المحاور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا الحوار يأتي بمناسبة ذكرى عشرة الفجر المباركة وانتصار الثورة الإسلامية في إيران. (32) عاما مضت على انتصار الثورة، تجربة تحولت إلى حقيقة وحقيقة ثابتة اقرّ بها العدو قبل الصديق، (32) عاما وقفت خلالها الجمهورية الإسلامية شامخة خارجة من جميع الأزمات التي حاول الأعداء أن يضعها أمامها، بهذه المناسبة ومع دخول الدولة الإسلامية والثورة الإسلامية عقدها الرابع، السنة الثانية من عقدها الرابع، نستضيف السيد محسن رفيق دوست لربما أُعرّفه بهذا الشكل هو ناشط إسلامي قبل الثورة ومسؤول لفترة طويلة في الجمهورية الإسلامية، تقلد مناصب عديدة في الحرس الثوري منها كان أيضا وزير الدفاع، وأيضا هو الذي قاد سيارة الإمام من مطار مهر آباد إلى مدرسة علوي أو بهشت زهراء، على أية حال سنحاوره حول الكثير من القضايا حول ذكريات الثورة، حول تأثير الثورة، حول أسباب الثورة، تداعيات الثورة التي نسمع أصدائها هذه الأيام في الكثير من البلدان الإسلامية، لكن قبل ذلك نقدم هذه المقدمة:

 

مع عودة مفجر الثورة الشعبية في إيران الإسلامية الإمام الخميني نهاية السبعينيات من القرن الماضي إلى أرض الوطن بات انتصار الثورة الإسلامية قاب قوسين أو أدنى من الانتفاضة الشعبية، وبعد عشرة أيام من وصوله إلى أرض الوطن سجل الشعب الإيراني المسلم بقيادة الإمام الخميني انتصار أكبر ثورة شعبية حطمت عرش شرطي الامبريالية العالمية في منطقة الشرق الأوسط برمته، هذا الانتصار الذي لم يحلو للأمريكيين ولا القوى المتسلطة على مقدرات الشعوب آنذاك بات محط تقريع وتآمر القوى الاستكبارية علها تنال منه عبر تجنيد عملائها من داخل وخارج إيران الإسلامية، ومنذ الأيام والأشهر الأولى لانتصار الثورة الإسلامية بدأت الأصابع الأجنبية تعبث بأمن البلاد وتبث النعرات القومية والطائفية في أطراف البلاد مثل الفتن القومية التي شهدتها مدن محافظة كردستان الإيرانية وبالتحديد مدينتي سقز وبانه والفتن الطائفية التي شهدتها مدن محافظة خوزستان جنوب غربي البلاد والفتن المذهبية التي شهدتها مدينة كنبد شمال شرقي البلاد لكن قيادة الثورة الإسلامية وعلى رأسها الإمام الخميني الراحل تصدت لكل هذه الفتن واستوعبتها برحابة صدر كي لا يتمكن أعداء الثورة والبلاد من تحقيق مآربهم في إجهاض الثورة الإسلامية الفتية، شباب إيران الذين عرفوا مصدر إثارة الفتن خططوا للسيطرة عليه وعدم السماح للمتآمرين على ثورتهم بالاستمرار في التآمر وقد تم تنفيذ هذا المخطط في الثالث والعشرين من أكتوبر عام (1979) بواسطة جماعة من الطلبة الجامعيين الذين أطلقوا على أنفسهم اسم الطلبة الجامعيين المسلمين السائرين على نهج الإمام الخميني، حيث قاموا باقتحام مبنى السفارة الأمريكية بطهران وتأكدوا من أنه كان وكرا للتجسس على إيران وشعوب المنطقة منذ تأسيسه، هذه الخطوة الثورية التي باركها الإمام الخميني الراحل واعتبرها ثورة أكبر من الثورة الأولى أغضبت الساسة الأمريكيين وحملتهم على التخطيط لمهاجمة إيران عسكريا وفق خطة لا يعلم بها أي أحد سوى الرئيس الأمريكي جيمي كارتر ووزير دفاعه هارولد براون ومستشار البيت البيض هاملتون جوردن ومستشار الأمن القومي الأمريكي آنذاك برجنسكي، لكنها هي الأخرى فشلت رغم التدريب على تنفيذها في مناطق مشابهة لإيران، وفشلت المروحيات الثماني وطائرات الشحن هركولس التي حملتها حاملة الطائرات الأمريكية نمتس إلى مياه الخليج الفارسي بفعل عاصفة رملية وهي في أولى خطواتها في منطقة طبس الصحراوية جنوب إيران، هذا الفشل العسكري تبعته محاولة انقلابية أخرى حاولت أمريكا خلالها تدبير انقلاب عسكري يطيح بالنظام الإسلامي الفتي في إيران ليعود آخر رئيس وزراء نظام الشاه شابور بختيار وكان من المقرر تنفيذه في التاسع من حزيران عام (1980) وذلك عبر تجنيد لواءين من العسكريين المتقاعدين والمطرودين من الجيش الإيراني في محافظتي كرمانشاه وقزوين القريبتين من قاعدة الشهيد نوجه الجوية بمحافظة همدان غرب البلاد، لكن هذه المحاولة هي الأخرى تم اكتشافها وإجهاضها عشية التنفيذ ولم يبق أمام الاستكبار العالمي إلا مهاجمة إيران عسكريا بشكل مباشر وهذا ما وجدت له الامبريالية العالمية أرضية في تطلعات نظام صدام الذي تمنى النيل من الثورة الإسلامية الفتية لأكثر من مرة وبالتالي دفعته لشن حرب ضروس على إيران الإسلامية عشية الثاني والعشرين من أيلول عام ثمانين، ولما استمرت حوالي ثماني سنوات نزلت واشنطن بكل ثقلها إلى الساحة لتدعم صدام في حربه الشاملة على المدن وناقلات النفط والطائرات المدنية الإيرانية، ورغم كل تلك المؤامرات ظلت الثورة الإسلامية وبفضل قيادتها الحكيمة التي تمثلت بالإمام الخميني الراحل وصيانة صفوف أبناء الشعب الإيراني صامدة وتمكنت من اجتياز كل تلك المؤامرات لتشق طريقها نحو مستقبل واعد وبنّاء يبشر بالخير والتطور لأبناء بلد لم تكن أهداف ثورته ونظامه الإسلامي سوى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على الأرض.

