السلطة القضائية في فكر السيد القائد
الهدف من وجود السلطة القضائية
الهدف من وجود السلطة القضائية هو أن يشعر الناس في المجتمع بالاستقرار والسكينة، ويعلموا أنه إذا اعتدى أحد على حقوقهم فهناك مؤسسة تتابع الموضوع، ويعلموا أنه إذا تجاهل حتى أقوى الأشخاص – حتى الحكومة – حقوق أحد أو سحقها لا سمح الله فثمة جهاز قضائي يعطي الحق لصاحبه بكل شجاعة وبدون أية أغراض أو اعتبارات. إذا استطاعت السلطة القضائية إفشاء هذا الشعور في المجتمع فهي موفقة. وإذا تحققت حالة الطمأنينة هذه في المجتمع فلن تؤثر أي من أقوال العدو ومحاولاته إثارة الضجيج، لأن الناس تشهد عملياً تواجد السلطة القضائية وجهوزيتها ومتابعتها وشجاعتها وعدم تهيب القاضي من التهديدات والضجيج. الضجيج أشد وأمض حتى من التهديد لأن الضجيج هجوم بالفعل على سمعة القاضي. إذا شاهد الناس القاضي يمارس مهماته غير آبه لهذا الكلام عندئذ لن يؤثر شيئاً حتى الضجيج والتشويه.
القاضي محور السلطة القضائية
القاضي هو المحور في السلطة القضائية، وباقي التشكيلات إن هي إلا أدوات مساعدة وإمداد للقاضي، كلها في حكم قوات إسناد للخط الأمامي. الخط الأمامي هو القاضي. ما يحدث في ساحة القضاء وقاعة المحكمة هو ما يدلنا على أن: (الثمرة تنبأ عن الشجرة) أي تدل علي طبيعة الوضع وراء الخط الأمامي وخلف هذه الجبهة الأمامية. جميع القضاة الشجعان وكل الأقسام في الجهاز القضائي يوم يعملون بواجبهم ويعتبرون الله حاضراً وناظراً ويمارسون القضاء بدقة وبأعين مفتوحة سيكون بوسعهم أن يشعروا بالنجاح والفخر، لأنه (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة). الصبر علي مهمة كبيرة وثورية في الظروف الصعبة يستنزل الصلوات والرحمة الإلهية. إذن عليهم الفخر بأنفسهم. يجب أن يعلموا أن أعمالهم تخضع لمراقبة الكرام الكاتبين. المأمورون الإلهيون أفضل مدوّني تفاصيل أعمال الإنسان. ليتابعوا أعمالهم بهذه الروح والمعنويات.
الإشراف على السلطة القضائية
علي السلطة القضائية أن ترحب بإشراف القانون. القانون أحد أدوات الإشراف. القانون نفسه عامل مودع في داخل السلطة القضائية وهو عامل مهم ومؤثر جداً في الإشراف على السلطة القضائية. ليكن القانون هو المعيار ويجب عدم نقض القوانين أو تخصيصها أو تقييدها أو حذف شيء من مديات القانون لأسباب مختلفة. على كل حال ينبغي للسلطة القضائية الترحيب بكل أشكال الإشراف. كلما حصل الإشراف وكلما طرحت وجهات نظر وحتى لو كانت وجهات النظر نقوداً منصفة فيجب الترحيب بها.. يتحتم على المراكز والأقطاب الموضوعة لمثل هذه المهمة نظير منظمة التفتيش والمؤسسات المختلفة المختصة بعملية الإشراف وكذلك العناصر الناشطة خارج الأجهزة القضائية من قبيل خبراء الحوزة والجامعة وعلماء القانون في البلاد، يتحتم عليهم إبداء وجهات نظرهم واقتراحاتهم ونقودهم.. هذه أمور تعزز السلطة القضائية وتنضجها. نحمد الله على أن أركان السلطة القضائية أركان متينة وأساسها أساس رصين جداً يرتكز على الجذور المقدسة لنظام الجمهورية الإسلامية ويعتمد على الأحكام الإسلامية ولا يخشى شيئاً وبذلك فالسلطة القضائية سلطة قوية عزيزة. وكلما واجهت تحديات قانونية وتحديات إشرافية كان ذلك خيراً لها وعاملاً على نضجها وقوتها أكثر.
