أجرى الحوار: فؤاد الخرسا

 

الضيوف: د.نجف ميرزائي مدير مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي – بيروت 

 

مصيب النعيمي رئيس تحرير صحيفة الوفاق الإيرانية

 

حسين رويوران كاتب ومحلل سياسي

 

أمير الموسوي خبير بالشؤون الإيرانية

 

فؤاد الخرسا: السلام عليكم ... كيف تقرأ المصادقة الرسمية لقائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي على إعادة انتخاب احمدي نجاد رئيساً لإيران؟ ماذا قصد القائد بقوله أن الإيرانيين صوتوا لأحمدي نجاد لمكافحة الاستكبار العالمي ومحاربة الفقر وتعزيز العدالة؟ ماذا يعني عدم حضور الرئيسين السابقين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي لمراسم المصادقة على انتخاب الرئيس؟ ما السياسة الجديدة التي سيعتمدها الرئيس احمدي نجاد على المستويين الداخلي والخارجي بعد المصادقة على انتخابه؟ ما تأثير اعترافات المتهمين بالمشاركة في التظاهرات المعارضة على مجرى الأحداث في إيران؟

 

لنتوقف عند مصادقة السيد القائد خامنئي على رئاسة احمدي نجاد:

 

السيد القائد: الإيرانيين بتصويتهم لأحمدي نجاد إنما صوتوا من اجل مكافحة الاستكبار العالمي ومحاربة الفقر وتعزيز العدالة.

 

- الذين يتحدثون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان كانوا يدعمون النظام الجائر قبل الثورة الإسلامية.

 

- من مصلحة البلاد والشعب في إيران الاحتكام إلى القانون .

 

- عدم الاحتكام إلى القانون هو بداية الدكتاتورية .

 

- كل الأحداث الأخيرة المتعلقة بالانتخابات أكدت ضرورة تطبيق القانون.

 

الرئيس احمدي نجاد:

 

- الحضور الواسع للشعب الإيراني في الانتخابات يمثل قيم وأبعاد النظام الإسلامي في إيران.

 

- شكل وأسلوب ونتائج انتخابات 12 يونيو ألحقت الهزيمة بالليبرالية الديمقراطية الأمريكية التي تستخدم كأداة للهيمنة.

 

- محاكمة المتهمين بإثارة الشغب :

 

العناصر الضالعة في أعمال الشغب والاضطرابات الأخيرة تقسم إلى ثلاث فئات:

 

-الأولى، مخططو الاضطرابات وآمروها ومحركوها .

 

-الثانية، المجموعات المعادية للنظام والمرتبطة بأجهزة الاستخبارات الأجنبية .

 

- الثالثة، الانتهازيون الذين قاموا بإشعال الحرائق وتدمير الأموال العامة والخاصة كما ورد في بيان المحكمة.

 

مدير مكتب الرئيس الأسبق محمد خاتمي، محمد علي ابطحي:

 

- موضوع التزوير في الانتخابات كان كذبة من اجل إثارة أعمال الشغب.

 

- الرئيسان الشيخ رفسنجاني والسيد خاتمي ومير حسين موسوي اتفقوا فيما بينهم للانتقام من القيادة ورئيس الجمهورية.

 

فؤاد الخرسا: دكتور ميرزائي، أولاً قرائتكم لهذه المصادقة على انتخاب الرئيس احمدي نجاد اعتباراً من اليوم لتبدأ معه الولاية الثانية؟

 

