القلق يعتمر قلب العدو الصهيوني منذ مدة غير وجيزة من احتمالات الحرب وهو يتحول كل فترة إلى "خلية نحل" تتدرب لمواجهة القادم.. هي حرب لا بد أنها بشكل جديد عن الحروب السابقة بل أقسى من حرب تموز بأشواط كما يتوقع العدو ويجاهر. وتقول "إسرائيل" كما ذكرت هآرتس أمس أن هناك احتمال حرب قريبة بسب أحداث سوريا وتطورات المنطقة، ولا شك أن المناورات المتكررة والمناورة الأخيرة الكبرى التي تضمنت تكتيكات جديدة دلالة على عمق التخوف..

 

تطور الصواريخ مسألة لا تزال تقض مضجع القيادة الصهيونية حتى دفعتها في المناورة الأخيرة إلى الاجتماع تحت الأرض ضمن التدريبات والاختبارات التي تعني أن "إسرائيل" باتت مقتنعة بأن الأهداف المستهدفة بالصواريخ أصبحت أكثر تحديدا. أما مسألة "الحرب تحت الأرض" فهي حكاية أخرى تدل على عمق المأزق الذي وقعت فيه "إسرائيل" في حرب تموز عندما عجزت عن اكتشاف مكان المقاومين.

 

وقد شكلت إسرائيل وحدة خاصة بالحرب تحت الأرض. وكشفت أوساط عسكرية إسرائيلية منذ فترة عن تدريبات يُجريها الجيش الإسرائيلي تهيئة للحرب القادمة التي يرى أنها ستندلع في باطن الأرض، لافتةً إلى أن الجيش قد شكّل وحدة خاصة يحمل كل جندي فيها "روبوتاً" متطوراً ينقل صورة واضحة من داخل النفق إلى غرف تحكم خاصة لإرشادهم، ويقلل الإصابات بينهم، حيث أجري التدريب بمشاركة المئات في أحد المعسكرات في مستوطنة "يوكنعام" شمالي فلسطين المحتلة.

 

وتعتبر إسرائيل أن "العدو" الذي فهم كيف يحارب الجيش الإسرائيلي، اخترع آليتين للتفوق عليه: إطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية، وحفر الأنفاق ومحاربته من تحت الأرض، لا من فوقها. لذلك يتم إرسال "الروبوت" خلال هذه التدريبات، لاسيما وأن الحرب تحت الأرض ليست مجرد خيال جامح.

 

ومؤخراً ضاعف الجيش حجم قواته التي تعمل بالقتال تحت الأرض، حيث تم تشكيل فصيلة احتياط الأولى من نوعها، وأنهت في الأيام الأخيرة عملية التأهيل، وانضمت للفصيلة النظامية.

 

الحكومة الإسرائيلية تدربت بالأمس على النزول نحو ملجأ محصن تحت الأرض للاجتماع قبل وصول الصواريخ بعد تدرب أعضاء الكنيست منذ يومين على خطة للإخلاء. وكان سيناريو اليوم الثالث من مناورة "نقطة تحول-5" : مئات الصواريخ من لبنان وإيران تدمّر مبنى الكنيست والحكومة الإسرائيلية تجتمع تحت الأرض. الجبهة السورية تشتعل جنوباً وغزة تدخل الحرب ضدّ "إسرائيل".

 

إذاً كانت المناورة تحاكي للمرّة الأولى هجوماً غير مسبوق على مبان وزارية وحكومية تطال تجمّع اللجنة الوزارية المُصغرّة في القدس المحتلة. وفيما الجبهة الداخلية آخذة في الاشتعال وفقاً لسيناريوهات مطروحة فسيكون على الجيش الإسرائيلي مجابهة احتمال سقوط طائرات مدنية وصواريخ على كامل مساحة الكيان، فضلاً عن إجلاء مئات آلاف المستوطنين.