واجبات السلطة القضائية
النظام الإسلامي وأي نظام آخر بحاجة إلى سلطة قضائية تكون مقتدرة وموضع ثقة. هذان الركنان ضروريان إلى جانب بعضهما. ليس معنى أن تكون السلطة القضائية موضع ثقة أن يقلل الإنسان من قوة اليد التي تضمن تطبيق القانون من أجل كسب ثقة الناس والوجاهة بينهم. أساس السلطة القضائية إنما هو لحفظ القانون.
السلطة القضائية ركن أساسي من نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية. السلطة القضائية هي ذلك الجهاز الذي يرتبط جزء كبير من مقاصد نظام الجمهورية الإسلامية بكفاءته وأدائه. قضية العدالة وإحقاق الحق والالتزام بالقانون والوقوف بوجه التعسف والعدوان والاستغلال وإفشاء الشعور بالأمن والاستقرار والطمأنينة في حياة الناس ليست أموراً يمكن النظر لها في نظام الجمهورية الإسلامية بعين الاستهانة. إنها واجبات تقع على عاتق السلطة القضائية والسلطة القضائية تتكفل تحقيقها وإنجازها. والآليات المقدّرة في الدستور لهذه السلطة متقنة وموثوقة من نواح مختلفة. الواجبات المحددة للسلطة القضائية ونوع التكاليف الملقاة على عاتق هذه السلطة والشروط المرسومة لمسؤولي هذه السلطة في دستور البلاد وغيره من القوانين والمباني الإسلامية تضمن أن يستطيع الجهاز القضائي النهوض بواجباته.
تكريس العدالة
الدفاع الشجاع والمقتدر عن العدالة هو الواجب الأساسي للجهاز القضائي. هذه هي روح المسألة. تطبيق القانون من واجب الجميع. لكن مخالفة القانون جريمة يتابعها الجهاز القضائي. مجموعة القوانين في نظام الجمهورية الإسلامية يجب أن تنتهي إلى قمة واحدة هي العدالة (بالعدل قامت السماوات والأرض).
ضرورة تطبيق العدالة
( فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق ). العدل انفراج وفسحة للجميع حتى للمدان. إذا أدين شخص وفقاً لمعيار العدالة وثقلت عليه هذه الإدانة فليعلم أنه لو كان المعيار الظلم لكان الأمر أثقل عليه، إذ يمكن أن يظفر ويفوز في محكمة الظلم، لكن خطر الظلم واللاعدل سيبقى يهدده في مائة مرحلة قادمة من حياته. ينبغي تطبيق العدالة وعدم الخضوع في ذلك لأي عامل من قبيل الثروة والقدرة والبيروقراطيا. إذا أضرت البيروقراطيا بالعدالة فهي مضرة. ينبغي تنظيم البيروقراطيا بحيث تساعد على العدالة لأن العدالة هي الملاك والأصل. لا يصح التصور بأن العدالة بشأن الشخص المحكوم عليه بالسجن هي إيداعه السجن وإطلاق سراحه في الموعد المقرر. هذا جزء من العدالة فقط. الجزء الآخر هو أن لا يكون السجن بالنسبة له مكاناً يفسده أو يزيد من فساده أو يسحق شخصيته أو يدمر عائلته ويفرض عليها البؤس.
جذور العدالة
للعدالة دور أساس في بناء العالم والخلقة. بمعنى أن سنة الخلقة هي العدل، وكل نظام اجتماعي إذا سار وراء هذه السنة الطبيعية والقانون الإلهي للخلقة كتب له البقاء والتوفيق والظفر. يظفر الإنسان حينما يتماشى مع قوانين الخلقة والسنن الإلهية التي لا ترد ولا تبدل. إذن للعدالة جذور تكوينية طبيعية في مجمل الخلقة بحسب الرؤية الإلهية.
