الامام الخامنئي ونداء البشرى والانتصار للمؤمنين

بمطالعة نداء ولي أمر المسلمين سماحة الإمام السيد الخامنئي (دام ظله) إحياء لمراسم البراءة من المشركين (4 ذي الحجة 1429 هـ) والذي القي في وادي عرفات على مسامع الجماهير الغفيرة من حجاج بيت الله الحرام يمكن الخروج برؤية إسلامية قائدة رائدة تحكي واقع الأمة المعاش نتيجة سبرها الأغوار والمهمات الصعاب والتحديات الكبرى.

فقد كانت لسلسلة الأوضاع والتحولات القطرية والإقليمية والدولية، انعكاساتها الواضحة على مسيرة الأمة من حيث الفعل والانفعال ولاسيما بعد جملة الحملات العدوانية الأجنبية (الغربية ـ الصهيونية) التي أريد منها تنفيذ هجمة مضادة خاطفة على المشروع الاسلامي المعاصر بيد أن النتائج جاءت على عكس مآرب القوى التسلطية والاستغلالية إذ أن هذا المشروع أثبت جدارة فائقة في لجم الغزاة والمحتلين القادمين عبر القارات والمحيطات وانطلق بسرعة لافتة في طريق بلوغ أهدافه الالهية. أما الغرباء الطارئون على أهل هذه الديار المؤمنة فإنهم لم يجنوا سوى الخيبة والفشل وباتوا يتلمسون كافة الحجج والمعاذير لتبرير هزائمهم في العراق وأفغانستان بل وهزائم مرتزقتهم الصهاينة إن في فلسطين أو في لبنان, وللتغطية على إخفاقهم المخزي في إنزال نظرية «بوش ـ رايس» بشأن تفكيك وإعادة صياغة الموزائيك السياسي والاقتصادي والعرقي للشرق الأوسط على أرض الواقع استنادا الى ما يسمى بنظرية الفوضى الخلاقة.

فالثابت الى هذه اللحظة أن المارد الإسلامي يشق طريقه باقتدار وثقة عالية مستخفا بالأفخاخ والمكائد الشيطانية. وحتى لو اعترضه شيء من وخز أو طعنات سواء من الأعداء الخارجيين أو الداخليين فإن ذلك لن يعدو كونه جرحا سرعان ما يندمل ودون أن يؤدي الى عرقلة المسيرة الخيرة عدا عن أنه سيكون باعثا على المزيد من الصبر والجلد والقدرة على المقاومة بوجه التهديدات والتحديات التي يستخدمها زعماء القوة والمال لتمرير مشاريعهم وبرامجهم الشريرة ابتغاء ابتلاع المزيد من الثروات والخيرات العائدة للدول الاسلامية والعربية وشعوبها دون وجه حق.

لقد أرادت كلمة الإمام الخامنئي (دام ظله) أن توجه رسالة صادرة عن قائد رباني شجاع مفادها أن عهد الاستكبار والغطرسة والتفرعن قد ولى ولم يبق إلا الزبد الذي سيتلاشى حتما في مواجهة تلاطم أمواج الإرادات الخيرة التي تزداد تصاعدا يوما بعد آخر، مثلما تفيد بأن عهد سيادة كلمة التوحيد وإعمال القسط والعدل وانتشار القيم المعنوية الراقية وإرساء السلام والأمن والأمان بات قاب قوسين أو أدنى من التحقق.

ولم يفت سماحته (دام ظله) التشديد على لزوم التواصي بالحق والصبر بين بني أمة المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وتقوية عرى الإيمان والتقوى والمودة في نفوس الموحدين مع تحذيره المسلمين وأبناء القبلة الواحدة من اليأس والقنوط والوهن مهما بلغت خطورة الممارسات الاستكبارية أو استعرت أدواتها أو اشتد فتك أسلحتها.

المؤكد هنا أن الإمام الخامنئي وهو يبشر بمرحلة جديدة واعدة من تنامي قوة الاسلام وتعاظم هيبتها كان متابعا لصيرورة الحالة الاسلامية قبل انتصار الثورة الاسلامية المباركة وبعده وعلى مدى الـ 30 عاما الماضية وقد أجرى سماحته جرداً وتقييما دقيقين لصيرورة المدارس الالحادية وأطروحاتها المادية في أخطر أشكالها واستهدافاتها.

إنَّ الإمام الخامنئي استشرف في نداء البراءة من المشركين لهذا العام قرب سيادة المثل الاسلامية والإيمانية وترسخ المبادئ الانسانية الأصيلة وانكشاف الوجه الحقيقي الكريه للمتاجرين بشعارات الدفاع عن حقوق الانسان ومروجي ثقافة الحريات والديمقراطيات وهم الذين يلتزمون اليوم الصمت المطبق والتجاهل المشين والتعامي المتعمد أمام الجرائم الصهيونية الإرهابية والهمجية بحق أبناء فلسطين في قطاع غزة وأنحاء أخرى في هذه الأرض الاسلامية المحتلة.

فقد عرف العالم بعد طول خداع وتضليل زيف الشعارات الغربية البراقة وحقيقة الدوافع وكيف أنها انحدرت على غرار أمثالها في الماضي السحيق أو القريب نحو الحضيض والسقوط المدوي لأسباب كثيرة منها اصطدامها بمنهج الحق والرشاد وتقزمها أمام حجية أهل التوحيد والإيمان بالله الواحد القهار وتناقضها أيضا مع أصل الفطرة الانسانية النقية التي تأبى أساسا الخضوع لغير الباري تبارك وتعالى أو التبعية والانصياع لكل ما يخالف فلسفة وحقيقة الغاية التي أبدع المولى عزَّ وجل من أجلها السماوات والأرض.

هذه رسالة الامام الخامنئي (دام عزه) وهي برسم المؤمنين والموحدين ليزدادوا تلاحما وتناصراً مثلما هي برسم معسكر الاستكبار والظلم العالميين ليعلموا بأن ساعة زوالهم ليست ببعيدة.