 

المحاور: السيد رفيق دوست ابدأ معك, يعني كيف التحقت بالحركة الإسلامية في إيران ونهضة الإمام بالتحديد؟

 

السيد محسن رفيق دوست/المترجم: منذ الأيام الأولى لنهضة الإمام الخميني في عام (1961) أصبحت مقلدا للإمام الخميني، وقبل ذلك عندما كنت في الثانية عشرة من عمري دخلت في النشاط الثوري والسياسي ولكن عندما قام الإمام الخميني وبدأ نهضته المباركة أنا ارتبطت بهذه الثورة ولازلت معه.

 

المحاور: في كلامك يعني بعض الإيحاءات يعني عملت مع الجبهة الوطنية يعني كيف تسلسل هذا العمل إلى أن انتهيتم إلى خط ثوري واضح؟

 

السيد محسن رفيق دوست/المترجم: في المسائل السياسية أنا كنت مهتم وكنت أبحث عن ضالتي المنشودة وبفضل سماحة آية الله السيد الكاشاني والدكتور مصدق وتأميم النفط والنشاط والحركة التي نفذت آنذاك كنت ذو علاقة ومحبة بالجبهة الوطنية ولكن عندما أصبحت حركة التحرير الإسلامية الإيرانية أيضا عبّرت عن تعلقي بهم وتعاوني معهم ولكن عندما ظهر الإمام الخميني وجدت ضالتي هناك عند الإمام الخميني والتحقت بهذه الثورة ودخلت السجن وكنت في لجنة الاستقبال، ومنذ عام (1961) في تلك الثورة كنت لازلت على تلك العقيدة.

 

المحاور: هل انتميت إلى تنظيم سياسي قبل انتصار الثورة الإسلامية خاصة وأنك محسوب على الشهيد مهدي عراقي؟

 

السيد محسن رفيق دوست/المترجم: نعم نحن كنا من أوائل الذين شكلنا تنظيم المؤتلفة وكان الشهيد مهدي عراقي أحد المؤسسين وكانت هذه الحركة بفضل أمر الإمام الخميني وكنت منذ الأول مع هذه الحركة وكنت موجودا وعندما أصبحت عسكريا بعد الثورة الإسلامية ودخلت إلى الحرس الإمام الخميني منع علينا أن نكون منتمين لحركات سياسية، كنت ضمن هذا التنظيم والآن أنا أدافع عن هذا الخط ولكني لست في التنظيم بشكل رسمي.