ضمانة العدالة
المرجع الذي يجب أن يضمن العدالة هو السلطة القضائية. وعلى جميع الأجهزة والمؤسسات تطبيق العدالة. وفي الوقت ذاته إذا تخلفت المؤسسات والأجهزة عن تطبيق العدالة فإن الميزان الذي بمقدوره تشخيص هذا التخلف بدون مسامحة ثم اليد القوية التي تستطيع معاقبة المتخلف هي السلطة القضائية. وبالتالي إذا لم يكن للسلطة القضائية تواجدها وحضورها أو إذا لم تكن قوية أو إذا لم تكن شجاعة أو إذا لم يكن مجال العمل مفتوحاً أمامها أو إذا كانت تعاني لا سمح الله من ضعف داخلي فلن يكون هناك ضمانة للعدالة في المجتمع على الإطلاق. هذا هو أساس أهمية السلطة القضائية. إذن الدفاع الشجاع والمقتدر عن العدالة في المجتمع هو واجب السلطة القضائية.
حدود تطبيق العدالة
العدالة على المستوى الداخلي
أحياناً يكون تطبيق العدالة في مرافعة خصوصية. شجار حول مبلغ معين من المال، أو عدة أمتار من الأرض، أو وقوع جريمة، أو ضرب وإصابة، أو أمور من هذا القبيل. ويكون تطبيق العدالة أحياناً حول قضية أهم حينما تتعلق المسألة بمصير الناس وحقوقهم ومسيرة حياتهم. وقد تكون القضية أحياناً قضية مالية كبيرة حينما تمتد أيدي البعض لتتطاول على أموال الناس والفقراء. لنفترض مثلاً مبلغاً مخصصاً لآلاف الأفراد أو آلاف العوائل في قرية أو مدينة معينة كي يتمتعوا بطريق مبلط أو معمل أو إمكانات حياتية أو فرص عمل أو مزرعة أو غير ذلك.. ثم يأتي إنسان جشع معتد ويصب هذا المبلغ المقرر أن تنجز به كل هذه الأعمال في جيب مطامعه الشخصية. هذه جريمة كبيرة جداً وأكبر من أن يصفع شخص شخصاً آخر على وجهه. هذه الصفعة أيضاً جريمة بطبيعة الحال ويجب عدم غض الطرف عنها. الإسلام لا يغض الطرف حتى عن (أرش الخدش).. إذا تركت بإظفرك أثراً على جلد أحد وأقام ذاك الشخص دعوى ضدك فالإسلام لا يتجاوز عن ذلك. لكن الجرائم متنوعة جداً وبعضها في الذروة، لذلك تكتسب أهمية كبرى. حينما تريدون مواجهة شخص نهب بكل وقاحة وقسوة بيت المال والأموال العامة وأودعها جيب مطامعه الشخصية فهذا يتطلب شجاعة واقتدار وسمعة قضائية بين الناس. النيل من سمعة الجهاز القضائي من أخطر الضربات التي يمكن أن توجه لنظام حياة الناس، ويمكن القول إنها جريمة. وقد تكون هذه الضربة موجهة لا سمح الله من داخل السلطة القضائية وأحياناً قد توجّه من خارج السلطة القضائية.
