدود.

 وقد حاول الكيان الصهيوني، من خلال استخدام القوة العسكرية والحملات الدعائية، إلى إيهام الرأي العام الفلسطيني باستحالة تغيير الأمر الواقع.. إلا أنه وفي ذات الوقت الذي كان يسعى هذا الكيان إلى ترسيخ وجوده وتعزيز موقعيته على الصعيد الداخلي والإقليمي؛ استطاع المناضلون المسلمون في إيران إسقاط شاه إيران الخائن للأهداف الفلسطينية.

 وان هذا الحدث الهام بث نور الأمل إزاء مستقبل المسيرة النضالية في فلسطين.. صحيح أن الجيل الصاعد لم يرث غير المعاناة والنكبات، إلا أنه كان يحظى بامتيازات خاصة زرعت في نفسه الأمل ورسمت أمامه آفاقاً ساطعة إزاء مستقبله، ولعل في مقدمة ذلك: حساسية المسلمين حيال مستقبل القدس، وصحوة شعوب المنطقة، ودعم ومساندة الإمام و الثورة الإسلامية للقضية الفلسطينية. والاهم من كل ذلك، الاقتداء بالنضال الشعبي الذي شهدته (جزيرة الاستقرار) بالنسبة لأميركا والغرب (إيران).

 من جهة أخرى كان الجيل الفلسطيني الصاعد يتمتع بمستوى أفضل من العلم والوعي بما يتناسب مع حجم المعاناة التي تجرع مرارتها، مما ساعده في امتلاك وعي متقدم لقدرات الفصائل والقوى المتواجدة على الساحة الفلسطينية، آخذاً بنظر الاعتبار ظروف المرحلة السابقة والراهنة.

 وفي ضوء ذلك كان يتم تعبئة الجماهير الغاضبة والمحتجة عن طريق المساجد والمراكز الدينية، وكانت تنـزل إلى الشوارع وتقاوم الأسلحة بالحجارة ساخرة من الموت.

 إن هذا النهج في النضال، وعلى الرغم من حجم الخسائر والثمن الباهظ، إلا أنه اتسم بجانب هام عجز عن مواجهته والتصدي له حتى الأخصائيين في الحرب النفسية، ألا وهو نقل الخوف والإحباط من الجبهة المحلية الداخلية إلى داخل جبهة العدو، وهو في الحقيقة طريق النضال الوحيد الذي يلحق الهزيمة بالعدو ويقضي عليه.(3)

 

ثالثاً) يوم القدس العالمي

 الإعلان عن يوم القدس العالمي من قبل الإمام الخميني (قدس سره) في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، بشّر بحركة مختلفة لتصحيح مسار نضال الشعب الفلسطيني. ويكفي أن نلقي نظرة إلى النداء الذي أصدره سماحة الإمام بهذه المناسبة لنتعرف على أهمية رؤية الإمام في هذا المجال:

 

بسم الله الرحمن الرحيم..

 أدعو عامة المسلمين في العالم والدول الإسلامية، للتضامن والتكاتف والتآزر من أجل قطع دابر هذا الكيان الغاصب وحماته.. إنني أدعو المسلمين كافة إلى إعلان آخر جمعة من شهر رمضان، التي هي من أيام القدر ومن الممكن أن تكون حاسمة في تعيين مصير الشعب الفلسطيني، »يوماً للقدس«، وان يحتفلوا به ويعلنوا عن تضامن المسلمين الدولي في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني المسلم.(4)

 في الحقيقة إن النضال ضد الصهيونية لاسيما إسرائيل، شكّل أحد الأركان الرئيسية لفكر الإمام الخميني السياسي. وان ما يكتسب أهميته في هذا المجال هو اهتمام الإمام الخاص بالجانب المشترك في رؤية المفكرين الأحرار بالعالم ومن مختلف الأطياف.

 وان مثل هذا الجانب، الذي يتخطى الرؤية الدينية – القومية، يمهد الأرضية اللازمة لمزيد من التأمل في أبعاد القضية الفلسطينية والخوض في أعماقها، وبالتالي المزيد من الانسجام ووحدة الكلمة داخل المجتمع الإسلامي، فضلاً عن تصالح المجتمع الدولي مع القضية الفلسطينية. إذ يقول سماحة الإمام: (يوم القدس يوم عالمي، يوم لا يختص بالقدس فقط...)(5).

