خطبة الجمعة 19 ديسمبر 2011م .
السياسة في الإسلام:
في الإسلام طرح سياسي واحدا لا اثنان, ولكن المسلمين اختلفوا حول هذا الطرح فمدرسة الإمامة غير مدرسة الشورى فهماً لهذا الطرح، تذهب مدرسة الإمامة، وهي تربط بين سياسة الدنيا والدين، بلا تفكيك بينهما فيه، بلا تفكيك بين الإمامة فيهما معاً على الإطلاق, ولكون إمامة الدين متوقفة على فهمه فهماً دقيقاً مأموناً كامل، وتطبيقه كذلك ولحاجة السياسة الدنيوية ونجاحها إلى خط الدين، اقتضى ذلك تعيين الإمام من الله عز وجل لأنه وحده الذي يعلم بالمعصوم الثابت على العصمة في علمه وعمله، وتستند مدرسة الإمامة مع ذلك إلى عدد من النصوص الواردة في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، ومواقف الرسول (ص) العملية، وتذهب مدرسة الشورى إلى حق أهل الحل والعقد فيها، في اختيار الإمام على ضوء مواصفات دينية مطلوبة، ولا وقفة هنا للنظر في أي من المدرستين فالحديث ليس بصدد التحقيق العقيدي وما تقدم إنما هو على المستوى النظري، وعملاً وقع المسلمون في خطأ الحكم الوراثي، الذي لا يلتقي مع إي من المدرستين، اللتين مرا ذكرهما جاءت الدولة الأموية التي كانت ترى أن على الأمة أن تعيش تحت سيطرة الحكم الأموي ما دام على الأرض إنسان، وهكذا كانت وجهة نظر العباسيين والعثمانيين من بعد، وكل أسرة حكمت بلداً من بلاد المسلمين صار رأيها أن تحكم هذا البلد حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وحتى لا يشتبه الأمر على أحد، ويخلط بين هذا الفهم الأجنبي قطعاً عن الإسلام وبين فهم مدرسة أهل البيت (ع)، فلا بد من الالتفات إلى أن مدرسة الإمامة بعيدة كل البعد عن الحكم الوراثي، فإمامة الحسن أو الحسين عليهما السلام ليس لأن هذا أو ذاك ابن لعلي ابن أبي طالب (ع ) وإنما لأنهُ منصوص عليه بالنص الديني، وممن بشر رسول الله (ص) بإمامته، وهكذا الحال في إمامة الأئمة الإثني عشر عليهم السلام والإمامة في أهل البيت عليهم السلام إنما حددت في إثني عشر إماماً سُموا سلفاً، وقبل ولادة الكثير منهم، ولا تمتد الإمامة في ذرية النبي وعلي عليهما السلام حتى النهاية، ثم إنه في غياب المعصوم عليه السلام لا تقصر مدرسة الإمامة إمامة المسلمين على ذرية رسول الله (ص) وعليه فإنه إذا أراد المسلمون أن يحترموا فهمهم للإسلام في المسألة السياسية حتى مع تخليهم عن مدرسة الإمامة، فليس لهم أن ينسبوا الحكم الوراثي للإسلام ويشرعوا لهُ على هذا الأساس, وإذا أعطوا الحكم لأي فرد من إي عائلة فلا بد أن ينظروا في صلاحيته على أساس ما فهموهُ من مواصفات الحاكم في الإسلام حتى تتصحح نسبة اختيارهم إليه وأنهم اختاروه لأن الإسلام يوافق عليه وأن اختيارهم ذاك إنما هو من اختيار الإسلام.
