الأمة الإسلامية تستعد لنصرة الأقصى في يوم القدس العالمي 

23 رمضان 1429هـ

طهران ـ فارس: مع إطلالة الجمعة الأخيرة من شهر رمضان الكريم من كل عام، يستعد المسلمون في شتى أرجاء العالم بآذان صاغية، وقلوب والهة، وعقول مستجيبة، لتلبية النداء الذي أطلقه إمام القدس والأمة روح الله الموسوي الخميني الراحل (قدس سره)، حين دعا الى اعتبار هذا اليوم يوما عالميا للقدس.

وسيلتقي المسلمون المؤمنون في مثل ذلك اليوم، من شتى البقاع والاصقاع ليجددوا الولاء والوفاء لقضيتهم المركزية وللقدس الشريف التي بقي الامام الخميني الراحل يوصيهم بها طول حياته ليخرجها من دائرة النسيان والاهمال التي أرادها بعض الحكام في عالمنا العربي والاسلامي.

في السابع من آب عام م1979 وبعد بضعة شهور من انتصار الثورة الاسلامية في إيران، أطلق الامام الخميني الراحل (قدس سره) نداءه التاريخي بإعلان آخر جمعة من شهر رمضان المبارك يوما عالميا للقدس.

وبعد مرور أكثر من 28 عاما على ذلك النداء .. ما زال صدى نداء الامام الراحل يتردد في الأمة الاسلامية، وما زالت الجماهير تلبي نداءه كل عام عبر احياء مراسم يوم القدس العالمي بتظاهرات ومسيرات تظهر قوة المسلمين وغضبهم على الكيان الصهيوني الغاصب، ونصرتهم للشعب الفلسطيني المظلوم.

ما زال صدى نداء إمام القدس يتردد حين قال : أدعو جميع مسلمي العالم إلى اعتبار آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، التي هي من أيام القدر ويمكن أن تكون حاسمة أيضا، في تقرير مصير الشعب الفلسطيني، يوما عالميا للقدس، وأن يعلنوا من خلال مراسم الاتحاد العالمي للمسلمين، دفاعهم عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني المسلم.

جاءت هذه الدعوة، دفعا للمسلمين، على القيام بخطوة عملية تجاه القدس، وتوجيها لعملهم وأفئدتهم نحو بيت المقدس، لتتحول الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك إلى يوم عالمي للقدس، هو في الوقت نفسه يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين، حيث قال الإمام الراحل في ندائه : يوم القدس يوم عالمي، ليس فقط يوما خاصا بالقدس، إنه يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين، إنه يوم مواجهة الشعوب التي عانت من ظلم أميركا وغيرها، للقوى الكبرى، وإنه اليوم الذي سيكون مميزا بين المنافقين والملتزمين، فالملتزمون يعتبرون هذا اليوم يوما للقدس، ويعملون ما ينبغي عليهم، أما المنافقون، هؤلاء الذين يقيمون العلاقات مع القوى الكبرى خلف الكواليس، والذين هم أصدقاء لـ «إسرائيل»، فإنهم في هذا اليوم غير آبهين، أو أنهم يمنعون الشعوب من إقامة التظاهرات.

لقد بين الإمام الخميني الراحل (قدس سره) موقع الجهاد من أجل القدس، في تحديد معالم المعركة بين المستضعفين والمستكبرين، وهو ما تتكشف معانيه في يوم القدس، الذي اعتبره يوما يجب أن تتحدد فيه مصائر الشعوب المستضعفة، يوما يجب أن تعلن فيه الشعوب المستضعفة عن وجودها مقابل المستكبرين.

وهو كما رآه الامام الراحل يوم إحياء الإسلام، و يوم حياة الإسلام، حيث يجب على المسلمين أن يصحوا، وأن يدركوا مدى القدرة التي يتملكونها سواء المادية منها أم المعنوية، كما قال الامام : مليار مسلم وهم يملكون دعما إلهيا، والإسلام سندهم، والإيمان سندهم، فمن أي شيء يخافون ؟.