العدالة على المستوى الدولي
نظام الجمهورية الإسلامية المستقل والمتمتع بالثقة بالنفس يقف اليوم مقابل جشع نظام الاستكبار العالمي. أمريكا وأعوانها والصهاينة في العالم والأثرياء الكبار في العالم يوظفون اليوم كل طاقاتهم الإعلامية والسياسية لأجل تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني ومن أجل خنق أنفاس عدة ملايين من الفلسطينيين وإلغائهم من المعادلات العالمية والإنسانية. وقد مارسوا نفوذهم أينما استطاعوا وسحبوا الحكومات معهم، لكنهم حينما يصلون إلى إيران يصطدم سيفهم بالصخور ويرون أن لا فائدة من السعي إطلاقاً. لذلك يعارضون نظام الجمهورية الإسلامية ويريدون رفع هذه العقبة من طريقهم. إذا استطاع الجهاز الاستكباري بمحفزاته المشؤومة والخبيثة وبالاعتماد على الثروة والعلاقات السياسية والقدرات الإعلامية أن يؤسس له مقراً داخل البلد ويستخدم أناساً مخدوعين وجبناء ضد مصالح بلدهم لينفذوا بعض الأمور لصالح إرادة العدو، فهذه الجريمة أشد بكثير من تلك الجريمة المالية. فمن الذي يجب أن يقف بوجه هذا اللاعدل الذي يمارس ضد الشعب الإيراني؟ إنه شيء يحتاج إلى شجاعة واقتدار وتحفز.
الحيلولة دون وقوع المفسدة
من وظائف السلطة القضائية في دستور البلاد الحيلولة دون وقوع المفاسد. وهذه الوقاية تحتاج إلى أدواتها الخاصة وأجهزتها المناسبة. الوقاية قد تتحقق أحياناً بواسطة المراقبين القضائيين ومن ذلك الأجهزة الأمنية والأجهزة الاستخبارية. يجب استخدام كل هذه الأجهزة والطاقات للوقاية من المفاسد. قد يأتي في داخل البلد الإسلامي شخص استغلالي مفسد طماع محتال مخادع لينهب مصادر البلاد العامة التي هي ملك لكل الشرائح – مع وجود كل هؤلاء الفقراء والضعفاء في البلاد – بلا حساب ولا كتاب. ينبغي مواجهة هذا الشخص. وواضح أن هذه العملية ستفرز ردود أفعال حينما تنهض بها السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية – كل حسب صلاحياتها – حيث لن يسكت البعض ولن يهدأوا.
مواجهة المخالفين
دور السلطة القضائية في كل مكان أن تواجه أصحاب المخالفات بحسب القانون. الذي يرتكب مخالفة يجب التصدي له حسب القانون. وكل هذا له دوره المهم في بنية النظام الإسلامي وفي الحياة السليمة وفي الوصول لأهداف الجمهورية الإسلامية. العارفون بالقانون الذين يخالفونه أخطر من الجميع.. الذين يعرفون القانون جيداً ويعرفون دهاليزه وإلتواءاته بشكل جيد لكنهم أنفسهم يخالفون القانون من دون أن يشعر أحد أن ما يمارسونه هو مخالفة قانونية. هذا شيء يتنافي تماماً مع النظام الإسلامي ومع انتظار المهدي الموعود.
ينبغي مكافحة الفساد في الأجهزة الحكومية وكل أجهزة الدولة. للحيلولة دون الفساد في الحكومة فإن المسؤولين الحكوميين أنفسهم والوزراء والمدراء الكبار هم المسؤولون بالدرجة الأولى. يجب أن لا يسمحوا بتفشي الفساد في مؤسساتهم. إذا أرادوا أن يكافحوا الفساد وإذا نظروا لهذه المكافحة بعين الجد فهم أفضل من يقدر على النهوض بهذه المهمة. طبعاً يجب أن يحذروا من أن تتلوث أيديهم. الشخص الملوث هو نفسه بالفساد لن يستطيع مكافحة الفساد. المسؤولون أنفسهم يجب أن يقفوا بوجه هذه الظاهرة بيقظة ودقة. إذا قصر المدراء في مواجهة الفساد في أجهزتهم فلا بد للسلطة القضائية أن تنزل إلى الساحة. وعلى الجهاز القضائي مجابهة الفساد وأي عمل استغلالي ومخالف للقانون بلا مسامحة أو تلكّؤ.