د.نجف ميرزائي: نهنئ الشعب الإيراني على خلق هذه الملحمة، وجود ديمقراطية حقيقية يشارك فيها أكثر من 85% من الناخبين ، هذا يعني أن هناك ديمقراطية الشعب يشارك فيها وليست زائفة. الكثيرون يقولون إذا الشعب اختار فلا داعي أن يكون شخص من فوق الشعب يصادق. هذا العمل هو إجراء دستوري لكن هذا الدستور الإسلامي في إيران ليس مثل الدستور الغربي الوضعي المادي البحت في أمريكا أو في بريطانيا. مشروعنا مشروع ديمقراطي ديني. إذاً، نحن نتميز ويتميز دستورنا في هذا الموضوع لأننا مجتمع إسلامي. البعض يريد أن يفرض علينا نمطاً ديمقراطياً غربياً. موسوي الذي يمثل رأس حربة المعارضين اليوم هو يكرر والى الآن بأنه مع تطبيق الدستور الإسلامي في إيران. إذاً، الإشكالية الداخلية ليست إشكالية دستورية. لكن في مسألة المصادقة، هناك الكثيرين الذين يعبرون عن المصادقة من قبل الإمام خامنئي بالتنصيب. هذا تعبير خاطئ ومغالطة. ليس ما يقوم به الإمام خامنئي هو تنصيب بل هو مصادقة على اختيار الشعب. هو مصادقة من قبل الإمام على ما اختاره الشعب.

 

فؤاد الخرسا: سيد النعيمي، لأدخل معك في قرائتك لمصادقة السيد القائد الخامنئي على رئاسة احمدي نجاد، كيف نقرأ هذه المصادقة بالمعنى السياسي العام؟

 

مصيب النعيمي: هذا ليس مصادقة بل تنفيذ قرار الشعب. يعني هناك انتخابات جرت عبر الشعب والقائد الأعلى كأنه ينفذ هذا القرار. يعني يكون القرار نافذاً من هذا اليوم. الأجواء حالياً هي عادية كلياً. في الأجواء السياسية ستبقى موضوع النقاش والانتقاد .

 

فؤاد الخرسا: هل الاحتجاجات بعد مصادقة السيد القائد على قرار الشعب الإيراني، هل هذه الاحتجاجات ستأخذ منحى آخر لأن الرئيس الآن أصبح محصناً بمصادقة القائد لما اختاره الشعب؟

 

مصيب النعيمي: سماحة القائد أكد على أن هناك أجواء سياسية وديمقراطية يجب أن تستمر. وهذا الأمر جاء في كلامه بشكل واضح. النشاط السياسي إن كان الموالاة أو المعارضة يجب أن يستمر.

 

فؤاد الخرسا: دكتور ميزائي، هل كلام القائد في حفل التنصيب أراد توجيهه للخارج بقوله، الذين يتحدثون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان كانوا يدعمون النظام الجائر قبل الثورة الإسلامية. ثم إن الإيرانيين بتصويتهم للرئيس إنما صوتوا من اجل مكافحة الاستكبار العالمي ومحاربة الفقر وتعزيز العدالة، هل وضع برنامجاً بالحكومة المنتظر أن يشكلها الرئيس احمدي نجاد بالخطوط العريضة التي رسمها؟

 

د.نجف ميرزائي: نعم، هو وصف الرئيس بصفات مهمة، مسألة الصفات الشخصية التي يجب أن يتحلى بها الرئيس مثل الشجاعة في إبداء المواقف والذكاء الخارق له وأمثال ذلك. وأيضاً أكد على موضوع العدالة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية وأكد على مكافحة الاستكبار العالمي. لكن كل هذه العناوين الهامة ذكرت لسببين. أولا، الشعب لا يعطي صوته لبعض الخصوصيات الإدارية التي قد تكون فيها أخطاء. الشعب يعطي صوته لهذه العناوين العريضة التي استطاع الرئيس احمدي نجاد في الفترة الأولى أن يحققها أكثر من أي رئيس إيراني سبقه. الإمام خامنئي لم يدافع عن أداء الرئيس في الخطاب السياسي الداخلي ولكن ركز على موضوع العناوين الأساسية . الإمام خامنئي صنف المتعاطين والمتعاطين مع الرئيس في الدورة القادمة إلى 3 أطراف وقال هناك من يؤيدونك تماماً ويجب أن تقدر مطالبهم وتفهم لماذا اختاروك لكي تحقق مطالبهم. وهناك من ينتقدك وهو ليس عدواً لك. ولكن هناك في الداخل بعض الناس الذين ناصبوا لك العداء. هؤلاء سيستمرون في العداء لك فيجب أن تنتبه إلى هؤلاء ويجب أن تفسح المجال أمام المنتقدين. وهذه رسالة مباشرة إلى ضرورة تصحيح بعض النمط والأداء لرئيس احمدي نجاد.

