قيادة الإمام الخامنئي ودورها في استنهاض الأمة
من العوامل المهمة فی تطور النهضة العلمية والفکرية والسياسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية هو ان القيادة الصالحة التی يجسدها سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله) استطاعت کسر جميع الحواجز التی قد تفصلها عن الشعب الإيراني المجاهد علی اختلاف قطاعاته مثلما استطاعت ان تشحذ الهمم ولاسيما لدى جيل الشباب والإحداث بالاتجاه الذی يعزز المسيرة التنموية والتقنية الصاعدة اکثر فاکثر.
فالسيد الخامنئي وهو تلميذ مدرسة الإمام الخميني المحمدية استلهم من فقيد الأمة الذي هو أستاذه في مختلف قضايا الدين والدولة، اکثر التجارب النظرية والعملية الرائدة التي أورثها (قدس سره) ليس للإيرانيين فحسب بل لعموم المسلمين والأحرار والمناضلين والشرفاء في العالم، فکان حقاً الوعاء الذي استوعب النهج النير، وأضاف عليه لمسات أخرى لم تکن غائبة عن فکر الإمام الخميني أو سجاياه الأخلاقية السامية، وإنما حالت دون تنفيذها مشکلة التقدم فی السن، ومن ذلك جلوس القائد وجها لوجه مع جماهيره وأبنائه الذين کانوا دوما ماثلين أمام عينيه فی کل حرکاته وسکناته (طاب ثراه).
وبالرغم من ان أبناء الشعب الإيراني الذين کانوا يأخذون مواعيد للقاء مرشدهم ومعلمهم الکبير فی مقره بحسينية جماران شمالي طهران، کانوا يحصون الأيام والساعات والدقائق لحصول هذه المقابلات معتبرين ذلك شرفاً ومفخرة اختصوا بهما، الا ان مفجر الثورة الإسلامية ومؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران وصانع الصعود الإسلامي العالمي المعاصر (قدس سره) کان يعز عليه الا يتواجد بين الجماهير المضحية فی مواقعها وأماکن نشاطاتها وکدحها.
ولقد حقق الإمام الخامنئي أمنية الشيخ التسعيني الفذ، وجعل التوجه مع الشعب بشرائحه المتعددة من والى أولوياته ولاسيما الشباب الجامعي المتألق، الذي يتوقد إبداعا وعطاء کلما سمع من قائد الثورة الإسلامية دعوة إلى الاستزادة فی العلم والمعرفة والتسابق مع الزمن من أجل مواکبة العصر ومنافسة البلدان الکبرى التي ترى الاختراعات والابتکارات العلمية والإنسانية حکرا لها، ولا تسمح لغيرها من الدول الأخذ بذرى المجد والارتقاء وبخاصة إيران التي حققت فی العشرية الأخيرة ما لم تحققه في أي من فتراتها السابقة، ولاسيما في حقلي التقنية النووية السلمية وعالم الفضاء، الأمر الذي کان موضع فخر واعتزاز لدى أبناء الأمة الإسلامية والعربية على الإطلاق.
ففي زيارة سماحته جامعة العلوم والصناعة العريقة بطهران ولقائه جموع الطلبة الذين لم تستوعبهم قاعة المؤتمرات، فاضطروا إلى التجمهر فی حرم الجامعة من اجل الإصغاء إلى الموقف الإيماني الواضح والصادق النابع من مدرسة آل البيت النبوي الشريف (عليهم السلام)، هذه المدرسة يحتفل أتباعها في طول الأرض وعرضها هذه الأيام بعيد الغدير الأغر الذي حدد الوجهة الرسالية الصحيحة لبني امة المصطفی محمد (صلی الله عليه وآله وسلم)، عبر وصية الرسول الأعظم (صلی الله عليه وآله وسلم) بعد حجة الوداع بإمامة المسلمين من بعده إلى أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومن ثمّ إلى الأحد عشر إماما من أبنائه وأحفاده وآخرهم المهدي المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) وأسعد الأمة الإسلامية باقتراب ظهوره ليملأ الأرض قسطا وعدلا کما ملئت ظلما وجورا.
