Skip to main content

قمر الاستشهاديين الشهيد علي منيف أشمر

التاريخ: 04-08-2007

قمر الاستشهاديين الشهيد علي منيف أشمر

.. حين يُذكر اسمه نشمخ ونخجل.. نسمع صوته نخشع ونخجل..

 

نقرأ حياته والشهادة بصمت، نسمو ونسمو ونسمو..

 

ونخجل

 

مادر جنوبي..

 

اهتزّت الأرض على وَقعِهِ وانفجر التراب ثورة عزّ وكبرياء..

 

زرع أنفاسه على امتداد الوطن أناشيد للحرية..

 

ودمه يشتعل في كل أرضٍ مواسم خصبٍ وعنفوان..

 

اليوم، الزمان يُهلّل.. وغداً التاريخ يسجل:

 

هذا دم لحسين.. فيءُ مُرسلٍ وظل معصوم..

 

عشيق للقائم المهدي.. مصطفىً من عند الله..

 

هذا قمر يقطر النصر من نار..

 

استشهاد فدائي ناريّ..

 

اسمه "علي أشمر" وسيفه "ذو الفقار"

 

نحن نصمت.. ودمه الذي يحكي ويكتب ليس بالحبر ولكن بالدم.

 

نحن لم نزل نبحث عن الطريق الذي سَلك..

 

وهو.. إلى الله.. إلى الأنبياء والمرسلين.. إلى جنان الخلد.. إلى الحسين وَصَل.  

 

نشأة في ظل الله والمدرسة "الحسين"

 

قمر الاستشهاديين علي منيف أشمر من مواليد 1976، بلدته "العديسة" المحتلة، أبصر نور الحياة في الكويت، وسواء في الكويت أو في لبنان عندما جاء مع أهله، لم يلتمس سوى نور الإيمان والهداية.

 

كُلنا يتساءل.. في أي جو تربى علي أشمر.. وأي دروس تلقاها حتى وصل إلى هذا الارتقاء العظيم؟..

 

في الواقع، كربلاء وثورة الإمام الحسين (ع) هما المدرسة الأولى والغذاء الأسمى، إلى جانب توجيه وتربية الأهل في بيت له طابع التزامي حسيني، ونحن لسنا بحاجة لنسأل أين كان "علي أشمر" من المسائل الإيمانية والعبادية.. فما قام به إنما هو نتاج ارتقاء روحي بالدرجة الأولى..

 

مشاهد تنطق بذاتها، أهله يستذكرون تفرده لناحيتها..

 

المسجد أنيسه ولا تحلو له الصلاة إلا في رحابه.  

 

هو والمقاومة

 

هو فارس في حزب الله منذ الصغر. البداية من كشاف الإمام المهدي (عج) فوج الإمام الرضا (ع)، ثم علي في إطار الدارسة الحوزوية لفترة، وبعدها يعمل في صفوف التعبئة العامة لحزب الله، إلى أن اشتعلت في أعماقه هذه المناجاة التي كان يتوجه بها إلى الله عزّ وجلّ "إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك".. ويمضي بالعقيدة والعشق للجهاد يشكل في طريق السالكين إلى الله، في طريق الثورة والفداء، حيث يتفرغ بشكل مطلق في المقاومة الإسلامية في العام 1995.

 

ولكن هناك سؤال يطرح نفسه:

 

كيف استطاع الشهيد "علي أشمر" أن يصل إلى هذا المستوى الجهادي الراقي وقد تفرّغ في العمل قبل عام واحد؟؟..

 

هنا، تأتي مشاركاته البطولية في مهمات تنوعت وتعدّدت.. لتحدّث عن كونه كان مؤهلاً روحياً قبل أي شيء لهذا العمل هو الذي سمى به ورقّاه.

 

وهنا مسألة جداً مهمة فيما يتعلق بالأمور الجهادية وهي ارتباطه بشكل فعلي وواقعي بالتوكل على الله عزّ وجلّ بمعونة صاحب العصر والزمان (عج) في كل مهمة بطولية كان يقوم بها، إذ كان على علاقة مميزة ومميزة جداً بصاحب الأمر الإمام المهدي (عج).

 

وهناك مزايا عدة يتصف بها الشهيد "علي أشمر" يشهد له بها كل إخوانه وهي قدراته البدنية القوية وكفاءته العسكرية العالية المستوى، يذكر إخوانه أنه كان في عمله الجهادي لا يكل ولا يمل ودائماً السباق إلى المهمات الجهادية.. ولا ينسون خصلة يعرف بها وهي الإيثار..  

