الإمام الخميني"قدس" والمشروع الحضاري

2007-08-21

حوار مع: د. عادل عبد المهدي

حاوره: مدير المركز الإسلامي للدراسات والتوثيق، ورئيس تحرير مجلة ينابيع الحكمة الناطقة بالفرنسية.

ـ لاشك ان الثورة الإسلامية حدث كبير سجل منعطفا تاريخياً، وقد تشابكت عدة عوامل في صنعها، كان الإمام الخميني"قدس" أحدها، كيف تمكن الإمام ان يحقق هذه الاستجابة الجماهيرية الهائلة ويوقد ثورة غيرت المعادلات الدولية؟

* الكلام عن الإمام الراحل "قدس"وعن الثورة الإسلامية هو كلا تشترك فيه سلسلة من العوامل، لكنني اعتقد ان افضل التشخيصات هي التشخيصات البسيطة التي لاتغور أو لا تذهب بعيداً لكي تطرح سلسلة من العوامل المعقدة. اعتقد أن العامل الرئيسي والأهم في نجاع الثورة الإسلامية المباركة يتلخص بأن كان ما حمله التاريخ، منذ صدر الرسالة وإلى انطلاق الثورة وممارسة الشعوب الإسلامية كافة قد تكثفت في شخص الامام، فاختمرت القيادة وكل ما يمكن للمرء أن يطلبه من قدوة حسنة يسير عليها. وهذا الاختزان في شخص الإمام عبر عنه هيكل في مقالته المشهورة : ان الإمام الخميني"قدس" هو رصاصة انطلقت من القرن السابع لتستقر في القرن العشرين.

هذا التلخيص لمسيرة الإمام "قدس"، وهذا الربط لذلك الانقطاع التاريخ، الذي كان سبياً لاحقاً لتعطيل دور العالم الإسلامي في حضارتنا الراهنة والمعاصرة في الواقع يعني ان دورة الإسلام المعاصر قد ارتبطت بدورة الإسلام الذي انطلق في القرن السابع الميلادي، بل ارتبط بدورة الأنبياء كافة. لقد أثار الإمام "قدس" لدى الشعب المسلم في إيران ولدي الشعوب السلامية، كل الولايات وكل التناقضات، وكل المطالب التي كانت تختمر في داخلها، استطاع أن يعبر عنها، وبالتالي استطاع أن يحرك هذه الجماهير في اعظم ثورة معاصرة غيرت كل المعادلات العالمية، وأعادت الإسلام إلى المسرح السياسي والاجتماعي والفكري والثقافي والحضاري العالمي.

 الثورة والجماهير والأنظمة

ـ امتدت إشعاعات الثورة إلى إرجاء الوطن الإسلامي، واخترقت جميع التحديات حتى تغلغلت في قلوب شريحة واسعة من أبناء الأمة الإسلامية. اما الأنظمة فكانت لها مواقف مختلفة، أتسم أكثرها بالسلبية، فما هي أسباب ذلك؟ وهل بالضرورة ان يعكس الموقف الرسمي رأي الجماهير أم لا؟

* بالتأكيد لا يعكس الموقف الرسمي موقف الأمة والجماهير، عندما تتخذ الأنظمة هذا الموقف من الثورة الإسلامية فهذا أمر طبيعي، فهذه الأنظمة تمثل شبكة النظام الإقليمي التي أقيمت بعد انهيار الخارطة الإسلامية في بدايات هذا القرن، لتمثل السياج الأخير وخط الحماية الأساسي لأنظمة القومية العلمانية التي أقيمت في إطار أو في طريق المشروع الغربي والتغريبي للعالم الإسلامي.

اما ان تؤيد الجماهير ثورة الإمام "قدس" فهذا أيضاً له تفسيره الطبيعي، فهذه الجماهير المشدودة التي تعيش اضطهاد الأنظمة الحاكمة والتي كانت تتجه بقوة، وتحاول ان تخرج من الشرنقة التي وضعت فيها، لتعيد للإسلام إشراقه، وكذالك لتعيد لهويتها الوطنية والتاريخية مساحتها، هذه الجماهير وجدت نفسها في لقاء تاريخي وطبيعي مع الإمام "قدس"، فهذه الاستفاقات تفسر طبيعة الثورة الإسلامية التي قادها الإمام "قدس"، وتفسر طبيعة مواقف الأنظمة وتاريخ تأسيسها في إطار النظام الإقليمي الذي أقيم على أنقاض الخاطرة السلامية في بدايات هذا القرن، كما تفسر طموحات الجماهير المسلمة بعودة الإسلام إلى المسرح السياسي والاجتماعي لكي يأخذ دوره كاملاً.

