ولاية العهد من خطرٍ إلى فرصة

من هدي المرجع الكبير الإمام القائد الخامنئي(دام ظله)

بسم الله الرحمن الرحيم

تشكل قضية ولاية العهد للإمام الرضا (عليه السلام) محطة أساسية في حياته الشريفة، وقد تناولها سماحة الإمام القائد الخامنئي (دام ظله الوارف) بالتحليل ليصل إلى نتيجة أن الإمام الرضا عليه السلام استطاع أن يحبط أهداف المأمون الخبيثة من وراء إجبار الإمام على قبول هذا المنصب معبراً عن هذا بقوله «...إن السهم الذي كان يريد [المأمون] أن يرمي به مقام ومكانة وطروحات الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)  أصاب المأمون ».

منع الاتصال بالناس

لقد كان أحد أهم أهداف المأمون من ولاية العهد فصل الإمام الرضا عليه السلام عن القاعدة الشعبية، لذا خطّط لذلك حتى في اختيار الطريق التي عبر فيها الإمام من المدينة إلى خراسان، وعن أسلوب إحباط الإمام لهذا الهدف بل قلبه إلى ضده، يقول الإمام القائد الخامنئي(دام ظله) « ولمواجهة هذه الخطوة لم يكن الإمام يترك فرصة تمكنه من الاتصال بالناس إلا ويستفيد منها... مع أن المأمون كان قد حدد الطريق التي سيسلكها الإمام من المدينة وصولاً إلى مرو (عند استدعاء المأمون الإمام لتنصيبه ولياً لعهده) بحيث لا يمر على المدن المعروفة بحبها وولائها لأهل البيت مثل قم والكوفة لكن الإمام استفاد من كل فرصة في مسيره لإيجاد المودة ورابطة الحب بينه وبين أهل المدن فأظهر في منطقة الأهواز آيات الإمامة وفي البصرة التي لم يكن أهلها من محبي الإمام سابقاً جعلهم من محبيه ومريديه وفي نيشابور ذكر حديث السلسلة الذهبية ليبقى ذكرى خالدة».

محاصرة التشيع

ويضيف سماحة الإمام القائد الخامنئي(دام ظله) قائلاً: «إن استفادة الإمام الرضا (عليه السلام) من مسألة ولاية العهد كانت أهم... فقد استطاع أن ينهض بحركة لا نظير لها في تاريخ حياة الأئمة وتمثل ذلك بإظهار الإمامة الشيعية على مستوى كبير في عالم الإسلام وخرق ستار التقية الغليظ في ذاك الزمان، حيث تم إيصال نداء التشيع إلى كل المسلمين، فمنبر (الخلافة) الذي سمح للإمام بإعتلائه مكّنه من أن يتحدث بما لم يكن يقال طوال فترة 150 سنة إلا إلى الخواص والأصحاب المقربين وذلك بالسر والتقية. فخطب بالصوت العالي ليصل ذلك لجميع الناس فاستفاد من هذه الفرصة ومن هذه الوسيلة...

وكذلك مناظرات الإمام التي جرت بينه وبين جمع من العلماء في محضر المأمون حيث بيّن أمتن الأدلة على مسألة الإمامة. و هناك أيضاً رسالة جوامع الشريعة التي كتبها الإمام للفضل بن سهل حيث ذكر فيها كل أمهات المطالب العقائدية والفقهية للتشيع. وأيضاً حديث الإمامة المعروف الذي قد ذكره الإمام في مروره لعبد العزيز بن مسلم...

إن كل ما ذكرناه... يدل على مدى النجاح العظيم الذي حققه الإمام الرضا (عليه السلام) في صراعه ضد سياسة المأمون، وفي خطبته التي ألقاها من على منبر الحكومة أورد فضائل أهل البيت الذين ظلوا يُشتمون علناً على المنابر لمدة 90 سنة. فلسنوات طويلة لم يكن شخص ليجرؤ على ذكر فضائلهم فعاد في زمانه (عليه السلام) ذكر عظمة وفضائل أهل البيت في كل مكان، كما أن أصحابه ازدادوا جرأةً وإقداماً... وتعرف الأشخاص الذين كانوا يجهلون مقام أهل البيت (عليهم السلام) عليهم وصاروا يحبونهم وأحس الأعداء الذين أخذوا على عاتقهم محاربة أهل البيت بالضعف والهزيمة فالمحدثون الشيعة أصبحوا ينشرون معارفهم التي لم يكونوا ليجرؤوا قبلاً على ذكرها إلا في الخلوات...».

وتابع الإمام القائد الخامنئي (مد ظله) «وعلى خلاف ما كان ينتظره المأمون... لم يقذف الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بتهمة الحرص على الدنيا وحب الجاه والمنصب ولم يخب نجمه الساطع بل على العكس من ذلك تماماً حين ازداد احترام وتقدير مرتبته المعنوية لدرجة فتح الباب أمام المادحين والشعراء بعد عشرات السنين ليذكروا فضل ومقام آبائه المعصومين المظلومين».

ويستنتج الإمام القائد الخامنئي(دام ظله) من ذلك كله قائلاً: «وخلاصة ما نريد قوله إن المأمون في هذا الصراع فضلاً عن أنه لم يحصل على شيء فإنه فقد مكاسب كثيرة وكان على طريق خسارة ما بقى لديه».

ويعتبر سماحة الإمام الخامنئي(دام ظله) أن هذه النتيجة «دفعت المأمون إلى اعتماد أسلوب آبائه وهو قتل الإمام بواسطة سمه حيث لم تفلح حنكته في استقطاب الإمام الرضا (عليه السلام) والشيعة إلى صفّه...».

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين