رحيل فقيه و تسديد فقيه
يمكن للمحلل أن يقول إن رحيل الإمام الخميني (قدس) كان ثلماً في الإسلام لا يسده شئ كما في بعض الروايات وهو كذلك.
ولكن سرعان ما يتراجع ليقول لرحيل الإمام كان ثلماً لا يسده إلا فقيه آخر كما في الروايات الأخرى.
كان العالم الغربي يراهن على سقوط الحكومة الإسلامية بموت و رحيل الإمام إلى ملكوت الله عز و جل ، وبدأت التحاليل السياسية لتبرز غياب الفقيه العادل الجامع لشرلئط القيادة الذي يستطيع أن يسد ثلم الإسلام الذي تركه مجدد القرن العشرين.
وفي عرض هذه التحاليل بدأت مساعي الخبراء وأهل الحل و العقد من أبناء الإمام و أبناء الولاية لدراسة الموضوع بدقة و مصلحة الحكومة القائمة، و مستقبل الأمة الإسلامية في جميع أنحاء المعمورة.
ولكن الأمر ليس بالسهل ، يصعب حتى على الفقهاء ترجيح أحدهم ليقنعوه بالتصدي لأمور المسلمين حتى ينتقل من فقيه إلى ولي أمر المسلمين جميعاً.
هذا إضافة إلى إنتخابه كولي فقيه و حاكم لإيران الذي يقوم النظام فيها على أساس الولاية .
ولكن اللطف الإلهي يريد لهذه الحكومة – التي أخرجت الإسلام للعالم من المفاهيم إلى الحقيقة – أن تبقى لتحيى بها ذكرى آل محمد (ص) حتى ظهور صاحب هذه الحكومة الحقيقي (عج).
كان التسديد الإلهي بإبراز السيد المفدى الخامنئي الفقيه الجامع للشرائط ليتصدى لأمور القيادة و الحكم.
إلا أن التواضع من شيمة الكرماء – آباء و أجداد هذا السيد الكريم ، رفض التصدي لثقل المسؤولية و إحتمال وجود الأكفأ ، و لتكون له شجنة من جده أمير المؤمنين في تطبيق وصية رسول الله (ص) له بقوله (( يا علي إنما أنت بمنزلة الكعبة تؤتى ولا تأتي فإن أتاك هؤلاء فسلموا – و في رواية: فمكنوا- لك الأمر فاقبله منهم و إن لي يأتوك فلا تأتهم)[1]. ـ
فعندما علم بإنحصار الولاية فيه قبل التصدي وكان مصداقاً للرواية الشريفة و للخراساني صاحب الخال المتوقع[2].ـ
فكان السيد الولي الخامنئي رحمة و رأفة و نعمة من الله مسدداً منه تعالى في أصل مجيئه و يد عناية صاحب الزمان تحوطه ما درت معايش رعيته.
نموذج على التسديد و اللطف
فتنة الطالبان
بإستمرار كان الإستكبار العالمي و بالخصوص النظام الأمريكي و الصهيوني يكيد بالثورة الإسلامية و يحاول أن يسقطها بشتى الأساليب ، فمنذ تأسيس الإمام (قدس) للحكومة وأمريكا تحاول إفشالها إبتداءاً بدعم النظام العراقي بتوجهاته السابقة[3]، و مروراً بقصة صحراء طبس ...و إنتهاءاً بالحصار الإقتصادي، هذا مضافاُ إلى المقاطعة السياسية و الإقتصادية التي تفرضها على بعض الدول الإسلامية و الغربية.
وكان من هذه المكائد الحرب التي استحدثتها فرقة تسمى (الطالبان) و التي أخذت على عاتقها قتل الرجال و سبي النساء و الأطفال و تعذيبهم و هتك أعراضهم، فسكت العالم بأسره، فلا الدول المسلمة أخذتها الغيرة و لا الدول الغربية التي تدي الإنسانية، و التي يطلق بعضهم اسماء للدعاية (دول عدم الانحياز) لم يكن إلا حكومة الولي الصالح و العبد الفاني في طاعة الله السيد القائد الخامنئي، وكعادته في التصدي للدفاع عن الإسلام المحمدي في جميع أنحاء العالم، وعن المسلمين.