لقد حدد سماحة القائد الخامنئي لأبنائه فی هذه الجامعة المتقدمة التی تخرج منها أفراد اکفاء وشجعان وغيورون مثل الرئيس الدکتور المهندس محمود احمدي نجاد وغيره من الجنود المجهولين فی البلاد، إحداثيات النهوض الإسلامي الرائد في إيران في سبيل تحويلها إلى مرجعية علمية عالمية تکون في خدمة المسلمين والمؤمنين دون ان تقتصر على حدود إيران بل تتعدى ذلك لکي تشمل أهل القبلة وکلمة التوحيد في أرجاء المعمورة.
ولم يفت الإمام الخامنئي التنويه بدور الحرکة الطلابية الجامعية في بذر بذور المقاومة والثورة علی النظام الإمبراطوري وأسياده، حيث خلد سماحته ذکرى أولئك الجامعيين الذين استشهدوا بايدي جلاوزة الشاه البائد بعدما أطلقوا مواقفهم المدوية والغاضبة بوجه الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيکسون يرافقه المقبور محمد رضا بهلوي في عام 1974، فقد قدم سماحته هذه التجربة الشجاعة نموذجا على أخلاقية أبناء الشعب الإيراني الذين رفضوا المذلة التي کانت مسيطرة على بلادهم نتيجة لانصياع الشاه لاملاءات الاستکبار الأمريكي الصهيوني، وتفريطه بکرامة شعبه، وباعتبار مواطنيه في الداخل وفي المحافل الدولية.
وإزاء ذلك لزم الأمر ان يشدد الإمام الخامنئي على الدور المحوري الذي يقوم به الشباب المؤمن فی الوقت الحاضر لتسريع عجلة التقدم والانجاز والازدهار في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلى جانب استعدادهم الدائم لوضع الأرواح على الاکف دفاعا عن الاستقلال والحرية والنظام الإسلامي الذي تأسس بالتضحيات واشکال الصمود والتحدي من قبل شعبنا جيلاً بعد جيل، بالإضافة إلى جهوزيتهم لکي يکونوا رهن الإشارة الصادرة من قيادته المجاهدة في سبيل الدفاع عن المقدسات والحرمات والمقدرات الإسلامية اينما کانت ولاسيما في فلسطين حيث أبناء العقيدة والإيمان وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يتعرضون اليوم لأشد المحن ضراوة في تاريخهم جراء تخاذل الأنظمة الانهزامية والمساومة، عن نصرتهم ومد يد الإغاثة إليهم في مواجهة الإرهاب الصهيوني الحاقد.
من هنا جاء تحذير السيد القائد من مؤامرات أمريكا وإسرائيل لإثارة الخلافات وتسعير النعرات المذهبية بين أبناء القبلة الواحدة مشيراً إلى مسلسل الهزائم والإخفاقات التي منيت بها حکومة الولايات المتحدة في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان خصوصا وفي الشرق الأوسط عموماً معتبراً ان أمريكا تواجه في العصر الراهن اشد مشاعر الکراهية والنفور والمهانة من قبل شعوب العالم وهي اليوم اکثر عجزاً وفشلاً مما مضى.
وخلص سماحته إلى القول: ان الإسلام هو القوة الوحيدة القادرة علی الإطاحة بالغطرسة الأمريكية الصهيونية وسياساتها التسلطية في العالم مثلما تحقق ذلك بأيدي أبناء الإسلام في إيران بتوجيه من القيادة الراشدة للإمام الراحل الخميني في 11 شباط 1979 عندما لفظوا الشاه الخائن ومرتزقته خارجا إلى مزبلة التاريخ وطردوا المستشارين الأمريكان والإسرائيليين شر طردة من البلاد، على الرغم من ان هؤلاء المستکبرين کانوا يتصرفون بمقاليد الأمور في إيران حسب أهوائهم الشيطانية ووفقا لأجندة ومآرب قوى الطمع والطغيان والاحتکارات العالمية فی الغرب المتصهين.
تعليقات الزوار