وحدة الأمة الإسلامية السياسية عند الإمام الخميني(قدس سره)

2007-08-22

تأليف سماحة الشيخ مصطفى ملص

إعداد: مركز دراسات الوحدة الإسلامية

يرى الإمام الخميني أن رسول الإسلام أراد أن يحقق وحدة الكلمة في كل العالم، ويعتبر أن مسؤولية الدول الإسلامية هي نبذ الخلافات فيما بينها. ويقول في هذا الشأن: «إن تكليف رؤساء الإسلام الآن وسلاطين الإسلام ورؤساء الجمهوريات الإسلامية أن يضعوا هذه الاختلافات البسيطة الموسمية جانباً. فلا يوجد عرب وعجم، ولا ترك وفرس، بل هناك الإسلام، كلمة الإسلام، يجب أن يتبعوا رسول الإسلام في طريقته في المواجهة والصراع، ويكونون تبعاً للإسلام. إنهم إذا حافظوا على وحدة كلمتهم، إذا وضعوا هذه الاختلافات الموسمية البسيطة جانباً، إذا كانوا جميعاً يداً واحدة.. واشتركوا في كلمة التوحيد المشتركة بين الجميع،.. فإذا وحد هؤلاء كلمتهم فإن اليهود لن يعودوا ليطمعوا في فلسطين، ولا الهنود في كشمير»[1].

لقد نفى الإمام أن يكون أي انتماء متقدماً على الانتماء إلى الإسلام، ففي الإسلام هناك مسلمون يجمعهم الإسلام والإيمان بالله، فلا يوجد فيه عرب أو عجم أو فرس أو ترك، أي لا يتميز أحد عن أحد بالانتماء العرقي ولا الإقليمي، ورأى أن حكام المسلمين لو اجتمعوا على كلمة التوحيد ونبذوا خلافاتهم البسيطة الآنية فسوف يهابهم أعداؤهم ولا يجرؤون على الاعتداء عليهم، وهذه الرؤية يتفق عليها جميع المسلمين.

إن برنامج الإمام هو اتحاد البلدان الإسلامية وتوحيد كلمة المسلمين فهو يعلن ذلك بصراحة ويقول: «إننا جاهزون في جميع الأحوال للدفاع عن الإسلام والبلدان الإسلامية واستقلالها. إن برنامجنا هو برنامج الإسلام. وتحقيق وحدة كلمة المسلمين واتحاد البلدان الإسلامية، وتحقيق الأخوة مع جميع طوائف المسلمين في كل العالم، والاتحاد مع جميع الدول الإسلامية في سائر العالم، والوقوف بوجه الصهيونية وإسرائيل، والوقوف بوجه الدول المستعمرة التي تريد نهب ذخائر هذا الشعب الفقير مجاناً»[2].

إن هذه الرؤية وهذا البرنامج الذي عبر عنه الإمام الخميني يتفق كل الاتفاق مع مبادئ ومناهج الإسلام ووصاياه وما أمر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وما سار عليه الأئمة المسلمون الأخيار. وهو في البعد السياسي المعاصر يجسد قمة الوعي السياسي والفهم العميق لمشاكل العالم الإسلامي ولأسبابها، ومن أهم أسبابها اختلاف المسلمين فيما بينهم على أمور تافهة يؤدي الاختلاف عليها إلى تضييع المهام العظيمة

والفرائض المهمة التي يقوم عليها وجود هذه الأمة والحفاظ على عزتها وكرامتها. وأي مسلم لا يعتبر أن هذا الطرح هو لصالحه الذي يطمح إلى تحقيقه. لقد تكلم الإمام بلسان كل مسلم مخلص لدينه ولشعبه. وهو بهذه الطروحات يقدم للوحدة الإسلامية في الحاضر والمستقبل دستورها الذي ينبغي أن تستند إليه، وهي وحدة تأخذ كل الأبعاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفقهية.

إن الإمام يدعو المسلمين لأن يبعدوا عنهم مثيري الفتن والقلاقل الذين يفرقون صفهم لمصلحة المستعمر، وهذه هي دعوته الصريحة إلى ذلك يقول فيها: «أيها المسلمون المقتدرون استيقظوا واعرفوا نفوسكم وعرفوها للعالم واطرحوا جانبا بحكم الله والقرآن المجيد الاختلافات الطائفية والإقليمية التي وضعتها القوى المجرمة وعملاؤها الفاسدون من أجل نهبكم والقضاء على الشرف الإنساني والإسلامي لكم، وأبعدوا عنكم الذين يقومون بالتفرقة من قبيل رجال الدين المرتزقة، والقوميين الجاهلين بالإسلام ومصالح المسلمين، فإن ضررهم على الإسلام ليس بأقل من ضرر القوى المجرمة»[3].

ــــــــــــــــــــــــــ

[1] منهجية الثورة الإسلامية، ص (824-924).

[2] المرجع نفسه، ص (403).

[3] المرجع السابق، ص (431).