ارض الطف

تقع الارض التي نزلها الامام الحسين (عليه السلام) والمسماة (كربلة)، جنوب شرق مدينة كربلاء الحالية، على بعد 3كم و2 كم جنوبا.

والطف هو ذلك المكان الموعود من صعيد كربلاء الطيب الذي نزله الامام (عليه السلام) ليبقى فيه إلى الابد، حيث وقعت أعظم مأساة وأعظم نهضة على ترابه.

ولقد كانت كربلاء أما لقرى عديدة تقع بين بادية الشام وشاطئ الفرات واراضي هذه المنطقة ذات تربة رخوة وواطئة من جهة الشرق ورابية شمالا وغرب بشكل هلال وفي الدائرة الهلالية حوصر الامام (عليه السلام) حيث وجد معسكره هناك واصبح في أجرد البقاع عن مزايا الدفاع وبعيدا عن الماء وقد نقل خيامه وعياله إلى المخيم (حاليا) وينسب فيه تل الزينبية حيث كانت (عليه السلام) تفتقد مصارع القتلى يوم عاشوراء.

ويجري في ارض الطف نهر الفرات الذي يأتي من تركيا ويدخل العراق عبر سوريا، ويتفرع من الفرات نهر العلقمي ويمر على شرق كربلاء حتى ينتهي إلى قرب مثوى العباس (عليه السلام) وسمي بهذا الاسم لان رجل من بني علقمة تكلف بحفره وقيل سمي بالعلقم لأن الفرات بعد اجتيازه الانبار يكثر على حافتيه (الحنظل) أي المرارة والعلقم، وتم تطهيره عام 478هـ.

والى جانب نهر العلقمي هنالك الكثير من الانهار التي تروي هذه الارض الطيبة منها نهر نينوى ونهر الغازاني (نسبة إلى غازان خان من آل جنكيز خان) ونهر السليماني (الحسينية) والذي انشأه سليمان القانوني سنة 941هـ وما زالت مياهه تتدفق إلى الآن.

وعرفت المنطقة بالغاضرية، فهي تقع على الضفة الشرقية لنهر العلقمي وتصل قنطرة الغاضرية بين العلقمي والشريعة ثم ينحرف النهر إلى الشمال الغربي فيقسم مدينة كربلاء، وبقرب الشريعة استشهد العباس (عليه السلام) ودفن هناك.

ومدخل الجهة الجنوبية لأرض الطف منطقة (شفاثة) مركز ناحية عين التمر تبعد 58 كم عنها.

وأغلب الظن ان المقام التذكاري المعروف (المخيم الحسيني)والذي يقع على بعد أقل من كيلومتر جنوب غرب مرقد الامام، هو الموضع الذي حط فيه الامام أثقاله ونصب خيامه، وذلك للكثير من الشواهد التاريخية الدالة على ذلك.

واحتل ولا يزال هذا الموقع قلبوب الملايين من النفوس المهذبة والشاخصة انظارها إلى المرقد الذي إحتواه أبي قبلة الإباء والتضحية والمثل العليا في الإسلام، الحسين (عليه السلام)، حتى خلدت هذه التربة بخلود صاحبها ولقد ذكرها الامام السجاد (عليه السلام)تحديا للطغاة وقال:

(وينصبون بهذا الطف علما لقبر سيد الشهداء لا يدرس أثره، ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والايام، وليجتهدن ائمة الكفر واشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد أثره إلا ظهورا، وأمره الا علوا).

ولأرض الطف منزلة رفيعة في التاريخ الإسلامي والانساني حيث مر بهذه التربة المباركة النبي آدم حينما هبط على الارض، والنبي نوح مرت سفينته بكربلاء، وابراهيم مر بكربلاء وهو راكب فرسه، واسماعيل كانت اغنامه ترعى بشط الفرات فاخبره الراعي ان الاغنام لا تشرب الماء، فسأل ربه، فنزل جبرئيل على اسماعيل وقص قصة كربلاء، والانبياء سليمان وعيسى وزكريا لهم قصص وشواهد تاريخية مع هذه التربة حيث تذكر كتب التاريخ.