 

المحاور: كنت في لجنة الاستقبال يعني مسؤول لجنة الاستقبال وكان الشهيد مهدي عراقي هل كنتم أمن الثورة؟

 

السيد محسن رفيق دوست/المترجم: لم يكن الشهيد عراقي هو مسؤول لجنة الاستقبال بل إن هذه اللجنة قد تأسست بأمر من المجلس الأعلى للقيادة الثورية وكان الشهيد مهدي عراقي أحد أعضاء هذه اللجنة، أنيطت إليّ مهمتين هي مسألة التداركات وتوفير التجهيزات والحفاظ بشكل أمني للإمام الخميني وكنت أيضا سائقا لسيارة الإمام الخميني.

 

المحاور: هل كان عملكم منظما بهذا الشكل بحيث أنكم لديكم لجان أمنية ولجان استقبال يعني البعض يتصور أن الثورة عفوية إلى درجة أنها فقط شعب اقتحم وسيطر على المطار ومن ثم جاء الإمام وركب السيارة ووصل إلى بهشت زهراء أو جنة الزهراء، هل كان لديكم تنظيم واضح أمني وسياسي وإعلامي وما شابه ذلك؟

 

السيد محسن رفيق دوست/المترجم: منذ نهاية عام (1978) الإمام الخميني كما تعرفون أسس مجلس قيادة الثورة وهذا المجلس قام بالكثير من الأعمال حتى انتصار الثورة الإسلامية، عندما تمت الإضرابات في الصناعة النفطية مجلس قيادة الثورة بعث مبعوثين لهذه المصانع ومجمعات البترول الكيمياويات والمصافي واستطاع هذا الأمر توفير الأموال لهؤلاء بتقديم الرواتب للمهندسين والعمال من قبل هذه اللجان التي أسسها مجلس قيادة الثورة، وكذلك ما تفضلتم به أننا قمنا بأعمال كثيرة في هذا المجال وقمنا بتوفير الأمن الكامل للإمام الخميني ثمانية سيارات، عشرة دراجات بخارية، وكذلك حتى كنا نفكر في مسير الطريق والاستقبال حتى جنة الزهراء، نحن قمنا بتوفير مئة وخمسين ألف شخص للقيام بالمسائل الكثيرة ولكن كل هذه الأمور لم نستطع أن نطبقها بشكل كامل لكثرة المستقبلين، وقمت بتوفير المكان المناسب في وسط السيارة حتى يجلس الإمام الخميني وقمت بوضع زجاج ضد الرصاص إلا أن الإمام الخميني جلس في مكان وتحدى كل شيء، أما السيارة عندما سرنا بها كان الناس يسيرونا، أكثر من ثلاث ساعات إلى أن وصلنا إلى بهشت زهراء وإلى جنة الزهراء حيث أن الناس حملوا السيارة على رؤوس أياديهم في أربعة أماكن: في ساحة المطار، وأمام جامعة طهران، وفي شارع أميرية، وفي جنة الزهراء مقبرة الشهداء، وكما هو معروف أن السيارة قد تعطلت هناك، وكلما كنا نريد أن نقوم بدفع السيارة الناس هم رفعوا السيارة ورفعوا الإمام الخميني ووضعوه إلى جانب الطائرة العمودية، وكنا نقول أن ثمانية ملايين شخص جاؤوا لاستقبال الإمام الخميني، كان ربع الشعب الإيراني آنذاك وأولئك الذين كانوا يقومون بهذا الأمر شاركوا جميعا في هذا الاستقبال.

 

المحاور: السيد رفيق دوست يعني اليوم يكثر الحديث عن تداعيات الثورة في المجتمعات الإسلامية، بالطبع شهدنا بعد انتصار الثورة الإسلامية عام (1979، 1980) أصداء كبيرة للثورة ولما حصل في الجمهورية الإسلامية في إيران في المجتمعات الأخرى، اليوم كما قال أول رئيس جمهورية الذي فر إلى باريس قال عندما بدأت انتفاضة تونس وانتفاضة مصر: هذه الأصوات معروفة لدي، ويقصد أن هذه الأصوات هذه الصيحات كانت قبل اثنين وثلاثين عام في إيران، أنتم شخصيا الآن الأسماء التي ذكرتها مثل الشهيد عراقي، أنتم، كان وضعكم المالي جيد يعني أنتم كثيرا منكم من تجار البازار لم تكونوا تعانوا من فقر، اليوم الثورات لربما في أغلبها ثورات جياع، ثورات أناس لا يملكون لقمة الخبز، ما هي المشتركات التي يمكن أن تتصورها بين الثورة الإسلامية في إيران وما حصل في تونس وما حصل في مصر أو في المناطق الأخرى اليمن هناك مظاهرات، في الأردن هناك مظاهرات، في الجزائر مظاهرات وغيرها، ما هو المشترك؟

 

السيد محسن رفيق دوست/المترجم: الأخطاء التي تقع فيها الآن القوى الكبرى فيما يخص الثورة في مصر وتونس وأماكن أخرى هو نفس الأخطاء التي أخطأوها آنذاك، إن ثورتنا لم تكن ثورة الطعام والمسكن بل كانت ثورة إيديولوجية وفكرية، أنا عندما اعتقلت وأخذوني إلى السجن الذي كان يحقق معي قال لي إنك تاجر لماذا التحقت بهذا النضال وهذا الجهاد ضد نظام الشاه؟ قلت له منذ ظهور الإمام الخميني في بداية الستينات وحتى انتصار الثورة الإسلامية كل مخارج ومصاريف الثوار والمجاهدين آنذاك كان يقوم بتأمينها الأثرياء ومن المتمولين الذين كانوا في خط الثورة الإسلامية، وكنا نعطي الرواتب لأسر المسجونين والثائرين، إننا ناضلنا وثورتنا ناضلت ضد الطاغوت ومن أجل الإسلام، وعندما كنا نذهب إلى بعض الدول العربية يقولون لنا أنتم أخوة اليهود لأن كل مصالحنا كانت بيد الاستكبار وأعوان الاستكبار، الإمام الخميني جاء وأيقظ الشعب الإيراني المسلم وكل المسلمين في العالم لم يفهموا ذلك. كما نرى أننا في بداية الثورة الإسلامية منذ بداية السبعينات قالوا للإمام الخميني التحق بالحركات المسلحة آنذاك ضد الشاه، الإمام الخميني قال: لا، إن الشعب الإيراني هو الذي سيصحو ويقوم بثورته ضد الشاه. الأمريكان وأعداءنا بشكل عام لم يكونوا يتوقعوا أن تنتصر الثورة الإسلامية، في الوقت الذي انتصرت بعد أن خرج الشاه من إيران بعث مبعوثه إلى إيران وبقي أربعة أو خمسة أيام أو أسبوع في إيران حتى يقوم بانقلاب عسكري في إيران ونحن انتصرنا ولله الحمد لثورتنا الإسلامية الشعبية والعالم كله رأى هذا الأمر، كل المشكلات أوجدوها للثورة الإسلامية بعد الانتصار ستين سبعين تنظيم مخالف ومعارض، الانقلابات العسكرية، الحرب المفروضة التي فرضت علينا، والدول الأخرى التي كانت مثل إيران قبل الثورة الإسلامية كانوا ينتظرون ويقولون هل أن هذه الثورة ستبقى ورأوا أن هذه الثورة بقيت حتى هذه الأيام الأخيرة، عندما يقول هذا الرئيس وكذلك كارتر الذي كان رئيسا لأمريكا آنذاك قال إن الأصوات التي سمعتها آنذاك أسمعها الآن في تونس ومصر وإنها هكذا فإن الشعب المصري هو يقوم بهذه المقاومة، والصمود الذي قام به شعبنا خلال هذه السنوات الطويلة لاسيما خلال الأيام الأخيرة أنواع التحريم والتهديد علينا لكننا ولله الحمد تطورنا وتقدمنا، أعتقد أن الشعب المصري شعب واعي وحضاري ومتقدم، إلى متى يحقر ويهان هذا الشعب، أنا في أحد البرامج قلت أنه في زمن المسابقات في ذلك الوقت التي كانت تلعب فيها إيران مع إسرائيل قبل الثورة الإسلامية نحن ذهبنا وسعينا لبعثرة هذه المباراة وقمنا برفع شعارات وكنت أقول الموت لأمريكا ولإسرائيل، الرجل الذي كان يحقق معي قال لي إنك أهنت محبوبي وأهنت سيدي، وكما نرى الآن أن الشعب المصري بعد خيانة السادات في كامب ديفيد وتبديل مصر من البلد الحضاري أكثر حضارية في العالم الإسلامي أصبح حليفا لإسرائيل ولأمريكا، والمساعدات التي تقدمها أمريكا إلى مصر الأسلحة العسكرية ماذا فادت وماذا انتفع منها الشعب المصري؟ الفقر لازال موجودا ولكن هذه الأسلحة كانت من أجل إسرائيل وللدفاع عن إسرائيل والمصالح الأمريكية، ولم تكن هذه الثورة ثورة من أجل الطعام والغذاء وإن كان ذلك فإنهم لم يكونوا يرفعوا شعارات إسلامية شعارات الله أكبر، الثورة التي نراها في تونس ومصر هي ثورات تستند إلى المبادئ الإسلامية ومن أجل إعادة حيثيتهم وكرامتهم ورأوا أن الشعب المصري وكذلك الجيش المصري قد تمت اهانته خلال هذه السنوات الطويلة من حكم مبارك حتى لو أن الضباط الكبار كانوا إلى جانب الحكومة والأنظمة ولكن الجنود والضباط الصغار لم يكونوا بهذا الشكل، حتى نحن في إيران أيضا قبل الثورة الإسلامية هذا الأمر كذلك، رأينا أن الشعب المصري حتى كان متقدما حتى علينا نحن بعد سنة من بدء انتصار الثورة الإسلامية قمنا بتسلق الدبابات والحاملات العسكرية ولكن الشعب المصري بعد ستة أيام ذهب إلى هذا الأمر، حزب الله كيف ظهر في لبنان وحزب الله هو أيضا نابع من أفكار الثورة الإسلامية، في التنظيمات الإسلامية حماس أيضا والتنظيمات المسلحة المجاهدة، هم لا ينادون بالوطنية والقومية ولكنهم ينادون للإسلام وللجهاد، رأينا في أكثر النقاط العالمية كثرة وكثافة في غزة في هذه المساحة نرى أن مليون ونصف من الناس يسكنون هناك ومسجونون في الواقع في هذا السجن الكبير، رأينا كيف زمان حسني مبارك الخائن قام بغلق الحدود على غزة.