 

كلمة أخيرة

 إذا ألقينا نظرة إلى التحولات السياسية والثقافية في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما القضايا الهامة نظير القضية الفلسطينية، ندرك بأن الثورة الإسلامية استطاعت أن تحتل موقعاً متميزاً – باعتبارها نموذجاً وشكلاً جديداً من النضال المدني والشعبي – في أوساط المسلمين وحركات التحرير في مختلف أنحاء العالم، والاضطلاع بدور ايجابي للغاية في صحوة المسلمين وأصحاب الفكر الحر.

 ولعلّ هذا ما يدعو للبحث والتأمل في المكانة الخاصة التي تحتلها القضية الفلسطينية في فكر الإمام الخميني ومواقفه، وقد تجلى ذروة هذا الاهتمام في الإعلان عن يوم عالمي باسم »يوم القدس«، نظراً للأهمية البالغة التي يحظى بها هذا الاهتمام بالنسبة للقضية الفلسطينية دون شك.

 أولاً. إن مبادرة الإمام الخميني الخالدة في الإعلان عن اليوم العالمي للقدس، تمثل تأكيداً على معارضة العالم الإسلامي بأسره لوجود الكيان المحتل المسمى بإسرائيل. ذلك أن هذا اليوم يشكل سبباً في توادد القلوب ومدعاة للتقارب بين أبناء العالم الإسلامي، وهو ما يعزز دعوة الإمام (قدس سره) إلى وحدة الكلمة، حيث تتحقق الخطوة الأولى على طريق الوحدة الإسلامية وتعبيد الطريق أمام تحقق الأمة الواحدة بعيداً عن النـزعة العرقية والقومية والدينية.

 ثانياً. يشكل يوم القدس أكبر حرب نفسية ضد الكيان الصهيوني وأكثر وسائل الضغط تأثيراً يمكن الاستعانة بها للحد من مطامع هذا الكيان. فهو عبارة عن حدث هام يثير الشكوك إزاء مشروعية الكيان الغاصب للقدس.

 إن الاحتفاء بهذا اليوم من كل عام، وفضلاً عن أنه يحث العالم الإسلامي على الاقتراب من الفكر الاستراتيجي لسماحة الإمام، يلفت أنظار شعوب العالم أيضاً إلى هزالة الكيان الصهيوني وعدم مشروعيته، ويضيء قلوب المؤمنين بنور الأهداف الفلسطينية. أضف إلى ذلك أن منظر مئات الآلاف من المتظاهرين في مختلف أنحاء العالم، يبث الخوف والرعب من الناحية النفسية داخل هذا الكيان.

 ثالثاً. إن يوم القدس العالمي أخرج القضية الفلسطينية من إطارها القومي وأضفى عليها بعداً إسلامياً وعالمياً.. فكما هو واضح أن الكيان الصهيوني كان يحرص دائماً على إظهار الصراع وكأنه صراع عربي إسرائيلي. غير أنه ومع إعلان الإمام الخميني (قدس سره)، بوصفه شخصية علمية ودينية بارزة على صعيد العالم الإسلامي، عن هذا اليوم نُفخت روح جديد في الجانب الإسلامي المنسي والمحتضر من النضال ضد إسرائيل، وقد أدى ذلك إلى أن يفكر المناضلون الفلسطينيون بالخيار الإسلامي وبخيار المقاومة بدلاً من خيارات التوجه اليساري والقومي وحتى التوجه إلى الغرب وخيار المساومة.

ـــــــــــــــ

 (1) محمدي، منوجهر، الثورة الإسلامية مقارنة مع الثورة الفرنسية والثورة الروسية.

 (2) باشبور بوالاري، حميد، الإمام الخميني والانتفاضة الفلسطينية، مركز وثائق الثورة، 140 – 141.

 (3) ولايتي، علي أكبر، الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقضايا فلسطين، (1979 – 2006).

 (4) صحيفة الإمام، ج 9، ص 267.

 (5) صحيفة الإمام، ج 9، ص 276 – 279.