كان العالم الإسلامي يعاني من أزمة الخطاب الإعلامي وإشكالية المصطلح، ولم يكن سوى ُمستَنسِخْ ومُتَرجِم للمصطلحات التي يطلقها الاعلام الغربي، فالاستراتيجة الإعلامية تخلو من المصطلحات المدروسة والمولودة من رحم الفكر الإسلامي.

 

وكان العالم الإسلامي يعاني من أزمة الخطاب الإعلامي وإشكالية المصطلح، ولم يكن سوى ُمستَنسِخْ ومُتَرجِم للمصطلحات التي يطلقها الاعلام الغربي، فالاستراتيجة الاعلامية تخلو من المصطلحات المدروسة والمولودة من رحم الفكر الإسلامي.

 

فعلى سبيل المثال مصطلح الأصولية الذي هو بالأساس مصطلح لاتيني مسيحي «fundamentalist» مترجم إلى اللغات الأخرى وقد أطلق هذا المصطلح على الجماعات المتشددة في الدين المسيحي في العصور الوسطى، ولا يمت للأصولية الإسلامية بصلة، لكن الإعلام الغربي روَّج لهذا المصطلح وجعله يرادف التحجر والتزمت بينما هو له معنى آخر في الواقع اللغوي الاسلامي، ومصطلح آخر هو الإرهاب الذي سوِّق على أساس الاعتداء على الآخر بدون وجه حق وهو مصطلح أطلقه الاعلامي الغربي وهو مترجم أيضاُ عن «terrorism» أو كمصطلح العالم الثالث «the thrid wold» وهو مصطلح سياسي يقسم العالم على أساس السادة والعبيد وهكذا بقية المصطلحات.

 

لذا أصبحت المصطلحات الإعلامية في الإعلام الإسلامي مشتركة في معانيها مختلفة في مفاهيمها مما آثر كثيراً على ذهن المتلقي في منطقتنا، وأحدث إرباك في فهم المصطلح، ونعزو ذلك إلى غياب المشروع الناتج من ثقافة المنطقة الحقيقة.

 

لقد عرف الإمام الخميني (قدس سره) بأن الاستخدام الأمثل للمصطلح إعلامياً يسهم بشكل كبير في خلق صورة إيجابية أو سلبية لأحد طرفي الصراع وبالتالي يمكن استغلال الرأي العام وتظليله في الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك.كما ألتفت إلى أن توضيح المصطلح وصياغة الخبر هما في الواقع جبهة من جبهات الصراع.

 

فقام الأمام الخميني رحمه الله بمعالجته الخلل معالجة منتزعة من أصل الفكر الإسلامي، ودون تكلف، حيث أستخدم مصطلحات قرآنية مرادفة للمصطلحات الغربية ولكنها ذات تأثر مختلف في عقل المتلقي فأصبحت اليوم متداولة في الإعلام الإسلامي، فقد أستبدل كلمة (الدكتاتورية) بكلمة (الطاغوت) وهي كلمة قرآنية تشير الى أولئك الذين ينصبون أنفسهم آلهة، بينما كلمة الدكتاتور تعني المستبد والمتسلط فقط وليس الإله، وأطلق كلمة (الاستكبار) بدلاً من كلمة (الاستعمار)، وكلمة الاستكبار ذات دلالات نفسية كبيرة على المتلقى تختلف كلياً عن كلمة الاستعمار، لكنها بنفس الوقت تشير الى نفس المفهوم بصورة مختلفة.

 

قام الإمام الخمينی رحمه الله بمعالجته الخلل معالجة منتزعة من أصل الفكر الإسلامی، ودون تكلف، حيث أستخدم مصطلحات قرآنية مرادفة للمصطلحات الغربية ولكنها ذات تأثر مختلف فی عقل المتلقی فأصبحت اليوم متداولة فی الإعلام الإسلامی  

 

وننتقل إلى مصطلح استخدمه الإمام الخميني(قدس سره) في خطاباته وهو المصطلح الذي أصبح متداولاً بكثرة في الإعلام الإسلامي وهو (المستضعفين) بدلاً من مصطلح الفقراء أو الطبقة المحرومة أو المهمشين، ولهذا المصطلح دلالات دينية كبيرة، المصطلحات التي سبقت كلها توحي بالدونية لكن المستضعفين تشعر المرء بالظلم جراء تسلط الحاكم الجائر، وبنفس الوقت هذا المصطلح يقابل مصطلح المستكبرين، وهنا يخلق المصطلح روح الثورة لدى هذه الطبقة خصوصاً إذا ما عرفنا أن القرآن الكريم يؤكد على حتمية النصر في الصراع بين هاتين الطبقتين من خلال الآية الـ5 لسورة "القصص" المباركة "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ".

 

وقد استبدل الإمام الخميني(قدس سره) مصطلح الأصولية بمصطلح رائع وهو العقيدة الحقة وهذا يعني أن هناك فساد مقابل الإصلاح، وأن هناك فوضى مقابل النظام. ومصطلح الأيديولوجيا بمصطلح الفكر الإسلامي في أكثر خطابته يتحدث عن الفكر ولم يأت بكلمة الأيديولوجيا.

 

لقد كان الإمام الخميني(قدس سره) رائدا في تأسيس المصطلحات الإعلامية الإسلامية، والتي أصبحت فيما بعد مفردات إعلامية متداولة. فهو بحق مؤسس لغة إعلامية جديدة، وكنتاج حقيقي لما نحمل من فكر. وهو ما يسجل لهذا الرجل تاريخياً.

 

وبقي أن نقول أن المصطلحات الإعلامية هي أدوات حقيقية لفهم الواقع الذي من حولنا وهي ذات تأثير كبير على ذهنية المتلقي من حيث السلب أو الإيجاب لذا يجب أن نؤسس الى لغة إعلامية ناتجة من الفلسفة التي نحملها والعقيدة التي نعتقد بها، وبغير ذلك نكون منفصلين عن الواقع الذي نعيش فيه وهذا ما حصل ويحل في كثير من بلدان العالم الإسلامي.

 

كاتب المقال: علاء الخطيب، الكاتب والإعلامي العراقي في لندن، له آثار عديدة، منها؛ كتاب «الفكر الاقتصادي بين الإمامين الصدر والنورسي»، «الإسلام في هولندا وهي دراسة عن التواجد الشيعي في هولندا التي قامت بها الجالية هناك»، «اشكالية التعايش في المجتمعات الإسلامية»، «أهل البيت(ع) وأثرهم في بلاد المغرب»، وله نشاطات عديدة منها: المشاركة في «المؤتمر العلمي الأول للجامعة الحرة في هولندا»، «المؤتمر الثالث للتقريب بين المذاهب في لندن» وهو يعمل حاليا لقناة الغدير مكتب لندن ومدير تحرير مجلة "ألوان كونية" تصدر من لندن».