 

وهذا التمرين هو الخامس من نوعه بعد العدوان على لبنان 2006 الذي هرب خلاله حوالي  300 ألف "إسرائيلي" من شمال فلسطين المحتلة جراء صواريخ حزب الله. ومن ضمن التدريبات كان إطلاق صافرات الإنذار في جميع أنحاء الكيان التي يبلغ عددها 3100 صافرة عبر محطات الإذاعة والتلفزيون المختلفة وعبر الهواتف النقالة والرسائل القصيرة لإعطاء الإشارة للمستوطنين بالذهاب إلى الملاجئ بهدف "تحسين التنظيم في وضع الطوارئ بين المستويين المحلي والعسكري". وشاركت 80 بلدية والجيش والشرطة ورجال الإطفاء وخدمات الطوارئ بما في ذلك المستشفيات في مناورة "نقطة تحول 5" التي استمرت من الأحد حتى الجمعة.

 

قيادات مختبئة.. صواريخ مرعبة

 

حول تضمن المناورة الإسرائيلية الأخيرة تدريبات من نوع جديد كاختباء كوادر "الدولة" والحكومة تحت الأرض يقول الخبير العسكري العميد المتقاعد الوليد سكرية في حديث لموقع المنار "الوضع الطبيعي لكل الدول يقول بأنها يجب أن تحمي كل القيادات التي تدير البلاد لأنه يجب ألا تشل القيادة العسكرية والسياسية وإدارة شؤون الدولة".

 

ويضيف "إسرائيل كانت في كل حروبها جبهتها الداخلية خارج ساحة الميدان وكانت غير معرضة للخطر لهذا لم تول هذا الشأن الاهتمام الكافي، لكن اليوم أصبحت تدرك أن جبهتها  الداخلية ستكون معرضة وان مقرات قياداتها قد تكون عرضة لاستهداف كبير لأن لها الأهمية الكبرى لذا أقدمت على تجهيز مقرات القيادة المخفية تحت الأرض والمؤمنة بكافة التجهيزات المطلوبة".

 

ويلفت سكرية إلى أن "إسرائيل تتوقع أن تسقط الصواريخ على كافة أنحاء البلاد لكن أصبحت الصواريخ تحقق أهدافها بدقة لأن إسرائيل تقول أن الصواريخ التي تم تطويرها مثل سكود- دي أصبح دقيق الإصابة حتى 10 أو 20 مترا وهذا يعني أنها تصيب مبنى أو مباني مقرات القيادة التي تستهدفها، وهي مزودة بـ 600 أو 700 كلغ من المتفجرات لذا باستطاعتها أن تحدث دمار كبيرا في المكان أو المبنى المستهدف لذلك لا بد لإسرائيل أن تبني هذه المقرات بشكل محصن".

 

مواجهة تحت الأرض.. والحرب سجال

 

ومما لا شك فيه أن "إسرائيل" تدربت قبل حربي لبنان وغزة على اكتشاف ومواجهة الأنفاق وتحصينات تحت الأرض لكن يبدو أن التدريبات لم تكن كافية ولم تستطع درء المفاجآت الكثيرة التي أصيب بها جنود النخبة في الميدان بحيث فشلوا في المواجهات في الهواء الطلق ولم يكتشفوا أحدا يواجهونه تحت الأرض..

 

"في حرب تموز لم تستطع إسرائيل اكتشاف مواقع المقاومة فقواتها تدربت على مواجهة جيوش نظامية موجودة ومحددة الأمكنة والمواقع وبمقاييس تكتيكية محددة لكن تفاجأوا في تموز 2006 انه مع المقاومة كل ذلك غير موجود وان المقاومة موجودة في تحصينات تحت الأرض"، هذا ما يقوله سكرية الذي يضيف "لذلك بعد حرب تموز اوْلت "إسرائيل" هذا الأمر وهذا التدريب اهتماما خاصا للأهداف التالية:

 

- مواجهة هذه الحالة بشكل فعال

 

- اكتشاف المواقع المخفية

 

- التعاطي مع هذه المواقع عسكريا بالشكل المطلوب

 

- الاحتماء من تأثير المقاومين

 

إذاً "الهدف من ذلك تفادي المفاجأة أثناء العمليات العسكرية، والتأثير على المقاومة". لكن يخلص سكرية إلى أن "الحرب سجال، أي أن "إسرائيل" كما تدربت وطورت استعدادها لحرب من نوع آخر منها الحرب تحت الأرض وذلك منذ حرب تموز فمن الطبيعي أن تطور المقاومة أساليبها في المقابل لمواجهة هذه الاحتمالات"..