فهو الذي تصدى لمن حاول إهانة النبي الأعظم (ص) و القرآن الكريم التي إفتعلتها إسرائيل منذ سنوات عبر الإنترنت ، وهو روحي فداه الذي تصدى للدفاع عن المسلمين و المستضعفين في البةسنا و الهرسك، وهو الذي تصدى لدعم الشعب الفلسطيني وحث المسلمين على تحرير القدس الشريف.
وهكذا في بقية المناطق الإسلامية و الفتن المفتعلة من الإستكبار، و أخيراً ما حصل في أفغانستان.
لم يكن إلا الخراساني ليتصدى للدفاع عن المسلمين في أفغانستان.
وهنا أخذ الولي الفقيه يتأمل في حيثيات المسألة و يدرس إيجابيات الدخول في الحرب ضد الطالبان و سلبياتها ، وكذلك إيجابيات و سلبيات عدم الدخول.
وإستشار أهل الخبرة في هذا الفن ، ولكن الأمر خطير و الأعداء يتربصون و الموقف صعب، فتوقف السيد القائد في الحكم؟!
متوكلاً على الله تعالى في حل هذه المشكلة ، فجاء التسديد الإلهي و اللطف المهدوي ليقدح في ذهن سيدنا القائد – حامل راية الاسلام عاليةً و المحامي عن المسلمين و أعراضهم – الذهاب إلى مسجد جمكران ، مسجد الإمام المهدي المنتظر (عج) ، الذي ما إنفك السيد الخامنئي إسبوعياً يذهب إلى ذلك المسجد متخفياً عن أنظار الناس في الساعات الأخيرة من الليل.
دخل الحبيب إلى (قم) ، وصل الولي الفقيه إلى مكان التسديدات الإلهية و الدعاء بالتوفيق لحل معضلات الأمور ما أن جاء آخر الليل و إذا بقائم آل محمد (عج) يبث أنواره على ذلك المكان لتلف السيد الولي فينقدح في ذهنه و قلبه حل المشكلة الأفغانية بالطريق الذي فيه مرضاة الله.
ذكرنا هذه القصة لتكون شاهداً على ما نقول و دافعاً للناس على التعلق بآل محمد (ص) {و أما بنعمة ربك فحدث}. (سورة الأضحى).
وبدوري ذكرت هذه القصة لاستاذنا آية الله السيد جعفر كريمي حفظة الله [4] فابتسم قائلاً (كرات و مرات) كان السيد الولي يقف عند المعضلات و يتوكل على الله لحلها ، و يقول إلهي عملت الذي أقدر عليه فبقي الذي تقدر عليه إنك على كل شيء قدير.
واذا بالمعضلات تنحل و تصبح نوراً للأمة الإسلامية.
وقال السيد جعفر كريمي : كان الشيخ الطوسي يقول باللطف في الاجماع – و ذكر كلام الشيخ في اللطف المتقدم – الى أن قال: ذكره الشيخ في مسألة فرعية فقهية قد يعمل بها ثلاثة أنفار ، وقد لا يعمل بها أحد ، فما بالك بالأمور الخطيرة التي قد يسقط بها عشرات الأبرياء قتلى في أفغانستان و لبنان.
لو ذهب مئة ألف من الصهاينة لا يهمنا ، ولو نفر واحد من شيعة آل محمد في جبل عامل – و الذي يساوي مئة ألف من اليهود – قتل لكان على الحجة القائم في ولاية الفقيه و الحكومة الإسلامية.
الهامش:
[1] الفردوس : 5/315ح 8300 و 5/406ح8309
[2] راجع معجم أحاديث الإمام المهدي : 3/77- 270
[3] في حرب طيلة السنوات الماضية و حتى حرب الخليج الأخيرة.
[4] يعتبر سماحة العلامة آية الله السيد الكريمي من كبار الفقهاء في الجمهورية الإسلامية المباركة و في العراق ، حضر عند السيد الخوئي (قدس) 25 سنة، و حضر عند الإمام الخميني (قدس) قريب 17 سنة، و عند المرجع الآملي (قدس) قيب السبع سنوات، كان من أقرب المقربين للإمام الراحل الخميني (قدس) و يستعين به من حل المشاكل العويصة ، كما و يعتبر من أقرب المقربين للإمام القائد الخامنئي (دام ظله) و من القائلين بأعلميته.
تعليقات الزوار