 

فؤاد الخرسا: سيد رويوران، لأتوقف عند قرائتكم الأولى عند كلام القائد الخامنئي في حفل الموافقة على اختيار الشعب الإيراني للرئيس احمدي نجاد. ما هي القراءة الأولى لديكم؟

 

حسين رويوران: لا شك أن ذكر مواصفات الرئيس احمدي نجاد كأساس لدعمه في كلمة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران قال أن الرئيس احمدي نجاد يتمتع بصفات الشجاعة ، يعتمد سياسة رصينة وقوية في السياسة الخارجية ويعتمد العدالة في برامجه الاجتماعية والاقتصادية. وإذا ما انحاز عن هذا الطريق، سيتوقف الدعم له. هذا يعكس أن الدعم الذي يقدمه القائد لأحمدي نجاد، ليس لشخصه بل للسلوك الذي اختاره من صلب أهداف الثورة الإسلامية وأفكارها ومبادئها.

 

فؤاد الخرسا: ما الذي يغيره مصادقة اليوم في المشهد السياسي الإيراني وخاصة البعد الداخلي؟

 

حسين رويوران: أتصور أن التأكيد على مجموعة من الميزات التي كانت في الرئيس احمدي نجاد هي التأكيد على أن السيد احمدي نجاد يجب أن يبقى في ذات الطريق بالإضافة إلى انه كيف يمكن أن يبني اللحمة والمؤاخاة على المستوى الداخلي والتداعيات التي جرت بعد الانتخابات الرئاسية. من هنا، اعتقد أن التأكيد جاء على أساس مجموعة من البرامج التي بدأها الرئيس احمدي نجاد ولازالت في قيد الاستكمال. وفي نفس الوقت ، هناك أهداف أخرى طرأت على الساحة بسبب تداعيات الانتخابات ، يجب على احمدي نجاد ان يقوم بطرح برامج معينة تؤدي إلى طرد السلبيات التي أحدثتها داخل المجتمع الإيراني والشروخ الاجتماعية التي أوجدتها.

 

فؤاد الخرسا: دكتور ميزائي، لأدخل في ما أعلنه الرئيس احمدي نجاد، أولا مسألة طي صفحة الخلافات، هل هي مقدمة للجلوس على الطاولة مع المعارضين المعترضين في أي موقع كانوا فيه ؟ ثم الكلام عن استمرار حضور إيران المؤثر على الساحة الدولية، هل يعني أن الملفات التي كانت تحمله حكومته السابقة على مستوى الخارج ستبقى هي هي ولن يتغير فيها شيئاً ؟ هل تراها كذلك؟

 

د.نجف ميرزائي: في الجمهورية الإسلامية، ليس الأشخاص مهما كانت مواقعهم هم الذين يصنعون هذه الخطوط الإستراتيجية على المستوى العالمي. أظن، ما حدث في الداخل وما يحدث في العالم اليوم، بالإضافة إلى بعض الخصوصيات السلبية الموجودة في الرئيس في بعض أدبياته، أظن كل هذه الأمور ستفرض على المؤسسة الكبرى في إيران وخاصة الجهات التي تصنع القرار الاستراتيجي ، أن تعيد النظر في بعض تفاصيل هذه الأمور في الخطاب المعبر عنها. الإمام القائد عندما يؤكد أن هناك منتقدين عليك أن لا تتجاوزهم، عليك أن تهتم بهم وتشركهم في أمور البلد.

 

فؤاد الخرسا: يعني دعوة الرئيس للتفاوض.