ضمانة القانون في المجتمع
كيف يضمن حفظ القانون ومراعاته؟ هناك سبيل للضمان وهو اقتدار السلطة القضائية. السلطة القضائية الذراع والقبضة القوية للنظام والتي يمسك بها تلابيب المخالف والمنتهك للقانون ويعاقبه حتى يستطيع الناس العيش في ظل القانون. إذن، اقتدار السلطة القضائية مبدأ ولكن ينبغي في الوقت ذاته أن يكون هذا الاقتدار بشكل يكرس ثقة الجماهير. أية محكمة في أي مكان تكون فيه مرجعاً لمجموعة من الناس – حتى لو كانت مجموعة صغيرة – يجب أن تعمل بحيث تكسب ثقة هؤلاء الناس. أي أن يثق الجميع بأن هذه الخلية القضائية الموجودة هنا ستحكم وفق القانون والعدل.
المعارضين للسلطة القضائية
لا شك أن عدداً من الناس سيبقون غير راضين عن السلطة القضائية. (وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين). يقول القرآن إذا أعطي لهم الحق في المرافعة التي يأتون لها عند الرسول فسوف يقبلون حكم الرسول أما إذا منح الحق للطرف المقابل فسوف يعترضون ولا يخضعون. هكذا هي الحال دائماً. لكن في المجتمع الذي تعمل فيه السلطة القضائية بالقانون وبواجباتها بنحو قاطع ولا تداهن أحداً وتواجه المخالف بشكل جاد – خصوصاً إذا كان المخالف داخل السلطة نفسها – مع وجود مثل هذه السلطة القضائية سوف يشعر الناس بالأمان والاستقرار. ينبغي الوصول إلي هذه الغاية وتحقيقها. وهذا يستدعي طبعاً تدابير متنوعة. يجب تشخيص جميع المهمات ويجب توفير المعلومات للمسؤولين الكبار في السلطة القضائية متى ما احتاجوا إليها. كما ينبغي أن يكون هناك إشراف. إشراف على أداء السلطة القضائية. وفوق كل هذا لا بد من برامج ونظم تعمل وفقها السلطة القضائية حتى تكون الإدارة منظمة ومبرمجة.
الدفاع عن المجرم
طبعاً أي حكم يصدر سيفرز بشكل طبيعي مجموعة من المعارضين وغير الراضين. وغير الراضين عن الحكم على نوعين: البعض يراعون الآداب والأصول والقواعد التي تقتضيها الحياة الاجتماعية بمعنى أنهم إذا كانوا غير راضين عن الحكم فلا يتهجمون على القاضي. لكن النوع الثاني لا يراعي هذه المسألة فإذا لم يرضوا عن الحكم يتهجمون بشدة على القاضي الشجاع الذي يجب تقبيل يده للحكم الذي أصدره. إنهم غير راضين عن الحكم ويدافعون عن المجرم الذي أدين. الدفاع عن المجرم جريمة. الدفاع عن المجرم المدان طبقاً للقانون عمل وكفاح ضد القانون. على البعض أن يفهموا هذا. القاضي يجب أن يكون مستقلاً ولا يخضع لتأثير أحد. لا يمكن القضاء بأوامر وتلفونات أحد. يجب على القاضي إصدار أحكامه حسب ضميره وعلمه والحجة الشرعية لديه. ويمكن الضغط على القاضي بشكل آخر.. بعناوين الصحف، والضغط السياسي وشتى صنوف الصخب والضجيج. من ناحية يجب على القاضي أن لا يخضع لهذا الضجيج – الجهاز القضائي سواء مدراؤه الكبار أو القضاة الشرفاء المحترمون يجب أن لا يستسلموا إطلاقاً للممارسات غير المنطقية للذين يريدون تمرير مقاصدهم بالصخب وافتعال الضجيج ضد السلطة القضائية – ومن ناحية أخرى على أولئك الأشخاص أنفسهم أن يعلموا أنهم إنما يرتكبون مخالفة. طبعاً المخالفة ممكن غض الطرف عنها من قبل مسؤولي البلاد ولكن ليس حينما تصبح سياقاً دارجاً.