 

المحاور: سيد رفيق دوست يعني هناك لربما بحثين في هذا الصدد، مرة نقول أن ما يحصل الآن في تونس وفي مصر وما حصل في لبنان وما حصل في فلسطين هو امتداد للثورة الإسلامية في إيران، ومرة أخرى نقول لا، الحركة الإسلامية على سبيل المثال في مصر بدأت عام (1928) الإخوان المسلمون بدأ نشاطهم منذ ما يقرب قرن من الزمان، الحركة الإسلامية في فلسطين أيضا حركة إسلامية عريقة بدأت منذ انتفاضة القسام عام (1936) وما تلاها من أحداث، كذلك في لبنان يعني السيد موسى الصدر على الأقل على المستوى الشيعي بدأ نشاطه منذ أواخر ستينيات القرن الماضي، في تونس أيضا الاتجاهات الإسلامية اتجاهات عريقة، مرة نقول أنها امتداد للثورة الإسلامية في إيران ومرة نقول لا، إن صمود الثورة الإسلامية في إيران تحول هذه التجربة إلى حقيقة دفع بالحركات الإسلامية وبشكل أعم بحركات التحرر إلى المزيد من النشاط والى الفاعلية والى نوع من الثقة بالنفس والعودة إلى الذات، أنت مع أي الرأيين؟

 

السيد محسن رفيق دوست/المترجم: كل هذه الحركات التي أشرت إليها هي تأسست ولكنها لم تنته إلى ثورة ولا تأسيس الدولة سبب ذلك أن كل أبناء الشعب لم يكن ضمن هذه التنظيمات والحركات، الإخوان المسلمين في مصر بعض الشعب المصري كانوا ضمن هذا التنظيم، في حركة الإمام موسى الصدر في لبنان أيضا قسم من الناس، وأيضا في تونس، في إيران الإسلامية لو نتحدث عن الحركة الوطنية للدكتور مصدق أيضا انهزمت لأنه لم يكن كل الشعب فيها ولكن الإمام الخميني رضوان الله عليه كشخص عرف بالتاريخ وقرأ التاريخ بشكل جيد وضع أسس لهذا البناء ولهذا المشروع الكبير الذي جعل هذه التجربة الآن مورد اهتمام الآخرين، قال الإيديولوجية الفكر والناس والقيادة هذه المحاور الثلاثة، الفكر الإلهي والإسلامي الذي بإمكانه أن يستطيع الإنسان أن يضحي بنفسه من أجل هذا الفكر، القرآن الكريم يقول { أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }، ما نراه الآن في العالم وتأثر العالم الآن في ثورتنا هو أنا أجبت وقلت أنهم لم يكونوا يتوقعون أن كل العالم يقف بوجه إيران ونحن نبقى ونصمد لأكثر من ثلاثين عاما رأوا أننا بقينا ولله الحمد، والإهانة التي وجهت لأولئك هم بدأوا بهذه الثورة وهذه الانتفاضة، الناس الذين نراهم في ميدان التحرير في القاهرة والمدن الأخرى هم من الإخوان المسلمين ولكن لا يمثلون كل الشعب المصري الموجود في ساحة التحرير، ثمانين في المئة من المصريين معروف هم من المسلمين وعشرين بالمئة من المسيحيين رأينا اليوم المسيحي جاء بإنجيله والمسلم بقرآنه وجاؤوا وقالوا نحن جميعا لا نريد حسني مبارك ويجب أن يرحل، ورأينا أن الإخوان المسلمين يقوموا بمفاوضات مع المسؤولين المصريين وقد يتراجعوا قليلا ولكن الناس في ساحة التحرير يقولون الحكومة يجب أن ترحل ومبارك يجب أن يرحل، هذا الشيء نراه اليوم في تونس أيضا ذهب بن علي وما كان يريد الأمريكان أن يذهب بن علي سريعا، الشعب التونسي لا يقبل بهذه الحكومة الآن بشكل كامل في تونس ولكنه يقول الآن إن الحكومة والنظام يجب أن يرحل، في تونس رأينا أن أحد القيادات الإسلامية, وهو الغنوشي عندما كان يعود من خارج بعد عشرين عاما أو أكثر يعود إلى تونس ويستقبل بذلك الاستقبال الكبير من قبل الجماهير، عندما كنا نزور هذه البلاد نرى أن الحجاب لم يكن موجود كثيرا ولكن الآن نرى أن الطالبات بحجابهن يذهبن إلى الجامعات في تونس وفي أماكن أخرى رأى الجميع أن الفكر الإسلامي هو الذي أدى إلى انتصار الثورة الإسلامية وأبقاها إلى هذا اليوم وعادوا إلى ذواتهم الأصيلة، إن الشعب المصري لم يترك الساحة لأن هناك مشكلة في مصر الآن أنه لا توجد قيادة واحدة كما كان الإمام الخميني في إيران، ولكن الناس في مصر هم واعين ويتميزون بالصحوة الكاملة ويقظين ولكن الإهانة التي وجهت إليهم خلال الثلاثين عاما أمام إسرائيل وأتباع إسرائيل، سألوني أنه ماذا أعطانا الإمام الخميني؟ أنا قلت لهم أن أهم شيء أعطاه الإمام الخميني هو أعاد إلينا الكرامة الإنسانية، اليوم الشعب المصري تمت توجيه الإهانة له للأسف خلال السنوات الطويلة، الله سبحانه وتعالى جعل الإنسان حرا تأثير الثورة نراه هنا هذه القيم التي نراها اليوم ليس كما كان سابقا هي عملية جذرية وثورة جذرية فإن الناس سينتصرون إن واصلوا صمودهم ويحيوا ثورتهم الإسلامية.

 

المحاور: برأيك يعني فراغ القيادة الآن الموجود في مصر كيف سيملئ هذا الفراغ لكي تصل الثورة إلى نتائجها؟

 

السيد محسن رفيق دوست/المترجم: كما قلت أن باعتقادنا بالصحوة الإسلامية نرى أنهم يقومون بحركات وبأعمال ستتبدل إلى قيادة إن شاء الله، الأمر الذي رأيناه في أنهم عندما وقفوا أمام بعض التحركات التي قام بها مبارك عندما قام بتحريك ما سمي بالبلطجية وهاجموا ميدان التحرير بالشكل الذي رآه الناس جميعا، ويقوم الناس بتأسيس لجان شعبية ويتعاملون مع هذه الأمور بشكل حضاري ويقومون بانتخاب هيئة قيادية وإن شاء الله هذه اللجنة والهيئة ستحقق وتضمن انتصار الشعب المصري وستكون لها قيادة وشخص يقوم بقيادة هذا الشعب.