 

د.نجف ميرزائي: أنا لا اسميه تفاوض. دعوة الرئيس إلى الاستثمار والاستفادة من هذه الطاقات. يعني هو ينصح الرئيس أن لا يحاول إلغاء من يخالفه. يعني لو لم يكن هناك أداء سلبي في بعض الأحيان من الرئيس تجاه المعارضين لما اضطر الإمام أن يصرح بهذا الشيء. طبعاً هو يحترم رأي 24 مليون إيراني صوتوا لصالح الرئيس احمدي نجاد. إذا كانت هناك ملاحظات جادة، سيوجهها الإمام الخامنئي في اجتماعاته الخاصة. لكن مجمل الملفات الكبرى على المستوى العالمي، القرار الحاسم فيه يصنع من خلال المؤسسات الكبرى في الجمهورية الإسلامية. أنا لا أتوقع تغييراً جوهرياً في هذه الملفات لكن مع تغيير بعض الأدبيات والخطابات العالمية.

 

فؤاد الخرسا: سيد حسين، على مستوى الحكومة المقبلة التي يفترض أن يشكلها الرئيس احمدي نجاد، هناك من يقول أنها قد تلقى بعض الصعوبات، هل تعتقد هناك صعوبات ؟ ثانياً، على مستوى التعديلات في السياسة هل سنشهد تعديلاً ما في سياسة الحكومة على المستوى الداخلي خاصة عندما يقول القائد بضرورة محاربة الفقر وتعزيز العدالة ؟

 

حسين رويوران: فيما يخص الحكومة، أتصور أن الرئيس احمدي نجاد عليه أن يقاتل لكل وزير لكسب الثقة به على عدة خلفيات. أولا بسبب الانقسام السياسي الموجود في البرلمان بين الإصلاحيين وبين الأصوليين من جهة وبين الانقسام داخل التيار الأصولي على خلفية احمدي نجاد، من يؤيده ومن ينتقد سياساته داخل التيار الأصولي. هذان الانقسامان يجعلان كسب الثقة مسألة لا يمكن أن نعتبرها هينة بل يجب أن يقنع غالبية ممثلي الشعب في البرلمان في القبول بهذا الشخص أو ذاك الشخص وزيراً. أتصور أن تشكيل الحكومة وكسب الثقة هي عملية ستكون معقدة وصعبة ويجب أن يراعي فيها السيد احمدي نجاد الكثير من موازين القوى .

 

فؤاد الخرسا: هل البرنامج الحكومي على مستوى الداخل سيأخذ بعين الاعتبار هذه الحركة الاعتراضية خصوصاً فيما يرتبط بالشأن الداخلي ؟ هل سيكون الهم الداخلي طاغياً أكثر في عمل الحكومة ؟

 

حسين رويوران: لا شك في ذلك. أولا الانتخابات كلها بسبب برنامج السيد احمدي نجاد المنفرد به في خصوصياته، جعل الانتخابات بمجملها اقتراعاً عاماً على برنامجه في القبول به أو رفضه. من هنا مناقشة برنامج الرئيس احمدي نجاد على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من خلال الانتخابات طرحت مجموعة كبيرة من الملاحظات حول الأداء الحكومي. أتصور أن السيد احمدي نجاد سيأخذ بها بمجملها على اعتبار أنها تشكل ثغرات في داخل برنامجه.

 

فؤاد الخرسا: دكتور ميرزائي، إذا كان لك من ملاحظات خصوصاً فيما يرتبط بموضوع الحكومة وإمكانية أن تشهد بعض الصعوبة في التشكيل. ثم على مستوى الداخل، إذا كان لديك من ملاحظات تفضل.

 

د.نجف ميرزائي: يبدو قبل تشكيل هذه المحكمة، هذه المحكمة القانونية فتحت مجالاً خصباً للرئيس احمدي نجاد أيضا لكي تمر حكومته بمزيد من السهولة لأن الحالة الإصلاحية اليوم وقعت في حالة الاندفاع والدفاع عن نفسها. فلم يعد التيار الإصلاحي اليوم كما كان قبل هذه المحكمة. والمسألة الثانية المؤثرة في تسهيل تشكيل الحكومة أو ثقة المجلس النيابي ، هذا الخطاب الهام الذي تحدث عنه الإمام خامنئي، فهو أيد تأييداً كاملاً برنامج الرئيس احمدي نجاد في المرحلة الأولى . لذلك، أظن أن النواب يتلقون الأمر وكأن الموضوع محل تأييد وثقة كاملة.

