(نداء التوحيد)

 

نداء الإمام الخميني إلى حجاج بيت الله الحرام

 

7 ذي الحجة 1399هـ ق

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم

 

{واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا…}

 

تحية وافرة وسلاماً دائماً لجميع مسلمي العالم في مشارق الأرض ومغاربها.

 

سلاماً حاراً لحجاج بيت الله الحرام وفقهم الله تعالى.

 

من نافلة القول ومما لاشك فيه أن الإسلام العظيم دين التوحيد ومحطم الشرك والكفر وعبادة الأوثان وعبادة الذات.. دين الفطرة والتحرر من أغلال الطبيعة ووساوس شياطين الجن والإنس ما ظهر منها وما بطن.. دين سياسة المدن والهادي إلى الجادّة المستقيمة اللاشرقية واللاغربية.. دين، عبادته مقرونة بالسياسة، وسياسته عبادة.

 

واليوم حيث اتجه مسلمو بلدان العالم المختلفة نحو كعبة الآمال وحج بيت الله، وأقيمت هذه الفريضة الإلهية العظيمة والمؤتمر الإسلامي الكبير في الأيام المباركة والأرض المباركة، فعلى المسلمين الملبّين لدعوة الله تعالى أن يستفيدوا من المحتوى السياسي والاجتماعي إضافة إلى المحتوى العبادي، وأن لا يكتفوا بالصورة المحضة.

 

لا يخفى على أحد أن إقامة مثل هذا المؤتمر العظيم لا يتسنّى لأية شخصية ولا لأية حكومة، فهذا أمر الله تعالى هو الذي أعدّ هذا التجمع الكبير. ومع الأسف لم يستطع المسلمون طوال التاريخ أن يستفيدوا من هذه القوة السماوية والمؤتمر الإسلامي على النحو المطلوب لصالح الإسلام والمسلمين.

 

في التجمعات (الإسلامية) والجماعات والجُمُعات، وخاصة في اجتماع الحج العظيم أبعاد سياسية كثيرة منها الاطلاع على المشاكل الأساسية والسياسية (التي تحيط) بالإسلام والمسلمين، وباجتماع علماء الدين والمثقفين والرساليين من حجّاج بيت الله الحرام يمكن طرح هذه المشاكل والتوصل، عن طريق التشاور، إلى حلّ لها، ثم لدى العودة إلى البلدان الإسلامية ترفع تقارير (بشأن هذه الحلول) إلى المجامع العامة من اجل التغلب (على تلك المشاكل).

 

ومن واجبات هذا التجمع العظيم، دعوة الناس والمجتمعات الإسلامية إلى وحدة الكلمة وإزالة الخلافات بين فئات المسلمين، وعلى الخطباء والوعّاظ والكتّاب أن يهتمّوا بهذا الأمر الحياتي ويسعوا إلى إيجاد جبهة للمستضعفين للتحرر بوحدة الجبهة ووحدة الكلمة وشعار "لا إله إلا الله"، من أسر القوى الأجنبية الشيطانية والمستعمرة والمستغلة، وللتغلب، بالأخوة الإسلامية، على المشاكل.

 

أيها الأخوة والأخوات الأعزاء في أي بلدٍ كنتم!

 

دافعوا عن شرفكم الإسلامي والوطني، وقفوا ببسالة أمام أعدائكم، أعني أمريكا والصهيونية العالمية والقوى المتجبرة الشرقية والغربية، دون تهيّب من الفئات والحكومات في العالم الإسلامي، وأعلنوا مظالم أعداء الإسلام.

 

إخوتي المسلمين وأخواتي المسلمات!

 

تعلمون أن قوى الشرق والغرب تنهب جميع ثرواتنا المادية والمعنوية، وجعلتنا في فقر وتبعية (على الصعيد) السياسي والاقتصادي والثقافي والعسكري. عودوا إلى أنفسكم وإلى هويتكم الإسلامية، لا ترضخوا للظلم، وافضحوا بوعي المخططات المشؤومة للطامعين الدوليين وعلى رأسهم أمريكا.

 

قبلة المسلمين الأولى اليوم بيد إسرائيل هذه الغدّة السرطانية (المزروعة) في الشرق الأوسط. وهي تقمع اليوم بكل قسوة إخوتنا الفلسطينيين واللبنانيين وتزهق أرواحهم.

 

إسرائيل اليوم تفرّق (الصفوف) بكل الوسائل الشيطانية.

 

على كل مسلم أن يجهّز نفسه لمجابهة إسرائيل.

 

بلداننا الأفريقية المسلمة ترسف اليوم تحت نير أمريكا وسائر الأجانب وعملائهم.

 

أفريقيا المسلمة ترفع اليوم صوت مظلوميتها عالياً.

 

وفلسفة الحج (تتجه) إلى ضرورة تلبية هذه النداءات المظلومة.

 

الطواف حول بيت الله مؤشر لعدم الالتفاف حول غير الله، ورمي الجمرات هو رجم لشياطين الإنس والجن. أنتم برجمكم عاهدوا الله على طرد شياطين الإنس والقوى المتجبّرة من البلدان الإسلامية العزيزة.

 

العالم الإسلامي متورّط اليوم بيد أمريكا، فاحملوا لمسلمي القارات المختلفة في العالم نداءً من الله، نداءً (يقضي) برفض العبودية والرقّية لما سوى الله.

 

يا مسلمي العالم! ويا أتباع مدرسة التوحيد!

 

رمز كل مصائب البلدان الإسلامية هو اختلاف الكلمة وعدم الانسجام.

 

ورمز الانتصار هو وحدة الكلمة والانسجام، وقد بيّن الله تعالى ذلك في جملة واحدة: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا..} والاعتصام بحبل الله تبيان للتنسيق بين جميع المسلمين من أجل الإسلام وفي اتجاه الإسلام ولمصالح المسلمين، والابتعاد عن التفرقة والانفصال والفئوية التي هي أساس كل مصيبة وتخلف.

 

أسأل الله تعالى عظمة الإسلام والمسلمين ووحدة كلمة المسلمين في العالم.

 

والسلام على أئمة المسلمين وعباد الله الصالحين.

 

روح الله الموسوي الخميني