 

المحاور: بعد سقوط نظام الشاه في إيران لربما يعني تعلم كانت هناك سياسة الدعامتين التي وضعتهما الإدارة الأمريكية، الدعامة العسكرية والأمنية التي كان على رأسها شاه إيران والدعامة الإيديولوجية والمالية التي على رأسها المملكة العربية السعودية، مع سقوط نظام الشاه جاء النظام المصري خاصة وأن ذلك تزامن مع توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني وملأ هذا الفراغ، تحول النظام المصري إلى شرطي المنطقة من خلال اتفاقيات أمنية سواء كان مع الغرب مع إسرائيل ومع بعض البلدان التي توصف بالمعتدلة الرجعية سمها ما شئت في المنطقة، لو انهار هذا النظام اليوم كيف ستكون ملامح الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة وهل سيسمح الأمريكان أو الغرب بانهيار مثل هذا النظام؟

 

السيد محسن رفيق دوست/المترجم: الأمريكان إن عملوا واتصلوا بمجموعة خاصة من الناس بشكل قليل فإنهم قد يحققوا نصرا ولكن إذا قام الناس بشكل كامل في بعض الدول فإنهم سينتصرون وأمريكا ستنهزم، الآن تنهزم أمريكا أمام إيران ويقولون أن هناك خيار عسكري ضد إيران ولكنهم يتراجعون عن ذلك لأنهم ثبت لديهم أنهم لا يستطيعون أن يحاربوا الشعب الإيراني، قبل عشرين عاما أحد القيادات الصهيونية والاستكبارية قال إن علينا أن نهاجم العراق وأفغانستان ولإيران نقوم بتأسيس شبكات تلفزيونية تحارب عقائد الناس في إيران، قاموا بهذا الأمر لم يوفقوا، أفغانستان والعراق أصبحت النتيجة بنفع ولصالح إيران كما يعرف الكل، ولكن فيما يخص مصر هو العمل الذي قاموا به بعد سقوط الشاه وأصبحت مصر تقوم بدور الشرطي في المنطقة وحليف لإسرائيل، قاموا بتحويل مصر لقاعدة عسكرية قاعدة لخدمة إسرائيل، ما هي الإهانة التي وجهت للشعب المصري الذي قام بحرب (67) وحرب (73)، هؤلاء الذين نراهم في مصر هم أبناء أولئك الشهداء الذين سقطوا في هذين الحربين ضد إسرائيل يرون أن بلدهم أصبح مكانا لرفاهية الإسرائيليين ورأوا أن الشعب الآن يقوم بانتفاضته ويرون الآن الجمهورية الإسلامية بقيت منذ (32) عاما وصمدت وتقدمت هذه الثورة، الآن نحن من الناحية العلمية في المرتبة العاشرة ومن الناحية الاقتصادية في المرتبة السابعة عشرة والآن نتقدم ولله الحمد ونتطور من حيث الاستقلال والحرية، نحن أكثر البلدان استقلالية وحرية وعدالة والكل يرى ذلك هذا الأمر يراه الجميع، قد تكون هذه الحركة والانتفاضة هي خارج نظرة المنظمات الأمنية الموجودة في دول الاستكبار وفي مصر يدل ذلك على أن الأمريكان لا يستطيعون أن يقفوا أمام مثل هذا التحرك الشعبي، أمريكا تضغط على الجيش المصري وتقول له أن يقف أمام الشعب المصري، لو أن الضغوط زادت عن تحمل الشعب المصري فإن الشعب المصري سيتحقق بشكل أسرع وسيلتحق الجنود والضباط المصريين إلى جانب الشعب المصري بشكل أسرع، في حادثة حزيران في الحادثة المعروفة في أيلول المجزرة التي حدثت في طهران قبل ثلاثة أو أربعة أشهر من انتصار الثورة

 

الإسلامية المعروف بالجمعة الدامية بعد ذلك رأينا أن الجيش والشعب بدأوا في اتجاه واحد لإسقاط الشاه ونرى الآن المسلمين والمسيحيين في الشعب المصري هم باتجاه واحد ويرون كيف توجه لهم الإهانة من قبل النظام المصري، ونرى أن الثورة في مصر ستنتصر بشكل كامل بشكل أسرع إن أصبحت هذه الثورة شعبية وليست حزبية ولا يستطيع الآخرون إلا أن يستسلموا أمام إرادة الشعب المصري.