 ـ كيف عبرت الجماهير عن ولائها للإمام الخميني"قدس" مع سطوة السلطة والحكومات القائمة آنذاك، وهل توجد أرقام تؤكد ذلك؟

* نحن يجب آن نعقب تلك المرحلة. فرد الفعل الطبيعي والأول للجماهير كان التأييد الكامل وبدون أي تحفظ للثورة الإسلامية، وكلنا يتذكر الأشهر الأولي للثورة، وكيف توجهت الوفود من جميع القوى والأحزاب والشخصيات الاسلامية، بل والحرة عالمياً، للسفر إلى الجمهورية الإسلامية والالتقاء بالمسؤولين الكبار بما فيهم الإمام الراحل"قدس"، كذلك للبدء في نقل هذه التجربة إلى الخارج، بل نتذكر تلك الموجة التي عمت الكثير من الشخصيات العربية، التي كانت ذات ولائات قومية أو يسارية للإنتقال إلى صف الإسلام، بل وحتى انتقال كثير من الشخصيات المسيحية إلى صف الاسلام، كما نتذكر انتقال كثير من المفكرين الكبار في العالم الغربي وقد أعلنوا عن إسلامهم في تلك المرحلة تأثراً بإشعاعات هذه الثورة. لكن عندما تطورت المعركة بين الثورة الاسلامية من جهة والعالم الاستكباري من جهة، وحركت أدواته الإقليمية وبالذات النظام العراقي لشن الحرب على الجمهورية الاسلاميه، فإن أسلوباً جديداً من الضغط ومن المطاردة الفكرية والجسدية التي بدأت تمارسه تلك الأنظمة، وزرع الكثير من الأفكار التي وضعت إسفيناً بين شعوب المنطقة وبين الثورة الإسلامية، كذلك فإن حداثة هذه الثورة وعدم قدرتها على قراءة كل ردود الفعل تلك، كل هذه العوامل أدت في مرحلة لاحقة، خصوصاً بعد اتهام أنصار الثورة الإسلامية في إيران بالإرهاب، وبسبب ذلك مطاردته بشتي الأشكال، ورفع أي نوع من أنواع الحصانات القضائية والحقوقية عن أوضاعهم، قد قاد إلى نوع من التراخي، وإلى نوع من الحيرة، سادت الكثير من الأوساط التي لم تستكمل رؤيتها تماماً فيما تخص الثورة الإسلامية في ايران، لذلك شهدنا مرحلة انحسرت أو تراجعت فيها بعض القوى التي سارعت في بداية الثورة لتأييد قيام الجمهورية الإسلامية المباركة، رأينا انكفاء الكثير من القوى بحيث لم يصمد في الساحة سوى تلك القوى والعناصر التي كان مستوى تفاعلها مع الحدث مستوى متكاملاً، ومستوى عميقاً، أدركت معه كل عوامل الفتنة التي أراد النظام الاستكباري العالمي وكذلك ممثلوه الإقليمين من إثارتها.

هذا باختصار عرض سريع لمراحل مرت بها علاقة الجمهورية الإسلامية بالقوى في خارج هذه البلاد، ولقد شهدنا لاحقاً في مرحلة ثالثة انه بعد رسوخ الجمهورية الإسلامية، حتى بعد رحيل الإمام (رض) كيف استعاد الإمام بشخصه الكريم، وكذلك استعادت أفكاره واستعادت الجمهورية الإسلامية الكثير من الاحترازية من تلك الأوساط، التي ترددت في المرحلة الثانية، من هنا نجد اليوم توجه قوى عديدة ومن مختلف المشارب الفكرية والمدارس الثقافية للتلاقي مع هذه التجربة الغنية والرائدة والسعي للتعرف عليها والتعريف بها. أكاد أقول اليوم ان الجانب الإيجابي، والجانب المشع الذي تركه الإمام الخميني"قدس" هو الأجانب الرئيسي الذي يطرحه المفكرون، بما في ذلك عدد كبير من الذين جاهروا بعدائهم للإمام وللجمهورية الاسلامية، وان الكثير من المنتديات والمراكز الفكرية اليوم باتت أو أخذت تعيد النظر بما سبق لها أن قيمته، لتركز على الجوانب الإيجابية وعلى المكتسبات الكثيرة التي حققتها هذه المسيرة، التي أطلقها الإمام الراحل.

 الموقف الإعلامي من الإمام

ـ كيف كانت ردة فعل الأوساط الثقافية بما في ذلك الصحف والمجلات عن الحدث؟

* نحن يجب ان نتذكر بأن الحدث الإيراني قد احتل منذ انطلاقته وانتصار الثورة الإسلامية احتل النصيب الأول فيما يغطي من احداث عالمية، وقد سبق كل الاحداث الأخرى. وقد رصد الكاتب المعروف إدوارد سعيد في كتابه The Cobbling of Islam هذه المسالة واستمر هذا الحدث الذي حاول الكتاب والمفكرون ووسائل العالم، سواء كان ذلك بشكل سلبي أو بشكل إيجابي مما يظهر ويبين مدى ضخامة التأثير الذي أحدثته الثورة على كل المستويات. ففي الواقع نشهد ان الكثيرمن القضايا التي لم تكن تطرق أصلاً او لم تناقش بأي شكل كان قبل عقدين من السنين باتت هي الموضوعات الرئيسية التي تناقش اليوم، بل ان بعض المفردات التي أطلقتها الثورة الإسلامية باتت مفردات محورية في الكتابات الرئيسية لعدد كبير من المراكز والدوائر، اذكر منها كلمة (الاستبكار) مثلاً، اذكر منها كلمة (الشيطان الأكبر) مثلا، اذكر منها كلمة (حزب الله) إلى آخره من مفردات اللغة السياسية حتى في كبريات الصحف والمجلات العالمية، وأخذت مكانها الكبير، الذي يعبر عن ضخامة الحدث وعما أحدثه من ردود فعل كبيرة في المجرى السياسي، كما شهدناه خلال العقدين الماضيين.

