من فكر الإمام القائد الخامنئي (دام ظله)

ما يقدمه الدين للإنسان... ‏

ـ الرؤية الإسلامية الكونية‏

على ضوء الرؤية الكونية الإسلامية يُفسَّر الإنسان والتاريخ، وتفسَّر أحداث الماضي والحاضر والمستقبل، كما تُفسر الطبيعة، والعلاقات التي تربط بين الإنسان وبين العالم الخارجي، الكون وما فيه، والأشياء.

 وعلى ضوء هذه الرؤية الكونية يدرك الإنسان وجوده، وبشكل عام يُفسر بالرؤية الكونية الإسلامية، كل ما يُكَوِّن، ويؤلف للمجتمع نظام قِيَمِه، ويمكِّن المجتمع من تسيير شؤونه على ما يرام...‏

ـ الإنسان أشرف المخلوقات‏‏

بناء على التفكير الإلهي الإسلامي يُعتبر:‏

1ـ الكون برمّته مخلوقاً للَّه سبحانه وتعالى، ومَظْهَراً لعلمه وقدرته، وصائراً إليه، وكل ما في السماء والأرض مسخَّراً لخدمة الإنسان.‏

2ـ يعتبر الإنسان أشرف المخلوقات، وخليفة اللَّه في الأرض. إن الإنسان بإمكانه أن يبني ويزيّن نفسه والعالم المخلوق من أجله على أجمل ما يكون وذلك بتفجير المواهب الكامنة في وجوده، كما أنه يستطيع أن يصعد بجناحي العلم والإيمان إلى أشمخ القمم في المجالين المادي والمعنوي وبإمكان الإنسان أيضاً أن يخلق في هذا العالم جحيماً من الظلم والفساد، وذلك بإهدار المواهب الكامنة في وجوده، أو حرفها عن مسارها الصحيح.‏

ـ مصباح الهداية‏

إن مصباح الهداية للإنسان هو إيمانه باللَّه سبحانه وتعالى، وامتثاله لما أمر اللَّه به، وابتعاده عمّا نهى عنه، ثم إن الدنيا مزرعة الآخرة، وأن الموت ليس نهاية الحياة، وإنما بوابّتة الأبدية، وبداية النشأة الجديدة.‏

ـ أبناء البشر إخوة وأخوات‏‏

وانطلاقاً من التفكير الإلهي الإسلامي يعتبر أبناء البشر إخوة وأخوات, الجميع عباد اللَّه عزَّ وجلَّ، وليس هنالك أي امتياز لعرق دون عرق أو للون دون لون أو لشعب دون شعب... فلا تشكل مثل هذه الاعتبارات عاملاً لتفضيل أي فرد أو شعب على غيره.‏

إن البشرية وحدة متماسكة متلاحمة، ومن ثم فإن الاعتداء على فرد واحد من بني الإنسان يعتبر اعتداء على الإنسانية برمّتها، بغض النظر عن كل الفوارق الجغرافية والعرقية.‏

ـ الطريق إلى جنة الآخرة‏

لقد دعا الأنبياء أبناء الإنسان إلى عبادة اللَّه عزَّ وجلَّ، لأنها تقضي على الإثرة والإستعلاء، وعرض الأنبياء على الإنسان طريقاً يؤدي إلى جنّة الآخرة، بعدما يصل به في حياته الدنيوية أيضاً إلى جنّة ملؤها الصفاء والهدوء، وحثّوه على التحكم في غريزة التكاثر والتسلّط لديه، كما حذَّروه من مغبّة ضياع المواهب وهدرها، ومن خطر الإنزلاق إلى أعماق مستنقع الفساد الأخلاقي، وفجّروا فيه عيون الفضيلة والصدق والأمانة، والمحبة، وينابيع العمل والإبداع والمعرفة، ولقّنوه ذكر اللَّه وحبّه سبحانه وتعالى، الأمر الذي يضمن له تحقيق كل ذلك، ويسمو بروحه إلى ما لا يمكن تصوّره، وعلَّم الأنبياء الإنسان أن يقوِّي ساعده، ليذود عن هذه القيم، بسد الطريق بوجه شياطين الشر والفساد والإنحلال، وأن يقارع الجهل والظلم والاستعباد، ويدافع عن العلم والعدالة والحريّة.‏

وعلَّم الأنبياء الإنسان ألاّ يظلم، ولا يرضخ للظلم، وأنَّ عليه أن ينهض لإقامة العدل والقسط, وعلّموه أيضاً أن لا يترك قطّاع طريق الصلاح والفلاح يعيشون آمنين، فالاستسلام أمام أعداء الفضيلة والعدالة والصلاح، هو القبول بفناء هذه القيم، والرضوخ للرذيلة والظلم والفساد.‏

ـ نظام اجتماعي متكامل‏‏

إن الدين لا يقدم للإنسان سلسلة من العبادات والعادات فقط، وإنما يُعطي له نظاماً اجتماعياً منبثقاً من نفس الرؤية الكونية، ومبنياً على شكلها، وإن كانت العبادات والعادات نفسها مفعمة بروح الحياة، وسائرة باتجاه ذلك النظام الاجتماعي نفسه.‏

مما يقدمه الدين الإسلامي للإنسان:‏

إنَّ مبادئ كالحرية والمساواة بين أبناء الإنسان، والعدالة الاجتماعية، وتكوين الوعي الذاتي لدى أفراد المجتمع، ومكافحة ما فيه من الانحراف والاعوجاج، وتفضيل القضايا الإنسانية على الأماني الفردية، والتوجه إلى الباري وذكره، ورفض أنواع الهيمنة الشيطانية، وغير ذلك من المبادئ الاجتماعية الخاصة بالنظام الإسلامي. بالإضافة إلى حسن الأخلاق والسلوك الفرديين، وممارسة السياسة والعمل على ضوء تقوى اللَّه، كل ذلك مستقى ومستوحى ووليد تلك الرؤية الكونية، وذلك الاستنباط العام عن الوجود للعالم والإنسان.‏

إن الإسلام يرفض النظم المبنيّة على أساس القهر والجبروت والتي لا تثمر إلا الظلم والجهل والارهاب والاستبداد والاستخفاف بكرامة الناس والتمييز بين مختلف العناصر والجنسيات والشعوب على أساس الدم أو اللغة، فيَعْتَبِرُ كل ذلك من الخطأ.‏

كما أن الإسلام يقف بوجه كل نظام أو فرد يعادي النظام الإسلامي....‏

ـ التعامل بالمحبة والتسامح‏‏

إن الإسلام يأمر بالتعامل على أساس المحبة والتسامح مع كافة الناس سواء أكانوا من أبناء الإسلام أو غيره.