ضرورة الأمن القضائي في المجتمع
قضية الأمن القضائي أي أن يشعر الناس بالأمن عند تعاملهم مع الجهاز القضائي ومراجعتهم له هي أيضاً قضية على جانب كبير من الأهمية. وهذه المسألة تتطلب نظرة جد دقيقة وحساسة وفاحصة في داخل السلطة القضائية. إذا تحقق الأمن القضائي فسوف يتحقق تبعاً لها الأمن السياسي والأمن الاجتماعي والأمن الاقتصادي والأمن الأخلاقي والأمن الثقافي. الأعداء الذين يعارضون أساس الجمهورية الإسلامية وجدوا اليوم أفضل سبل معارضتهم في تعريض أمن البلاد للخطر. بالإضافة إلى الأمن الأخلاقي والثقافي الذي يعمل العدو بشدة لنسفه منذ سنوات ومضافاً إلى الأمن السياسي حيث يروم العدو إيجاد تزلزل في الحركة السياسية العامة للبلاد، فإنه يعتزم اليوم استهداف الأمن الاجتماعي والمدني للشعب. إيران بتوفيق من الله من البلدان التي تتمتع بأعلى درجة من الأمن الاجتماعي والمدني.
الأمن العام
توفير الأمن للناس له ركائز من أهمها ما يقع على عاتق السلطة القضائية.. سواء الأمن الاجتماعي أو الأمن الاقتصادي أو الأمن الأخلاقي أو أمن السمعة. صحيح أن الأجهزة والمؤسسات التنفيذية المختلفة تشارك كل واحدة منها السلطة القضائية في هذه المهمات بنحو من الأنحاء – مثلاً في الأمن الاجتماعي تشارك أجهزة الشرطة السلطة القضائية ويجب عليها تكريس الأمن – ولكن ما هو دور السلطة القضائية هنا؟ دورها هو أن تجابه المجرم والمعتدي بحيث يصبح عبرة.
الأمن الاقتصادي
المسؤولون عن استتباب الأمن الاقتصادي متواجدون غالباً في المؤسسات التنفيذية – الوزارات الاقتصادية ومؤسسات المال والبنوك – لكن دور السلطة القضائية هو أنه إذا ظهر مفسد اقتصادي في غمرة هذه المعاملات وفي خضم تواصل الأجهزة والمؤسسات مع الجماهير فعلى السلطة القضائية أن تتصدى له بحيث يكون عبرة لمن يجرفون الأجهزة الاقتصادية للفساد. هذا بحد ذاته عامل مهم في توفير الأمن الاقتصادي.
البعض يتصورون أن مواجهة المفاسد الاقتصادية تخل بالأمن الاقتصادي. هذا هو عكس القضية. إنها النقطة المقابلة تماماً للحقيقة. مواجهة المفاسد الاقتصادية من شأنها توفير الأمن الاقتصادي لغير المفسدين، وهم أكثرية الناس. المفسدون الاقتصاديون هم قلة من الانتهازيين الاستغلاليين. يجب مواجهتهم بشدة ليشعر أكثرية الناس وغالبية الناشطين في الشؤون الاقتصادية أنهم يتمتعون بالأمان وأن السبيل الصحيح هو السبيل الذي سلكوه.
الأمن الأخلاقي
في المجتمع الإسلامي يجب أن لا تكون سمعة الأشخاص ألعوبة بيد من لا يشعرون بالمسؤولية إطلاقاً. على الأجهزة أن تواجه ذلك. إراقة ماء وجه الناس وتوجيه التهم لهم والتشكيك في الأشخاص سواء كانوا مسؤولين أو غير مسؤولين، وبث الإشاعات عنهم ممارسة منافية للأحكام الإسلامية وللشرع الإسلامي والعرف الإسلامي الدارج. لنفترض أنهم يوجهون تهمة الاستغلال المالي لشخص ما، فإلى أن يأتي ويثبت عدم صحة هذا الشيء سيمضي زمن طويل. هذه الأمور، أي أمن السمعة في المجتمع الإسلامي وأمن ماء الوجه، أمور مهمة جداً ينبغي التشديد عليها. وللسلطة القضائية في هذا الحيز وفي تكريس هذا الجانب من الأمن دورها.
تعليقات الزوار