 ـ الموقف الثقافي آنذاك تأثر بالفكر الجديد ولم يتأثر بالموقف السياسي باعتبار انه كانت هناك حرب دائرة بين الجمهورية الإسلامية والعراق؟

* الموقف السياسي قد عطّل إلى حدود كبيرة المسالة الفكرية والثقافية. وبالطبع كانت هناك محاولات من كل الدول في العالم تقريباً حتى استطاع نظام الاستكبار بغربه وشرقه في تلك الفترة ـ كما أتذكرـ ان يطوق هذه التجربة كل من ناحية، فالفكر الشرقي أو الفكر اليساري بدأ بمهاجمة الثورة عبر الموضوعات التي تحملها باعتبار ان هذه الثورة هي ثورة رجعية او تحاول ان تعيد حكم الذي تعاديه هي اصلاً، بينما حاولت الدوائر الاستكبارية الغربية ان تحارب هذه الثورة بما تحمله من آفاق تحررية وعودة الإسلام، وبما تحمله من دعوة المسلمين الى النهضة والى تحرير اراضيهم، خصوصاً في فلسطين وفي بقية الأراضي او الأماكن المستلبة، فلذلك كل طرف حاول ان يطوق هذه الثورة ويقضي عليها، لكننا نشاهد بعد عقدين من السنين ان الثورة هي التي انتشرت، وان الثورة مدت الكثير من الجسور مع الكثير من المواقع والجغرافيات المحيطة بها والبعيدة عنها، ونجد ان الموضوعات الرئيسية للثورة ومنها التصدي لعمليات الاجتياح الإسرائيلي في لبنان ومن ثم دخول القوات الغربية فيه، ان الثورة هي التي انتصرت، وان القوات الغربية هي التي انهزمت، نجد اليوم ان إسرائيل هي التي تنسحب من الأرض نتيجة لضربات المجاهدين من حزب الله في جنوب لبنان، نجد ان المقاومة في فلسطين هي التي تتصاعد. نجد ان المشروع الأساسي للقضاء على الثورة المتمثل بالعدوان الذي قام به النظام العراقي هو الذي انهزم وهو الذي انقلب على رؤوس أصحابه. نجد ان التفاعلات التي حدثت لاحقاً في آسيا وفي أفغانستان هي التي سارت في مجرى الثورات بينما تحطمت المشاريع الأخرى. نجد ان العالم الغربي اليوم يحاول ان يمد الجسور مع إيران وهناك علاقة نديّة تمثلت اليوم بين الجمهورية الإسلامية والعالم الغربي، بينما المسعى كان هو عزل إيران. نجد ان سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في عزل إيران وفي إصدار قوانين محاصرتها ومنع التعامل معها هي التي تسقط بينما يزداد الخطاب والتعاون مع ايران. بينما نجد على الأصعدة الأخرى عندما فككت هذه المسالة السياسية فإن انطلاقاً جديداً قد سار لتفعيل مسارات التلاقح الفكري والتأثير الثقافي. ونشاهد اليوم مثلاً ان الفلم الإيراني الملتزم هو الذي يفوز في الكثير من المسابقات. نلاحظ على الأصعدة الفكرية ان التجربة الإسلامية في إيران داخلية وتطور هذه التجربة هو الذي يناقش بشكل إيجابي، ان كان ذلك في الدوائر الإقليمية او الدولية.

هذه إشارات مجردة تشير إلى مدى القدرة على الشعاع وعلى التأثير في الاحداث المحيطة، وهذا ليس عملاً يتعلق بالواقعة الوطنية الخاصة بايران، بل هو عمل يتعلق بالنهضة الإسلامية العامة، التي لعبت الجمهورية الإسلامية دوراً رئيسياً ومثلث بؤرة حقيقة لتحريك هذا الوضع إقليمياً وعالميا.