 

صمت تسكنه ثورة

 

المقاومة عشقه وحياته وطريقه لتحقيق مناه. هذا معروف لدى أهله، فهم فضلاً عن علمهم بتفرغه الكامل للعمل المقاوم يقرأون سعادته الكبرى أثر عمليات المجاهدين فيما لو لم يكن هناك بينهم، يتذكرونه كيف أنه يزف أخبار العمليات ببهجة كبرى، ومن جانب آخر يشعرون أن قلبه يحترق لأنه ليس بينهم على الرغم من أنه بروحه وكل وجدانه على الدوام معهم.

 

إذاً معروف أن المقاومة شغله الشاغل ولكن.. ما هو عمله في المقاومة؟ لا أحد يعلم.

 

يناجي ربّه بشهادة قلّ نظيرها، يروح ويجيء، يضم نفسه إلى لائحة الاستشهاديين، يعد ويستعد ويترقب اليوم الذي ينفذ فيه العملية الاستشهادية. يجيء وقتها.. ولا أحد يعلم، كل الشوق الذي في صدره، كل الثأر، كل المقاومة، كل الذي تفجر ناراً وعزاً وانتصاراً، كان صمتاً ولكن تسكنه ثورة.

 

لا الوالد ولا اخوته على علم بتفاصيل تحركاته.  

 

نار.. شموخ.. وانتصار

 

وينطلق الفارس الحسيني "علي أشمر" لتنفيذ العملية البطولية ليطفئ عشقه ويفجر صمته الذي اختزنه.. ألقى وصيته، وقبل الانطلاق يسأله أحد الأخوة: "ندمان يا علي".. ولكن عندما نظر في وجهه أيقن ما الذي يجول في أعماقه.. أي ندم وهو ماض إلى الله.. وقد نقل أحد الإخوة الذين رافقوه عن حاله قبل ساعات من تنفيذ العملية، يقول هذا الأخ: "واقعاً كانت روحه تحلّق في الملكوت الأعلى".

 

ويكفي أن نستذكره وهو يلقي وصيته لنخشع أمام عزمه واطمئنانه وأمام روحه المصطفاة وروحيته الشامخة ووجه الملائكي.

 

ينطلق "علي" حاملاً في وجدانه همّ الأمة، في الصدر خفق ثوري وبين الأكف دم للحسين، اخترق كل الأسلاك والأشواك.. ثلاثة ايام وهو يمشي.. الله ينظر إليه وهو يستلذّ بذكره.. صاحب العصر والزمان في كل خطوة معه، ثلاثة أيام وعيناه تمشطان تلك القرى الحزينة السجينة.. ثلاثة أيام وهو ملتف بزنار النار.. يأنس به ويناجيه حتى الوصول؟؟.. ووصل.. هنا العدسية رب ثلاثين..

 

هنا أرضي..

 

هنا بلادي..

 

هنا سأفجر ناري وثأري..

 

هنا سأثأر لكل المعذبين.. سأثأر لكم يا أهلي في الشريط ويا كل إخواني وأخواتي في زنازين الاحتلال..

 

سأثأر لكم يا أحبائي في فلسطين المحتلة..

 

يبقى أن يمرّ الأنجاس..

 

وجاؤوا.. الإخوان ينتظرون تقدّمه، لكنه لم يفعل..

 

ليس غفلة أو تردداً بل لأنه كان مشغولاً بالصلاة وقد جاء وقتها..

 

ها قد عادوا.. الآن يصبح جسدي ناراً تحرقهم.. وصلوا إلى نقطة المكمن، يتقدم بكل عزم ويقين وعشق لله.. بينه وبينهم ثلاثة أمتار، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.. هنيهة.. وانفجر الصمت ثورة اهتزّت الأرض وعلا الدخان.. هُم في عارٍ وانكسار وعصف مأكول، وهو اصطفت لعينيه ملائكة السماوات، جاء الحسين، حبيب يستقبل حبيبه، وتزينت كل الحور.. جاء القمر علي، في السماء عرس، وعلى الأرض وعند مثلث العديسة رب ثلاثين إشراقة عز، أهازيج دماء.. وشموخ أزلي.

