الحب الإلهي وأطواره عند الإمام الخميني(قدس)

2007-08-22

في دراسة تعريف الحب ومفهومه عند الغزليين، في اليونان ما قبل الفلسفة، وفي مدارس ومذاهب الفلسفة اليونانية، ثم في المسيحية والآداب الأوروبية، إلى مفهومه في الآداب الشرقية القديمة وفي شعر العذريين المسلمين، نخلص إلى مجموعة قواعد، تسمح لنا أن ندخل مزودين برؤية واضحة لسريان المفهوم في حركته التاريخية، وهذه القواعد هي التالية:

1ـ وحدة التجربة العشقية في اصطلاحي الحب الإنساني والحب الإلهي.

2ـ وحدة الإفصاح عن هذه التجربة.

3ـ مدار مفهوم الحب في التمركز داخل العلاقة بين العاشق والمعشوق.

هذه القواعد تشكل مقدمة ضرورية لفهم العشق الإلهي، لأنه دونها يصبح البحث فيه، ينطلق من منطقة فراغ لا تجعله قريبا من الفهم، إلى جانب أنه لا يمكن إدراك الصلات المتبادلة على صعيد التجربة والإفصاح عنها، خاصة في الشعر حيث استعار الصوفيون والعرفاء أساليب الغزليين وقاموسهم، واستخدموا معهم لغة مشتركة تتباين قيمة ألفاظها الدلالية، والقيمة (الأخلاقية).

تفيدنا هذه المقدمة لندخل إلى عالم العشق الإلهي، في تجربة هي من أرقى التجارب المعاصرة، وأشدها تعبيراً عن المعاني السامية لهذا العشق،

وهي تجربة الحب الإلهي عند الإمام الخميني(قدس)، كما تتجلى في حياته الشريفة، وفي فكره العرفاني، وفي شعره من خلال ديوان "الفناء في الحب"

وإذا كان دخولنا إلى هذا العالم السامي يستلزم حتى نفهم شعر الإمام ونأنس به أن نكون في أنفسنا وقلوبنا موجودين في ذلك المحضر العالي الذي خاطبنا منه، خلال شعره، مع أن شرح الشعر، يضعنا عادة في الساحة المفهومة له، فيما مشاركتنا الشاعر تلزم أن نكون حاضرين في الساحة الجمالية والمعنوية لهذا الشعر، لنقترب أكثر من المعنى ونترك مساحة من الصمت (كما في الشعر المعاصر) ونكون في نسبة علاقة الشاعر بين الخلق والحق، فإن غاية هذه المقالة هي الوقوف على أطوار العشق الإلهي عند الإمام الخميني(قدس)، كما تتجلى في شعره، ونحن نعترف من بداية الطريق، كما نعتذر من الإمام، على أننا بواسطة الشرح والتقسيم الذي يقوم به العقل الإنساني عادة، لا يفي بالغرض الأعلى، للمعنى الذي لا يمكننا الإحاطة به، لأنه يظل في التجربة الوجودية لصاحبه، وعليه فقراءة المتن تقدم المعنى، والشرح والتعليق يقدمان المفهوم.

وهذه دعوة ملحة لقراءة شعر الإمام والتفاعل معه تفاعلا" شخصيا مباشرا، وإذا كان لهذا البحث أن يقدم فائدة، فهي على وجه الخصوص، الدعوة إلى هذه القراءة، وتقديم مفاتيح الدخول الى عالمها السامي وفضائها الرحب.