الذكرى الأليمة

2007-08-23

حسين جاسم الدبيسي

في البدء أُشَارِكُكُمْ العزاء بمناسبة هذه الذكرى الأليمة0

وأودُ أنْ أُشِيرَ إلى جانب من حياته الشريفة على قدر كبير من الأهمية وكل جوانب حياته على ذات القدر الكبير من الأهمية0 إن جادل أحدٌ في أمر ما في ما يختصُ بشخص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإنه لن يستطيعَ التغاضي عن حقيقة هي واحدة من أبرز حقائق التأريخ البشري على الإطلاق ألا وهي أن صَنَعَ من العربِ أمةً كانَ مِنْ المستحيلِ أن تُصْنَعَ من دونه عليه أفضل الصلاة والسلام0 هذا الإنجاز الحضاري الذي لا نظيرَ له من قبلُ ولا من بعدُ هو إحدى المعجزات الدالة على نبوته الشريفة0 إنَّ هذا الجانب من حياته الشريفة هو منبع ثرٌ لكُلِ مصلحٍ تواقٍ لبناء مجتمع فاضل يرتوي منه بما يكفي للبلوغ به إلى غايته مهما بلغتْ صحراء الإصلاح الإجتماعي الجافة الوعرة من إتساع0 ففي سيرته العطرة في هذا الجانب ما هو حري بالدراسة لتحديد معالم منهج إصلاح إجتماعي يعالج أسوأ حالات التخلف والفساد ويتغلب عليها ويبني على أنقاضها حالةً تكون على النقيض مما سبقها0 إن طريق الإصلاح الإجتماعي أشبه ما تكون بالبحر الهائج التي تعجز عن الإبحار فيه أقوى السفن وأفضلها والذي يُغْرِقُ سالكيه أو يجبرهم على الرجوع والكف عن الإبحار من أول المشوار0 من أبرز الصعوبات التي واجهته عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى السلام هي:

العقول المقفلة

تدني قدرة المُخَاطَبِ على الفهم لدرجة أن يكون كالأنعام بل هو أدنى أناس تعطلت عندهم الحواس أما عقولهم فمُقُفَلَةٌ على ماضي موروث فأصبحوا لا يملكون خاصية القدرة على التمييز بل هم أقرب في حقيقتهم إلى الموتى فهم كالأطلال المتقادمة.

التعنت

وهناك قسم من الناس من يرفض الإصلاح ويحاربه دون أدنى هوادة متعنتا في موقفه أيما تعنت ليحافظ على مصالحه الشخصية دون أن يقيمَ أي وزن لأخلاق أو قيم0 يسعى بكل ما أُتِيَ من إمكانيات ومن موقعه الإجتماعي النافذ لتشويه الدعوة إلى الإصلاح وإبعاد الناس عنها وتخويفهم منها وحشدهم للوقوف في وجهها0 مدعيا في ذالك كله أنه حريص على الصالح العام والحامي للمجتمع من عبث العابثين .

المكابرة

ومِنْ بين المناوئين مَنْ يتخذُ موقف المكابرة ذات الطابع العقائدي والتي ترتكز على الموروث الديني لوصم الإصلاح بالبدعة والضلال ومخالفة الحق0 يستغلون الدين وسلطانه على الأنفس في محاربة الإصلاح0 وقد مثلت هذا الدور جماعات أهل الكتاب في الجزيرة العربية وبالأخص اليهود في المدينة المنورة0

الشخصية الزئبقية

ومن أكبر الصعوبات التي تواجهُ الإصلاح وأكثرها تحديا له ما واجهه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تلك المواقف المتذبذبة حيث لا مصداقية للكلمة ولا ثبات للموقف0 فمنهم من يستقبل بوجه ويستدبر بوجه آخر والقول بشيء أول النهار و التنكر إليه آخر النهار0 يتحينون الفرص للمتاجرة بالمواقف.

إلى جانب هذه الصعوبات وغيرها الكثير لم يكنْ في جانب الدعوة إلى الإصلاح أي رصيد إجتماعي أو مالي كبير بحجم تلك التحديات تتكأُ عليه في مسيرتها ويمكن القول أنَّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إنطلق من الصفر ليُحَوِلَ تلك الحالة الميؤس منها إلى أمة تقود ركب البشرية جمعاء نحو أفق جديد للحياة

0

أسألُ اللهَ العلي القدير أن يوفق المصلحين في الأمة الإسلامية للإقتداء بنهجه القويم إنه سميع مجيب

والحمد لله رب العالمين