التوافق الوطني:
• لو توافق الناس كل الناس على الباطل لكان في ذلك فساد الأرض وهلاكهم، والتوافق على الشر شر ومن أكبر الشر، والتوافق المنقذ إنما هو توافق يقوم على الحق والعدل ويلتزم بهما، وأي تعاون على الباطل باطل لا ينتج إلا سوءً وضررا، وهو مضاعف للمشكلات معمق للمآساة.
• ولو فرض أن حصل توافق وطني سلم فيه الطرف المظلوم بصحة ظلمه وقبوله له، لما كان ذلك كفيلاً باستقرار الأوضاع لأنه باطل، والباطل لا يقوم عليه بناء ولا يصلح أساساً للحياة، على أن اتفاقاً وطنياً من هذا النوع أصبح في حكم المستحيل والطامع فيه طامع فيما لا يصح أن يحلم به على الإطلاق.
• وإذا أريد بالاتفاق الوطني أن يكون وسيلة دعائية بلا تحقق خارجي، فالأمر سهل على الآلة الدعائية الكاذبة ولكن لا جدوى فيه، ولا يغير شيءً على الأرض ولا يبدل من واقع ما عليها ولو امتلأت الأفاق زغردة وتصفيق لهذا الاتفاق.
• وإذا كان الهدف اتفاقاً منقذاً قادراً على تهدئة الأوضاع وخلق مناخ يسمح بحالة من الانسجام، فلابد من تصحيح شامل وإصلاح جذري، وعدل ومساواة، واعتراف بحق الشعب في اختيار حكومته ورسم مسار حياته وسياسة بلده.
لجنة التحقيق المستقلة:
• نتمنى لهذه الهيئة التحقيقية أن تكون مستقلة، وأن تكون عادلة، وأن تقف إلى جنب المظلوم وضد الظالم، وإن انتهى دورها إلى لا شيء كان في ذلك إثارة للمظلومين وتأجيج للوضع المتأجج، وإذا جاء الإنتاج إعلامياً فإن الإعلام لم يعد قادراً على التغرير بهذا الشعب.
وإذا أدت جهود هذه الهيئة إلى إنصاف بعض المظلومين وإيقاف شيء من التعديات السافرة، فهو شيء ينظر إليه بما هو علاج جزئي لشيء من ذيول الأزمة وتداعياتها. أما الأزمة فستبقى مقيمة ومتفاقمة ويشفق على هذا الوطن الحبيب منها، ما لم تسلم الحكومة بأن وقت الإصلاح الحقيقي الشامل الجدي، والسماع إلى إرادة الشعب في دستور بلاده واختيار حكومته واستقلال القضاء والانتخاب العادل لمجلس نيابي كامل الصلاحيات قد حان، وأنه غير قابل للتأخير.
• وعن إطلاق عدد من السجناء، فإن كل السجناء في الأحداث السياسية من حقهم ومن حق الشعب والوطن، والحرية والكرامة، والحق والعدل أن يخلى سبيلهم ويتمتعوا بحريتهم، لأنهم ليسوا إلا طلاب حق وعدل وحرية وكرامة وعزة شعب وسلامة وطن.
ومع ذلك، فإنه ولو خلت السجون من كل نزالها الشرفاء، وبقي الوضع السياسي على ما هو عليه، لما كان في ذلك شيء من حل للأزمة، ما لم يتم الإصلاح السياسي وتتحقق مطالب الشعب العادلة، وما كان في ذلك نهاية لمسلسل الاعتقالات والمتاعب المتواصلة، وارجافات الوطن واعصاراته المدمرة.
• وما أشد فضيحة السياسة في البحرين وما أقساها من سياسة على هذا الوطن، وقد فرغت عدد من الاختصاصات الطبية من متخصصيها وخبرائها بقرار انفعالي وروح طائفية عدائية، لتعطل مصالح وضرورات المواطنين الصحية الملحة، إنها فضيحة وعار، وإجراء شاذ ومخز لم يشهده بلد آخر تجاوزت الاحتجاجات فيه والثورة إضعاف ما شهدته البحرين، أظن أن هذا العار سيسجل في تاريخ السياسة ليبقى مخزياً لمدة قرون.
هذا الأمر أن ينتظر بالحالة الصحية الحرجة المهددة بالوفاة، أن تتأتى الظروف لمختص من الخارج قد يسعه من ناحية زمنية تدارك الأمر أو لا يسعه، بينما الكفاءات المحلية معزولة معطلة ومحاربة ومعاقبة لا لجرم، وإنما للإلتزام بواجبها الإسلامي والوطني، ووفائها لشرف المهنة، وأخذها على نفسها أن تدفع غائلة الموت ما أمكن عن مصابين سقطوا بالسلاح الرسمي الأمين والشجاع والمخلص عقاباً على المطالبة بالحقوق.
وكلمة أخيرة في هذا المقام
أنه لا عدالة، ولا إنسانية، ولا صدق لسياسة، ولا سبيل للإستقرار وواحد من الأطباء والممرضين وغيرهم من المفصولين خارج عمله، وواحد من الطلاب المحرومين من دراستهم على حرمانه، أو سجين من سجناء الأحداث الأخيرة وما قبلها في سجنه ومعتقله.
على أن الحل إنما هو في الإصلاح الشامل، والأساس فيه الإصلاح السياسي أولاً وبالذات، ولا إصلاح للسياسة بلا دستور متفق عليه، ودوائر انتخابية عادلة، ومجلس نيابي كامل الصلاحيات تنتجه انتخابات نزيهة مضمونة النزاهة، وحكومة منتخبة، وقضاء مستقل، وإنهاء للتجنيس السياسي ولكل مظاهر التمييز والتفرقة الإضرارية الظالمة.
تعليقات الزوار