 ـ من الموضوعات التي طرحت بقوة آنذاك مسألة العلاقة بين الإسلام والسياسة أو الإسلام والحكم. هل كان الطرح جاداً في مناقشة هذه المفردة ام كان مجرد طرح لتفكيك المنظومة الفكرية للجمهورية الإسلامية؟

* بالتأكيد كان لتفكيك هذه الاطروحة؛ لأن الاستعمار أو الاستكبار لم يتعرض الى وجود إسلام فولوكلوري. مثلاً هناك الكثير من الوقائع التي تشير إلى أن المستعمرين الإنجليز عندما دخلوا العراق وسمعوا المؤذن يؤذن، ذكروا هل يسب هذا الاستعمار البريطاني؟ قالوا لهم انه يقول الله أكبر فقط. قالوا لا بأس إذا كان لا يسب الاستعمار البريطاني. فمسالة فصل الدين عن السياسة عندما طرحها الغرب فهو لم يناقش هذه الأطروحة إلاّ لأجل الجانب السياسي، ويبقي المسرح السياسي ملكاً للاستكبار العالمي، ولكي يدفع الإسلام إلى السراديب والى الزوايا ويحوله إلى مجرد فولوكلور، وإلى مجرد طقوس وممارسات شكلية. فالهدف الرئيسي كان بالتأكيد

هو إبقاء الفعل أو العلمية التي تحققت في مطلع القرن وهي أبعاد الإسلام السياسي والإسلام الاجتماعي عن مجرى الحياة وكلنا يعلم ان هذه كانت من شروط تفكيك الخلافة العثمانية التي اشترطت، الأنظمة العلمانية، والتي اشترطت إبعاد كل المظاهر الإسلامية. وابتعاد اي شكل من اشكال التدخل السياسي للسلام في الحياة العامة.

 الإسلام والغرب

ـ تحتفظ الذاكرة الإسلامية بصورة قائمة عن الغرب في علاقته مع الشعوب الإسلامية، فمازالت ممارساته الدموية في الأندلس وبلاد الشام – ابان الحروب الصيليبة ـ والدول التي استعمرها في القرنين التاسع عشر والعشرين ماثلة امامنا، لكن الغرب اخذ يتظاهر بالتودد لشعوب المنظمة تحت ضغط حركات التحرر، وعندما سطعت شمس الثورة الاسلاميه استفزت الغرب وأثارت حفيظتهم، فهل ترى ان الغرب شعر بخطر حقيقي يهدد مصالحه ومستقبله من جراء الثورة، أم ان الإمام الخميني"قدس" فاجأهم بالحدث فاربك استراتيجياتهم القائمة على وجود الحليف التاريخي (أعني الشاه)؟

* إذا ذكرنا طريقة تفاعل الإعلام العالمي مع الحدث الإسلامي، خصوصاً عندما كان الإمام في فرنسا، سنستنتج مباشرة ان الغرب قد فوجئ بهذه الثورة، وانه لم يقدرها التقدير المناسب، فالاتحاد السوفيتي مثلاً كان يرى فيها شكلاً من اشكال طرد النفوذ الأمريكي من إيران، بينما كانت ترى الولايات المتحدة ان في ذلك تحصيناً وقيام حالة في إيران تمنع فيها من التغلغل السوفيتي الى تلك المنطقة، اما فرنسا التي عاد الإمام على إحدى طائراتها، فقد كانت ترى انها تستطيع ان تدخل الى إيران لتنافس العملاقين الكبيرين حين ذلك، لكن عندما تكشفت هوية

الثورة، وظهرت اسلاميتها الناصعة تحالفت هذه القوى، التي كانت تتنافس، واتخذت موقفاً موحداً كما اتخذته في القرن التاسع عشر لضرب الإسلام ولتمزيق الخارطة السياسية للإسلام، وهذا ما ذكرناه في السؤال الاول بأن الشرق والغرب تكالبا كلاهما على تكبيل الثورة وحاصرتها وضربها، وكان سعيهما في الحقيقة هو إلغاء الطابع الإسلامي للثورة والى إفراغ هذه الثورة من محتواها الديني. وهناك الكثير من المواقف والتصريحات التي بينت والتي مازالت تبين ان الخطر الرئيسي الذي يستشعره الاستكبار العالمي هو قيام الإسلام والنهضة الإسلامية المعاصرة، باعتباره عنصراً محركاً أصيلاً لهذه الشعوب، ضامناً لاستقلالها، ضامناً لتوفير حرياتها، ضامناً لتحقيق سادتها، في حين ان أنظمة الاستكبار العالمي كانت تشجع شتى التيارات القومية او العلمانية او اليسارية باعتبار ان تلك التوجهات لا تمتلك نفس الأصالة ونفس العمق الذي يمتلكه الإسلام، والذي امتلكته الثورة الإسلامية في تحقيق تلك الأهداف المناقضة في الأساس مع مشروع الاستكبار في إخضاع الشعوب والهيمنة عليها واستغلالها واستثمارها.

