الأخلاق الولائية
بسم الله الرحمن الرحيم
يمثل فكر قائد الثورة الإسلامية عصارة تجربة واسعة، ربما لم يعاين مثلها غيره من المفكرين الإسلاميين كافة. فلعلنا لا نجد عبر التاريخ الممتد لعصر الغيبة من العلماء من تسنى له أن يدخل في عمق الحياة الإجتماعية والسياسية والثقافية للمسلمين كما حصل للسيد علي الخامنئي بعد الإمام الخميني (قدس).
وهذه التجربة الواسعة والمتجذرة إنما يخوضها هذا العلامة من بابها الكبير، الا وهو قيادة المجتمع الإسلامي وحمل راية الاسلام دفاعا عن مبادئه وقيمه ومشروعه وسعيا لنشره على الدين كله ولو كره المشركون.
وتكون النتيجة أن يتمكن الإمام الخامنئي من التعرف عن خبرة على هموم ومشاكل وآفات هذا المجتمع الذي يغص بآلامه ومحنه، ويقدم الحلول النابعة من الاسلام الأصيل بلغة الأنبياء والقرآن وهي اللغة التي تجمع بين العمق والدقة والأصالة والسهولة والبلوغ.
إن من يطالع هذه الوصايا الأخلاقية التي صدرت من هذا القائد في مناسبات وظروف متعددة وكثيرة يصل إلى النتيجة التي ذكرناها ويدرك جانبا من أبعاد هذه الشخصية التي وصفها الإمام الخميني بأنها كالشمس التي تضيء ما حولها.
اولئك الذين يفتشون عن نظرية الإسلام الأخلاقية ورؤيته العرفانية السلوكية إذا كانوا من طلاب الحقيقة والباحثين عنها دون تحديد أو تقييد سيتمكنون من رؤية هذا المشهد الرائع النابض بالحياة. وإذا كانوا ممن امتلك البصيرة والوعي بمشاكل
المجتمع وآفاته سيدركون مدى الحكمة التي يتمتع بها هذا الإنسان العظيم.
إن عنوان الكتاب يكشف ضرورة التحاق البرامج الأخلاقية والمسلكية بخط الولاية، وعدم صحة الفصل بينهما. وخصوصا إذا اطلعنا على واقع مجتمعنا الذي عانى من انحراف المذاهب السلوكية وانزلاقها مع الخطوط السياسية التائهة.
فالأخلاق التي تعني هنا تلك القيم والكمالات النفسية العظيمة التي بعث رسول الله (ص) من أجل اتمامها واستكمالها في النظرية والتطبيق لا تنفصل عن الرؤية الكونية الاعتقادية للإسلام بل تنبع وتتغذى من نبعها كما أنها لا تنفصل عن البرنامج العملي لهذا الدين المعبر عنه بالشريعة بل تكون إحدى أهم نتائج التمسك والتطبيق الصحيح له.
وإن كل من أدرك حقيقة الرؤية الكونية وذاق طعم الفقه الأصيل وتعرف على روح الشريعة يعلم أن الولاية هي الحبل الموصل بين العقيدة والشريعة. فللولاية حضور قوي في الإمامة، ولها امتداد نحو الشريعة ممثلة فيها جوهرها وفلسفتها العملية.
لهذا ولغيره لا بد أن تكون الأخلاق ولائية....
تعليقات الزوار