 

المحاور: لكن الآن يعني حتى التحرك الجماهيري في مصر اتخذ لربما طابعا فئويا وطابعا تنظيميا بمعنى آخر اليوم مسائل الحوار التي تجري في مصر سيشترك بها الشباب الذين يتظاهرون في ميدان التحرير وبالنتيجة ستتحول الحالة من حالة تعبوية جماهيرية إلى حالة نخبوية، هل تتصور أن النخبوية هي آفة الثورة في مصر؟

 

السيد محسن رفيق دوست/المترجم: ما أتابعه الآن في هذه المفاوضات حتى رأينا أن ممثل الإخوان المسلمين قال أننا لم نستطع على جواب من الحكومة بشكل واضح، وكذلك أنا رأيت وشاهدت من إحدى الشبكات الأمريكية حيث كان أحد المراسلين الأمريكان موجود في مصر وكان ينقل كيف وضع الناس في ساحة التحرير، وقال المراسل منذ أن جاء الجيش وبعد هذه المفاوضات رأينا أن عدد الذين يقفون في ميدان التحرير أصبح أربعة أضعاف السابق لم يؤثر على الناس في ساحة التحرير بل أدى ذلك إلى أنهم أصبحوا أكثر، نحن قبل انتصار الثورة الإسلامية, ذهبت إلى الجنرال رحيمي قائد طهران العسكري بأمر من الإمام الخميني وفاوضته، أنا ذهبت بالنيابة عن القيادة الثورية ودعوته لكنه أخرجني من غرفته وقال أنا وفيا للشاه, ولكن ماذا كانت نهايته.

 

المحاور: باختصار السيد رفيق دوست يعني الخطاب أو الكلمة التي ألقاها قائد الثورة الإسلامية في صلاة الجمعة هل تعبّر عن موقف الدولة أم الموقف الشرعي باعتباره وليا لأمر المسلمين؟

 

السيد محسن رفيق دوست/المترجم: الخطاب الذي ألقاه سماحة الإمام الخامنئي في طهران هو حكم شرعي لقائد وحاكم للأمة الإسلامية في إيران وكذلك يمثل رأي كل الشعب الإيراني، ورأينا أن هناك ترحيب كبير من قبل أبناء الشعب الإيراني والشعوب المسلمة، وما قاله الإمام الخامنئي في النقاط الثمانية هي طريقة عمل لكل الثوار، كما رأينا في الإمام الخميني كان له خطاب للشعب والجيش المصري هل سمعت بذلك؟ عليكم أن تبثوا هذا, إن الإمام الخميني في ذلك الوقت وجه خطابه للشعب المصري: قوموا وانتفضوا واخرجوا هذا الخائن وعلى الجيش أن يلتحق بالشعب، هذا الذي نراه اليوم أن الشعب المصري يقوم بذلك وسيقوم بذلك إن شاء الله.

 

المحاور: هل يعتبر هذا تدخلا في الشؤون الداخلية لدولة أخرى؟

 

السيد محسن رفيق دوست/المترجم: أنا أسألك إن الحركة التي تقوم بها مصر وما يتكلمون به هل هو تدخل بالأمور الداخلية؟ أنا سألت الإمام الخميني مرة ما هو تكليفنا أمام باقي المسلمين، ما هو واجبنا بالنسبة للمسلمين؟ قال ليس هناك أي حدود بين المسلمين، أنا أسأل وأقول عندما يقوم الشعب المصري بانتفاضته ويقوم الأمريكان بجلسات عديدة ويقولون أن الشعب المصري يقوم بذلك هل أنه لا يوجد تكليفا شرعيا لقائد الثورة الإسلامية ولولي أمر المسلمين أن يتحدث ويعطي طريق العلاج.

 

المحاور: باختصار، هذا الكلام هل يتبعه إجراءات على أرض الواقع؟

 

السيد محسن رفيق دوست/المترجم: حتما، نحن نرى ذلك وإن شاء الله ندعو للجميع بالتوفيق، اليوم الشعب المصري هو الذي انتفض ولا يحتاج لأي أحد، نحن نقف أمام تدخل الذين يأتون من عشرات الآلاف الكيلومترات يعطون أوامر، نقول على الشعب المصري نفسه أن يقوم بذلك.

 

المحاور: السيد محسن رفيق دوست الناشط السياسي الإسلامي قبل الثورة وأحد مسؤولي الدولة بعد انتصار الثورة الإسلامية شكرا على هذا الحوار، ونبارك لك ولجميع المسلمين في العالم وللشعب الإيراني هذه الأيام المباركة أيام انتصار الثورة الإسلامية في إيران، شكرا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...