 ـ ما هي أهم مظاهر العداء الغربي للإسلام خلال أعوام الثورة؟

* اعتقد ان الغرب أو الاستكبار العالمي طرح الحد الاقصى، أو مارس سياسات الحد الأقصى في التعامل مع هذه الثورة، فقد استحل دماء المسلمين بإطلاق تهمة الإرهاب عليهم، وكان على استعداد لان يستخدم كل أسلحة الدمار الشامل لتدمير هذه الثورة. ويجب ان لا ننسى ان السلاح الكيماوي، الذي استخدم مرة واحدة في التاريخ في الحرب العالمية الاولى، والذي لم يستخدم على الاقل في الحروب بين الدول، قد أجيز استخدامه ضد الجمهورية الإسلامية، مما يعبر ان سياسات الحد الأقصى قد اتخذت، ولكن صمود أبناء الثورة واحتمالات توسع هذه الثورة هي التي قادت الى انهيار هذا المشروع. ولقد شهدنا بالفعل مدى التفكك الذي أصاب المعكسر المعادي للجمهورية الإسلامية، إذ ما كادت الحرب ان تقف إلاّ وانتقل حلفاء الأمس الى أعداء مما يشير إلى ان المشروع الذي انخرطوا فيه، والذي توحدوا من اجله للقضاء على الجمهورية الإسلامية قد انقلب عليهم، وهذا ما يفسر تداعيات حرب الخليج الثانية، ثم الأوضاع التي استمرت على التمزق، والتي تحدث الآن، خصوصاً فيما يتعلق في الموقف من العراق أو موقف العراق، من الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك ما حصل في فلسطين، وتوقف عملية التسوية، واختلاف الفرقاء فكل هذه الأشياء تعبر عن تعطل وتعثر المشروع الاستكباري في مواجهة الثورة الإسلامية وتداعيات ذلك على مجمل النظام الإقليمي وبالتالي العالمي.

 ـ كيف تقيمون موقف الجمهورية السلامية وشخص الإمام من السياسة العدوانية الغربية؟

* اعتقد ان المبدأ الذي اتخذه الإمام الراحل "قدس" كان هو مبدأ الدفاع، فهو لم يتجه الى موقف الهجوم كما يدعون، بل استمر على ممارسة الدفاع وعلى إتعاب خصمه في مواقع الدفاع، وكان يعلم بأن القوى الاستكبارية رغم ما تملكه من إمكانيات إلاّ انها ضعيفة فيما تستند إليه من قوى، هي متنافسة أصلاً، ومتخاصمة أصلاً وكلما حمل في جنبه فإن التمزق سيصيب الجبهة، الأخرى، وكمثال على ذلك فقد شهدنا انهيار الجيش السوفيتي في أفغانستان ويجب ان لاننسى بهذا الخصوص ـ وهذه وثيقة على درجة كبيرة من الأهمية ـ رسالته الى غورباتشوف وما ذكره من كلام لم يستوعبه المحللون في وقتها، والتي تنبأ فيها بانهيار الاتحاد السوفيتي، مما يبين دقة التشخيص الذي كان يحمله الإمام الراحل "قدس" للقوى الأخرى، وما يحمله من مركبات ودقة رؤيته لطبيعة الغرب والطبيعة الشرق ولطبيعة النظام الاقليمي، لكل ذلك أقول ان منهج الإمام كان يتسم بالرفض وتشجيع روح المقاومة والصمود لدى أبناء الشعب المسلم، ونتيجة لهذا الصمود انهارت مشاريع الدول الاستكبارية الواحدة كما ذكرنا قبل قليل.

 ـ هل يقتصر العداء الغربي للجمهورية الإسلامية على المستوى السياسي والعسكري فقط ام تجاوز ذلك إلى المستوى الثقافي والفكري؟

* لم تبق فتنة ولم يبق أمر إلاّ وحاول الغرب والاستبكار العالمي استثمارها، من إثارة الفتن الطائفية إلى إثارة شتى المسائل التاريخية، إلى إثارة القضايا الفكرية والسياسية والاجتماعية وشؤون الملبس وشؤؤن المأكل وأنماط الحياة، فلم يترك حقلاً إلاّ حاول التلاعب به وإثارته، من اقليات وطنية وأقليات دينية، لذلك فمن يعود اليوم ويقرأ ما كتب في الصحافة خلال تلك الحقبة أو ما كتبته مراكز الإعلام والفكر سيجد آن الغرب لم يترك قضية واحدة ولا ملفاً واحداً ولا مسالة إلاّ وحاول اثارتها بوجه الثورة الإسلامية وبوجه الإمام الخميني الراحل"قدس"، وهذا يعكس ابعاد المعركة ومدى الجدية التي رآى فيها الغرب حقيقة الثورة الإسلامية وما يكمن أن تقود اليه، وما يمكن ان تفعله.

على كل حال هذا الذي حصل والنتائج امامنا تبرهن ان تلك الهجمة قد منيت بفشل ذريع، وان أفكار الإمام الراحل "قدس"هي التي انتصرت في نهاية المطاف، رغم ان امام الجمهورية اليوم الكثير من المساعي والأعمال التي يحب ان تقوم بها، ولاشك ان امامها مهام صعبة، ولكن نعتقد ان أفكار الإمام قد تجاوزت المراحل الأولى، وقد هزمت مشاريع وأد الثورة وتطويق الجمهورية الإسلامية.

 ـ مارس الغرب هجمة واسعة من حيث الثقافي ضد الجمهورية الإسلامية، كيف تقيمون السياسة الثقافية والإعلامية للجمهورية الإسلامية، هل هي بمستوى الطموح وبمستوى المرحلة أم مازالت دون المستوى؟

* بالتأكيد إذا أردنا الكلام بصراحة، أردنا ان نتماثل مع طموحاتنا فسنقول انها اقل من المستوى، فما حصل في الجمهورية الإسلامية يبدو ان البعض لا يدرك الأهمية من الزواية التاريخية ومن الزاوية العالمية، ويحاول ان يحصره بالمشروع القومي في ايران. ما حصل هو حدث ذو بعد عالمي وذو بعد تاريخي وذو بعد على درجة كبيرة من الخطورة الإسلامية، لذلك نجد انه بدل ان تستثمر الحالة الفكرية، أو ان يستثمر المشهد الفكري الإيراني القوة العظيمة التي منحها الإسلام لهذا البلد، نلاحظ ان هناك بعض المحاولات لتطويق أو لغلق مجالات هذا الاستثمار.

على كل حال لكي نكون واعين ولكي نضع الأمور في نصابها أيضاً لابد هنا من الإشارة الى ان ضخامة الهجمة وعنفها قد ترك الكثير من الآثار، واستطاع الاعلام في الجمهورية الإسلامية، رغم الكثير من الانتقادات التي توجه له، استطاع ان يخترق بدوره هذا الحصار، واستطاع ان يقاوم، واستطاع ان يعيد طرح نفسه على المسرح الخارجي والدولي بشكل مؤثر، وهناك اليوم الكثير من الموضوعات في المؤسسات والمنظمات الدولية وفي الكثير من مراكز الفكر العالمي تلعب فيها تجربة الثورة الإسلامية دوراً بارزاً ورئيسياً.

 المعالم الفكرية

ـ أفرزت الثورة تحولات كبيرة، أعادت بناء الإتفاق الاجتماعي في الجمهورية الإسلامية، فهل رافقت الثورة تحولات فكرية، وما هي معالم ذلك؟

* بالتأكيد رافق الثورة كبير من التحولات الفكرية، هناك التحول الرئيسي الذي أحدثته الثورة وهو استعادتها للإسلام إلى مسرح السياسة وإلى المسرح الاجتماعي والفكري بكل ابعاد هذه المسالة، فالفكر الإسلامي اليوم في إيران يواجه تحديات كبيرة، وبالتالي فهو يواجه ضغطاً لتقديم إجابات حاولت عصور الركود أو سعت عصور الركود في تعطيل تقديم مثل هذه الإجابات، نحن لا ندعي ان كل ما موجود على الساحة الفكرية الإيرانية هو أمر متكامل، لكن المهم في العملية الفكرية هو ان تفتح الأبواب، وان تتوافر المنابر وان تهيَّأ الطاقات لمعالجات فكرية، لا تقوم فقط على الجانب التأملي وعلى الجانب النظري وعلى جانب اعمال التفسير المجردة بل ترتبط بالمعايشة الحقيقة للاحداث وبالممارسة العملية للحياه كما تجري. نحن نشهد تطوراً كبيراً في النظرية السياسية المتمثلة بولاية الفقيه، نحن نشهد تطوراً كبيراً في ممارسة الحياة السياسية وطريقة تنظيم الحريات العامة، وطريقة الموافقة على المسائل الدستورية والقانونية، والانتخابات المتكررة، وكذلك في دور المرأة، وفي دور الشباب، وفي التعامل مع احياء الكثير من المدارس والاتجاهات الفكرية، ان كان ذلك في إطار المسائل الإسلامية أو حتى في المسائل الثقافية والتاريخية. نحن نشهد في الواقع نهضة وانبعاثاً متعدد الجوانب في القضايا الفكرية، وان مثل هذه النهضة لم تعد تخص الجمهورية الإسلامية فقط، بل أصبحت ذات تأثيرات كبيرة على المحيط الذي تعيشه الجمهورية الإسلامية، وهذا ما حرك قوى عظيمة موجودة في البلاد العربية مثلاً، مثل البلاد الآسيوية، كما استطيع ان أقول توجد في الغرب نفسه.

 مفاهيم الثورة

ـ طرح الإمام منذ بداية الثورة مفاهيم مثل: الحرية، الاستقلال الذاتي، سيادة القانون، احترام رأي الأمة. فهل الدولة الإسلامية مازالت وفيّة لمفاهيم الثورة؟ وكم أنجزت منها في نظر من يقرأها من الخارج؟

* اعتقد ان الثورة قد حققت ما ادعت تحقيقه في الإعلام الرئيسي الذي قامت به، فشعارها الرئيسي كان (حرية وتحرر واستقلال وجمهورية اسلامية). وقد قامت الجمهورية الإسلامية، والمسيرة جارية، والآن في هذه البلاد يحتل الإسلام وتحتل الشريعة الإسلامية دوراً بارزاً في الاستضلال والسيطرة على النقاشات الدستورية والقانونية والقيمية التي تجري، سواء كان ذلك في إطار المؤسسات الرسمية، كمجلس الشورى أو مجلس الخبراء أو مجلس القضاء أو غير ذلك من المؤسسات.

فكل هذه تستظل بالفكرة الإسلامية وتستهدي بالقيم والمبادي الإسلامية، وهذا تطور خطير بعد ان اعتقد البعض ان الإسلام قد غاب عن المسرح السياسي ولم يعد قادراً على توفير مثل هذه المرجعيات لبناء مؤسسات دستورية وقضائية وتنفيذية وإعلامية وغير ذلك من المؤسسات التي يحتاجها المجتمع المدني اليوم.

هذا هو الجانب الأول ونستطيع ان نقول باطمئنان كبير ما ادعته الثورة لتأسيس الجمهورية الإسلامية قد تحقق فعلاً، رغم ان هذه خطوة أولى، وان هذه تاريخياً مرحله أولى، ونعتقد ان مثال الجمهورية الإسلامية سيتعمق اكثر فأكثر ليستطيع ان يطرد أو ليستطيع ان يحوي من خلال تجربة تاريخية، ستحصل كما نعتقد، ليستطيع الاسلام ان يقدم نماذج حضارية سياسية واجتماعية تتقدم على النماذج التي استطاع الاستكبار العالمي والغرب ان يطرحها كحل وحيد للشعوب الأخرى.

اما الشعار الآخر الذي رفعته الجمهورية الإسلامية أو الثورة اسلامية، فهو شعار الحرية أو التحرر. ولا يناقش اثنان اليوم ان الجمهورية الإسلامية استطاعت ان تتحرر من نظام الاستكبار العالمي، على الأقل فيما يخص مستويات مهمة ورئيسية. وعلى الصعيد السياسي لم تعد هذه البلاد متهمة بالسياسات الاستكبارية كما كانت في زمن شاه ايران السابق. كذلك في الجانب الفكري هناك عملية انعطاف وتحرر واسعة، والجانب الأضعف الذي لم تتحقق فيه هذه العلمية هو الجانب الاقتصادي، إذ نشهد اليوم تحركا واسعا لتوفير مقومات تحرر البلاد من هذا الجانب، لكن هناك تأثيرات ومضغوطات رئيسية تجري لتطويق علمية التحرر في الجانب الاقتصادي، سببها الهيمنة على سوق النفط العالمية، وبما ان الجمهورية الإسلامية هي أحد البلدان المنتجة الرئيسية للنفط فإن ذلك يؤثر عبر التحكم بأسعار النفط، عبر التحكم بالأسواق العالمية مما يوفر للاستبكار العالمي وسائل تدخل واسعة للتأثير على استقلالية القرار النفطي.

كذلك تحكم النظام العالمي بالمسائل النقدية والمالية، وهذا أيضاً يحد من مقدار حرية هذا البلد في المجال الاقتصادي، وبهذه المناسبة يجب ذكر ان دولاً كثيرة مثل اليابان والصين هي نفسها مازالت تتأثر في قراراتها الاقتصادية من هيمنة النظام الدولي، وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الإطار.

كذلك من المعروف أيضاً بأن المعني الرئيسي للاستقلال قد تحقق الى حد بعيد، ولا يختلف اثنان من الخارج أو من المحللين الجادين في الخارج ان الجمهورية الإسلامية هي بلد مستقل يتوافر فيه الكثير من عوامل الاستقلال ويتمتع بحالة استثنائية من بين دول المنطقة، وهذا أمر من السهولة الاستدلال عليه، فهذا البلد عندما حصلت بينه وبين مجموعه من الدول الأوربية خلافات فيما يخص مسألة سحب السفراء وعودة السفراء فيما يتعلق بقضية سلمان رشدي وغيرها، هذا البلد قد قال كلمة مستقلة واضحة، مما أرغم الدول الأوربية للعودة الى ايران حسب الشروط التي فرضتها الثورة. وهناك اليوم قناعة أكيدة في كل الدوائر الإقليمية والدولية من ان القرار الإسلامي الإيراني بات قراراً يتخذ في ضوء المصالح الإسلامية العليا والمصالح الوطنية العليا.

 الثورة والحرية

ـ هل ان هامش الحرية الموجودة في ايران بلبي طموح المثقف الإسلامي الذي يحمل هم التغيير ويمارس النقد دائماً من اجل الإصلاح والتجديد؟

* الكلام عن الحرية هو دائماً كلام نسبي، فالحرية هي كلمة غير وظائفية، هي كلمة تتعلق برغبات الإنسان وبطموحات الإنسان وبما ان طموحات ورغبات الإنسان لايمكن حدها فبالتالي هي ليست مخصوصاً وظيفياً. لكن الحرية، كما نفهمها، هي توفير ذلك الحد من الارادة في القرار الفردي والجماعي لتأمين الشروط الأساسية لحياة الجماعة. اذا بقينا في هذا الإطار للحرية، ولم نمدد الحرية الى سلسلة المفاهيم العبثية التي باتت موجودة في مناطق أخرى من العالم، والتي تصل في الواقع الى حد الفوضى والتسيب، بل وحتى الى الاعتداء على الآخرين باسم الحرية، نستطيع ان نقيم التجربة الإسلامية في ايران.