 

وفي جانب آخر: عملية من هذا النوع هي بداية قهر جديد للصهاينة، كما قال سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله في ذكرى اسبوع الاستشهادي البطل "علي أشمر":

 

"العملية الاستشهادية التي نفذها قمر الاستشهاديين علي منيف أشمر هي بداية مرحلة جديدة، لم يعد الحديث الآن في الشريط المحتل زمام المبادرة بيد مَنْ.. هناك مرحلة جديدة، هذه المرحلة من الذي يسيطر على الشريط المحتل، اسقاط السيطرة الأمنية في الشريط المحتل كمقدمة إن شاء الله لاستعادة هذا الشريط إلى الوطن وهؤلاء الأهل إلى أرضهم..؟؟

 

ففي الوقت الذي لا يزال أركان الاحتلال يصرحون: "للطائرة حل وللدبابة حل وللجيش حل، أما أن يأتي شاب ليفجر نفسه فهذا لا حل له.

 

ومما شك فيه أيضاً، أن عملية من هذا النوع هي احباط فعلي للكيان الصهيوني، فهم كما أشار سماحة السيد نصر الله: كانوا يتنقلون ــ في الشريط المحتل ــ بالسيارات المدنية، وصاروا يختبئون بصهاريج المياه ــ لواء غولاني ــ واليوم هناك طريقة جديدة، يختبئون في صناديق حديدية أثر تنقلاتهم كي لا تصل إليهم عبوات المجاهدين"..

 

فإذا كانوا يعيشون هذا الصراع نتيجة عبوة أو كمين، فما هو مصيرهم أمام عمليات كالتي قام به الفارس "علي أشمر"؟

 

فماذا نقل بعد..

 

هنيئاً لكم يا أهله، ربيتم وخرّجتم حسينياً أعزّكم وأعزّ الأمة كلها..

 

هنيئاً لك أنت يا قمراً من بني هاشم، أيها الكربلائي الثائر العاشق.. هنيئاً لك علّمت كيف تكون المراجل، علّمت كيف تموت القوافل..

 

هنيئاً لك جدّدت فينا روح الإباء والفداء..

 

زرعت الموت الأسود في قلوب الأعداء..

 

"هنيئاً لنا العزّ الذي أعطيت والمجد الذي صنعت والحياة التي وَهبت"..

 

ولك عهد بالدم والروح، ان دمك سيظل يهدر في عروقنا ثورة وجهاداً ومقاومة..

 

تحية المقاومة إليك.. تحية الشعب الحرّ إليك..

 

تحية الشهادة الحرة إليك..

 

لدمك الذي لون الأرض التاريخ..

 

وسيضل ينشد على امتداد الزمن:

 

{إذا جاء نصر الله والفتح}..

 

فلتنحنِ كل النفوس إلى صنعك الذي عَلّمَ وعلّم..

 

وأخشع أمام عينيه يا هذا الوطن..

 

هذا هو مجدك.. هذا هو تاريخك..

 

هذا عزّك والعَلَمْ..  

 

وصية الاستشهادي "علي الأشمر"

 

السلام علي سيدي ومولاي سيد الشهداء الإمام الحسين وعلى أخيه أبي الفضل العباس عليهما السلام. السلام على سيدي ومولاي صاحب العصر والزمان الإمام المهدي المنتظر (عج). السلام على باعث نهضة المسلمين مفجر الثورة المباركة الإمام الخميني العظيم (قده). السلام على آية الله الخامنئي دام ظله. السلام على سيد شهداء المقاومة الإسلامية وشيخ شهدائها (رض). السلام على القائد الحجة السيد حسن نصر الله (دام ظله). السلام على فوارس المقاومة الإسلامية البواسل.

 

سيدي يا أبا عبد الله، لقد عاهدت الله تعالى وعاهدتكم أن أمضي في سبيل الله حاملاً دمي على كفي مازجه بتراب عامله كما امتزجت دماؤكم بتراب كربلاء المقدسة. وها أنذا اليوم أفي لكم بالعهد الذي قطعته على نفسي.

 

سيدي يا صاحب الزمان، كم كنت أتمنى أن تكون شهادتي بين يديك المباركتين، ولكن طول غيبتك وشوقي إلى سادتي وموالي آبائك البررة حال دون انتظاري أكثر من هذه المدة، فأسأل الله أن يعطيني بشهادتي هذه أجر شهادة بين يديك المباركتين.

