السنّة والشيعة ـ في فكر الإمام الخميني(قدس سره)

2007-08-22

تأليف سماحة الشيخ مصطفى ملص

إعداد: مركز دراسات الوحدة الإسلامية 

ينظر الإمام الخميني إلى السنة والشيعة على أساس أنهم يشكلون الإسلام الواحد، وهم هدف واحد لأعدائهم الذين يتربصون بهم الدوائر، فأعداء الإسلام لا يفرقون بين مسلم وآخر، أياً يكن مذهبه، سنياً أو شيعياً، والذين يعملون على تفريق الصف بين المسلمين ليسوا من السنة وليسوا من الشيعة، وإنما هم يعملون لصالح أعداء الإسلام.

 يقول الإمام الخميني في هذا الموضوع: «... إن الذين يريدون إيجاد التفرقة بين إخواننا أهل السنة والشيعة إنهم يعملون لصالح أعداء الإسلام، ويتآمرون لصالحهم، ويريدون تحقيق غلبة أعداء الإسلام على المسلمين، إنهم يؤيدون أمريكا، وبعضهم يؤيد الاتحاد السوفيتي، ويجب على المسلمين أن ينتبهوا أينما كانوا بأن التفرقة اليوم بين دولة في الشرق وأخرى في الغرب ليس كالسابق فأية مسألة تقع اليوم في زاوية من زوايا العالم تكون مسألة عالمية وليست محلية... وإن الذين يريدون السيطرة على جميع منافع العالم، وفرض نفوذهم على جميع البلدان يستغلون هذه التفرقة التي قد تحصل فَرَضاً في إيران بين الشيعة والسنة، كما وأنهم يستغلون أيضاً التفرقة التي قد تحصل بين الإخوة الإيرانيين والإخوة الباكستانيين.

يجب أن نكون يقظين، وأن نعلم أن هذا الحكم «إنما المؤمنون إخوة» هو حكم إلهي، إنهم إخوة وليست بينهم حيثية غير الأخوة، وإننا مكلفون جميعاً بالتعامل كالإخوان. إن هذا حكم سياسي فلو كانت الشعوب الإسلامية البالغ عدد أفرادها مليار مسلم تقريباً، لو كانوا إخوة فيما بينهم، ويتعاملون بأخوة فإنه سوف لا يلحق بهم أي ضرر، ولا تتمكن أية قوة عظمى من الاعتداء، فانتبهوا لهذا المعنى أي الأخوة».

ويضيف الإمام: «يجب أن يحترز الإخوة السنة والشيعة عن أي اختلاف. إن اختلافنا اليوم هو فقط لصالح أولئك الذين لا يعتقدون لا بالمذهب الشيعي ولا بالمذهب الحنفي ولا بسائر الفرق الأخرى إنهم يريدون أن لا يكون هذا ولا ذاك، ويعتقدون أن السبيل هو في زرع الفرقة بيننا وبينكم. يجب أن ننتبه جميعاً إلى هذا المعنى، وهو أننا جميعاً مسلمون، وكلنا من أهل القران ومن أهل التوحيد وينبغي أن نبذل جهدنا من أجل القران والتوحيد وخدمتهما»[1].

فهل يستطيع إنسان أن يقول أعظم من هذا الكلام في وحدة المسلمين وضرورة تعاونهم فيما بينهم، إنه كلام قوي الدلالة ولا يحتاج إلى تبيين ولا إلى تعليق.

ولا يمكن أن نغادر هذه الواحة الوحدوية التي زرعها الإمام الخميني دون أن نتوقف عند موقفه من قضية فلسطين، فله في هذه القضية مواقف مشهودة لم يُسبق إليها، وهي بالإضافة إلى دعمه الكامل لحق الشعب الفلسطيني في أرضه واعتباره أن إسرائيل غدة سرطانية وشر مطلق يجب العمل على إزالته، فهو الذي أطلق شعار «الموت لإسرائيل» الذي تردده الجماهير الإيرانية في كل مناسبة. وهو الذي أطلق الدعوة لاعتبار يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان في كل عام يوماً عالمياً للقدس.

وهو الذي قام بعد انتصار الثورة الإسلامية بتحويل سفارة العدو الصهيوني في طهران إلى سفارة فلسطين، واستقبل قائد الثورة الفلسطينية يومها ياسر عرفات في طهران استقبال القادة التاريخيين.

وأما موقفه من قضية سلمان رشدي الكاتب البريطاني المارق والمرتد عن الإسلام لإساءته للإسلام وللنبي محمد (صلى الله عليه وآله) وفتواه الشرعية بردته ووجوب قتله، فقد كان هذا الموقف محل تقديرٍ واحترامٍ من كل مسلم غيور على دينه، وهو موقف توحدت الأمة من ورائه، وكان موقفاً وحدوياً بكل ما للكلمة من معنى.

ومن أهم إنجازات الإمام (رضوان الله عليه) تبني إعلان أسبوع الوحدة الإسلامية وهو المصادف بين الثاني عشر والسابع عشر من ربيع الأول من العام الهجري القمري، وهو المصادف ذكرى ولادة رسول الإسلام سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم، حيث اختلفت الروايات في يوم مولده فرأى فريق أنه ولد في الثاني عشر من شهر ربيع الأول وقد أخذ بهذا الرأي معظم أهل السنة وبعض الشيعة، ورأى فريق آخر أن ولادته صلى الله عليه واله وسلم كانت في السابع عشر من شهر ربيع الأول، وقد أخذ بهذا الرأي بعض الشيعة الإمامية وبعض السُنّة. وللخروج من الخلاف وتحويله إلى مورد للوحدة والاتفاق أعلن الإمام الخميني (قدس سره) أن ما بين الثاني عشر والسابع عشر من شهر ربيع الأول من كل عام هجري قمري، هو أسبوع ولادة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وهي أيام وحدة إسلامية، وسمى هذه الأيام بأسبوع الوحدة الإسلامية.

ـــــــــــــــــــــــ

[1] منهجية الثورة الإسلامية، ص 433-434.