انا اعتقد ان هذه المسالة هي مسالة متطورة ويجب رؤيتها في إطار مستوى تحقيق الثورة الإسلامية للأهداف التي أعلنتها، فكلما اتسع الهامش الاستقلالي، واتسع هامش تغلغل الروح الإسلامية والقيم الإسلامية والتطبيقات الإسلامية في الحياة الاجتماعية والسياسية ضعفت قبضة الخارج المستكبر، وضعفت قبضة التآمر وإثارة الفتنة، وتسنى توفير مساحات اكبر من الحرية للأفراد والجماعات. وانطلاقاً من هذه الرؤية وإذا كانت أجوبتنا على الأسئلة السابقة صحيحة، وأنا اعتقد انها صحيحة، فإن تفكيك المشروع الاستكباري لتطبيق الجمهورية الإسلامية ولضربها قد وفر باستمرار، وفتح باستمرار، مجالات للمزيد من الحريات،  المزيد من الممارسات التي لم تكن تمارس سابقاً، والتي تمارس أحيانا للمرة الاولي، والتي أحيانا بسبب ممارستها للمرة الأولى قد تقود الى بعض الارتباكات والأخطاء أيضاً، لكننا نلاحظ ان المساحات التي تفتح، والمنابر التي تؤسس، والتي لم تكن قائمة في الماضي، كلها تشير الى التطور نضج التجربة،  نعتقد ان تطورات لاحقة ستؤصل من هذه التجربة، لتزيل بعض الانفعالات القائمة، ولتؤسس حالة واعية ملتزمة تفهم حدود الحرية بمعناها المسؤول، كما تفهم حدود الانضباط كنوع أيضاً من اشكال الحرية لتأمين الحياة الآمنة للفرد والجماعات.

 المثقف والسلطة

ـ هل للمثقف الإسلامي حق ممارسة النقد المسؤول في الدولة الإسلامية في إطار واسع من الحرية؟

* لا احد يمكن ان يعترض على النقد المسؤول بالتأكيد، ويجب ان ندرك ان النقد قد يأخذ اشكالاً عديدة.

والحقيقة ان حرمان المثقف والمفكر المسلم من عملية النقد المسؤول، هي حرمان المسؤول نفسه من التعريف على مختلف التيارات والاتجاهات الموجودة الصالحة والطالحة منها، لان منع النقد يقود الى نتيجة واحدة هي قيام السلبية، وقيام حالة من الانكفاء والابتعاد. نحن نعلم ان سيد المرسلين (ص) كان يعلم الحقائق، لكنه كان يسمع آراء الناس، بل كان يأخذ بها احياناً لعوامل ودوافع عديدة قد نجهل معظمها، لكننا نستطيع ان نقدر ان بعضها كان يقوم التربية، بعضها كان يقوم لتدريب اعضاء الجماعة على تحمل مسؤولياتهم واتخاذ المواقف السليمة.

 ـ لامناص من عملية التبادل الفكري وعرض وجهات النظر المختلفة لكي يتسنى الوصول الى الرأي الاصوب والأسلم، وكذلك لكي يشجع الأفراد وتشجع الجماعات في عملية المشاركة التي هي شرط رئيسي لحضور الامة، ولدعم الأمة لقياداتها، التي هي سند لقياداتها في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية كتبتم عن ولاية الفقيه والديموقراطية في الدولة الإسلامية، هناك من يعتقد وجود تناقض بين ولاية الفقيه والحرية، فما مدى صحة هذا الكلام؟

* نحن لا نجد مثل هذا التناقض مطروحاً من قبل مؤسس الجمهورية الإسلامية الامام الراحل، وهو كان يعتقد أن ولاية الفقيه تقوم على إرادة الأمه، وتقوم على حرية انتخاب الشعب لممثلة، وعلى حرية مخاطبتهم لمسؤوليهم، فلا نجد اي تعارض بين حق الأمة وإرادة الأمه، بل نري أن ولاية الفقيه قد جاءت أصلاً للتعبير عن ارادة الامة وحريتها، وان ولاية الفقيه تتقوى بالأمة، ان الأمة تتقوى بولاية الفقيه، فالدائرتان متكاملتان ولا يمكن بأي شكل من الأشكال ان يكون هناك تعارض بين الطرفين.

 ـ لو أتيح لكم ان تعيشوا في ايران باعتباركم مثقفاً إسلاميا كيف تنظم علاقتك بالولي الفقه؟

* بالتأكيد لن تختلف العلاقة سواء عشت في ايران أو عشت خارج إيران بالولي الفقيه، فالولي الفقيه هو مرشد لمسيرة الأمة، هو ناصح وقائد في هذه العملية، فهناك عملية تفاعل من مسؤوليات متقابلة ومن واجبات متقابلة بين المسؤول وبين أفراد الجماعة مادامت هذه العلاقات محترمة في الاتجاهين الصاعد والنازل، فإن العلاقة ستكون كما كانت سابقاً على احسن درجات التكامل والعطاء من الموقعين ومن الطرفين.