 

إخوتي الأعزاء فوارس المقاومة الإسلامية البواسل. بسم الله الرحمن الرحيم: {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما يرجون} صدق الله العلي العظيم.. أذكركم يا أخوتي ببعض ما هو أساسي في خطنا هذا.. إن طريقنا الجهادي وطريق شاق وطويل ومليء بالمصاعب والابتلاءات لذلك، فاعملوا على بناء روحيات عالية وطيبة نازعين عن صدوركم كل الأدران والحجب التي تبعد الإنسان عن ربه، كما أوصاكم إخوتي الشهداء من قبلي تمسكوا بهذا الخط وهذا النهج نهج المقاومة، لأنه طريق اختصنا الله به دون غيرنا، فعلينا أن لا نضيع الفرصة من أيدينا، وأهم من ذلك أن لا نضيع دماء الشهداء ونحفظ أماناتهم التي أودعونا إياها.. التزموا بأوامر القيادة المباركة وأوامر قيادة المقاومة الإسلامية والطاعة لإرشادات السيد الخامنئي (دام ظله) والأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله (أدامه المولى). اجعلوا صور الشهداء على مر العصور أمام أعينكم واسعوا إلى تحقيق الأهداف التي استشهدوا من أجلها والبقاء على خطهم المبارك.. اقرأوا وادرسوا واعملوا بوصية أمير المؤمنين (ع) لولديه الحسن والحسين، فهي منهاج الحياة كما يريد الله تعالى، وكذلك وصية الإمام الخميني (قده) وارشاداته المباركة، اجعلوا الوضوء قبل المشاركة في المعركة ضرورياً كحملكم للسلاح لأن اليد التي تتوضأ وتقاتل لا يمكن أن تهزم.

 

إلى أهلي الأعزاء الصامدين في الشريط الحدودي المحتل:

 

بعد قليل من هذه الكلمات إن شاء الله سيصبح جسدي ناراً تحرق المحتل الصهيوني الذي يمعن كل يوم وكل لحظة في تعذيبكم ويظن أنه يذلكم ولكن هيهات.. نهايته إن شاء الله قريبة على أيدي مجاهدي المقاومة الإسلامية.. اعلموا يا أهلي الأعزاء إن الاحتلال سيزول وأنتم في ضميري وعقلي وقلبي وإن شاء الله النصر قريب والتحرير آت والصهاينة وعملاؤهم مصيرهم القتل والزوال.

 

إلى اخواني واخواتي الصابرين في معتقلات الاحتلال في الشريط الحدودي المحتل وفي فلسطين المحتلة:

 

سلام من الله عليكم.. أسأل الله أن يمن عليكم بالحرية، وانني أهديكم هذا العمل المتواضع تعبيراً عن احساسي معكم يا أيها الصابرون، فأرجو أن تتقبلوا هديتي وإن شاء الله سأثأر لكم ولعذابكم طوال هذه السنين التي قضيتموها في زنازين التعذيب والمعتقلات.. قلوبنا معكم ولن ننساكم، فأنتم ضمير هذه الأمة وعنفوانها.

 

السلام على شهداء الانتفاضة في فلسطين المحتلة. السلام على أطفال الحجارة الأباة. السلام على مجاهدي الانتفاضة المباركة. السلام على أمهات الشهداء وآبائهم. السلام على الأرض المباركة. السلام على القدس الشريف. اخوتي في الانتفاضة الإسلامية، إليكم أيضاً أهدي هذا العمل وإن شاء الله النصر قريب. هذا ما وعدنا الله به، فعليكم أن توقنوا أن العدو الصهيوني إلى زوال وأن الأرض المقدسة ستعود إليكم حتماً وأن هذا وعد إلهي.. بسم الله الرحمن الرحيم {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} صدق الله العلي العظيم.

 

أهلي الأعزاء، أسأل الله لكم الصبر والسلوان، وأن لا تحزنوا لشهادتي، وأن لا تقبلوا من أحد أن يعزيكم، بل تقبلوا التهاني، واعملوا على أن يكون يوم شهادتي يوم فرح وسرور.. وعلّموا اخوتي الصغار وابناء اخوتي على أن يمضوا على ما مضيت عليه، وعرّفوهم لماذا استشهدت، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..

 

بسم الله الرحمن الرحيم {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمعَ المحسنين} صدق الله العلي العظيم.

 

 

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة