خطبة الجمعة: 27 محرم 1433هـ 23 ديسمبر 2011م

 

شعب واحد وديمقراطية واحدة:

 

الشيعة والسنة في البحرين وغيرها إخوة دين ووطن وتاريخ، إخوة ماضي وحاضر ومستقبل، وكلنا هنا شعب واحد لا شعبان.

 

السياسية المغرضة في كل مكان تلعب على الوتر المذهبي والقومي وأي وتر آخر لإضعاف الشعوب وتفريق كلمتها والاصطياد في الماء العكر، وهذا غير خاف على أحد ممن له أدني انتباه لسيرة الحكومات الظالمة، ومن المؤسف أن يغفل البعض عن ألاعيب السياسة القذرة ويتناغم مع الدعوات الطائفية ويقبل أن يكون أداة من أدواتها..

 

ونحن نعلم أن الدعوة للوحدة الإسلامية والوطنية موجعة للحكومات الظالمة ومفشلة لأهدافها الخبيثة - إذا دعوت للوحدة آذتك الحكومة التي تريد تفريق الشعب، وألّبت عليك الأقلام والألسن- والدعاة لهذه الوحدة من أبغض من يكونوا لهذه الحكومات وهم ملاحقون منها بالتشويه والعقوبة وقلب الحقائق والكذب والزيف والبهتان.

 

وعلينا أن نؤكد دائماً على وحدتنا الإسلامية و الوطنية وليغضب ذلك من يغضب، وهذا الشعب الواحد حين يطالب بالديمقراطية التي تعطيه حق الرأي في دستوره وقوانينه وحكومته وتقرير المصير لا يطالب بديمقراطية شيعية أو ديمقراطية سنية، فالديمقراطية ليست ذات تصنيف مذهبي وليست صديقة مذهب معين وعدوة لمذهب آخر، الديمقراطية في مجالها السياسي لا حديث لها عن المذاهب ولا مساس لها بها.. الديمقراطية لإ نصاف الشعوب وليس لظلمها وإذا كان هناك متضرر من الديمقراطية فهي الحكومات الفاسدة والمستبدة وأهل المطامع الظالمة الذين يشاركونها الأثرة والفساد والبغي في الأرض وتهميش الشعوب، وهؤلاء ليسوا قصراً على مذهب معين أو قومية خاصة. يمكن أن يكون هؤلاء المنتفعون بالحكم الفاسد المدافعون له من أجل مذهب من أجل قومية من أجل لون، يكفي لهم أن يكونوا من عبيد الدنيا وإنْ سموا أنفسهم بالإسلام أو بغيره و إن سموا أنفسهم بمسلمين أو بغير المسلمين.

 

ماذا بقي؟:

 

ماذا بقي لهذا الشعب من حرية التعبير؟ من حرمة دم؟ من حرمة مال؟ من حرمة عرض؟ من كرامة؟ من كلمة؟ من أمر دين؟ من حرمة دين؟ من حرمة صلاة؟ حرمة مسجد؟ حرمة قرآن؟

 

ألم يهاجم المصلون وهم يقبلون على الصلاة؟ ألم تهدم المساجد؟ ألم تُنتهك حرمة القرآن؟ ماذا بقي من شيء لم تنتهكه السياسية الظالمة في هذا البلد الكريم، لا شيء من حرمة لهذا الشعب المقاوم للظلم، للقهر، للإذلال، للاستئثار، للاستبداد، للتهميش، لنهب الثروة، للاضطهاد، للانتهاك الديني في نظر حكومة تمارس كل ذلك في حق هذا الشعب.

 

مسؤولو دول كبرى تتوافد ووفود حقوقية في مجيء وذهاب والأمور إلى الأسوأ والانتهاكات للحقوق الإنسانية والوطنية والدينية في تصاعد واتساع، وقد رأى العالم كيف تهان حرائر البحرين أخزى إهانة في المركز التجاري للعاصمة ! وكيف تسحب الشابة المقاومة الحرة زينب الخواجة على الأرض سحباً بصورة مهينة لكرامة الإنسان!

 

قد رأى العالم كيف ينزل العذاب الأليم الحاقد بنخبة من الشباب المناهض للظلم، بالآلات الممزقة للأبدان، يحدث هذا ويحدث أكثر منه في أثناء وجود لجنة تقصي الحقائق وبعد مغادرتها، وفي ظل وجود الوفد الأممي.

 

وبعد ما فضحه تقرير بسيوني من انتهاكات استبشع لها ضمير العالم، وكل ذلك غيض من فيض مما يعانيه هذا الشعب.

 

نحن أمام حكومة ترفض الإصلاح تواصل العنف تزيد في التضييق وتقول باللغة العملية القاسية الفصيحة الواضحة وغير المسؤولة أن على شعب البحرين أن لا يتوقع انفراجه وعليه أن يستعد لحياة صراع دائم..

 

هذا هو اختيار الحكومة لنفسها ولهذا الشعب ولهذا الوطن وهي بذلك تظلم نفسها والشعب والوطن جميعاً.

 

ونقول للدول الكبرى وللمنظمات الحقوقية الدولية، إما أن رأيها أن الشعب غير محق في مطالبه الحقوقية والسياسية، وأنه شعب نشاز من بين كل شعوب الأرض، وأنه ليس أهلاً لشيء من الحقوق.. وعليها لو كان رأيها كذلك أن تعلن هذا بصراحة، ولها أن تدعوا الحكومة لمزيد من التنكيل بهذا الشعب وإلغاءه و إخباره.

 

وإما أن يكون رأيها غير ذلك وأن الشعب كسائر شعوب الدنيا وله من الحقوق الإنسانية والدينية والمدنية والسياسية ما لغيره من الشعوب وأن مطالبه في الحرية والكرامة والديمقراطية والأمن والسلام مطالب محقة، وعندئذ عليها أن تدين السياسة المنتهكة من الحكومة، وتمارس عليها الضغط الذي تجد له وسائل وأدوات كثيرة بما يلجأها إلى الإذعان للحق والاستجابة لمطالب الشعب العادلة.

 

من يصدق أن الدول الكبرى والمنظمات الحقوقية الأممية، لا تملك أكثر من دور الواعظ الذي لا يجد شيئاً من أدوات الضغط لصالح ما يراه حقاً وما فيه إنقاذ لهذا للشعب؟ وفود الأمم المتحدة، الوفود الأمريكية والبريطانية والفرنسية والمسؤولون الذين يجيئون من أمريكا وفرنسا وإنجلترا هؤلاء وعاظ ؟ يسمعون الحكومة كلمة !!

 

أهم أصحاب دول كبرى تستطيع أن تضغط؟ أين ضغطها؟ ومن يصدق بممارسة الضغط الذي تملكه الدول الكبرى والهيئات الأممية لصالح حقوق الشعب ولكن لا تؤثر، أمعقول أنهم يضغطون الضغط الذي يملكونه ثم لا يؤثر شيئاً ؟!

 

نقول هذا وأملنا في الله وحده، ولا تعويل من مؤمن على مخلوق، وشعبنا لا يأخذ عزمه من موقف الدول، ولا يثنيه عن حقه تنكر من أحد أياً كان.

 

"يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم".