دور التوحيد والوحدة
من كلمة لولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي بتاريخ (17 ربيع الأول 1419 هـ).
بسم الله الرحمن الرحيم
أهنّئ بمناسبة ذكرى الميلاد السعيد والمبارك لرسول الرحمة الإلهية، خاتم الأنبياء (صلى اللّه عليه وآله وسلّم)، وذكرى ميلاد الإمام جعفر الصادق (ع)، الأُمة الإسلامية الكبرى وخاصّة الشعب الإيراني، والحضور الكرام؛ المسؤولين والعاملين في مختلف القطاعات والدوائر، والإخوة الأعزاء الذين حلّوا في هذه الأيام ضيوفاً على الجمهورية الإسلامية.
تخليد ذكرى ولادة الرسول الكريم ليست مجرّد مراسيم شكلية. وحتى إن كانت هذه المراسيم بين الشعوب الإسلامية فرصة ثمينة بل وواجبة، إلا أنّ القضية أكبر من ذلك. فالعالم الإسلامي أحوج ما يكون اليوم، وأكثر من أي وقت مضى لإحياء ذكرى الرسول، والبشرية كلها بحاجة اليوم أيضاً لهذا الاسم المبارك وهذه الذكرى الميمونة وهذه التعاليم النبيلة. ولكن قبل الانطلاق نحو البشرية بأسرها، لابدّ للعالم الإسلامي من استئناف معرفة هذه الجوهرة المعنوية من جديد. ومثل العالم الإسلامي الذي يعاني من مشاكل كثيرة إلى جانب ما لديه من ذخائر معنوية عظيمة ومنابع كبرى يمكن أن تعينه وتنقذه، كمثل الشعوب التي بقيت قرون طويلة تنام جائعة على ما لديها من ثروات مجهولة إلى أن جاء الآخرون ونهبوها منها.
دور التوحيد والوحدة
قال أحد الأكابر قبل بضعة عقود خلت: «بُني الإسلام على دعامتين؛ كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة» والثانية تعود إلى الأُولى؛ بمعنى أنّ وحدة الكلمة تدور حول محور التوحيد. ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى هذا الشعار، أي أن نعود إلى كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة.
كل المصائب والويلات التي حلّت بالمسلمين ناجمة عن عدم تمسكهم بحبل التوحيد. لا يقتصر التوحيد على الفكر والنظر بل هو أمر حقيقي ونظام وقانون للحياة. التوحيد يبيّن لنا الأسلوب الذي ينبغي أن نتبعه مع أصدقائنا، ومع أعدائنا. ويوضّح لنا الكيفية التي يجب أن يكون عليها النظام الاجتماعي، ونمط العيش الذي يجب أن نسير وفقاً له.
قد يتوهم البعض أنّ التوحيد مرتبط بعالم ما بعد الموت. في حين أن الاعتقاد بالتوحيد يقود إلى ازدهار هذا العالم وإلى بناء هذه الحياة أيضاً. وهذا هو ما نحتاجه اليوم نحن وجميع الشعوب الإسلامية.
كلّما توغلنا في السير على طريق التوحيد وعلى طريق عبودية اللّه، انجلى عنا شر الطواغيت ومَن اتخذوا أنفسهم أنداداً للّه تعالى، أكثر فأكثر. والشعب الإيراني كلّما قطع شوطاً أطول في السير على نهج التوحيد، أضحى أكثر أماناً من لسان ويد أمريكا وغيرها من مستكبري العالم، وفي راحة من أوامرهم ونواهيهم. هذه هي ميزة التوحيد والعبودية للّه. لأن المرء إذا أصبح عبداً للّه، يجد أنّ العبودية للّه لا تتسق ونهج العبودية للآخرين. هذا هو الركن الأول في المقولة التي ذكرناها .
أما ركنها الثاني فهو توحيد الكلمة؛ إذ يجب على الشعوب الإسلامية أن تتحد فيما بينها، فإحدى المصائب الكبرى التي يواجهها العالم الإسلامي اليوم هو أنّ العدو جعل ما ينبغي أن يكون مدعاة لوحدة المسلمين – وذلك هو وجود الكيان الصهيوني الغاصب – سبباً لاختلافهم وفرقتهم. ودفع بعض الدول الإسلامية إلى اتخاذ ذلك كذريعة لمجابهة أشقّائهم، وإلى بروز اختلافات حقيقية في ما بينهم. في حين كان ينبغي أن يكون وجود مثل هذا العدو في قلب الأمة الإسلامية سبباً لتقارب المسلمين وتشكيل جبهة واحدة تجعل منهم يداً واحدة. لكن الذنب في هذا يعود إلى تدخّل وألاعيب الاستكبار. فلولا دعم الاستكبار، وعلى رأسه أمريكا لغاصبي فلسطين والإرهابيين الدوليين المتمركزين في قلب البلاد الإسلامية – وأعني بهم الحكام الحاليين لدويلة "إسرائيل" اللقيطة – لما كان لـ"إسرائيل" أن تبقى لا في الماضي ولا في الحاضر...
أسأل اللّه أن يكون قولنا وعملنا موضع رضاه ورحمته.
والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته
تعليقات الزوار