من مولاه فهذا علي مولاه

الغدير في التراث الإسلامي

تعتبر حادثة الغدير المنعطف الخطير في تاريخ الإسلام الحضاري، وحجر الزاوية في توجيه سياسة الحكم للأجيال الصاعدة، ومن أكثر الحوادث التاريخية الإسلامية شهرة واتساعا.

وتأكيد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم على تثبيت الولاية تأكيدا للمنهجية الصحيحة القويمة في السير بالأمة نحو القيادة السليمة.

وعلى رغم تلكم التصريحات والتأكيدات على نصب وتعيين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أميرا للمؤمنين، وخليفة لرسول رب العالمين بأمر الله عز وجل، منذ أن صدع بالأمر في يوم الدار الذي دعا فيه أعمامه من آل عبد المطلب حرصا منه على إدامة الدعوة والتبليغ بشريعة السماء  التي جاء بها صلى الله عليه وآله وسلم.

لكن السياسة الزمنية الانقلابية، التي حدثت بعد ارتحال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى، والمؤامرات التي سبقتها والتي دبرت بليل تمخض هذا الصراع إلى قفز الخليفة الأول على سدة الحكم باسم الخلافة، وذلك بعد صراع مرير وخلاف حاد، وجدل شديد في الاجتماع العام الذي عقده الأنصار في سقيفة بني ساعدة وداهمه المهاجرون، واحتدم الصراع بين المهاجرين والأنصار كل يريد أن يسبق الآخر للتربع على كرسي الحكم والخلافة، تاركين أمير المؤمنين الخليفة الشرعي مشغولا عنهم بمصابه في فقده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وانشغاله بتجهيزه.

وبعد الصراع المرير، والمهاترات، والمنازعات، استطاع المهاجرون بدهائهم ‏و حنكتهم السياسية، ووحدة كلمتهم أن يشقوا صفوف الأنصار، ويفككوا وحدتهم بإثارة الأحقاد القبلية وإعادة الصراعات الجاهلية فيما بينهمـا أي بين الأوس والخزرج، التي قضى عليها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأماتها ووحد صفوفهم في أول دعوته حينما قدم يثرب، وكانت من أهم خطط القوى الانقلابية بعد تغلبهم  إقدامهم والمنتفعين من أتباعهم، على تذويب وتمييع حادثة الغدير وتناسيها بكل ما أوتوا من قوة ودهاء كما استطاعوا كم الأفواه، وشل العقول، وتقييد الإرادة، وشد الأيدي، وتحريف الواقع، وتزييف الحقيقة، والإصرار على زحزحة الأمر عن مقره، وبناء الحكم على غير أساسه، ودفع الخليفة الشرعي عن منصبه الذي نصبه الله عز وجل فيه، وتجاهل تبليغ رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في نصب علي أميرا للمؤمنين وخليفة لرسول رب العالمين، وحرفه عن هدفه.