 

فؤاد الخرسا: يعني أنت لا تعتقد أن هناك صعوبة في التشكيل؟

 

د.نجف ميرزائي: هناك صعوبة لأن الكثير من الأشياء التي لا يتحدث عنها الإمام خامنئي، هناك حقيقة. مثلاً سلوك احمدي نجاد مع أمر مباشر وولائي وواجب ملزم للإمام خامنئي حول مشائي. الإمام خامنئي يطلب منه أن لا ينصبه. النواب في المجلس النيابي يريدون التأكد من الكثير من الإشكاليات التي وجدوها في الفترة الأولى. هناك مشاكل في مرور الحكومة، ثقة المجلس لكن هذه المحكمة وهذه المصادقة وخطاب الإمام خامنئي يسهلان كثيراً هذه المسألة ولا أظن أن هناك أزمة كبيرة ستقع. ولا ننسى أن الرئيس احمدي نجاد عازم على تلطيف تعاملاته إذا كان بالفعل ولائياً ويريد أن يأخذ بالاعتبار نصح الإمام خامنئي في هذا الخطاب. الرئيس احمدي نجاد سيكون أكثر مرونة وأكثر لطفاً مع المنتقدين.

 

فؤاد الخرسا: سيد الموسوي، الحديث يدور الآن بعد المصادقة على انتخاب الرئيس احمدي نجاد كرئيس للبلاد. لندخل في موضوع الحكومة المرتقبة، هل تتوقع أن يكون هناك صعوبات في تشكيل الحكومة أم أن الأمر سيتم تجاوزه بعد كلام السيد القائد حول المرحلة المقبلة؟ على مستوى المقاطعة، المرشحون الثلاثة للرئيس نجاد لم يحضروا مراسم المصادقة، هل لهذا الأمر تفسير واقل ما يقال فيه أن احتجاجهم على انتخاب الرئيس ما زال قائماً؟

 

أمير الموسوي: أمام الرئيس احمدي نجاد ملفين أساسيين أو معقدين. الملف الأول هو موضوع المصالحة الوطنية. إذا استطاع أن يرطب الأجواء بينه وبين الإصلاحيين والمعارضين لحكومته ولانتخابه، اعتقد انه سيمهد الطريق للتفاهم الوطني والداخلي. أنا استبعد في هذه المرحلة انه يستطيع أن يعبر هذه المرحلة بسهولة. اعتقد أن الخلافات ستستمر وهناك تصعيد من الجانبين. هناك تصعيد من الإصلاحيين ضده بصورة قوية. واليوم تركزت المفهوم بصورة واضحة في الصحف والمواقع الالكترونية وحتى في الشارع نوعاً ما. لكن كذلك الطرف المقابل يتهجم عليهم وهذه المحاكمات واضحة أنها ضد الإصلاحيين بصورة شاملة. لكن الملف الثاني هو الذي يمكن معالجته بقوة وبإمكانية الرئيس احمدي نجاد أن يعبر هذه المرحلة أو يحل هذا الملف بسهولة وهو موضوع البرلمان ومجلس الشورى الإسلامي. هناك انتقادات لاذعة من النائب الأول لرئيس البرلمان السيد باهنر والى رئيس الأكثرية السيد علي مطهري. وكثير من الأعضاء المحافظين قد وجهوا انتقادات للرئيس احمدي نجاد بسبب عدم استشارتهم لانتخاب الوزراء. فهذه تولد أزمة بينه وبين البرلمان حول إعطاء الثقة لهؤلاء الوزراء. اعتقد انه يستطيع أن يعبر هذه المرحلة ببدء مشاورات جادة مع البرلمانيين البارزين على الأقل لتمهيد الطريق لنيل الثقة من هؤلاء.