ثم ليس لمسلم و على أساس الإسلام أن ينكر على الأمة مواجهتها للظلم و محاولتها ردع الظالم عن ظلمه، وإنما على المسلم من منطلق إسلامه أن لا يقر أحداً على ظلم، ولا يسكت على مظلمة مظلوم كان من كان ذلك المظلوم، وأن لا يسكت على مظلمة مظلوم كان من كان ما وجد إلى ذلك إلى التغيير سبيلاً ومنفذا كلما وجد سبيل أو منفذ إلى إنكار المنكر وإيقاف الظلم كان ذلك متعيناً على المسلمين جميعاً، إن الوقوف مع الظالم ضد المظلوم يفصل العالم الديني وأي متحدث باسم الإسلام عن الإسلام نفسه في هذا الموقف الشائن المعادي لدين الله، ورفع شعار الإسلام ممن يقفون هذا الموقف الشيطاني، ممن يقفون موقف المناصرة للظلم ورفع شعار الإسلام ممن يقفون موقف المناصرة للظلم هذا الموقف الشيطاني ممن يقفون موقف المناصرة للظلم ورفع شعار الإسلام ممن يقفون موقف المناصرة للظلم من أكبر عمليات التزوير المضرة بصفاء الدين ومكانته في الناس، وعلى الأمة فضح هذه المواقف والتبري من أصحابها إنقاذاً للدين من التزوير وسوء السمعة وللأجيال من الاغترار بالزور كما حدث كثيراً في التاريخ وابتليت به الأمم وكم من أمة ظلت أجيال منها بسبب مواقف علماء الدين الموالين للسلطات الظالمة وإن الذين يناهضون حركات التحرير والتغيير النافع والإصلاح ويعادون المصلحين إنما ينطلقون في هذه المناهضة والعداوة من ارتباط مصالحهم المادية بالوضع الظالم المتخلف والفساد المستشري فيه وإن تستروا بشعارات مختلفة منها الديني والمذهبي والدفاع عن هذه الفئة أو تلك من فئات المجتمع التي كلها تعاني من آثار الوضع الظالم الذي يضطهد الجميع ويسلب ويسرق ويستخف بكرامة الجميع ويستعبد الجميع ويمزق النسيج الاجتماعي الذي يحفظ وحدة كل الفئات وينبغي للجماهير في كل مكان أن تعي المنطلقات الحقيقية والدوافع الخلفية للمناهضين لحركات التغيير والإصلاح وتعزلهم، وإذا كان البعض يرى في الإصلاح إضرارا بامتيازاته المادية بالوضع الظالم والصيغة السياسية الفاسدة وتقليلاً من فرص تسلقه للمواقع المغرية والمكاسب الحرام التي لا يرى له فرصة ولا طريقاً إليها إلا بمساندته للظلم والفساد واستماتته في التبرير والدفاع عما لا يرضاه الله سبحانه من ظلم العباد وامتهان كرامة الاستئثار بالثروة المشتركة فإن الشعب الذي يرى في الإصلاح حياته وكرامته وفي التخلي عن الإصلاح العبودية والانتحار لأشد استماتتاً ودفاعا عن حقه في الحياة في الحياة الكريمة والحرية والعيش في سعة وأمان .
لا لن يكون المدافعون عن الظلم والفساد خوفاً على مصالحهم الشخصية وامتيازاتهم الظالمة القائمة على آلام المحرومين أشد حماساً وتضحية من المكتوين بنار الوضع الظالم والمتطلعين للخروج من العذاب، على الذين يتمنون بقاء الأوضاع السياسية المنحرفة الظالمة في البلاد العربية ومنها البحرين على ما هي عليه من صورة سيئة مخزية تتنافى بحقوق الإنسان وكرامته والشأن العزيز للمسلم حرصاً على ما يستفيدونه من امتيازات محرمة ترتبط بهذه الأوضاع أن ييأسوا من ذلك، وليس لهم يوم يأتي نصر الله للمؤمنين إلا أن تتقطع قلوبهم حسرات.
لا جديد هنا على الأرض:
إلى اليوم لا جديد هنا على الأرض ولا تغيير في الأوضاع لا شيء من الانفراج لا صدق للعهود لا شيء دون الكلمات الموسوقة للإعلام لا أثر للجان التحقيق وكثرة الوفود، ولكن الجديد آت والإصلاح لا بد منه، والمطالب لا بد من تحقيقها، وإرادة الخير لا بد أن تنتصر، والله لا يضيع عمل عامل، وهو مع المظلوم على الظالم، والصبر منتج وإصرار الشعوب أقوى من ظلم الحكومات، والروح العالية لا تنهزم، والباذل للكثير لا يقبل أن يرجع بيد صفراء أو بالشيء القليل، والوعي اليوم أكبر من كل التفاف والإرادة أصلب من أن تتراجع، غدا لابد من جديد والقيد لا بد أن ينكسر، والفجر لابد أن ينبثق..
غداً لابد من جديد، والقيد لابد أن ينكسر، والفجر لابد أن ينبثق وما النصر إلا من عند الله.
مساران:
ما تعطل الإصلاح في أي منهما بقيت الأزمة، وساءت الأمور من دون تراجع لإرادة التغيير عند الشعب وإن عظمت منه التضحيات، المساران هما المسار السياسي، والمسار الحقوقي، المسار الحقوقي ولما أصابه من تدهور خطير في الحقوق لدرجة فضيعة، ولا زال يعيش هذا التدهور ويعاني من عدوانية الحكومة في أكثر من صعيد يستحق الاهتمام والتركيز الشديد وتفرض الضرورة المطالبة المكثفة بإصلاحه .
الناس تغرقها السموم والغازات (مسيلات الدموع):
الناس تغرق في السموم تغرقها السموم الغازية وهي في غرفها المغلقة ما من أكثر القرى البارحة كانت تحتوى وطأة السموم البطيئة التي تسبب الموت البطيء الناس هنا تحولوا إلى حشرات تحولوا في نظر الحكومة إلى حشرات.
مع أهمية المسار الحقوقي يبقى الفساد والخلل السياسي وغياب الدستور الموافق لإرادة الشعب الملبي لطموحاته أساس المشكل ومنبع الفساد كله, فلا تنازل عن الإصلاح في أي من المسارين ولا تراجع.
تعليقات الزوار