لقد أكد الإمام الخميني الراحل ( قدس سره) على متابعة إحياء يوم القدس، لما رآه فيه من معان عظيمة تتعلق بالوحدة الإسلامية التي دعا إليها على الدوام، وبالجهاد من أجل القدس، التي احتلت حيزا واسعا من تفكيره واهتمامه.

وهو الذي كان يقول دائما : القدس ملك المسلمين، ويجب أن تعود اليهم، معتبرا أن واجب المسلمين أن يهبوا لتحرير القدس والقضاء على شر جرثومة الفساد هذه عن بلاد المسلمين.

وهو القائل أيضاً : نسأل الله أن يوفقنا يوما للذهاب إلى القدس والصلاة فيها إن شاء الله، وآمل أن يعتبر المسلمون يوم القدس يوما كبيرا، وأن يقيموا التظاهرات في كل الدول الإسلامية في يوم القدس، وأن يعقدوا المجالس والمحافل ويرددوا النداء في المساجد، فعندما يصرخ مليار مسلم فإن «إسرائيل» ستشعر بالعجز وتخاف من مجرد ذلك النداء.

وعلى مدى ما يقرب من 3 عقود استجاب المسلمون في مختلف أنحاء العالم لنداء الإمام الخميني الراحل ( قدس سره) لإحياء يوم القدس، حيث تشهد الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، في كل عام تظاهرات حاشدة تهتف للقدس وتدعو الى تحريرها في مشهد يكرس الوحدة الإسلامية التي أرادها الامام، لكي تبقى القدس حاضرة في عقول المسلمين وفي توجهاتهم وتطلعهم إلى تحريرها، وهو أيضا ما رمى إليه الإمام من خلال الدعوة إلى يوم القدس العالمي.

وتأكيداً على المكانة التي أرادها الإمام الخميني الراحل ( قدس سره) ليوم القدس العالمي، فإن قائد الثورة الاسلامية في ايران سماحة آية الله العظمى السيد علي خامنئي، يشدد دوما على إحياء يوم القدس العالمي، وتكريس معانيه، وقد خاطب المسلمين قائلاً: إنَّ واجب الدول الإسلامية تقديم المعونات لهذا الشعب، مؤكداً أنه عاجلا أو آجلا ستعود فلسطين إلى الفلسطينيين، مكرسا بذلك ما كان يقوله الإمام الخميني حين يتعرض الإسلام والأماكن المقدسة للتهديد بالاعتداء، فلا يمكن لأي فرد مسلم أن يقف موقف المتفرج إزاء ذلك.

إن يوم القدس العالمي يرسم معالم الموقف الحقيقي للأمة الاسلامية التي يجب عليها أن تعتبر قضية القدس والعمل على تحريرها القضية الأولى والمعركة الفاصلة في حياتها إذا أرادت أن تعيش حرة كريمة، فالقدس ستبقى في قلب الأمة وذاكرتها ووجدانها كما كانت في الماضي قبلة للصلاة والأمل ورمزاً لعزها وعنوان كرامتها وعنفوانها.

وتأتي المناسبة هذا العام وفلسطين تشهد ظروفا صعبة وحصارا من قبل الكيان الصهيوني والمجتمع الدولي، لأن الشعب الفلسطيني اختار عبر انتخابات ديمقراطية شهد العالم كله بنزاهتها اختار الاسلام والمقاومة وخط الجهاد ضد المحتل، وفي ظل مخاطر الفتنة التي تحدق في فلسطين والأمة، ولذلك فإن أبناء فلسطين هم بحاجة أكثر من أي وقت مضى لدعم الأمة الاسلامية، وهذا ما يجعل المناسبة هذا العام ذات أهمية قصوى، فالأمة بلا قدس لا كرامة ولا وجود لها، ولذلك يجب على المسلمين الاهتمام بهذه المناسبة بجميع الامكانيات المتاحة، لتعود فلسطين الى أحضان أبنائها الحقيقيين.