 

فؤاد الخرسا: لأعود معك إلى مسألة المعارضين الإصلاحيين، هل موقف المعارضين للرئيس نجاد سواء الذين قاطعوا اليوم المصادقة على نتائج انتخابات الشعب وما ذكرته على مستوى المواجهة التي بدأت عبر وسائل الإعلام من قبل الطرفين، هل يعني ذلك أنهم يقطعون الطريق هم على الجلوس معه لإنهاء هذا النزاع رغم كلامه أننا سنسعى لنطوي صفحة الخلافات في الداخل؟

 

أمير الموسوي: نعم، الإصلاحيين عازمين على أنهم سيواصلون معارضتهم الحادة والجادة ضد الرئيس احمدي نجاد وخاصة أنهم اليوم اكتسبوا معنويات اكبر عندما التحق الشيخ رفسنجاني بصفوفهم وتغيب عن مراسم التنصيب اليوم وهذا يعتبر إعطاء زخم كبير للإصلاحيين وربما يزيد من قوتهم ومن معارضتهم لاحقاً للرئيس احمدي نجاد. لكن أنا أكدت أن السيد احمدي نجاد لديه الكثير من الأوراق ممكن أن يساعد في سبيل كسب هؤلاء وود هؤلاء من خلال بعض الخطوات السياسية المهمة.

 

فؤاد الخرسا: دكتور ميرزائي إذا كان لديك من ملاحظات على ما ذكره خصوصاً على ما يرتبط بالعلاقة مع الإصلاحيين، هل سنشهد تصعيداً أم أن الأمر يجري الآن توضيبه بالشكل الذي يتلائم مع مصلحة إيران ومصلحة الشعب الإيراني من منطلق ما قاله السيد القائد؟

 

د.نجف ميرزائي: من الواضح شئنا أم أبينا أن محاكمة الإصلاحيين أمام المحاكم من خلال تخوين رؤوسها. اليوم عندما تبث هذه الاعترافات، تعني أن المحكمة أخذت بها وإلا فإن بث الاعترافات قبل أن تبت المحكمة بصحتها لا يجوز أخلاقيا وقانونياً. فعندنا تبث المحكمة علنياً فهذا يعني أن المحكمة تحب أن توجه اتهامات الخيانة إلى قادة الإصلاحات بما في ذلك موسوي وخاتمي أيضا. ولا ننسى أن صحيفة كيهان أبرزت عنوانها البارحة بأن هناك خيانة موسوي وخاتمي. لذلك، الإصلاحيون في مأزق حقيقي أمام المحكمة ولا أظن أنهم يستطيعون أن يخرجوا من هذا الانفعال بسهولة. اليوم الاصلاحيون يقاتلون لأجل البقاء . ثانياً، مسألة اعتبار أن الشيخ رفسنجاني أصبح بصف الإصلاحيين في هذه المعركة لمجرد غيابه عن المصادقة ، لا اعتقد ذلك. صحيح أن الشيخ رفسنجاني ليس مع الرئيس احمدي نجاد ولكنه ليس من ضمن جبهة الإصلاحات. الذي يميز رفسنجاني هو أن الشيخ رفسنجاني لا يدعو إلى الخروج عن الدستور والقوانين. لكن اليوم عندما يتهم الرئيس خاتمي الدستور والمحكمة والقضاء برمته، يعني عندما يأتي القضاء ويحكم لصالحي فأنا ادعمه ولكنه عندما يحكم لغير صالحي فأنا أدين القضاء برمته. إذا، لا يمكن اعتبار رفسنجاني اليوم منتقد للدستور والقضاء. نعم غيابه هو غياب متعمد واحتجاجي، أنا اقبل هذا.

 

فؤاد الخرسا: في النقطة القانونية طالما ذكرنا ما قاله السيد القائد في مطلع الحلقة عندما يقول بمسألة الحقوق وعندما يقول، عدم الاحتكام إلى القانون هو بداية الدكتاتورية. الكل يعرف انه طلب من الجميع إذا كان لديكم من ملاحظات، من احتجاجات واعتراضات، الجأوا إلى المؤسسات الدستورية يعني الجأوا إلى القانون. بهذا المعنى ماذا نسمي هذا الكلام؟ هل نسمي الآن أن الإصلاحيين كأنهم في بداية دكتاتورية من حيث التعاطي مع مسألة إيران؟

 

د.نجف ميرزائي: أنا لا اقرأ الموضوع من هذه الزاوية. أولا يجب أن يقال أن نمط تعامل الإمام يختلف تماماً عن نمط تعامل المحكمة اليوم مع هذا التيار. يعني في الوقت الذي يعتبر الإمام خامنئي وبشكل صريح أن موسوي ليس عدواً، هو صديق أخطأ لكن هناك أصوات ترتفع من هنا وهناك في تخوين موسوي وخاتمي. دعنا نكون صريحين، الفتنة الكبرى التي مرت عليها إيران ولا تزال تعيش بعض ذيولها وتبعاتها، هذه الفتنة نشأت بالأساس من أمرين أساسيين كلاهما يرجعان إلى رفض القانون. يرجع بالدرجة الأولى إلى رفض القانون من الرئيس نجاد في تلك المناظرة خاصة عندما استفز الشارع والجماهير والطرف الآخر من خلال سلوكياته ونمط إدانته للشيخ رفسنجاني وتوجيه تهم خطيرة التي فيما بعد حاول الإمام خامنئي أن يحبط مفعول هذا الخطاب وترك أثره في بناء وإشعال هذه الفتنة. المسألة الثانية مسألة الإصلاحيين وبالذات السيد موسوي. السيد موسوي كخاسر الانتخابات لم يحتكم إلى القانون، احتكم إلى الشارع والى رفض القانون والدستور. الإمام خامنئي يريد أن يقول، عليك أيها الرئيس وعليك أيها المعارض الإصلاحي أن تلجأ إلى القانون.

 

فؤاد الخرسا: على مستوى البعد الخارجي مما حصل، هناك اتهامات ولو بالإشارة أو بالتصريح من قبل الإمام خامنئي ومن قبل الرئيس احمدي نجاد لكن بشكل أخص من قبل القائد فيما يرتبط بالخارج. يعني انتبهوا إلى هذا الخارج الذي يحيك الكثير من مؤامرات حتى يخرج البلاد عن وحدتها. العنصر الخارجي فيما يحصل الآن أين تراه وكيف؟

 

أمير الموسوي: أعداء الثورة الإسلامية في إيران كانوا متربصين منذ زمن بعيد وهذه فرصتهم الذهبية بأن يستغلوا ما يجري في إيران. أنا لا أرى بداية الأزمة هي من الخارج. صحيح هناك اصطفاف سياسي واضح في إيران منذ مجيء السيد خاتمي وربما قبله بفترة. حصل نوع من الاصطفاف السياسي لكنه ضمن إطار الدستور وضمن إطار النظام الإسلامي وتحت مظلة ولاية الفقيه. لكن ما حصل الآن استغل بصورة واضحة من قبل الدوائر الاستخباراتية الغربية وللأسف الشديد بعض الدوائر العربية، استغلت الوضع انتقاماً لقوة إيران وانتقاماً لامتداد إيران الطبيعي في المنطقة وانتقاماً للتقدم التقني الذي حصل في إيران. كل هذه جعلت الدوائر الاستخبارية تطمع بما حصل في إيران واستغلت هذا الوضع وربما صبت الزيت على النار الذي اشتعل في إيران. لكن اعتقد أن هذه الأمور يمكن السيطرة عليها. النظام الإسلامي في إيران لديه ما يمكنه من السيطرة واستيعاب كل التدخلات الأجنبية. أنا لا أرى خطورة في التدخل الأجنبي لأنه مكشوف ولأنه يقاوم بقوة من كل التيارات الإصلاحية والمحافظة. الخطر في هذا التفكك ونأمل أن تلتحم صفوف السياسيين الإصلاحيين والمحافظين في آن واحد. هناك مشكلة في الاجتهادات ونأمل أن تحل هذه الأمور بسياسات حكيمة من قبل الجانبين. أنا اعتقد أن كبار القوم والحكماء ممكن أن يعبروا هذه المرحلة بتفاهم سياسي واضح.

 

فؤاد الخرسا: دكتور ميزائي إذا كان لديكم من ملاحظة تفضل.

 

د.نجف ميرزائي: وصلت الاختلافات بين التيارين إلى درجة، أنا شخصياً لا اعتبر من الممكن أن تنفع النصائح. وصلت الاختلافات إلى درجة التخوين لبعض الأشخاص من الطرفين وأظن لو استمرا بهذه الطريقة سيتعرض النظام للخطورة. لذلك، اعتقد فقط الإمام خامنئي يستطيع أن يفرض النمط المعتدل على الطرفين.

 

فؤاد الخرسا: لكن على مستوى الخارج فيما يرتبط بتأثير العنصر الخارجي سواء أخذنا بمواقف السيد القائد أو مواقف الرئيس احمدي نجاد أو حتى ما سرب عن المحكمة، ما سرب من أن هناك علاقة لجهات أجنبية. هذا التأثير الخارجي كيف يمكن مواجهته إذا كان المطلوب توحد الساحة؟

 

د.نجف ميرزائي: نحن نواجه خطراً من رؤيتين. رؤية تضخيم الخارج في الداخل. هذه الرؤية تؤدي إلى أن نتجاهل الإشكاليات الحقيقية التي يعاني منها الإخوة في البيت الواحد. إذا، لا يجب أن نضخم دور الخارجي في كل هذه المسألة لأن هذه الإشكاليات عمرها بعمر الثورة. يعني منذ 30 سنة نحن نواجهها وكل فترة تبرز بطريقة وأخرى. والخطورة تأتي أيضا إذا أنكرنا أن هناك ضلوعاً واضحاً من الخارج في هذه المسائل. لا ننسى أن البريطانيين شغلوا قناة ً خلال أشهر قليلة قبل الانتخابات وفي فترة الانتخابات، كل حدث ولو جرح شخص من شمال طهران، الخبر ينشر ويبث بعد 5 دقائق من قناة بي بي سي بيرشن. إذا، هناك وضوح تام في ضلوع الإعلام البريطاني والإعلام العربي أيضا وبالذات إحدى القنوات العربية التي كانت مساهمة، الدولة التي كانت تمول هذه القناة كانت مساهمة بقوة في استغلال هذه الأحداث من أجل التأثير السلبي على مجرى هذه الأحداث من خلال بث أخبار كاذبة.

 

فؤاد الخرسا: بالعودة إلى خطاب الحكومة المقبلة للخارج، لكن على مستوى التبني سواء تحدثنا عن الملف النووي السلمي أو تحدثنا عن ملفات كثيرة تتعلق ربما بإمكان التفاوض أو عدم إمكان التفاوض، السقف الذي تحاول إيران أن ترفعه، هل سنبقى في نفس السياق أم سنرفعه أكثر؟

 

د.نجف ميرزائي: في إيران لا يوجد شيء اسمه البيان الوزاري بهذا المعنى. لكن يجب أن ننتظر أياماً بعد هذه المصادقة. ويوم الأربعاء هناك اليمين الدستوري لرئيس المجلس النيابي. اعتقد من المبكر الحديث عن المعالم الأساسية لخطاب الرئيس احمدي نجاد الدولي. لكن نحن نتوقع الخطاب الحاد الذي تبناه احمدي نجاد في فترة بوش كان منسجماً مع إبراز المخالب والأنياب البوشية في العالم. أما اليوم أظن أن الخطاب الاستراتيجي الدولي لأحمدي نجاد سيحظى بكثير من المرونة لأن هناك بعض الإرهاصات لإمكانية التعامل الدبلوماسي مع الآخر. لو قبل اوباما أن يعترف بإيران كدولة إقليمية ومستقلة وسيادية وجاهز ليعترف بحقوق الشعب النووية وغير النووية، هل نتوقع أن يكافحه الرئيس احمدي نجاد؟

 

فؤاد الخرسا: الآن المشهد السياسي بكلمة كيف تنظر إليه بعد المصادقة والمرحلة المنتظرة؟

 

د.نجف ميرزائي: مع الأسف الشديد، هذه المحكمة بهذا الخطاب الذي جاءت به ستربك المشهد السياسي في إيران وخاصة بعد تخوين قادة الإصلاحيين، نتوقع مزيد من التوتر.

 

فؤاد الخرسا: أشكرك دكتور ميزائي، كما اشكر السيد أمير الموسوي. وجميع من شارك في هذا الحوار. والسلام عليكم.