الإيمان الذي لا يوصف

2007-08-21

اعلم ان الإيمان أيضاً من الكمالات الروحية التي قلما يدرك أحد حقيقتها النورية، حتى ان المؤمنين لم يعرفوا شيئاً عن نورانية إيمانهم والكرامات التي تنتظرهم لدى ساحة قدسه المتعالي، ما داموا في عالم الدنيا وظلام الطبيعة.

إن الإنسان نتيجة عيشه في هذا العالم واندماجه مع الظروف السائدة وأنسه بالعادات الجارية، يقارن جميع نعم وكرامات ذلك العالم أو عذابه وخذلانه مع آلاء وآلام هذا العالم المُلكي، فيقيس الكرامات التي وعد الحق المتعالي المؤمنين بها، والعطايا التي ذخرها لهم حسب ما حدّث عنها الأنبياء عليهم السلام، بهدايا السلاطين والأجلاّء الى الناس أو يعتبرها أحسن وأفضل بقليل. ويفترض تلك النعم الأخروية مثل نعم هذا العالم أو ألطف وأمتع بقدر يسير، مع أن هذه المقارنة من القياس الباطل.

إننا لا نستطيع أن نتصور نِعم ذلك العالم وروحه وريحانه، ولم يخطر على قلوبنا مثيلها. إننا لا نتمكن من أن ندرك أن جرعة من ماء الجنة تحتوي على كل اللذات المنظورة الممكنة، وأنّ كل لذّة تفترق عن لذّة أخرى.. كما ان كيفية كل لذّة لا تضاهيها اللذات الموجودة هنا.

وفي هذا الحديث الشريف ذكر لكرامة من كرامات المؤمنين التي لا تقاس لدى أصحاب المعرفة وأرباب القلوب بأي شيء آخر، ولا تدخل في أي ميزان ومقياس، وهي: "وإن المؤمن ليلقى أخاه فيصافحه، فلا يزال الله ينظر إليهما".

وفي الروايات الكثيرة إشارة أيضاً الى هذا المضمون. ففي الكافي بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: "إن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا، أقبل الله تعالى عليهما بوجهه وتساقطت عنهما الذنوب كما يتساقط الورق من الشجر".

إن الله سبحانه وتعالى يعلم ما ينجم من توجه الحق المتعالي وإقباله سبحانه بوجهه الكريم على المؤمن عند مصافحته لأخيه المؤمن من النور والكرامة، ومن ارتفاع الحجب التي بين العبد المؤمن ونور جمال ذاته المقدس، ومن العنايات الربانية التي تنزل على المؤمن وتنجده. لكن لا بد من معرفة السر الواقعي والنكتة الحقيقية التي تبعث على هذه الكرامات وعدم الغفلة عنها كي ينتبه القلب إليها ويصير عمله كاملاً ونورانياً بها، وتنفخ في العمل الروح والنفخة الإلهية. وتلك النكتة الحقيقية والسر الواقعي هو: تحكم الود والمحبة في الله، وتجديد عهد الأخوّة في الله.